ثقافات

(معبد الحداثة) في ميونخ يغلق أبوابه

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح كاظم من برلين: مع حلول شهر نيسان الحالي وبعد إنتقال المعرض الإستعادي لفاسيلي كاندينسكي الى باريس أعلنت إدارة غاليري "لينباخهاوس" عن إغلاق أكبر قاعاته لغرض ترميم البناية وإضافة أجنحة جديدة على الأجنحة المتوفرة حاليا لكي يصبح هذا الغاليري الذي عرف أيضا تحت إسم "معبد الحداثة" قادرا على أستيعاب العدد الكبير من الزوار الذين يأمونه من مختلف أنحاء العالم، والذين بلغ تعدادهم فقط خلال المعرض الأخير لكاندينسكي ما يزيد عن 500 الف زائر(أستمر من 25.10.2008 الى 8.3.2009، بعد أن جرى تمديده لفترة إضافية)، وذلك ما عدا الزوار اليوميين للغاليري الذين يزيد عددهم سنويا عن 200 الف زائر.
وقد تم تكليف المعماري البريطاني المعروف عالميا نورمان فوستر الذي سبق له وأن صمم القبة الزجاجية ل "بناية الرايخشتاع" حيث يعقد البرلمان الألماني جلساته في برلين، بترميم وتجديد هذه البناية التاريخية من خلال وضع مدخل جديد للبناية ليستوعب زوارها ويسهل وصولهم الى أجنحتها المتعددة إضافة الى تصميم قاعة جديدة على شكل مكعب إضافي الى جانب مكعب "الفن المعاصر" تتمكن من إستيعاب الكم الهائل من الأعمال الفنية التي تجمعت لدى الغاليري خلال عمره الطويل.
من الجدير بالذكر أن هذه البناية كانت في البدء فيلا الفنان التشكيلي فرانس فون لنباخ (1836-1904)، وهو الذي أراد لها أن تكون متحفا للفن الكلاسيكي أثناء حياته وبعد موته، إنطلاقا من قناعاته الفنية المعادية للحداثة.وقد ضمت الفيلا في البداية إضافة الى أعماله بعض أعمال فناني القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذين عاشوا في ميونيخ ومن ضمنهم كارل روتمان (1797-1850) أضيفت اليها لاحقا، بعد موت لنباخ وإفتتاح الغاليري في سنة 1929 أعمالا لفنانين آخرين من ضمنهم فرانس فون شتوك (1863-1928) وممثلي حركة "إنشقاق ميونيخ" لوفيس كورنت وفرتز فون أوده (1848-1911) إضافة الى بعض الأعمال التعبيرية .
أما إحتضان الغاليري لأعمال الحداثة فقد جاء في وقت متأخر نسبيا، ذلك بعد أن قامت الفنانة المعروفة وشريكة حياة كاندينسكي أثناء إقامته في بافاريا غابرييله مونتر بإهداء مجموعة كبيرة من أعمال كاندينسكي (90 لوحة زيتية و330 رسما بالألوان المائية وتخطيطات) و25 عملا لها ولوحات بعض الأصدقاء التي كانت في حوزتها (من ضمنها أعمال ليافلنسكي وماكه ومارك) الى الغاليري بمناسبة عيد ميلادها الثمانين في العام 1957. وبذلك تكون منتر هي التي وضعت الحجر الأساس لتحويل الغاليري الى مركز لفن الحداثة، متجسدة في الأصل في أعمال كاندينسكي وبعض أصدقائه من مجموعة "الفارس الأزرق" ومنهم أوغست ماكه (1887-1914) وفرانز مارك (1880-1916). في الوقت ذاته ساعدت منتر مدير الغاليري في وقتها على إقتناء أعمال حداثية أخرى للفنانين الذين عاصروها من مختلف أنحاء العالم.
مع حلول الستينات من القرن الماضي تمكنت إدارة الغاليري من الحصول على مجموعة جديدة من الأعمال من جمعية بيرنهارد كولر، وهو واحد من أغنياء الألمان في بداية القرن، تعرف على أهمية الفن من خلال الفنان أوغست ماكه، لكون الأخير كان متزوجا من أبنة أخته، وتوجه لجمع الأعمال الفنية، فكانت مقتنياته تحتوي على أعمال عالمية وألمانية ومن ضمنها لوحات لباول سيزان، فنسنت فان كوخ، مارك شاغال وبابلو بيكاسو إضافة الى بعض أعمال كاندينسكي وماكه ومارك، قام الغاليري بشرائها، واضعا بذلك أساس "جناح الفن الحديث" الذي أزداد تألقا من خلال إلحاق جناح جديد به على شكل مكعب لعرض أعمال الفنانين الألمان المعاصرين وغيرهم .
أعمال فناني "الفارس الأزرق" تبقى هي المهيمنة على هذا الغاليري، حيث تم إقتناء العديد منها من قبل إدراة المتحف، علما بأن تسمية "حركة" لا تنطبق على الفنانين الذين التحقوا بـكاندينسكي وفرانز مارك بهدف إصدار مجلة للفن التشكيلي تحمل الإسم الذي أطلق لاحقا على المساهمين فيها، رغم كونهم ينتمون لمدارس فنية حداثية مختلفة، غير أنهم قرروا أثناء الإعداد لصدور العدد الأول من المجلة أن يقيموا معرضا تحت عنوان "الفارس الأزرق". ومن الملفت للنظر أن هذا المعرض كان يحتوي أيضا على لوحات للموسيقارالنمساوي الكبير أرنولد شونبيرغ. أما تسمية الفارس الأزرق فقد جاءت حسب كاندينسكي نتيجة لمشاركته مارك في حب اللون الأزرق، إضافة لحب مارك للجياد، وحبه هو للفروسية.
وسيبقى لينباخهاوس مغلقا الى صيف 2012، حيث سيطل على زواره في حلته الجديدة، وربما سيفاجئهم بمقتنيات أخرى، تأكيدا على الصفة التي أكتسبها خلال عشرات السنوات الماضية كـ "معبد للحداثة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف