ثقافات

مصير الذين أضحكوا طوب الأرض

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: عندما قرأت عنوان الكتاب الجديد للكاتب الصحفي سامي كمال الدين "الذين اضحكوا طوب الأرض" صدر عن دار الكتاب العربي ابتسمت معتقدة بأنني سأقرأ ما يسرني ويضحكني..الا ان محتوى الكتاب جاء عكس ذلك تماما. فهو يحمل القارئ عذابات وهموم الكتاب الساخرين وكيف انتهت حياتهم كما حمل الكاتب نفسه. يقول الكاتب: "هذا كتاب عن الساخرين.. كان حلما لي منذ بداياتي مع عالم الكتابة وكثيرا ما تخيلت هذا الحلم على مقاهي سوهاج ونحن ندرس في الجامعة وحكيت عنه لصديقي "خالد رشدي" الذي كتبت له الإهداء، لانه شهد على الحلم منذ ولادته وحتى الان.. ولعل هذا الكتاب احب كتبي الي لانني ظللت في عناق وفراق مع اوراقه 7 سنوات. ولم احاول ان اكتبه كاملا الا بعد السبع سنوات هذه...ويضيف أشكر كل الساخرين الذي كتبت عنهم وقد حملوني عذاباتهم وحزنهم اكثر من ضحكاتهم". كلية لتعليم الضحك
قام الكاتب بجهد رائع من خلال المعلومات التي اوردها بكتابه كما ان فكرة الكتاب مميزة من حيث تتبع حياة الكتاب الساخرين واهمية الضحك في حياتنا، وطرح بعض الابحاث والدراسات الاجنبية حول موضوع الضحك، اضافة الى انه بدأ كتابه بآيات من القران الكريم تتكلم عن الضحك وبعض الاحاديث النبوية الشريفة ومقولات لبعض الكتاب. يقول الكاتب "حقيقة ان الضحك يطيل العمر ليس بعدد السنوات طبعا ويجعل الانسان اكثر راحة في عالم يسوده القلق والحروب والاستعمار الشرق اوسطي الجديد..وقد اهتم العالم بالضحك"، فافتتحت اليابان كلية لتعليم الضحك حتى يستطيع المواطن الياباني ان يكون (بانيا في ملكه) وان يؤدي عمله بجدية وفي بهجة وسعادة، وقد اشرف على هذه الكلية فرق السيرك. وايضا في مونتريال بكندا عقد مهرجان للنكتة اجتمع فيه 100 شخصية من صناع النكتة الفرنسيين والانجليز. اما الخبيرة الالمانية "موساني لاينجر" فقد اكدت في بحث اعدته عن الضحك واكدت ان الفائدة التي تعود على جسم الانسان من الضحك تتساوى 45 دقيقة من الاسترخاء التام. وقالت ان الضحك يقوي جهاز المناعة ويعطي شعورا بالمتعة ويخفض افراز الهرمونات المصاحبة للتوتر. كما انه يؤدي الى توسيع الرئتين وينظم الدورة الدموية ويسارع في عملية نقل الاوكسجين، وان هناك مائة عضلة تتحرك في الجسم عند الضحك منها 15 في الوجه فقط، اما الدكتور الامريكي روبنشتاين فقد ذكر ان كل دقيقة ضحك تساوي ساعة استرخاء وراحة. ولعل الضحكة هي الشئ الوحيد في العالم كله التي تتشابه فيها الشعوب كما قال الكاتب ولكن جميع هذه الابحاث اجريت او طبقت في بلاد أجنبية وكنت اتمنى لو قدم لنا الكاتب بعض النماذج من الكتاب الساخرين الاجانب لنعلم ماذا كانت نتيجة او نهاية حياتهم بعد كتاباتهم الساخرة... هل كانت تتشابه بنهاية الكتاب الساخرين العرب؟ لان اغلب الكتاب الساخرين العرب ماتوا من الالم والعذاب والاكتئاب ولم يموتوا من الضحك كما ورد في الكتاب!! والسؤال الذي تبادر الى ذهني وانا أقرأ هذه المعلومات وبالاخص عن تأسيس كلية لتعليم الضحك في اليابان..تخيلت لو قام احد ما في العالم العربي بتأسيس مثل هذه الكلية..ما هي المواد الدراسية؟ ومن هم القائمون على تدريسها؟ وهل سيقبل رجال الدين وجود مثل هذه الكلية؟ اعتقد بانهم سيطالبون بهدر دم المؤسس وتكفيره لانها لهو ما بعده لهو بنظرهم!! ضحكة ساخرة من بوتقة الالم
هذا الكتاب يكشف عالما آخر عن هؤلاء الكتاب الساخرين ويقدم قصصا جديدة وحكايات لم تنشر من قبل، وذلك من خلال اقتراب الكاتب من الساخرين الذين ما زالوا على قيد الحياة ومن اسرار الذين رحلوا ستكشف في هذا الكتاب كيف تخرج متعة الكتابة الساخرة من بوتقة الالم. فعلى سبيل المثال "محمود السعدني" راح يقضي في بيته شيخوخة نبيلة وفي صمت، صمت لسانه وهو اعظم المتكلمين ودخل دوامة اكتئاب عنيفة لم يستطع السيطرة عليها فسيطرت عليه بعد ان انفض من حوله الاصدقاء ورأى العراق وقد تحول الى قبائل متناحرة وهو الذي رسم في شارع ابي النواس والرشيد اروع ضحكاته ومآسيه. و"محمد عفيفي" ظل السرطان ينهش جسده سنوات خمس ولم تهزم (ترانيم في ظل تارا) هذا السرطان. أما "صلاح جاهين" احس انه يغني على الناس ومات مكتئبا. ومات "عبد الحميد الديب" بمرض الجوع والجنون، بعد ان ادخلوه مستشفى المجانين ونجا بصعوبة من ادمان المخدرات التي غرق فيها فترة طويلة وراح ينشد "يا امة جهلتني وهي عالمة".
كما عاد "عبد الرحمن الخميسي" ميت في نعش من موسكو. اما "عبد الله النديم" فقد هرب تسع سنوات في قرى ونجوع مصر ودفن في تركيا. و"كامل الشناوي" مات في مستشفى القصر العيني كسير القلب. و انعزل على نفسه "احمد رجب" بعد رحيل زوجته اقرب انسانة الى قلبه. وكسر قلم "فكري اباظة" واجلسوه في البيت بعد ان كان رئيسا لمجلس ادارة وتحرير الهلال لانه هاجم ديكتاتورية عبد الناصر. اما "بلال فضل" يحاول ان يهجر الصحافة الى السينما ولا يستطيع وهو حائر حتى كتابة هذه السطور!! فهل ولى زمن الضحك؟
الحاكم يخشى الكاتب
يقول الكاتب أن اكثر كاتب قد يخشاه الحاكم هو الكاتب الساخر.. ذلك لانه لا ينتقده فقط ولكنه يضحك الناس عليه بنقده، ومن ثم فان هذه الاقوال والمقالات تعلق في ذهن الناس لذا هو يحاول ان يقربه منه مثلما صادق السادات محمود السعدني فترة طويلة قبل ان ينقلب عليه. والكاتب الساخر يقع في مأزق بين كتابته وحريته وهو حال أي كاتب. واستشهد بقول للراحل محمد الماغوط "الان اذا كتبت اموت من الخوف، واذا لم اكتب اموت من الجوع" في ظل ما وصل اليه حال العرب، سنقطع الجبال سيرا على اقدامنا لنصل الى قبر بلفور الشهير في بريطانيا وهناك ونحن نتحلق حوله ساضع قدمي على قبره واقول له بصوت تخنقه الدموع نحن ضحايا المحرقة العربية نريد وطنا قوميا جديدا ولو على مزبلة!!
ويضيف: من انتم؟
نحن العرب
ماذا تشتغلون؟
نحن لا نشغل شيئا، فالعالم يشتغل بنا!!
salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
غريبة
حكيم -

شيء غريبة أن يتأخر التعليق على موضوع للأستاذة سلوى. أين التعليقات عن عبقريتها وتفردها

good work
sam -

very nice review, good work dear salwa, we miss your book reviews.

كلية للضحك
جمال الشمسي -

راقت لي فكرة كلية لتعليم الضحك،، استثمار مربح جدا في هذه الايام،، الجميع بحاجة اليه، فكروا معي من اين احضر مواد لاضحاك الناس لان كل ما حولنا يبكي له الحجر. كتاب جميل وعرض جميل

رائع التعبير
صديق -

ويضيف: من انتم؟نحن العربماذا تشتغلون؟نحن لا نشغل شيئا، فالعالم يشتغل بنا!!

معجبة
لبني -

معجبة بك جدا يا استاذة سلوي سواء بأسلوبك وبفكرك أو بتحليلك للمواضيع واختيارك لها لانها دائما تمس وتهم القارئ الذي يريد دائما ان يقراء ما يهمه او ان يجد من يساعده علي قراءة الكتب الجديدة

لا يوجد تكرار
محمد -

دائما كل مواضيعك هائلة وجديدة وفعلا تجعلنا نشعر اننا قرأنا الجديد وليس المتكرر

سخرية الدنيا
ايمان -

صدقت يا استاذة سلوي وصدق الكاتب في ان ليس بالضرورة ان من يضحك الناس يكون سعيد وليس هذا في مجال المؤلفين فقط ولكن من يقرأ او يستمع الي حياه الممثلين الكوميديان يجد ان حياتهم انتهت اسواء النهايات الحزينة التي نراها في الافلام التراجيدي سواء بالموت فقيرا او وحيدا او بدون قرش واحد يساعده علي شراء قوته او دفع ايجار منزله فهذه الدنيا العجيبة ربما تسخر في النهاية ممن يسخر منها في حياته

غريبة جدا
فاطمة -

غريبة ان لاتوجد تعليقات علي هذا الموضوع مع العلم اننا جميعا نضحك وبداخلنا حزن كبير يا اما اصبح الناس كلها سعداء جدا لدرجة انهم اصبحوا يضحكون فعلا من قلبهم واصبحت لاتوجد هموم في حياتهم او اناس تجرحهم او مواقف تجعل الاخرين يضحكون عليهم او دنيا تسخر منهم في كل لحظة.... ربما