من أنا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تدحرجت يدوية موقوتة حتى وصلت عند قدمي كي تسألني من أنت، هل أنت... أنت سني، أنت شيعي، أأنت مسيحي؟ قلت لها لا، فتذمرت ثم قالت: إذن أنت كردي. فأجبتها: لا، لست كذلك أيضا.
حواري معها أطلق في ذهني سؤال الهوية، من أنا؟ لم يسبق وسألت نفسي هذا السؤال، كنت أستيقظ من دون " أنا" وأمشي في الشوارع من دون أن اسأل نفسي ذلك السؤال.
قبل ذلك بدقائق مر باص شعبي يحمل الناس وهو في طريقه إلى قرى الشمال. يصعد ببطء ويغني المسافرون فيه أغنية "على هدير البوسطة". ترسل السماء غيوما وهواء ويصعب بعض الأحيان أن تصعد البوسطة حتى نهاية المرتفع.
الأرض التي كنت أقف عليها، هي نفسها الأرض التي تدحرجت عليها الموقوتة، وكانت تتكور كي تدور وتقترب، سوف أسألها: من أين قدمتِ؟!
ستبتسم وكأنها تسخر: ماهذا السؤال الساذج؟ هل تظن أنني أعرف؟!
لا أدري لماذا لم يخلقني الله شاعرا، لو فعل، لقلت بيت شعر حين أقتربت مني، بيت خوف أو ندم، شجاعة أو حسافة.
إن لا تعرفي - إذن- لماذا- كيف... اسئلة عديدة تراكمت فجأة وراح عقلي بمسافاته الضوئية يحضر ويسأل ويجيب.
سيارة على بعد أمتار مني، فتح سائقها الباب كي يقودها مبتعدا، صوتها عندما ابتعدت... لا شيء، صمت مطبق، كأنها من دون محرك ولا سائق، تطير في الهواء الطلق طيران خافق.
ضحكت بخفة ودلال تسأل: أنت لست كرديا ولا سنيا...ألا تعرف من أنت إذن؟
لم أجب، لأني لم أكن في مكان، رأسي يدور في سرعاته الضوئية، غير موجود، وهو ليس على جسدي. فقالت تشير الى المقهى القريبة: تعال نستريح ونشرب الشاي قليلا حتى تستعيد أنفاسك وتقول لي من أنت!
أنا أكره طريقة المباحث والمخابرات. من أنت وأين كنت يوم كذا.
طار عصفور فوق أسلاك الكهرباء، عصافير، نظرتُ نحوها- أريد أن اسألها من أنتِ أيتها العصافير.
الساعة الآن الحادية عشرة وخمس وأربعون دقيقة، دقيقة عربية، بمعنى أنها من الممكن أن تكون الثانية عشرة أو الحادية عشرة. ف هههههه أنتَ تسخر مني أليس كذلك، عادتك وأعرفك، كنت أراقبك من بعيد حتى حانت الفرصة، هي فرصتي اليوم، يوم من حديد وجبس. أنا الحديد وأنت الجبس.
الزمن مهم كثيرا، قبل الثانية عشرة بخمس عشرة دقيقة. لكن أنا لا أدري بالتحديد ماهو الوقت وماهو الزمن، الحادية عشرة أم الثانية عشرة؟ قلت لها، نحن لا نعتبر الزمن ولا نهتم به كثيرا، نقول في العادة بعد الظهر أو قبل الظهر، بعد صلاة العشاء أو قبل صلاة المغرب. هذا هو زمننا. فأجابت وهي ترشف الشاي العراقي الثقيل: لولا الزمن لما كنت موجودة بينكم.
أعلم أن مايفرق بيننا هو الزمن، إن كان لديكِ توقيت الدقيقة والثانية، فأنا لست كذلك، لا وجود للدقيقة أو الثانية في حياتي.
هذه بلبلة. أجابت والغضب في عينيها: بلبلة، فكيف سألتقي بك- كيف أعمل؟
الباص الذي كان يحاول صعود تلة الشمال يتوقف في منتصفها، يتذكر عينيّ "عليا". يخرب بيتك ياعليا. هكذا يقول ولا أدري ماذا يعني.
هل هدأتَ واسترحت؟ سألتْ.
لم أجب. لأن السيارة التي غادرت قبل قليل مضت اشلاء في الهواء، والباص الذي أراد أن يعبر التلة نحو الشمال ويتذكر عينيها الواسعتين، عيني الجنوبية، مال قليلا عن الطريق ثم انحدر من المرتفع مثل فينيق.
الشاي الثقيل ورنين الجواب، وطاولة المقهى تغلفها الفوضى، والكراسي في كل مكان. ويحضر بعد قليل الذباب، يحوم، يقلد نسور المعارك.
التعليقات
أصبت
عبدالهادي البشري -أصبت أستاذ حسين في قضيةالوقت لدى العرب ....فنحن لا نعترف بالدقائق ولا الثواني ولا حتى نحترم الوقت... نص جميل تخلل جروح البلد العزيز العراق ... دمت بخير أستاذي
من أنا؟
nero -ان الله لم يتركنا فى الحياه هكذا مثل ايام ادم و حواء قوانين حلت كل المشكلات بها تم التوصل لـ صناعه التليفون المحمول بها سافر بالطائره بها تعمل المطارات القوانين بها الاجهزه فى المستشفيات المعمر فى مصالح عامه دخل بدون اذن فى شمال افرقيا حفر قناه السويس من ممن يعتقد انه حجز الارض و تم تسميتها مصر و ادخل السكه الحديد و شق الترع و بنى السد المحتل ابن البلد الجاهل صنع الحدود دخل مره اخرى المستعمر مع المخلصين فى البلاد و ادخل الانترنت و الاستقبال من الفضاء على التليفزيون قنوات العالم و المحتل هو الذى يمنع المعمر من انزال ماكينات بيع بدون بائع بسرقه الماكينات او تخريبها او اهماله فى عمله مثل عمل مدرس و لا يدرس المنهج الرسمى من الدوله و يشغل لهم بيئته التى هى ليست مهمه و لا لها قيمه و هناك من يحرض على تغير الجنس بعمليات من انثى لذكر لانه يلمح هذا الخائن حياه قادمه فيها الانسان كما قال الرئيس مبارك الدين يعنى اسلوب الحياه بين المواطن و ربه هنا يحاول يخصيه او يخصيى او يخنثه او يعمل له عمليه ختان قبل نزلول و تنصيب هذه الحياه من موظفى الدوله الشرطه و الموظفين فى هيئات اخرى من هنا فى حياه من الله فيها يعرف الانسان نفسه امامه يختار مع طبيعه الله ما يريده ان و يقال فى هذا اعمل ليومك كانك تموت غدا و اعمل لغدك كأنك تعيش أبدا فـ ان اراد حياه فى المستقبل فيها رياضه و شاب او شابه رياضيه عليه ان يؤهل ابنائه بقوانين من الله فى رياضه و نظام غذائى هذا ليخرج جيل احفاد رياضى و ليس فى يوم و ليله يلم الموضوع و يمارس القوانين ايضا ان اراد جميل او اجمل فتاه مثل مسابقات ملكات جمال عليه ان يمارس نظام فى حياته بقوانين هكذا يصنع نفسه هناك علماء نجحوا فى عمل شخصيات مثل من عمل شخصيه الرئيس مبارك احتاجه النظام العالمى فـ كان مناسب من كليه جويه او طياراين لقائد فى الجيش لمركز نائب رئيس ثم كان مناسب جدا بعد الرئيس السادات هذه شخصيه من يريد شخصيه تفوز فى كل منصب و موقع و تتنقل و تترقى هكذا هذا بأختيار المنهج لابنائه هناك عائلات اختارت من انا مثل عائله بطرس غالى فى مصر الجد رئيس وزراء و الحفيد امين عام الامم المتحده و عائله كلها سياسيين او دبلوماسيين كل انسان بيده يصنع من هو و ليس بائع الاحذيه يضع له اكثر من موديل و يقول له هذه هى الموضه هذه السنه لا يبحث فى كل المحلات و يختار الذى يناسبه اذ لو اشترى عشر
الانسان والدين
أحمد عبد الرحيم -الأديان كأنها تفرق بين البشر، هذا مسلم وهذا مسيحي هذا سني وهذا شيعي، وقد يكون مسلم ومسيحي متجاورين في شارع واحد. ختمة القصة جميلة: الشاي الثقيل ورنين الجواب، وطاولة المقهى تغلفها الفوضى، والكراسي في كل مكان.
أمتعنا نيرو
مريد -كان عليك أيها القاص الذي لا يشق له غبار في الكلام الممل أن تعمل بنصيحة الشيخ سيدنا النفزاوي نفعنا الله و إياك بعلمه في كتابه القيم "الروض العاطر في نزهة الخاطر": إذا نكحتها نجوت من شرها و شر قومها.. مادامت القنبلة تدلل و تضحك بغنج، وسوف تعلم حينها أن جميع الديانات تتساوى في الفراش... الحسنة الوحيدة لهذه القصة هي إتاحتها الفرصة لتعليق نيرو الذي خرج من أذني وكلمني فأضحكني أضحك الإله باخوس سنه.
نقد
سليمان عبد الجكيم -اقرأ نصوص حسين سليمان هنا وهناك، في نصوصه غرابة لا اقرأها غالبا عند الكتاب العرب، أما في هذا النص فالأسلوب الفني انخفض فنيا عما عهدته، ومرد ذلك أنه يتوسل المخيال العام ويرغب في مزاوجته وهذا خطر على الكاتب. لعل الكاتب يعود إلى اسلوبه السابق الذي فيه تصحر مرة ثم محط لواحة صورها مفعمة ومليئة بالرغبة.