(بلا عنوان) أستكون حافزاً لأعمال إبداعية أخرى عن القدس؟
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اليوم تتصدر مدينة القدس واجهة المشهد الثقافي العربي لمناسبة اختيارها عاصمةً للثقافة العربية لعام rlm;2009، فتقام أكثر من فعالية أدبية وفنية واحتفالية في العالم العربي استحضاراً لها في الذاكرة العربية، و مواجهةً لتهويدها على يد الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد على حق استعادتها لتكون عاصمةً للدولة الفلسطينية المستقلة. في مجال المسرح افتتحت في عمّان احتفالية الأردن بهذه المناسبة بعرض مسرحية "بلا عنوان"، تأليف مفلح العدوان، إخراج مجد القصص، وإنتاج فرقة المسرح الحديث.
1-الأداء الجسدي الحركي والكيروغرافي (الرقص التعبيري) للممثلين، الذي تميل إلى تسميته بـ "فيزيائية الجسد"، وهو أداء ينزع إلى المشهدية أو مسرح الصورة، ويمزج بين الحركات التجريدية ذات المنحى الرمزي، والحركات اليومية المستمدة من التراث الشعبي، وإلى حدما الرقص الباليهي والرقص الحديث.
2-توزع بنية العرض على لوحات مستقلة لا تجمعها حبكة درامية، ولا تتنامى على وفق منطق سببي، كما في العروض التقليدية، بل ينتظمها رابط جمالي ودلالي، وتسير في خط تراكمي، ويتداخل بعضها ببعض بانسيابية تحول دون تفكك جسد العرض وانفراط جغرافيته إلى جزر عائمة.
3-تصدر الغناء الحي الأوبرالي والشعبي، وتناغمه مع ألوان من الغناء والموسيقى والمؤثرات الصوتية المسجلة التي يبدع في تلحينها وإعدادها الموسيقي الموهوب وليد الهشيم. وغالباً ما تؤدي أشكال الغناء والموسيقى هذه وظيفةً دلاليةً تأويليةً، في حين تنزع إلى الروح التغريبية والغروتسكية (التشويهية التهكمية) في بعض اللوحات لحمل المتلقي على السخرية من موقف ما أو استنكاره.
يحاول العرض، في إطار فكرته العامة، الرد على مقولة لرئيس بلدية القدس الأسبق الصهيوني "تيدي كوليك" مفادها أن الفلسطينيين "لن يبقى لهم مع بداية القرن الحادي والعشرين ما يفاوضون عليه في القدس غير 7%"، من خلال التأكيد على أن القدس كانت وستبقى عربيةً.
وتجسد هذا الهدف حكاية أم مقعدة، تكاد لا تقوى على تحريك كرسي العجلات المحطم، تروي لرجل ضرير (يؤدي دوره المطرب رامي شفيق)، هو الشاهد والشهيد، قصتها مع أبنائها السبعة: منهم من أرغم على الإبعاد، ومنهم من استشهد، ومنهم من صمد وقاوم، ومنهم من خان. ويقدم العرض شخصيتين نسائيتين تمثل كل منهما المدينة المحتلة: الاولى (تؤديها ريما نصر) تمثل الجهة الشرقية من القدس والمسلمين والحاضر القدسي، والثانية (تؤديها الأوبرالية نادين نشوان) الجهة الغربية من االقدس ونضال المسيحيين مع المسلمين والتاريخ القدسي منذ الكنعانيين حتى الآن. وتجسد السينوغرافيا المتحركة (تصميم مجد القصص) سبعة أبواب للقدس (تتحول إلى جدران تارةً وإلى سجون تارةً أخرى من خلال توظيف سيميائي متقن)، يقابلها العدد نفسه للأبناء الذين استشهد واحد منهم وبقي الستة (يؤدي أدوارهم: موسى السطري، بلال زيتون، نبيل سمهوري، احمد الصالحي، أحمد الصمادي، ومحمد عوض) الذين يجسدون على المسرح شخصيات بأزياء مختلفة: محتلين، خطباء عرب وأصحاب شعارات، وفلسطينيين من أبناء القدس، في سياق تحول دلالات لوحات العرض من زمن الاحتلال الأول، حيث يجري فيه اغتصاب رمزي للشخصيتين النسائيتين، إلى زمن الشعارات الجوفاء والعجز العربي في مواجهة النكسة، إلى الحاضر الذي تدعو فيه القدس أبناءها المخلصين إلى التمسك بخيار الصمود والتحدي والمقاومة لتحريرها من قبضة االمغتصبين الذين دنسوها.
إن عرض "بلا عنوان" بقدر ما هو تجربة مسرحية مصاغة بحس فني رفيع ومقاربة درامية غير تقليدية، يُعدّ صرخة من فم شريحة عربية مثقفة للفت أنظار أمتها، زعماءً وشعوباً، إلى عدم التهاون في استعادة القدس المحتلة قبل فوات الآوان. والأمل معقود على الجهات الداعمة للعرض نقله إلى أكثر من فضاء عربي تناغماً مع احتفال العرب بالقدس عاصمة لثقافتهم هذا العام، لعلّها تكون حافزاً للمبدعين العرب لسد النقص المعيب المتمثل بشحة الأعمال التي تتناول قضية القدس.awad-ali@hotmail.com
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف