في غيابه وحضوره.. عبد الله الصيخان مثير للجدل والذكريات

قال إنه لا يريد التكفير عن شيء.. وإن الشعراء أكثر قرباً من الله!
في غيابه وحضوره.. عبد الله الصيخان مثير للجدل والذكريات

منصور العتيق من الرياض: رغم مضي أكثر من عقدين من الزمان، منذ الشرارة الأولى لحركة الحداثة التي عصف تيارها بالأخضر واليابس في الأوساط الثقافية والفكرية والدينية في السعودية في الثمانينات الميلادية من القرن المنصرم. رغم مضي كل هذا الوقت إلا أن رموز الحركةلا يزال باستطاعتهم كما يبدو لفت الانظار إلى قضيتهم متى ما أرادوا ذلك، رغم الغياب الطوعي الذي اختاره بعضهم عن فعاليات المشهد الثقافي في السعودية وتوقف البعض الآخر عن الكتابة.

عبد الله الصيخان، الشاعر السعودي المعروف وصاحب نصيب لا بأس من سهام النقد والإعجاب على حد سواء كرمز من رموز الحداثة السعودية، أطل على المتابعين بعد غياب يتخلله حضور متقطع غير ثابت عبر أروقة الصحف وبعض الأمسيات هنا وهناك. إطلالته الأخيرة على قناة الحرة كانت باستضافة من الإعلامي السعودي اللامع سليمان الهتلان الذي حاول احتكار عودة الشاعر لمصلحة برنامجه، وفيه بدا الصيخان يقلب صفحات ذكرياته بهدوء، على مرأى ومسمع من الجميع.

الهتلان الذي سأل ضيفه في الدقائق الأولى من البرنامج "هل جاءت عودتك لتكفر عن الصورة التي رسمت لك في الثمانينات" كان يفتح صفحات شديدة التماس مع الحياة الشخصية لضيفه الشاعر ولزملائه الشعراء من التيار ذاته. لكن الصيخان أجاب قائلاً: "لم تكن تكفيرا ولم نكن كافرين، بل إن الشعراء أكثر قرباً من الله لأن الله يمنح موهبة الشعر لفئة قليلة من الناس"!

الشاعر الذي قال إن غيابه كان لترتيب الأوراق وتقييم التجربة، قال إنه حاول أن يكون جسراً دون أن يحسب على طرف دون آخر. مضيفاً: "لم تكن الحداثة تياراً أدبياً فقط"، معللاً ذلك بكونها اتجاها عاما غلب على أوساط إعلامية وفكرية في السعودية منتصف الثمانينات، معيداً الأذهان تجربة مجلة اليمامة السعودية التي قال عنها الصيخان: "استطاعت أن (ترج) السائد في حياتنا" في ذلك الوقت.

ولم يكن موقف الصيخان واضحاً تجاه قصيدة النثر: "عندما ذهب أصدقائي إلى قصيدة النثر عدت إلى القصيدة العمودية!". قائلاً إنه يعتز بكثير من التجارب العربية في هذا السياق لكنه ضد أن "تحسب قصيدة النثر على حساب الشعر".

حروب الحداثة

بدا الصيخان حذراً عند حديثه عن حروب الحداثة بدءا من كتاب "جناية الشعر الحر" وانتهاء ب"الحداثة في ميزان الإسلام. الصيخان أرجع المواقف المتشنجة إلى أسباب فنية في الأساس أرادها "المتشددون من تيار الصحوة" أسباباً وخلافات إيديولوجية. وقال إن الدكتور عوض القرني لم يكتب مقالاً واحداً قبل كتابه أو بعده، وأن كتابه في الأساس هو "سرقة أدبية" من شريط تسجيلي لتلميذه سعيد الغامدي قدمه على شكل رسالة ماجستير، إلا أن القرني، حسب تأكيد الصيخان، بعد منح درجة الماجستير للغامدي أضاف للرسالة مجموعة جديدة من الشعراء المكفَرين ونشره باسمه. لافتاً النظر إلى أن كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) لم يكن سيحظى بشرعية أو شعبية لو لم يحظ بتقديم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، مفتي السعودية السابق. الذي يقول عنه الصيخان: "أنا واثق من أن الشيخ لم يقرأ الكتاب".

وذكر الصيخان بقصة طريفة عندما أشار إلى أن القرني يتفاخر ببيع آلاف النسخ من كتابه قائلاً: "كنا أنا وزملائي أكثر من روج للكتاب، كنت شخصياً أشتري عشرات النسخ وأوزعها في كل دورة من دورات مهرجان الجنادرية على المثقفين والشعراء العرب وأقول لهم: أنظروا ماذا يراد بنا"!!

وتأسف الصيخان كثيراً لحقيقة كون ديوانه "هواجس في طقس الوطن" ظل ممنوعاً في السعودية لمدة 18 عاماً، قبل أن يفسح أخيراً في طبعته الثانية التي صدرت مؤخراً عن نادي حائل الأدبي. وتحدث الصيخان عن أدب الطفل باهتمام بالغ في ختام مقابلته وغنى أغنية طفولية على الهواء أكدت أن الشاعر مازال يحمل طفلاً فتياً في داخله رغم كل هذه السنين وكل هذه الخلافات.