هل انتهت أسطورة الإنسان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لقد توطّدت علاقة الإنسان بالجمادات أكثر فأكثر مع افتتاح قرننا الجديد، أصبحت علاقتنا بأجهزة الاتصال والكمبيوتر، وحميميتنا إزاء المستندات والملفات التي نحتفظ بها في أجهزتنا تفوق علاقاتنا بالبشر، أصبحت الجمادات جزءاً من حياتنا اليومية، حتى تغزل الناس يتغزّلون بأدواتهم الجامدة، باتت أدواتهم جزءاً من حياتهم اليومية. فأكثر احتياجاتنا اليومية نحلها بالآلات، بعد أن كنا نحلها بأيدينا، أو بالأدوات البسيطة التي تصنع باليد. كأن الإنسان الحديث يتخلى عن عرشه، لتأتي الآلة بكل وهجها وسحرها لتكون سيدة العالم. ولا عجب فإن الآلة التي كان يسيطر عليها الإنسان انفلتت من يده -كما يعبّر هيدغر- بل أصبحت هي التي تدبّره وتسيّر مساره في الغالب، وإن عطلاً فنياً في أجهزة التقنية المتصلة بالاقتصاد كفيلة بإبادة أرصدة أو إنقاصها.
من جهةٍ أخرى أصبحت الآلات وسائل للتعبير عن النوازع الذاتية الكامنة، والتي ظنّ الناس أنها لم تكن موجودةً في يوم من الأيام، وأذكر أن صديقاً يعمل في مجال ال
لقد بجّلت مرحلة الحداثة الإنسان بشكلٍ ساهم في فجوره وطغيانه، حتى قاد الحروب العالمية، وسفك الدماء، ومارس أبشع الأدوار الضارة، ولو كان الشيطان متجسداً في مخلوق لما وجد أقرب من الإنسان شبهاً به، لهذا أحترم الوصف الذي طرحه علي حرب على الإنسان في كتابه "الإنسان الأدنى" وبالذات إنسان العصر الحديث، وهو الطرح الذي ادعى البعض أنه طرح "عنصري" بينما هو طرح فكري يدخل في إطار التعبير الملائم عن وجهات النظر، إن التبجيل الذي خلعته الحداثة على الإنسان بدأً من الأب الأكبر "ديكارت" وانتهاءً برموز الفلسفة المثالية الأخلاقية النموذجية ليس سوى الشرارة الأولى للتحريض على منح الإنسان فرصة الانخداع بذاته لينفلت ضرباً وسفكاً. غير أن الفلسفات الجديدة-والتي تتهم من قبل بعض المدرسيين الحداثيين بالمسؤولية عن الحروب والشرور- كانت أكثر نقداً للإنسان، صحيح أن الفلسفة النيتشوية مثلاً كانت تبحث عن الإنسان السوبرمان، أو الإنسان القوي، لكنها كانت في ذات الوقت تريد إعادة الإنسان إلى بريّته بعيداً عن الزيف الأخلاقي، لقد كانت فلسفة كاشفة، ولم تكن فلسفة تبحث عن خلق نماذج مسبقة مركبة في الذهن كما يقرأها البعض.
shoqiran@gmail.com
التعليقات
جامع مقديشو
الشيخ أبو عليق -يجتهد الكاتب فهد الشقيران في مقالاته المقروءة ، الخوض في الجانب الوجودى لأزمة الإنسان وعلاقته بالذات والطبيعة ، كما وأنه يقدم صورة عن العصرنة وتطور الآلة وعلاقتها بنا جميعا.الغرض الإحتهادي يدفعنا لمعرفة كيف تحولت الالة أو التقنية بمفهومها المعاصر إلى عامل مساعد لإراحت البشر من حل معضلات معقدة على صعد كثيرة، ومنها إكتشافات على الأرض وفي الفضاء، وقد يكون الفيلسوف هيدكر لم يصحو من هذه المعضلة ، بإعتباره آخر الفلاسفة، وكان قبل رحيله غير بعيد عن مفهوم القوة وسلطة التنظيم المفتول العضلات، هذا ما تجلت به ثلاثينات القرن الماضى ، أعنى صعود الإنسان الذي تتصرف بقدراته القوانين - مرحلة النازية- وما تركته من عزلة ومقتل للإنسان كلاعب في مجالات الإبداع ، بعد تحوله إلى طعم أو لقمة سائغة لفوهات المدافع .العالم الذي نأى عن الطبيعة هو عالم آخر، ربما تنقذه التقنية المعاصرة في تقريب صورة الإنسان التي أختفت حين تقبل القانون كحل لمشكلاته الذاتية والوجودية.أجد في تطور التقنية الحديثة مظهر بلوغ الإنسان درجة من السيطرة على العالم المرئى من خلال شاشة تعود إليه، كمكتشف لراحة البال ، بعيدا عن ضربات المطرقة والسندان، وما نحن فيه كعرب إلا سندان تطرقه المعاول ولا من من منقذ، فكل شيء مبسط بطبيعته بالغ التعقيد.