ثقافات

رَمَـادُ أُورْفِيُوس

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

1 تَرَكُوا نُباحاً خَلْفَهُمْ، وَتَدَحْرَجُوا،
لَمْ يَحْمِلوا مَعَهُمْ سِوى أُغْنِيَةٍ رَعَوِيَّةٍ،
وَحَقيبَةٍ مَمْلوءَةٍ حَجَراً
لِصَيْدِ الكائِنِ المَنْشًورِ في بابِ القَبيلَةِ
وَالحَصى حَمَلُوهُ في أَكْمامِهِمْ
وَالرّيحَ في أَرْواحِهِمْ حَمَلُوها..
* أورفيوس: أحد أبطال أساطير اليونان، العاشق الشقيّ لأوروديس التي نزل من أجلها إلى الجحيم، وهو رمز للذي لا يستطيع أن ينقذ من يحب إلا بالتخلي عنه.
2 تَرَكُوا عَويلَ ذِئابِهِمْ
في مُلْتَقى البَراري يَبْرُدُ. 3 هاهُمْ حَيارى يَرْكَبُونَ البَحْرَ،
يَرْقًصُ في مَراياهُمْ بًكاءٌ عائِلِيٌّ،
ثُمَّ تَنْتَحِبُ النِّساءً كَجُرْحِ مُوسيقى..
حَيارى
كُلَّما رُفِعَتْ حَقائِبُهُمْ إِلى أَعْلى البَواخِرِ،
صاحَ سَيِّدُهُمْ يُسائِلُهُمْ: تُرى مَنْ
مَنْ يُنَقّي سَطْحَ إِسْطَبْلِ الخُيُولِ؟
وَمَنْ يَصُبُّ الماءَ في قَلْبِ البَهائِمِ
كُلَّما ظَمِئَتْ خَلاياها؟
وَمَنْ يَسْقي كُرُومَ التّينِ كًلَّ ظَهيرَةٍ؟
مَنْ تَسْتَطيعُ يَداهُ تَغْييرَ الطَّبيعَةِ:
عَصْفَةٌ مِنْ ريحِ يُولْيُو،
أَوْ غَمامٌ يُولَدُ المَطَرُ المُسافِرُ مِنْهُ،
أَوْ بَلَحُ الجَنُوبِ تُعِدُّهُ الصََّحْراءُ عيداً
للّذينَ تَحَطَّمَتْ ناياتُهُمْ؟
4 وَلأَنّهُمْ تَرَكُوا مَوائِدَهُمْ وَرَوْثَ خُيُولِهِمْ،
وَدَمَ الوَليمَةِ
جامِداً تَرَكُوهُ تَحْتَ رَمادِ مَطْبَخِهِمْ،
وَحِنَّاءَ البَناتِ هُنالِكَ قَدْ تَرَكُوها،
تَرَكُوا كَذَلِكَ
نَجْمَةَ الفَجْرِ الجَميلَةَ،
وَالصَّباحَ يَلُفُّ مِئْذَنَةَ القَبيلَةِ بالضِّياءِ،
فَإِنّهُمْ كانُوا إِذا التَفَتُوا وَراءً
أَبْصَرَتْ نُوراً عُيُونُهُمُو
فَفاضَ، هُناكَ في الميناءِ، نَهْرُ حَنينِهِمْ. 5 الشَّمْسُ أَطْفَأَها هُبُوبُ الحِقْدِ،
تَحْتَ رَمادِها خَوْفٌ وَلَيْلٌ يُولَدانِ،
أَرى دُمُوعاً تَغْسِلُ الحَجَرَ القَديمَ،
أَرى القَصيدَةَ تَكْنِسُ التَّاريخَ
مِنْ جُثَثِ الّذينَ تَساقَطَتْ أَوْراقُهُمْ في الرِّيحِ..
أَيَّتُها الرَّؤُومُ!
تَجَدَّدي يا شَمْسُ وَاشْتَعِلي!
فَإِنّي مُبْصِرٌ فَجْراً سَيُولَدُ مِنْ يَدَيكْ! 6 هاهُمْ حَيارى يَرْكَبُونَ الماءَ؟
قالَ كَبيرُهُمْ:
مَنْ ياتُرى يَحْنُو على إِبِلٍ عِطاشٍ؟
مَنْ يُغَنّي لِلطَّبيعَةِ حينَ تَكْتَئِبُ الطَّبيعَةُ؟
مَنْ تُؤاخي كَفُّهُ حَجَراً ضَريراً
كانَ يُبْصِرُ في الطّبيعَةِ ذاتَهُ؟
7 تَرَكُوا نِعاجاً تَحْتَ سُلْطَةِ كَلْبِهِمْ،
وَتَدَحْرَجُوا..
فارّينَ مِنْ سَيْفِ الخَليفَةِ
باحِثينَ عَنِ القَصيدَةِ وَالشَّمسْ!
المغرب

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
روعة
حسن داهي -

القصيدة أكثر من رائعة للشاعر مصطفى ملح ، حيث استطاع توظيف القناع (أورفيوس) للتعبير عن معاناة الشاعر و الفنان في خراب هذا العالم. تحية لملح و شكرا إيلاف

القناع مرآة
مصطفى ملح -

الأستاذ حسن داهي : لا يسعني إلا الإعراب عن شكري لأن لامست نصي بحواسك الرائعة . القناع فعلا لعبة للكشف وليس للتخفي . لقد قرأت النص بعين تأويلية نافذة .. محبتي

إنشوطة درويش الخطرة
رعد الاسدي -

أكلما عجز احدهم، عن كتابة الشعر، نسخ اسلوب محمود درويش ، وانطلق وكأنه ينطلق باسلوبه الخاص ، محلقا على انحناءات غمامة ؟؟ ... هل يمكن ان يصل من يستعير صوتا ليس صوته، الى غاية ما؟ ثم ان اسلوب درويش هو من أقوى الاساليب في العالم فضلا عن اللغة العربية ومن اقدرها قوة ، في الدفاع عن نفسه. فكل من قلده افتضح امره . وانت هنا ياسيد ملح لم تفعل سوى انك لملمت ماتساقط من فتافيت محمود درويش ، عن مائدته الدسمة ، فهل انت تجهل ذلك ام تعرفه، ومع ذلك لاتتحرج من فعله ؟ في الحالين انت مخطيء!! تحية لك .