الطوخي يترجم يوميات تطهير فلسطين
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يقول الطوخي: منذ حوالي الستين عاما، حدثت في بلادنا كارثة، تعودوا على أن يطلقوا عليها "نكبة".. هذه النكبة، إذا قبلنا التسمية، كانت شاملة، تغيرت فيها ملامح طرفي النزاع، طرد العربي من وطنه وأصبح لاجئا، وتحولت صورة اليهودي من الضحية إلى الجلاد، تم تأسيس "دولة اليهود" على الخطيئة، وأمكن بهذا تقديم مبررات جيدة لكراهية العالم للشخص الذي كان بالأمس، في المحرقة، محل تعاطفه. في هذا الكتاب نحاول معرفة شيئا عن ملامح النكبة، بوجهها السياسي والثقافي والإنساني. نحاول معرفة كيف تحولت فلسطين، التي كانت عربية، إلى دولة لليهود، كيف تم إخلاؤها من سكانها، وكيف تم محو أي ذكرى لشعب كان يعيش هنا يوما، كيف تم تدمير ذاكرته وثقافته. من ثلاث مقالات منشورة في دورية "ميتاعام" الإسرائيلية ذات البعد اليساري الراديكالي، حاولنا أن نقدم يوميات الجريمة، الشكل الذي رآها بها اليهود، كيف عايشوها وكيف كشفت لهم عن نفسها تدريجيا، في أرشيفات الجيش الإسرائيلي وفي مذكرات القادة الذين قاموا بها، وفي اللقاءات التي قاموا بها مع أهل البلاد الأصليين.
ويضيف هكذا، فإلى أبريل - مايو 1948 يعود بنا المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، في دراسته التي صدرنا بها الكتاب وتمت ترجمتها تحت عنوان "يوميات تطهير فلسطين من سكانها" ليكتب دراسته عن تهجير الفلسطينيين من أرضهم. تفاصيل الدراسة مرعبة: عبوات متفجرة تتدحرج من الجبال إلى داخل الأحياء العربية، آبار يتم تسريب جراثيم التيفود فيها، أسواق يتم قصفها بمجرد امتلائها بالأهالي الراغبين في الهرب. كل هذا يحدث قبل دخول الجيوش العربية فلسطين، وهو ما يدحض الادعاء الصهيوني بأن التهجير حدث استجابة لأوامر القادة العرب وردا على هجومهم. أركان جريمة الإبادة كاملة، وكلها حدثت قبل دخول الجيوش العربية فلسطين، وعندما يكون الحال هكذا، فإن الأمر لا يصبح "داود اليهودي يواجه جوليات العربي"، كما هي الصورة الشائعة في الخطاب الصهيوني.
ويري الطوخي أن النكبة لم تكن نكبة سياسية فحسب، كانت ثقافية كذلك، واجهت إسرائيل مشكلة قانونية في كيفية التعامل مع الكتب التي تركها العرب في بيوتهم مع فرارهم. في المقالة الثانية التي ترجمت تحت عنوان "قيام وانهيار الكتاب الفلسطيني" يكشف جيش عاميت، الباحث بجامعة بن جوريون، عن وقائع حرق وفرم الكتب الفلسطينية، الكتب التي تركها أصحابها العرب في بيوتهم عشية مع فرارهم، يكشف وقائع إنشاء المكتبة العربية في مدينة يافا من هذه الكتب، واستغلال الدولة اليهودية الناشئة لها، تمتعها بالأرباح التي أدخلتها لها، ثم فرم كتبها واحدا واحدا لدوافع أمنية، بعد أن استنفذت الغرض منها وبعد اكتشاف أن بعضها يحوي "تحريضا" ضد الدولة. يبحر بنا عاميت في تاريخ الرغبة الإسرائيلية في محو الثقافة الفلسطينية، أو على الأقل، تحييدها وجعلها تابعة للدولة الناشئة، وذلك عن طريق التأكد من ولاء المعلمين في المدارس العربية لدولة إسرائيل، وهو الأمر الذي تحكم به جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي المعروف باسم "الشاباك"، ثم عن طريق التحكم في المكتبة العربية، التي آل الأمر بكتبها في النهاية أن تصبح، بحسب التوصيف الإسرائيلي الرسمي لها، "بضائع غير صالحة للاستعمال".
في المقالة الثالثة "العسل الذي سرقناه"، يسترجع الناشط والكاتب المسرحي حاييم هانجبي، طفولته في مدينة القدس، يتذكر جيرانه العرب، يتذكر كيف صحا اليهود ذات يوم ليكتشفوا أن المدينة صارت يهودية، وأن جيرانهم قد غادروها. تبدأ المعلومات في الظهور عن تاريخ النكبة، يصير حل لغز اختفاء العرب أسهل مما كان، وفجأة يلتقي هانجبي بقائد فتحاوي. القائد، الذي كان جارا له، يسرد له كيف مر الأمر بهم، كيف كان اليهود يطلقون النار باتجاههم وهم جالسون في المقاهي، كيف قرروا المغادرة، ثم كيف تحول الابن إلى محارب من أجل حرية فلسطين. يحكيان عن تفاصيل مشتركة، تفاصيل يصبغها حنين لوطن يضم الجميع، عربا ويهودا، بدون طرد أحد أو سرقة بيت أحد، بدون "نكبة" و"ترانسفير". هل هذا الحلم مازال ممكنا؟ لا يجيب أي منهما. فقط يرسمان ملامح لوطن واحد لم تشوه الإبادة الجماعية ملامحه.
ما حدث منذ ستين عاما لا يختلف كثيراً عما يحدث الآن، تابع العالم مشاهد قصف غزة على يد الجيش الإسرائيلي. تابعها شعراء إسرائيليون أيضاً، وقرروا الاحتجاج ضد سياسات دولتهم، أخرجوا، منذ اليوم الثالث للحرب على غزة، أنطولوجيا شعرية حملت عنواناً دالاً، "لاتسيت"، أي "اخرجوا"، وتحوي قصائد غاضبة لشعراء إسرائيليين، قرروا الإسهام بصوتهم في معارضة الوحشية الإسرائيلية، والهتاف ضد النكبة التي منيت بها غزة، نقدم هنا نماذج من هذه القصائد، مع أمل بتحقيق هدفين منها، الأول هو التعرف على نماذج من الشعر الإسرائيلي الحديث، والثاني التعرف على صوت الاحتجاج الإسرائيلي ضد سياسات دولته.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف