ثقافات

روني بلوم: المسرحية الموسيقية في لندن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
للباحث السويدي: روني بلوم
ترجمة وإعداد: فاضل الجاف
تعود جذور المسرح الموسيقي في بريطانيا إلى آواخر القرن المنصرم، حيث تمّ تقديم أول مسرحية موسيقية كوميدية متكاملة عام 1892 تحت عنوان "في المدينة" لمؤلفها "اوسمان كار". ثم أعقبت ذلك سلسلة من العروض الموسيقية الكوميدية التي كان معظمها يدور حول حياة فتاة جميلة وهي تجتاز الصعاب وتتعرض للمقالب. وليس أدل على ذلك من عناوين تلك المسرحيات نفسها،مثل" فتاه الهوى" و"الفتاة البائعة" و"فتاة ريفية" و"الفتاه الهاربة" و"فتاة الحانة".ويرى المؤرخون ان مدينة لندن كانت أرضا خصبة لتطور وإزدهار المسرحية الموسيقية الإنكليزية والأميركية على حد سواء. على الرغم من ان الدراما الموسيقية الأميركية شهدت حالة نهوض أسرع من الدراما الموسيقية البريطانية، خصوصا في مطلع القرن المنصرم.
ويعتقد البعض ان الجمهورالبريطاني قد ساهم بشكل فعّال في تطوّر المسرحية الموسيقية الأميركية التي حققت نجاحاتها الأولى عندما تمّ عرض مسرحية " فتاة نيويورك الجميلة" عام 1897 في لندن. حيث حظيت بنجاح باهر، وكان إقبال الجمهور اللندني على العرض شديدا مما أدى إلى إستمرار العرض لأكثر من عام. وكانت هذه أول مسرحية موسيقية اميركية تعرض لأكثر من عام واحد.
إن المسرح الموسيقي البريطاني لم يشهد تطورا ملحوظا ونهوضا فنيا منذ خمسة عقود حتي مطلع السبعينات من القرن المنصرم، وخلال هذه الفترة الطويلة ظلت المسرحية الموسيقية رغم كل شئ إنجازا أميركيا بحتا في خارطة الحياة المسرحية الأميركية للقرن العشرين.
وتتمثل حالة نهوضها في الكم الهائل للعروض المسرحية، إلى درجة ان عدد افتتاحيات العروض الجديدة وصل الى أربعة عروض كل أسبوع من أسابيع شهر أيلول من عام 1925.
إن إنتعاش الدراما الموسيقية تركز بالدرجة الأولى في مدينة نيويورك.
وقد بلغ هذا الإنتعاش أوجّه خلال الخمسينات والستينات. وكان معظم العروض ينقل إلى الويست إند بلندن، لتستمر لفترات طويلة تجاوزت العام الواحد في معظم الأحوال.
وتشكل السبعينات حالة إزدهار ونموّ المسرحية الموسيقية في الويست إند. ويكاد يكون تنوّع الأعمال الدرامية سمة مميزة لنتاجات هذه المرحلة. فخلال هذه الحقبة الزمنية تعوّد المتفرج اللندني على مشاهدة المسرحيات الموسيقية الضخمة ذات المواضيع الجديّة من أمثال: "إيفيتا" و"أوكلاهوما" و" المسيح النجم الخارق" و"إيرينا" ففي المسرحية الموسيقية "إيفيتا" مثلا، طرأ تغيير كبير على نوعية القصص والمضامين المتداولة في مثل هذا الطراز المسرحي.
مسرحية إيفيتا
هذه المسرحية الموسيقية التي عرضت على مسرح " الأمير إدوارد" تدور حول جنون ومظالم الجنرالات والقادة العسكريين، بالإضافة الى أصناف اخرى من المظالم التي عانى منها الشعب الأرجنتيني. وتنفرد عقدتها الاساسية بتناولها الصراع حول السلطة من بين المسرحيات الموسيقية الأخرى.
إن تاريخ العروض الدرامية الموسيقية شهد إزدهارا سريعا في السبعينات، لامس هذا تذوق الجمهور وحماسه المتأجج في إستقبال العروض ذات المضامين الجديدة.
فمثلا، عندما جرى عرض مسرحية "أوكلاهوما" لأول مرة على مسرح " دروري لين" لم يكن النقاد يتوقعون لها نجاحا جماهيريا واسعا في لندن، رغم نجاحها في برودواي عام 1943.
وكان السؤال الذي يتردد على ألسن الجميع هو: كيف يمكن لمسرحية موسيقية أن يكتب لها النجاح، من دون مشاركة عدد من الحسناوات شبه العاريات، لاسيما ان المسرحية تضم جريمة قتل في مشاهدها الأخيرة. أو كيف يمكن للمسرحية أن تحقق النجاح، وهي تدور حول حياة رعاة البقر وفلاحي غرب أميركا. وقد جاء عرض "إيفيتا" ليفنَد مثل هذه التصورات السطحية عن المسرحية الموسيقية، فقد أثبت عرض " إيفيتا" مدى نجاح المسرحية الموسيقية في تناول المضامين الجادة وتحقيق النجاح الجماهيري في آن معا.
ولعل مسرحية " إيفيتا" التي جاءت كثمرة فنية للعمل المشترك بين المؤلف الموسيقي الشهير " أندريو لويد ويبر" والشاعر" تيم ريس" هي المسرحية الوحيدة التي يمكن إعتبارها صنوا لأوكلاهوما" فيما يخص النجاح الجماهيري.
فهذه المسرحية الموسيقية التي حازت على أربعين جائزة عالمية، نزلت كالصاعقة على مسرح "الأمير إدوار" في الحادي والعشرين من حزيران عام 1978. ولم يكن بالإمكان إيجاد مقعد فارغ في صالة العرض إلا بعد 78 أسبوعا من العرض الإفتتاحي. وفي عام 1980 أنتقل العرض الى برودواي.
مضمون المسرحية
تتناول "إيفيتا" سيرة حياة فتاة فقيرة بإسم ماريا إيفا دي بيرون، ترعرت في كنف البؤس والحرمان، ثم جاءتها الفرصة لتتزوج رئيس الدولة الأرجنتينة. وقد عرف عن ماريا حبها للأعمال الخيرية وعطفها على الفقراء، بالإضافة الى سحرها وجمالها وموتها المبكر. كل هذه العوامل مجتمعة خلقت لها اسطورة شعبية بين الناس.
وتتجلى أهمية إيفيتا في إضافاتها الفنية على عدة مستويات. فهي أصلا مسرحية موسيقية أوبرالية تضم مختلف الإيقاعات الموسيقية الجيّاشة.
فإلى جانب الإيقاعات الحيوية النابعة من أجواء اميركا اللاتينية، هنالك الموسيقى الكلاسيكية المستلهمة من أعمال تشايكوفسكي، بالإضافة الى مقطوعات متنوعة من الفالس وموسيقى البوب، ناهيك عن صدى أجراس الكنائس و إيقاعات مراسيم طقوس القداس، خصوصا في مشهد تشييع جنازة إيفيتا.
مسرحية القطط
الطريف في الأمر ان نقاد المسرح في لندن تملكهم الشك والريبة عندما صرّح المؤلف الموسيقي الشهير "أندريو لويد ويبر"عن عزمه على تحويل نص بإسم كتاب "القطط المحتالة" للشاعر الإنكليزي ت.س إليوت إلى عرض موسيقي.
حينئذ برز سؤال منطقي حول مدى إمكانية خلق مسرحية ناجحة عن مجموعة من القطط. لكن المؤلف الموسيقي أندريه لويد ويبر إنطلق من مفهوم واضح وهو : إن مجتمع القطط مثلهم كمثل المجتمع الإنساني، فالقطة مثلي ومثلك.
تريفور نن مخرجا للقطط
إزدادت توقعات النقاد بفشل المسرحية عندما أعلن عن إسم مخرج المسرحية، وهو "تريفور نن" المخرج الدرامي الذي لم يكن يمتلك تجربة وخبرة تذكر في مجال المسرحية الموسيقية.
ويمكن القول أن المخرج تريفور نن الذي أشتهر بإخراجه الأعمال الكلاسيكية في فرقة شكسبير الملكية ثم عمل مديرا للمسرح القومي بلندن ساهم هو الآخر في دفع عجلة تطوير المسرحية الموسيقية بإخراجه المتميز مسرحية القطط، من خلال نقل تجاربه الإخراجية في فرقة شكسبير الملكية الى مسارح ويست إيند.
وكانت خطة تريفور نن الإخراجية تنطوي على خلق ما يسمى بالمسرح الشامل في عرض مسرحية القطط، حيث لجأ إلى إستخدام لوحات الرقص المدهشة في المشاهد الدرامية البحتة، بالإضافة الى إبتكار المواقف الكوميدية والميلودرامية.
عروض مسرحية موسيقية من برودواي الى الويست إند
وصلت عروض المسرحيات الموسيقية الى لندن في مطلع السبعينات عندما عرض المخرج "جوزيف باب" مؤسس مهرجان شكسبير في نيويورك مسرحيته الموسيقية الشهيرة " سيدان من فيرونا" في لندن.
هذه المسرحية الموسيقية الخفيفة والنابضة بروح المرح والدعابة، ولدت وترعرت في كنف حافلة لنقل الممثلين أثناء جولات الفرقة المتواصلة للمسارح الاميركية.
أما الأغاني الشجية التي بلغ عددها أربعين أغنية فقد نظمت ولحنت أثناء السفر و قطع المسافات والطرق الطويلة.
كانت المسرحية الموسيقية " سيدان من فيرونا" مثالا صارخا لحيوية الفن الشكسبيري وعمق طروحاته الإنسانية التي تتجذر حتى في اكثر انواع الفنون الدرامية الموسيقية تسلية ، بل ان مخرجا كبيرا مثل "تريفور نن" استلهم من هذا العرض أفكار عديدة في اخراجه مسرحية " كوميديا الأخطاء"
مسرحية كورس في طابور
أما المسرحية الموسيقية الأخرى من برودواي فكانت مسرحية "كورس في طابور" للمؤلف الموسيقي "مارفين هامليش"، وأحدثت ضجة ونجاحا كبيرين أيام عرضها على مسرح دروري لين عام 1976.
وما يثير العجب في المسرحية الموسيقية هو إفتقارها تماما الى حبكة محكمة. فهي تنطوي على أغنية واحدة فقط تستحق الذكر. أما قصتها فتدور حول مجموعة من الناس يقفون في صف واحد على شكل كورس، وهم بإنتظار إجراء إختبار للمشاركة في مسرحية موسيقية.
وفي الختام يقع الإختيار على 17 منهم، ثم يقوم كل فرد منهم بسرد قصة حياته ضمن أغنية جماعية طويلة.
حازت مسرحية " كورس في طابور" على جائزة بوليتزر في أميركا. أما في لندن فقد حازت على جائزة إيفننغ ستاندارت، وفي عام 1985 تحولت المسرحية الى فيلم سينمائي.
وللمسرح الموسيقي " ميوزيكال" فن يتطور بسرعة مذهلة، وهو يجتذب إهتمام الجمهور يوما بعد يوم. ولا يخفى ان المسرحيات الموسيقية الكبيرة من أمثال: " إيفيتا "و أوكلاهوما" وغيرها من عروض السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم خلقت آفاقا رحبة للمسرحيات الضخمة مثل"البؤساء" و " مسز سايغون" و" شيكاغو" التي فازت بجائزة أحسن مسرحية موسيقية لعام 1997 في لندن.
المسرحية الموسيقية في لندن الثمانينات
إذا كانت مرحلة الثمانينات مرحلة إزدهار ونهوض للمسرحية الموسيقية في لندن، فإنها في الوقت نفسه تشكّل مرحلة تدهوّر وإنتكاس لمسارح برودواي.
ويرى العديد من النقاد ان سبب ذلك يعود إلى التغيير الجذري الذي طرأ على مضمون هذا النوع من الدراما، والذي أثّر تاثيرا نوعيا على درجة تذوق وإقبال الجمهور على المسرحيات الموسيقية ذات المضمامين الجادة والهادفة بدلا من الكوميديات الموسيقية الفجّة. فالمسرحيات الموسيقية الفخمة من أمثال" مسيح النجم الكبير" وإيفيتا" و" القطط" أحدثت إنقلابا في الذوق السائد لدى محبي الدراما الموسيقية طوال السبعينات، ممهدة بذلك السبيل لظهور عروض موسيقية ضخمة ذات مضامين إنسانية من أمثال" البؤساء" و "شبح الأوبرا"
وتحاول البرودواي منذ السبعينات الخروج من أزمتها عن طريق إيجاد حلول عملية تكتسب بها جمهورا عريضا أسوة بمسارح الويست إند.
ويعتقد بعض النقاد أن عبقرية المؤلف الموسيقى أندريو لويد ويبر تقف وراء تطوّر المسرحية الموسيقية في بريطانيا.
فهذا المؤلف الموسيقى الكبير المولود عام 1948 من عائلة موسيقية، هو مؤلف أشهر العروض الموسيقية التي مازالت تقدّم طوال عدة عقود مجتازة بذلك القرن المنصرم الى قرننا الحالي.
وليس من باب المصادفة أن أطلق عليه النقاد لقب ملك المسرح الموسيقي، فهو مؤلف أشهر المسرحيات الموسيقية من أمثال: " المسيح النجم العظيم" و" إيفيتا" و" شبح الأوبرا"
ويقول ويبر عن عمله الإبداعي:
إنني أحاول في أعمالي الدرامية أن أجد الصلة الوثيقة بين الموسيقى و النص الأدبي. فالنص الأدبي والموسيقى يجب أن يندمجا في وحدة عضوية.
ففي مسرحية" القطط" بإمكاننا أن نتعرف على شخصية " ديتيرونومي" العجوز بواسطة الموسيقى التي تسبق ظهوره، حيث تجسّد المقطوعة الموسيقية أبعاد الشخصية المذكورة بالإيحاء إلى مقاصدها ونوازعها الداخلية قبل ظهورها على خشبة المسرح.
ويذهب ويبر إلى أن المسرحية الموسيقية في عصرنا الراهن هي بمثابة الأوبرا الكلاسيكية، بعد أن تطور المسرح الموسيقى ليشمل الدراما والتراجيديا أيضا، ولم يعد إطلاقا صنفا من أصناف الكوميديا الموسيقية، كما كانت تسمى في الماضي.
والمعروف عن ويبر انه يستلهم موسيقاه من منابع مختلفة جدا، فهو يغترف من الأغاني والموسيقى الشعبية من تراث أمريكا اللاتينية، ومن الموسيقى الكلاسيكية يستلهم الكثير من من مؤلفات الإيطالي "فيردي" والمؤلفين الروسيين" تشايكوفسكي" و" بروكوفيف"، إلى جانب الموسيقى الكنسية وموسيقى الروك الحديثة.
من كل هذه الأنواع الموسيقية المتضاربة من الموسيقى الكلاسيكية و الكنسية والفولكورية والحديثة يخلق ويبر مؤلفات موسيقية ذات أنغام درامية أسرت ألباب الملايين من البشر.
شبح الأوبرا
تعد مسرحية شبح الأوبرا أكثر أعمال أندريو ويبر رومانسية وعذوبة، بل وأكثرها قربا من روح الأوبرا الكلاسيكية. حيث تكشف التركيبة الموسيقية الضخمة عن روح أوبرالية هائلة تعبر عن الرعب الممتزج باللوعة التي سادت فرنسا في القرن الثامن عشر.
أن قصة شبح الأوبرا مقتبسة من رواية بإسم شبح الأوبرا للكاتب الفرنسي" كاستون لير" وقد قام بإعداد الرواية أندريو لويد ويبر بمشاركة الشاعرين ريتشارد ستيلكو وتشارلز هارت، الذي وضع لها الأغاني.
يبدأ المشهد الإفتتاحي لشبح الأوبرا بعرض للمزاد العلني يتم فيه بيع شخصيات مسرحية ثمينة. وفي سياق ذلك يتطور الحديث إلى شبح تكرر ظهوره في الأوبرا خلال السنين المنصرمة. وعلى حين غرة يظهر الشبح ذاته إلى الوجود، بوجه مشوه يخفيه وراء قناع. وتسبق ظهورالشبح موسيقى درامية تبعث الرعب والهلع، نفهم من خلالها ان الشبح قادم. كما نفهم ان الشبح مغرم بالموسيقى وانه يستمد معنى الحياة منها، فنراه يعزف و يؤلف ألحانا ويستمع الى الموسيقى بعمق. وفي نفس الوقت يعبّر عن كراهيته لكل من يساوم في عالم الموسيقى ويفرط بالقيم الفنية من أجل مصلحته الشخصية. فهو يقف بالمرصاد ضد كل هؤلاء. أما إعضاء الفرقة الأوبرالية فهم يعيشون حالة رعب دائمة خوفا من ظهور الشبح، بإستثاء كريستينا المغنية الأبرالية التي تعرف حقيقة الشبح عن كثب.
هنالك أيضا شخصية الشاب النبيل الذي يطارح كريستينا الغرام، الا ان كريستينا لا تبادله الغرام بنفس القوة.
ولعل أمتع لحظات شبح الأبرا هي تلك التي تلتقي خلالها كريستينا بالشبح. لكن خاتمة المسرحية تحمل مفاجأة مدهشة برجوع كريستينا الى الشاب العاشق وهي خاتمة كثيرا ما تثير النقاش والجدل بين النظارة.
ومهما يكن، فإن الموسيقى الختامية أو بالأحرى موسيقى المشهد الختامي المعبرة عن غيرة الشبح وهو يرى العاشقين معا تعد روعة في التأليف الموسيقى الدرامي.
البؤساء
يتضمن البرنامج السنوي لفرقة شكسبير الملكية أحيانا عروضا لمسرحيات موسيقية شهيرة في الباربيكان" بلندن، وذلك من أجل تغطية نفقات عروضها المكلفة في سترادفورد. وتقوم الفرقة بإنجاز مثل هذه العروض بقصد بيعها إلى مسارح الويست إند. والبرودواي بأسعار عالية جدا تفوق في مستواها حدود الدعم المادي المتلقى من الدولة. ففي عام 1987 جاءت المسرحية الموسيقية الشهيرة" البؤساء" كضربة فنية لفرقة شكسبير الملكية في ميدان المسرح الموسيقي، حيث نال العرض جائزة أحسن مسرحية موسيقية لعام 1987 ثم توالت عليه ثماني جوائز تقديرية.
أخرج المسرحية المخرجان، تريفور نن، مدير فرقة شكسبير الملكية آنذاك والذي أكتسب شهرة واسعة لإخراجه مسرحية القطط، مع المخرج جون كاريد احد أهم مخرجي الفرقة.
في البؤساء سار تريفور نن على خطته الإخراجية التي سلكها في مسرحية القطط وذلك بالإستفادة من خبرته الطويلة في مجال ما يسمى بالمسرح الشامل، أي المسرح الذي يشمل كل انواع التعابير المسرحية والوسائل الدرامية والأشكال الفنية، بما في ذلك الأداء الجسدي الشائع في عروض فرقة مسرح شكسبير الملكية.
ومسرحية" البؤساء" الموسيقية معدة عن رواية البؤساء الشهيرة للكاتب الفرنسي" فيكتور هوغو"، وفي رواية هوغو المكتوبة عام 1862 نلتقي بجان فالجان الذي يطلق سراحه بعد مكوثه في السجن تسعة عشر عاما لسرقته رغيف خبز، لكن فالجان يخرج من السجن ليواجه فرنسا غارقا في الفقر والحرمان، فيضظر إلى سرقة بعض الأواني الفضية من القس الذي يعطف عليه بالطعام والمأوى، وعندما تلقي الشرطة القبض عليه يبادر القس بإنقاذه من محنته، متظاهرا بإن الأواني الفضيه كانت هبة منه. الا ان رجل الشرطة لا يقتنع بكلام القس بل يمضي في ملاحقة جان فالجان.
هنالك أيضا شخصية الفتاة اليتيمة " كوسيت" التي يتولى جان فالجان رعايتها منذ الطفولة، كأبنة حقيقة له، ثم تقع في غرام الشاب ماريو الذي ينقذه جان فالجان من الموت الحتمي.
ولعل خاتمة المسرحية، كما هي الحال في شبح الأوبرا، هي أمتع وأجمل ما فيها. حيث يتمزج فيها الواقع بالحلم، بعد أن يكون قد مضى على موت جان فالجان زمن طويل. حيث نرى جميع أشخاص المسرحية من الموتى والأحياء حاضرين على المسرح في لوحة فنية مؤثرة. أما الأغاني والألحان الموسيقية فتبلغ ذروتها الدراميمة في هذا المشهد.
ويكمن سر شغف المتفرج الانكليزي بمسرحية البؤساء الموسيقية في كونها قريبة جدا من أجواء روايات ديكنز ذات الأحداث المؤثرة والمفاجآت الميلودرامية. الا أن البؤساء، بالإضافة ألى كل ماجاء ذكره، تعكس رؤية ثورية في إنتقادها الأوضاع الإجماعية وفساد المؤسسات الإدارية. أما حبتكتها المسرحية فتحتوي على مشاهد متنوعة، إجتماعية وكوميدية ساخرة، ولوحات جماعية لمجاميع كبيرة، بالإضافة ألى مشاهد الحب ولقاء العاشقين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المسرح الاستعراضي
سردار -

عزيزي الأستاذ فاضل جاف ليس هناك المسرح الموسيقي بل هناك المسرح الاستعراضي أو المسرح الغنائي مثلما هناك الفلم الاستعراضي، ثم ان عنوان المقال يجب أن يكون المسرح الموسيقي أو الغنائي أو الاستعراضي، وليس المرحية الموسيقية، لأنك لا تتحدث عن مسرحية واحدة فقط

المسرح الاستعراضي
سردار -

عزيزي الأستاذ فاضل جاف ليس هناك المسرح الموسيقي بل هناك المسرح الاستعراضي أو المسرح الغنائي مثلما هناك الفلم الاستعراضي، ثم ان عنوان المقال يجب أن يكون المسرح الموسيقي أو الغنائي أو الاستعراضي، وليس المرحية الموسيقية، لأنك لا تتحدث عن مسرحية واحدة فقط