محمد برادة: لعبتي السردية وسيلة للتحريض...
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
-أشرت في نهاية الرواية أنها كتبت ما بين 2005 و2008، هل استغرقت ثلاثة سنوات لكتابة "حيوات متجاورة"، أم أن تلك السنوات شملت ولادة الفكرة حتى نهاية الكتابة؟
أنا لا أتفرغ لكتابة رواية معينة. أبدأ بالفكرة، ثم اتركها تنضج على مهل، وفي الآن نفسه أشارك في ندوات وأنشطة أخرى، ولما أتأكد أن الفكرة نضجت بما فيه الكفاية، أتفرغ لكتابتها في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، أخصصها للصياغة.- بعد الانتهاء من قراءة "حيوات متجاورة" يشعر المتلقي أن محمد برادة الكاتب مثل السارد وشخصيات "حيوات متجاورة" نعيمة آيت لهنا ولد هنية والوارثي، كلهم يتقاسمون نفس الفكرة وهي الرغبة في تحقيق المتعة؟
المسالة ليست مسالة متعة، إنما هي مسالة حب الحياة، كل ما نعيشه اليوم يدفع الشخص إلى فقدان الحماس. سؤال كيف نظل متشبثين بالحياة؟ يطرح نفسه في كل مرة، فالمتعة اعتبرها مجهود جبار يحتاجه المرء ليستمر حبه للحياة، وهذا التشبث يختلف من شخص إلى آخر عبر التفاصيل.- لكن شخصيات الرواية لديها انبهار بما هو ذاتي بما يحقق المتع، فشخصية الوارثي تدعو إلى "تجربة استعادة الحياة" وكمال صديق نعيمة آيت لهنا عرف بحفله الإباحي "بينس فيس"؟
نعم فهو الحافز لاستمرار الحياة، إلا أن الاختلاف يكمن في موقع الشخص، فالشباب مثلا يختلفون عن الشيوخ، والرواية تصوير لصراع ابدي بين الفرد والمجتمع، رغم أنهما متكاملان ولا يمكن عن يعيش الفرد بغيابهما، إلا أن الصراع بينهما دائم، وهذا ما يجعل الفرد يعمل على إثبات نفسه أمام التقاليد. -هل يمكن أن نقول أن الفرد انتصر على المجتمع أو بصيغة أخرى حقق ما يريده، من خلال الحالات الثلاثة لشخصيات الرواية؟
لا يمكن أن نتحدث على النصر والهزيمة، عندما نقرأ الرواية، فيجب وضعها في سياق مجتمع مغربي، فنحن من بين المجتمعات العربية التي لم تعترف بقيمة الفرد، أنا لا أتحدث عن الفردية بالمعنى الأناني إنما بالمعنى الايجابي.-ألا تعتقد أن اللعبة السردية التي استخدمتها في رواية "حيوات متجاورة"، يمكن أن تزعج القارئ وكأنك تقيده، فأنت منذ البداية تقول إن الرواية تعتم الرؤية ثم تقدم "عتبة النص" ف"توضيح من الراوي" ثم استطراد للسارد فمنح الكلمة للشخصيات؟
بالعكس، أنا أريد أن احمل القارئ على الشك فيما اسرده له، وكأني أحاول أن أقول له أن ما اسرده بهذه الطريقة يمكن أن يسرد بطريقة أخرى أو بطرق مختلفة، اذن أنا اترك المجال للقارئ أن يعيد الرواية بصيغة أخرى، أنا اعتبر اللعبة السردية وسيلة للتحريض على القراءة المتفاعلة، بدل السرد الخطي، فهذا النوع من المسافة التباعدية تجعل القارئ سيشكك في الحقائق.-لماذا لجأت إلى خلق هذه المسافة التباعدية؟
لأني أرى أن ما أعيشه من أحداث يمكن أن يتم بطريقة مختلفة حسب الشروط، أي أن ما يعيشه مثلا شخصا ما يمكن أن يكون بشكل مغاير لما هم عليه اليوم، كما يمكن أن تكون النتائج مختلفة، لهذا حاولت أن اذكر في الرواية أن الشخصية توضح شيء في حين ان السارد يقول شيء أخر، فتعدد وجهات النظر والمنظور أساسية، إنه النص الموازي حيث يضع الكاتب ما كتبه في موضع الشك.
شخصيات رواية "حيوات متجاورة" رغم اختلاف طبقاتها الاجتماعية وانتمائها الثقافي تعيش متجاورة بالصدفة، ففي ثنايا السرد اطرح سؤال يخص علاقتنا مع الآخر، هل هذه العلاقة حتمية، وهل حياتي هي أيضا حتمية أم أنها تخضع للصدفة، هذا السؤال بديهي إلا أني أريد أن أدرجه في نسيج السرد لكي ينتبه إليه القارئ. نافذة1
أتمنى أن تتقوى الخطوات التي نقطعها على طريق التجربة الديمقراطية بالمغرب وأن لا تتوقف وسط الطريق. وإن كنت أرى أن هناك فعلا بعض السلوكات تدفع إلى التشكيك. - هل هناك تشابه بين شخصية الوارتي ومحمد برادة في ما يخص الحديث عن الحميمية و المتعة، فكلاهما تقدم نوعا ما في السن وكلاهما مقبل على الحياة؟
هناك فرق كبير بينهما، بمعنى أن الوارثي له حمولة رمزية، وهو نموذج موجود وله قوة وله منطقه. الكاتب أو السارد المحتمل له مسار ورؤية متباينة، ولكن قد تكون هناك نقط مشتركة وهي المتعلقة بالحياة ولكن كيف تتجلى عند كل فرد وكيف يحققها وكيف يفلسفها، هنا يوجد الاختلاف.-قارئ الرواية لا يمكنه أن لا يتصور شخصيات حقيقية موازية أو شبيهة لشخصيات الرواية، فنعيمة آيت لهنا قريبة الشبه من الجبلية، تاجرة المخدرات المسجونة حاليا بسلا، وعبد الواحد الوارثي أقرب إلى عبد الهادي بوطالب، المستشار الملكي السابق، فالسارد يقدمه على أنه "حاضر في الواجهة والكواليس منذ خمسة عقود، اقترن اسمه بمراحل وأحداث بارزة في تاريخ المغرب، ينشر مقالات عبر الصحف ويجمع بين المعارف بمقاصد الشريعة والتأويل المنتج الذي يقرب الدين الصحيح من العقل الحديث". هل كان هذا اختيار مسبق منك؟
بالنسبة لي كروائي، هناك نوع من الصدى لما يقع من أحداث في المجتمع المغربي. هذا الصدى يشكل، كذلك، خلفية بالنسبة للرواية، إلا أنه من الضروري أن نضيف إليه الخيال، فالروائي لا يستنسخ ما هو موجود، كما إني لا يمكن أن أخد الشخصية بعينها فلابد من التخيل. بعض الأحيان يمكن من الملامح المشتركة أن توحي للقارئ ان الكاتب أدرج شخصية معينة فأخذت حيزا مهما وقد تنتهي. اعتقد ان هدا النموذج يساعد على قراءة مرحلة تاريخية اجتماعية. أضيف نقطة أخرى، وهي أن الشخصية الرواية لا يمكن أن تتحول في شخصية حقيقية، لان هذا يحد من حرية القراءة وحرية الدلالة.-لكن صفات الشخصيات التي قدمتها في الرواية تتشابه بطريقة أحيانا متطابقة مع شخصيات حقيقية تعيش بيننا؟
للروائي الحق في أن يتنقل شخصيته وفضاء ته عبر التخيل، وهذا لا يمنع أن القارئ يمكن أن يطابق شخصيات الرواية بشخصيات حقيقية عند القراءة، "حيوات متقاربة" رواية لذلك يجب أن نعتبر الشخصيات رموز تخيلية للواقع.- بالإضافة إلى ذلك التطابق بين الشخصيات التخييلية للرواية وبين شخصيات حقيقية، لجأت، عبر السارد أو الشخصيات، إلى انتقاد السبعينات التي عرفت عند البعض بسنوات الحرية، فقلت "في ظلال القمع كانت قوى اليسار مستمرة بقوة الرمز أكثر ما هي حاضرة عبر التحليل وتدبير الاستراتيجية؟
هذا النقد جاء بعد مرور مدة زمنية تسمح به. لقد كان يصعب علينا ذلك من قبل، فعندما نتأمل حياتنا نعترف أننا كنا نعيش نوعا من التحليل خلال فترة زمنية اعتقدنا أننا على صواب، إلا أن بعد مرور سنوات تبين أن تحليلنا كان خاطئا، ولكن ما في الرواية يشير إلى مسألة الإنسانية، أي أن قوة الأشياء تكون بالربط ليس بالبديل.
- ذكرت في روايتك بعض المصطلحات التي تشير إلى انك استعنت بما يسمى بالذاكرة لماذا هذا التوظيف؟
هذا الاختيار موجود في روايات السابقة، فالروائي حتى إذا كان يعتمد التوثيق، فالذاكرة ضرورية للكتابة، إلا أن عند كتابتها يجب أن تمزج بالخيال. نافذة2
كل ما نعيشه اليوم يدفع الشخص إلى فقدان الحماس. سؤال كيف نظل متشبثين بالحياة؟ يطرح نفسه في كل مرة، فالمتعة اعتبرها مجهود جبار يحتاجه المرء ليستمر حبه للحياة. - هل مع التجربة والممارسة، أصبحت أكثر قسوة وصرامة في كتابتك؟
أنا من الكتاب والروائيين الذين لا يكتبون بسهولة، فانا اكتب عن قناعة، كما احرص على كتابة ما هو متميز. اعمل دائما لكي اترك بصمة برادة راسخة عند القارئ، وما يحميني أكثر أنني لا أكتب تحت الطلب، أحاول أن آخد وقتي أثناء الكتابة، بدل من اصدر كل سنة أصدر كل ثلاث سنوات أو أكثر.- تتميز بأسلوب سلس سهل بسيط وعميق، هل يتعبك أسلوبك في الكتابة هذا؟
صحيح فهو يتعبني لكن هناك معادلة ضمنية أحاول اتباعها، فهي تخص عدم التنازل عن القيم الفنية، فأنا لا استهين بذكاء وقدرة القارئ، ولكن في نفس الوقت أحاول أن لا أجنح إلى الغموض، فانا أومن أن التعبير البسيط يمكن أن يوصل فكرة عميقة. -تبدو أنك خصصت وقتا طويلا لجمع معطيات على الشخصيات، فهل تفعل ذلك بنفسك أم أنك تعتمد على أناس يوثقون لك ذلك؟
اعتبر أن أسلوب كتابة رواية" حيوات متجاورة" تحدي، فانا لا أريد الكتابة بطريقة تقليدية. همي التواصل مع أكبر عدد من القراء. أريد أن احمل القارئ معي إلى مناطق صعبة ومختلفة لكي يقرأ ما قرأت.
في كتابتي ل"حيوات متجاورة" اعتمد على ملاحظات جمعتها قرابة ثلاث سنوات. فقد كنت أعود إلى تلك الملاحظات كل مرة لاستخلص ما يمكن أن يفيدني في الكتابة، كما استغللت بعض الأحداث التي حاولت أن أقف عندها.
كما ذكرت فانا مرتبط أكثر بكتابة الذاكرة في علاقتها مع الزمن وفي الأحداث الاجتماعية التي تبدو منتهية ثم تعود، لأحاول أن أجسدها في الرواية.
في الرواية سيناريو تجمع فيه الأحداث، هل فعلت ذلك تمهيدا لتحويلها إلى فيلم سينمائي، فبعد تقديم الشخصيات الثلاث، أعدت ما اعتبرته سيناريو؟
لا استبعد الفكرة، إلا أنني خلال كتابة هذه التجربة حاولت أن بين أن هناك فرق أساسي بين كتابة الرواية وكتابة السيناريو، لذا حاولت إعادة صياغة 150صفحة في 30صفحة وبلغة مختلفة، لكن فيما يتعلق بتحويل الرواية إلى سيناريو سينمائي فهو أمر وارد كما ذكرت، كما إني أريد الاستفادة من السينما.- بعيدا عن "حيوات متجاورة"، كيف يرى محمد برادة الدورة الحالية للمعرض الدولي للكتاب والنشر؟
معرض الكتاب في دورته الخامسة عشر له وظيفتان، الوظيفة الأولى التعريف بالإنتاج الجديد وإتاحة الفرص للكاتب لكي يتصل بقراءة الذي يساعد في تسويق إنتاجه، والعنصر الثاني والوظيفة الثانية التي تنحصر في إقامة حوارات حول موضوعات حيوية، وهذا ما اعتبره إضافة نقدية.- ما رأيك في الجمع بين ولاد بن عكيدة وغيرهم من الفنانين بالكتاب؟
فهمت أن هذا الجمع محاولة الجمع بين الفائدة والمتعة، ولكن اعتقد أن جمهور الحفلات التي يقدمها المعرض بعيد كل البعد عن جمهور المعرض، ربما أنهم يريدوا أن يعطوا لونا ورونقا جديدا لمعرض الكتاب، برئي قد لا يكون ذلك متلائما، لكنني اعتبره اجتهاد.- اذن كيف تقيمون وضع الثقافة في المغرب في ظل الوزيرة ثريا جبران، خاصة مع الانتقادات الشديدة بعد استوزارها؟
هذا الموضوع لا أعطيه أهمية، أرى أن مهمة وزير الثقافة يجب أن تقوم على الفعالية، أي انه يجب أن ينفذ برنامجا من شئنه أن يدعم المسار الثقافي، كما أن وزارة الثقافة لا يمكن أن تكتمل بدون مجلس أعلى للثقافة، يضم نخبة من المفكرين والأدباء يخططوا توجه الإستراتجية. - كيف تلقيت خبر تعيين ثوريا جبران كوزيرة للثقافة؟
فكرت فقط في ثقل المسؤولية عليها، كما أكدت بنفسها.- هذا يجرنا إلى الحديث عن المغرب ككل، لا نسمع أصوات المثقفين يرصون التحولات التي يعيشها المغرب، كيف يرى محمد برادة هذه التحولات في المغرب؟
هذا يحتاج إلى تحليل طويل وخلفية تاريخية، ولكن كلما زرت المغرب أحس أن الأفق ما زالت مبهما، كما أن هناك قلق متزايد، رغم الجهود التي تبدو واضحة، إلا إننا لا نمس تلك الجهود على ارض الواقع. هذه المسالة تحتاج إلى التحليل سياسي وتحديد المسؤوليات ثم تحتاج إلى مراجعة للدستور لكي تصبح الحكومة مسؤولة تماما عن أفعالها ولكي تصبح المحاسبة عنصرا حاضرا في حياتنا السياسية، لدي شعور كبير أن هناك قلق وحيرة متزايدين، خاصة وان الفكر السياسي بالمعنى العميق ليس حاضرا في وسائط الإعلام والمنتديات ليطرح المعضلات المستعجلة، كما أتمنى أن تتقوى الخطوات التي نقطعها على طريق التجربة الديمقراطية وأن لا تتوقف وسط الطريق. هناك فعلا بعض السلوكات تدفع إلى التشكيك.
najim3@hotmail.com
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تهنئة لبرادة
برادية -اهنئك محمد برادة على الاصدار الجديد لانك منبر منفصل للثقافة العربية
الواقع المغربي
رشيد -إن ما حصل في الواقع السياسي المغربي هو ان بعض المثقفين وقفوا على محدودية الممارسة الإيديولوجية التي كانت تهدف الهدم من أجل البناء، مع أنمهم ساهموا في الهدم، هدم قيم المجتمع، والأنكى انهم تخلوا عن هذا المجتمع حين أدركوا فشل مسعاهم، فكانت الطمة الكبرى إذ أصبح المجتمع دون هوية ثقافية وإيديولوجية، بخلاف القليلين الذين واكبوا واستمروا رغم كل هذه المأزق. فتحية قلبية خالصة للأستاذ محمد برادة
fkih ben salah
bambastik -ya salam