ثقافات

الحلقة التاسعة من رواية جيمس جويس: يولسيس

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

اقرأ أيضا: يوليسيس: رواية القرن العشرين ترجمة صلاح نيازي

مهذّباً، بَربرَ أمين المكتبة "الفرندزي"(1) لطمأنتهم:
-أليست بين أيدينا أوراق ولهيلم ميستر(2) التي لا تقدَّر بثمن من كتاب غوته. شاعر عظيم يكتب عن زميلٍ شاعر عظيم. روح مترددة تشهر السلاح بوجه بحرٍ من الشرور تمزّقها وساوس متضاربة(3)، كتلك التي يراها الإنسان في الحياة الحقيقية.
تتقدم خمس خطوات في حذاء يجزّ(4) وخمس خطوات إلى الخلف على الأرض المقدّسة.
فتح خادم لم يُسمعْ له صوت، الباب وقام بانحناءة قليلة بلا ضوضاء.
-مباشرة، قال، صارّاً ليذهب، وإن كان متريثاً. الحالم الجميل العديم المفعول الذي فشل في مواجهة الحقائق الناصعة.(5) يشعر الإنسان دائماً أن أحكام غوته صادقة جدّاً. صادقة في التحليل الأوسع.
تحليل يجزُّ مرتين وذهب راقصاً(6) أصلع، متحمّس جداً وعند الباب أعطى كل أذنه الكبيرة لكلمات الخادم: سمعها: وذهب.
بقي اثنان.
-المسيو دي لا باليس، كان حّياً قبل خمس عشرة دقيقة من وفاته(7)، نخر ستيفن.
-هل وجدت هؤلاء الطلبة الطبيين الستة(8)، تساءل جون اغْلنتون(9) بمِرّة رجل مسنّ، ليكتبوا "الفردوس المفقود" يا ملائك. دعا روايته "أحزان الشيطان"(10)
ابتسمْ آبتسمْ ابتسامة كرانلي.
"داعبْها أوّلا
ثمَّ ربَّتها
ثمَّ أدخل الأنبوب
لأنه كان طبيياً
طبيـ.. رائع متمرس(11)
_ أشعر أنك بحاجة إلى واحد آخر لهاملت. الرقم سبعة عزيز على الفكر الصوفي(12). الكواكب السبعة المضيئة يدعوها دبليو. بي. ييتس(13).
رأس (جون إغلينتون) ذو الشعر الأحمر والعينين اللمّاعتين القريب من مصباح طاولته مكللّة بغطاء أخضر بحث عن وجهٍ ملتحٍ وسط ظلّ داكن الخضرة، سيد الشعر ذي عينين خارقتين(14). ضحك بخفوت: ضحكة التلميذ الخادم(15) في كلية ترنتي: لم يجبه أحد.
"شيطان متناغم يبكي على أكثر من صليب
دموع كدموع الملائكة(16)
وجعل من إسته بوقاً"(17)

يحتجز حماقاتي رهينة.
أحد عشر شخصاً مخلصاً من "ويكْلومِنْ"(18) يستطيعون أن يحرروا إيرلندا، كما يقول كرانلي. كاثلين العجوز المفلّجة الأسنان(19) ومقاطعاتها الأربع الخضر الجميلة، وغريب في بيتها. وواحد آخر للسلام عليه:(20) وقّبله. والثاني عشر(21) من مدينة تيناهيلي. في "ظلّ الوادي"(22) صَفَر لهم. أعطيته شباب روحي ليلة بعد ليلة رحلة موفقة. حظٌّ سعيد.
تسلّم ميلغَنْ برقيّتي.
جنون. لنستمرّ.
_ شعراؤنا الشباب الإيرلنديون، قال جون أغلينتون مستعيباً، لم ينجبوا شخصاً يضعه العالم بموازاة هاملت - شكسبير الإنكليزي ولو انني معجب به، كما فعل بِنْ (جونسون) المعروف، ولكن ليس لدرجة العبادة(23).
كل هذه الأسئلة نظرية صرف، تكلّم "رَسُلْ" وكأنْ بإيحاء.
أعني، أسواء كان هاملت هو شكسبير أم جيمس الأوّل أم أسِكْسْ(24). مثل مناقشات رجال الدين حول حقيقة المسيح في التاريخ(25). لابدَّ للفن أن يكشف لنا الأفكار وجوهر الأشياء الروحية الذي لا نهاية له(26). السؤال بشأن عمل فنّي وهو عمق ما يفجّره من حياة. الرسم لدى كوستاف مورو(27) هو رسم الأفكار. وأعمق كلمات شيللي(28) وأعمق كلمات هاملت توصل عقولنا بالحكمة الأبدية، عالم أفكار أفلاطون(29) وما تبقّى تخمين طلبة لطلبة.
كان الشاعر ييتس يذكر ذلك لأحد الأساتذة الجامعيين الأمريكيين اللعنة عليَّ.
_ الأساتذة اللاهوتيون في العصور الوسطى كانوا طلاب مدارس في المرحلة الأولى، قال ستيفن بأدبٍ جمّ. كان أرسطو في يومٍ ما تلميذ أفلاطون. نراه، مثال التلميذ وشهادة الدبلوما تحت إبطه.
ضحك ثانية مع الوجه الملتحي المبتسم الآن.
جوهر الأشياء الروحية الذي لا نهاية له. الاب، الكلمة والروح القدس. المسيح(30) ذو الطبيعة البشرية والسماوية. المسيح(31) ساحر الأشياء الجميلة، كلمة الله الذي يتعذّب فينا في كل لحظة. لا ريب إنه ذاك. أنا النار على المذبح. أنا الزبد القرباني.(32)
دنلوب(33) وليم جَجْ(34)، أنبل روماني بين الرومانيين(35)، رَسُلْ. مذهب الارفال Arval(36) الاسم الذي يحرّم ذكره، في السماء العالية: كوتْ هومي، سيدّهم، وهويته ليست سّراً على الخبراء. أخوان "المحفل الأبيض العظيم"(38) يتحينون للمساعدة. المسيح مع الأخت العروس، يعمّدها بماء نوره، وُلِد لعذراء نُفِخَتْ فيها روح، صوفيا التائبة، رحلت إلى عالم الكمال البوذي(39) الحياة في عالم الكمال البوذي(40) ليست للفرد العاديّ. الفرد العادي يجب أن يتخلص من "الكرما"(41) السيئّة أوّلاً. لمحت المسز كوبر أوكلي(42) مرة الجزء الأسفل بالذات من الأخت الشهيرة هيلين بتروفنا بلافاتسكي.(43).
آه، تعساً. تباً تفْ.(44) يا لعار الشيطان(45)! يجب ألا تنظري، يا آنسة، كذا لا تنظري عندما يظهر الجزء الأسفل من السيدة.
دخل المستر بيست،(46) شاباً، ودوداً، خفيفاً. حمل بيده برشاقة دفتر ملاحظات، جديداً، كبيراً، نظيفاً، لماّعاً.
_ ذاكُ الطالب النموذجي(47) قال ستيفن، سيجد تأمّلات هاملت في روحه الفاخرة بعد الموت في المناجاة غير المحتملة والقليلة الشأن وغير الدرامية ضحكة، كضحالة مناجاة إفلاطون.
اغلنتون عابساً، ويزداد حنقاً:
_ قسماً دمي يفور حينما أسمع شخصاً ما يقارن بين أرسطو وإفلاطون
_ أيًّ من الاثنين، تساءل ستيفن، سينفيني من جمهوريته.(48)
إشهرْ خنجر تعاريفك.(49) كيان فرس جزء تقريبي من فكرة فرس(50) يعبدون شعاع الكواكب السيارة والفيوضات الإلهية(51) يا لله، ضجة في الشارع(52) مشّائية أرسطو طاليسية للغاية. المكان: هو ما تضطرّ إلى أن تراه.(54) من خلال أمكنةٍ أصغر من كريات دم الإنسان الحمر،(55) يزحفون خلف ردفيْ بليك إلى السرمدية يكون فيها العالم النباتي هذا مجرد صورة باهتة. تشبّث بالآن، بالهُنا، فعبرهما يدخل المستقبل إلى الماضي(56)
_ لقد ذهب "هين"، قال.
_ حّقاً؟
_ كنت أريه كتاب "جوبينْفل"(57). إنه متحّمس جداً، ألا تعرف شيئاً من أغاني حب كوناتش، لهايد؟(58) لم استطعْ جلبه إلى هنا ليستمع إلى النقاش. ذهب لمكتبة "ِجِلْ"(59) لشرائه.
"لقد صمّمتك يا كتيّبي، لنسرعْ
للترحيب بالجمهور القاسي
كتبتك ضد رغبتي
بإنكليزية ضعيفة بغيضة"(60)
_ دخان الخّث أطاش برأسه رأسه، اعتقد جون اغلنتون.
نحن نحسّ بلندن. لصّ تائب. رحل. أنا أدّخن تبغه. حجرٌ أخضرُ متلألئ. فصّ زمرّدي في خاتم البحر.(61)
_ الناس لا يعرفون كم تكون أغاني الحب خطرة. بيضة "رَسُلْ" الذهبية تنذر بصورة غامضة. الحركات التي أقامت الثورات في العالم(63) وُلِدُتْ من أحلام ورؤى في قلب فلاح على التلّ. الأرض بالنسبة لهم ليست تربة تُستغلّ وإنما الأمّ الحية. الأجواء النقية في المعاهد الأكاديمية والميادين أنتجت الرواية التجارية الرخيصة،(64) والأغنية الاستعراضية. أنجبت فرنسا أجمل وردةِ تعفّن متمثلة بمالارميه،(65) إلا أن الحياة المبتغاة لم تُكشف إلا لمساكين القلوب،(66) حياة "الفيسيانيين" في ملحمة هوميروس.(67)
من تلك الكلمات أدار المستر بيستْ وجهاً غير مهان إلى ستيفن.
_ ألا تدري، قال، أن مالارميه كتب قصائد النثر المدهشة تلك، وكان ستيفن ماكينا(68) يقرأها علينا بباريس. القصيدة عن هاملت.(69) قال: "يمشي بطريقة متأنية وهو يقرأ الكتاب عن نفسه".(70) وصف مسرحية هاملت التي مُثَّلت في مدينة فرنسية صغيرة، ألا تدري مدينة ريفية صغيرة. أعلنوا عنها.
كتبت يده الطليقة برشاقة إشارات صغيرة في الهواء.

هاملت
أو
مخبول
مسرحية لشيكسبير(71)
أعاد على جون اغلنتون الذي بدأ عبوسه يتجمع من جديد.
_ مسرحية لشيكسبير، ألا تدري. فرنسية تماماً. وجهة نظر فرنسية. هاملت أو...
_ الشحاذ. الذاهل،(72) قال ستيفن منهياً الكلام.
ضحك جون إغلينتون.
_ نعم أظنّ ذلك، قال. أناس رائعون، لاشكّ، ولكنهم قصيرو النظر في بعض الأمور بصورة مؤسفة.
"مبالغة فخمة وبليدة في الجريمة"(73)
_ جلاد الروح، أسماه روبرت غرين(74)، قال ستيفن. ليس عبثاً أنْ كان آبن القصّاب(75) يستخدم فأس القتال،(76) وبصق في راحة يده. أهلكت تسعة أرواح من أجل والده الفرد.(77) "أبانا الذي" في المطهر.(78) الهاملتيون الخاكيّون لا يتوانون عن القتل.(79) المجزرة في الفصل الخامس(80) هي نذير لمعسكرات الانتقال التي ألف عنها المستر سوينبرن.(81)
كرانلي، وأنا حاجبه الصامت، نتابع الحرب عن بعد.
لم نترك شاباً ولا أُمّاً
لأعدائنا القتلة.(82)
بين ابتسامة الانكليزي وصرخة الامريكي.(83) بين المطرقة والسندان.
_ إنه سيعتقد أنها قصة أشباح، قال جون للمستر لصالح بيستْ. مثل الولد السمين في روايته pickwick(84) يريد أن يجعل لحم أبداننا يقشعرّ
أصغِ! أصغِ! أصغِ!(85)
لحم بدني يسمعه: متنملاً، يسمعه.
إذا كنت (قد أحببت أباك) أبداً...
_ ما تعريف الشبح؟(86) قال ستيفن بقوة واخزة. شخص يدخل باللاّ حسّ جراء الموت، جرّاء الغياب، جرّاء تغيّر التصرفات. لندن الالينرابيثية تبعد عن ستراتفورد(87) بقدر بُعْدِ باريس الفاسدة عن دبلن العذراء. مَنْ هو الشبح الذي عاد من الحبس(88) إلى العالم الذي نسيه؟ مَنْ هو الملك هاملت؟
غيّر جون إغلنتون جسده الهزيل، ومال إلى الخلف حتى يحكم. غيّر لهجته.
في هذه الساعة في يومٍ في منتصف يونيو/ حزيران قال ستيفن متوسلاً إليهم بنظرة سريعة الإصغاء. العلم مرفوع(89) على المسرح عند الشاطئ الجنوبي لنهر التيمز. الدبّ ساكرسون(90) يهرّ من وجاره بالقرب منه، حديقة باريس. البحّارون(91) الذين أبحروا مع "دريك"(92) يلوكون ساندويشاتهم(93) بين المقاعد الرخيصة في المسرح.
صبغة محليّة.(94) إعملْ بكل شيء تعرفه. أشركْهم معك.
_ خرج شيكسبير من بيته هوكونوت(95) في شارع سِلْفَرْ وسار بالقرب من حظيرة البطوط على طول ضفة النهر، ولكنّه لا يتوقف لإطعام التمّ الأم وهي تسرع بفراخها صوب البردي. كان شيكسبير(96) يفكّر في أشياء أخرى.
الرياضة الروحية الأولى تصوّر المكان. يا اغناتيوس لويولا(97) أعنّي!
_ تبدأ المسرحية. يأتي الممثّل تحت السقف الخلفي للمسرح(98)، بكامل البّزة العسكرية(99( وهي من هدايا النبلاء، قويّ البنية بصوتٍ جهير.(100) إنه الشبح، الملك، ملك ولا ملك،(101) والممثّل شيكسبير(102) الذي درس هاملت طيلة حياته(103) التي لم تكنْ عبثاً أن يمثّل دور الشبح. يُلقي الكلمات على الممثّل بيريج،(104) الممثل الشاب الذي يقف أمامه على الجانب الآخر من القبر،(105) يناديه باسمه:
هاملت أنا طيف أبيك.(106)
يأمره أن يصغي.(107) لآبن تكلّم، آبن روحه، الأمير، هاملت الشاب، وإلى آبن جسده، هامنت(108) شيكسبير، الذي مات في ستراتفورد، وأن سميّه قد يعيش إلى الأبد.
هل من الممكن أن الممثل شيكسبير، شبح بالغياب، وبملابس ملك الدنمارك المدفون، شبح بالموت، يتكلم كلماته ذاتها إلى اسم ولده، ولده هو (لو كان هامنت قد عاش لكان توأم الأمير هاملت) هل من الممكن، أريد أن أعرف، أو هل من المحتمل أنه لم يستنتج أو يتنبأ بالنتيجة المنطقية لتلك الفرضيات: أنت الآبن المخلوع: أنا الأب القاتل: أمّك هي الملكة المجرمة.(109) آن شيكسبير كان اسمها لدى الولادة هاثاوي.(110)
_ لكنّ هذا تطفّل على حياة عائلية لرجل عظيم، قال "رَسُلْ"
صبراً.
أما زلت هناك(111) أيّها الرجل الصادق؟
_ لا تهم إلا كاتب الأبرشية. أقصد لدينا المسرحيات. أقصد حينما نقرأ الشعر في مسرحية الملك لير ما الذي يعنينا كيف عاش الشاعر؟ بالنسبة إلى العيش "فإن بإمكان الخدم أن يقوموا بذلك بالنيابة عنا"، كما قال الشاعر فليه دي ليل(112) آسترقاق النظر، والتصنّت إلى ما يدور من أحاديث بين الممثلين في ساعة راحتهم في الغرف الخضراء،(113) سكر الشاعر، ديون الشاعر. لدينا مسرحية الملك لير: وهي خالدة.
ناشد وجه المستر بيستْ فاتفق معه.
"أغمرهم بأمواجك وبمياهك
يا إله البحر مانانان،
مانانان مالكير..."(114)
ما معنى هذا، يا هذا،(115) ذاك الجنيه(116) الذي أقرضك إياه يوم كنتَ جائعاً؟
بحقّ السماء أريده.
خذْ هذه الدراهم
إغربْ! لقد صرفت معظمها في فراش جورجينا جونسون،(117) ابنة الراهب. تبكيت ضمير.(118)
هل تنوي إرجاعها؟
إي، نعم.
متى؟ الآن؟
طيّب.... لا.
متى، إذن؟
لم استدنْ. لم استدنْ
هدّئْ من روعك. إنه من وراء نهر بوين.(119) الزاوية الشمال شرقية. عليك أن تدفع
انتظر. خمسة أشهر. الذرات تتغير جميعاً. أنا الآن أنا آخر. أنا الآخر اقترض الجنيه.
بخٍ. بخٍْ(120)
بما أني الحقيقة التامة. صورة الصور،(121) فأنا بالذاكرة، لأني تحت صور متغيرة.
أنا الذي أثمت، وصلّيت، وصُمْتُ.(122)
الطفل كونمي أُنقذ من جلد اليدين.
أنا، أنا، وأنا، انا.(123)
A. E. I. O. U.(حروف العلة الخمسة التي تشكل حكاية ديْن ستيفن لجورج رسل)
_ هل تنوي أن تقف بوجه عُرْفِ ثلاثة قرون؟ سأل الصوت العيّاب لاغلنتون. شبحها في الأقل سكن إلى الأبد. ماتت،(124) من أجل الأدب في الأقل، قبل أن تولد.
_ ماتت، أجاب ستيفن بعد سبع وستين سنة من ولادتها. رأته يدخل ويخرج من العالم. تلقّتْ أولى احتضاناته. حملتْ أطفاله ووضعت بنسات على عينيه لكي تغلق جفنيه حينما رقد على فراش الموت.
فراش موت الأم. شمعة. المرأة المحجوبة.(125) التي جاءت بي إلى هذا العالم ترقد هناك، داكنة الجفنين، تحت أزهار قليلة رخيصة. ألا اجتمعت حولك حشود المعترفين المتلألئة مثل الزنابق.(126)
بكيت وحدي
نظر جون اغلنتون إلى الفتيل المتحابك في مصباحه.
_ يعتقد العالم أن شيكسبير وقع في غلطة، قال، ولكنّه خرج منها بأسرع وأفضل ما يمكن.
_ هراء! أجاب ستيفن بفظاظة. الرجل العبقري لا يقع في أغلاط. أخطاؤه إرادية، وأبواب اكتشاف.(127)
أبواب اكتشاف فُتِحتْ ليدخل منها أمين المكتبة "الفرندزي" ذو القدم الناعمة الصرير، أصلع، مصمّغ الأذنين، مثابراً.
_ امرأة نمرة، قال جون اغلنتون بنباهة، ليس باباً نافعاً للاكتشاف، كما يجب علينا أن نتصور. أي اكتشاف نافع تعلّمه سقراط(128) من زوجته زانثيب(129)
_ المحاكمة العقلية، أجاب ستيفن، ومن أمّه كيفية جلب الأفكار إلى العالم.(130) ما الذي تعلّمه من زوجته الأخرى "ميرتو" (دع الاسم يكون منسياً!).(131) أخت روح سقيرْيط، ما من رجل ما من امرأة سيعرف أبداً.(133) لكن لا معارف القابلة ولا ولا خطب الزوجة الليلية،(134) أنقذته من رؤساء(135) "الشن فين" ومن سمّ الشوكران.
_ لكن آن هاثاوي؟ قال صوت المستر بيستْ الهادئ بإهمال. نعم يبدو أننا نسيناها، كما نسيها شيكسبير.
انحدرت نظرته من لحية المستغرق في التفكير إلى جمجمة العيّاب، ليذكَّر، ليوبخهما بفظاظة، ومن ثمَّ إلى رأس المهرطق الأصلع الوردي، برئ ولو أنه متهم.(136)
_ كان قليل الفطنة، قال ستيفن، ولديه ذاكرة غير غائبة(137). كان يحمل ذكرى في حقيبة سفره،(138) اثناء سفره إلى لندن وهو يصفر "البنت التي تركتها ورائي".(139) إذا لم يعيّن الزلزال زمانها(140) فإننا نعرف أين نعيّن مكان الأرنب الصغير، قاعداً في وجاره، نباح كلاب الصيد، اللجام المرصّع،(142)، عيناها النافذتان الزرقاوان.(143). تلك الذكرى، فينوس وأودونيس، في غرفة نوم كل فتاة متقلبة.(144) بلندن. هل كاثرين هي النمرة المكروهة؟(145). يدعوها هورتنسيو شابة وجميلة. هل تظنّ أن مؤلف انتوني وكليوباترا، الرحّال الشهواني،(146)، كان قد وضع عينيه في قفاه واختار أقبح قحبة في كل مقاطعة "وركشاير"(147) لينام معها. حسن: تركها وفاز بعالم الرجال.(148) إلا أن بطلاته - الصبيان هنَّ بطلات صبيّ. حياتهنّ فكرهن، كلامهنَّ، يزوّدهن بها رجال. لقد اختار اختياراً سيّئاً؟ وقع عليه الاختيار(149)، كما يبدو لي. إذا كان للآخرين رغبتهم، فـ"آن" لها رغبتها.(150) أقسم بالربّ (بالقضيب) أنها هي الملومة.(151) سحرته، فتاة مرحة.(152) الإلهة ذات العينين الزرقاوين(153) التي انحنت على الصبي أدونيس،(154) انقضّت لتنتصر.(155)"مقدمة للفصل الرابع"(156)، بغي وقحة من ستراتفور تطرح عاشقاً أصغر منها سناً على ظهره(157) في حقل حنطة.(158)
ودوري؟ متى؟
تعال!
_ حقل حبوب القطاني، قال المستر بيست، بازدهاء، ببهجة، رافعاً كتابه الجديد، ببهجة، بازدهاء.
همهم بعد ذلك، بابتهاجٍ بشقرة الحقل للجميع:
_ بين حقول القطاني
يستلقي أبناء الريف الجميلون
باريس: المسرورة المسرّة(159)
قام رجل طويل ملتحٍ بملابس بسيطة من العتمة وكشف عن ساعته التعاونية(160)
_ أخشى أنّ وقتي قد حان للذهاب إلى جريدة الـ HOMESTEAD إلى أين ذاهب؟ تربة استخدام المواهب.
_ هل تذهب؟ سأل حاجبا جون أغلنتون الناشطان. هل نراك ببيت مور(162) هذه الليلة؟ سيأتي PIPER(163)
_ بايبرْ! صوّت المستر بيستْ. هل رجع بايبرْ؟
PETER PIPER PECKEDA PECK OF PECK OF PICKLED PEPPER.(164)
_ لا أدري إن كنتُ سأستطيع. الخميس(165) لدينا اجتماع. إذا استطعتُ أن أخرج في الوقت المناسب.
صالة اجتماعات(166) في شارع دوسن. كتاب "كشف إيزيس". حاولنا أن نستفيد من لغتهم السنسكريتية.(168) يتربع تحت مظلّة(169) شجرة داكنة. يمجّد "العقل الازتكي".(170) يؤدون بمستويات روحية،(171) وجودهم الأثيري، روح الأرواح،(173) بلوغ النيرفانا.(174) النساك المؤمنون ينتظرون النور، مستعدين لضمّ المريدين الصغار(175) حولهم.(176) لويس هـ. فكتوري.(177) تي. كولفيلد أرون(178) ترعاهم حوريات "ابساراس"(179) بالعيون، عيون غددهم الدماغية(180) متقدة. ممتلئ بربّ يمجّده. بوذا تحت شجرة تين هندية.(190) الربّ ناشر الأرواح ومجمعها.(182) أرواح رجال، أرواح نساء، أسراب أرواح.(183) مغمورين بصرخات نادبة، مدوّمين، يدوّمون، يندبون:
"في تفاهة جوهرية
تسكن لسنين روح أنثوية في هذا الهيكل اللحمي"(148)
_ يقولون نحن على موعد مع مفاجأة أدبية، قال أمين المكتبة الفرندزي، بودّ وحماسة. يجمع المستر رسل، كما أُشيع، إضمامة من شعر الشباب نحن ننتظر ذلك بلهفة.
بلهفة حدّق في مخروط ضوء المصباح، حيث ثلاثة وجوه، أنيرتْ، أُضيئتْ.
أنظرْ إلى هذه. تذكّرْ
نظر ستيفن إلى قبّعة بلا رأس معلّقة على عصاه فوق ركبته. خوذتي وسيفي. إلمسْ برفق بسبّابتيْك. تجربة أرسطو(185) واحد أم آثنان؟ بمقتضى الضرورة فمن غير الممكن أن يكون الشيء شيئاً آخر. على هذا(197) فالقبّعة الواحدة هي قبعة واحدة.
يونغ كولُمْ وستاركي.(189) يقوم جورج روبرت(190) بالقسم التجاري. سيعطيها لونغويرث(191) مديحاً مغالى فيه في جريدة الأكسبرس. آ، هل سيقوم بذلك؟ أحبُّ قصيدة كوُلمْ Drover(192) (سائق القطعان) أظنُّ أنه كان يمتلك ذلك الشيئ الفذّ: العبقرية. هل تظنُّ أنه يمتلكُ عبقرية حقّاً؟ أُعجب ببيت شعره: كمزهرية إغريقية مدفونة في أرض قفراء.(193) هل حقاً أعجب به؟ آمل أن تكون قادراً على المجئ هذه الليلة. ملاخي مليغن سيأتي أيضاً سأله مور أن يصطحب معه هينز. هل سمعتَ نكتة ألمسْ ميتشل(194). على مور ومارتن؟ ذاك أنّ مور هو طيش مارتن. نكتة ذكية جداَ أليس كذلك؟ إنّهما يذكّران بدون كيخونة وسانشو بانثا.(195) إن ملحمتنا القومية لم تكتبْ بعد، قال الدكتور سايغرسون.(196) مور هو القادر عليها. فارس بالملامح التي يُرثى لها هنا بدبلن. بتنورة رجالية بلون الزعفران؟(197) أو نيل رسلْ؟ آ، نعم يجب أن يتكلم اللغة الايرلندية العظيمة القديمة. وفتاته دولثينيا؟(199) يقوم جيمس ستيفن(200) بكتابة بعض مشاهد ذكية. لقد أصبحنا مهمّين، كما يبدو.
كورديلا(201). كورديليو. بنت لير أكثر البنات وحدة.(202) منعزلة في زاوية.(203) الآن إلى أفضل ما عندك من الصقل الفرنسي(204)
_ شكراً جزيلاً، يا مستر رَسُلْ، قال المستر ستيفن وهو ينهض. تكرّم عليَّ بتسليم الرسالة إلى المستر نورمان...(205) (محرر جريدة HOMESTEAD)
_ آ، نعم. إذا ظنّها مهمة فسينشرها. لدينا رسائل كثيرة.
_ أفهم ذلك، قال ستيفن. شكراً.
جزاك الله خيراً. جريدة الـ: IRISH HOMESTEAD صحيفة الخنزير.
لقد وعدني سنج(206) بمقالة لمجلة دانا(207) أيضاً. هل سنُقرأ؟ أشعر كذلك. الرابطة "الفعلية"(208) تريد شيئاً باللغة الايرلندية. آمل أن تأتي إلى هناك الليلة. إجلب معك ستاركي.
جلس ستيفن
عاد أمين المكتبة الفرندزي من المودعين. متورداً من الخجل، قال قناعه:
_ يا مستر ديدالوس، آراؤك أكثر الآراء استنارة.
وهو يروح ويجئ، وقد وصل به الكعب العالي عنان السماء(209)، وقال بصوت منخفض وقد غطّت عليه ضوضاء أحد الخارجين.
_ أهو رأيكُ إذن، أنها لم تكن مخلصة للشاعر؟
وجهٌ مستثار يسألني. لماذا أتى؟ هل مجاملة أم بنور المسيح في القلب؟(210)
_ حيثما يكون هناك تراضٍٍ، فلا بدَّ أوّلاً من وجود افتراق.
_ نعم.
المسيحفوكس(211) ببنطال ضيّق قصير، مختبئاً، هارباً في ممرّات شجر تالف من صيحات الصيادين. لا يعرف أمرأة، يسير وحيداً في المطاردة. فاز بالنساء له، رقيقات، بغي بابل،(212) زوجات قضاة. زوجات السقاة المربربات لعبة "الثعلب" والاوز(213) وفي مسكن شيكسبير(214) جسد ضعيف مدنّس(215) كان في يومٍ ما، وسيماً، كان في يومٍ ما حلواً، ريّان مثل شجرة القرفة الحلوة، والآن تساقطت أوراقها، كلّها، عارية، مرتعبة من القبر الضيّق وعدم المغفرة.
_ نعم كذا تظنّ
انغلق الباب وراءه.
تملّك السكون فجأة الصومعة المقببة الحازمة، سكون هواء دافئ حنون.
مصباح "فيستا".(216)
هنا راح يتأمل في أشياء لم تكن: ما الذي لو عاش القيصر ليفعله لو أنه صدّق ما تنبأ به العرّاف(217): ما الذي سيكون عليه: احتمالات المحتمل كمحتمل: أشياء غير معروفة( (218الاسم الذي كان يتسمىّ به "أخيل"(219) حينما كان يعيش بين النساء.
أفكار متوبتة حوله، في صناديق مومياءات، محنّطة في توابل من الكلمات. "ثوث"(O22) إله المكتبات، إله طير، متوّج بقرني قمر. وسمعت صوت ذلك الكاهن المصري الأعلى.(122) "في حجرات مصّورة محتملة بألواح الكتب الطينية".
إنّها راكدة. كانت في يومٍ ما جارية في عقول الناس. راكدة لكنْ فيها أُكال الموت، لتخبرني في أذني حكاية جياشة، تحثّني على الانتقام لمشيئتها.
_ بالطبع، قال جون أغلنتون بتأمل، إنه أكبر شخصية مبهمة من بين جميع الرجال العظام. لا نعرف عنه شيئاً سوى أنه عاش وتعذّب. وحتى هذا لا نعرف عنه الكثير. الآخرون يتحملون سؤالنا.(222) غمامة من الحزن تخيّم على البقيَّة.
_ لكن هاملت شخصية ذاتية(223)، أليس كذلك؟ أجاب المستر بيستْ. أعني أنها نوع من سجلّ شخصي من حياته الذاتية، ألا تعرف ذلك. أعني لا أهتم قيد أنملة، ألا تعرف ذلك، مَنْ المقتول أو مَنْ هو المجرم...
وضع كتاباً بريئاً على حافة المنضدة، معّبراً عن تحديه مبتسماً. سجلاته أصلية. "الزورق على البّر. أنا الكاهن".(224) ضع اللغة الإنكليزية(225) عليها يا جون الصغير
قال جون الصغير(226) أغلنتون:
_ كنت على استعداد لتقبل المتناقضات فيما أخبرنا به ملاخي مليغن، لكن قد أحذّركم، أنكم إذا أردتم أن تزعزعوا إيماني بأن شيكسبير هو هاملت، فإن ما تسعون إليه مهمة شاقة.
أمهلوني(227)
قاوم ستيفن سمّ العينين الخبيثتين تومضان بصرامة تحت حاجبين متجعدين. ثعبان البازليسق. حينما ينظر الإنسان يسمّمه. يا سنيور بريتو،(228) إنني أكيل لك الشكر على هذه العبارة.
_ كما ننسج (229) _ أو الأمّ دانا تنسج(230) _ ونفكّ أجسادنا من يوم إلى يوم، فال ستيفن، جزيئاتها تروح وتجئ، كذلك يفعل الفنان ينسج الصورة ويفكّها. وكما الشامة على نهدي الأيمن،(231) حيث هي في مكانها ساعة ولدت، على الرغم من أن كلَّ جسدي نُسجَ من مادة جديدة مرّة تلو الأخرى، لذا بواسطة شبح الأب القلق فان صورة الآبن غير الموجود تظهر. ففي اللحظة الحادّة للتصوّر عندما يقول شيللي مثل جمرة فحم تخبو(232)، ذلك أنني كما كنت هو أنا الآن، ذلك في الاحتمال سأكونه في المستقبل. لذا ففي المستقبل وهو شقيق الماضي قد أرى نفسي كما أنا أجلس هنا الآن لكن بواسطة انعكاس من ذاك الذي سأكونه عندئذٍ.
لقد أعانك دْرَموند من هوثورندن(233) في مسعاك
_ نعم، قال المستر بيستْ بشبوبية. أشعر أنّ هاملت يافع جداً(234). قد تكون المرارة من الأب لكنَّ العبارات مع أوفيليا هي بالتأكيد من الآبن.
لقد قام باختيار خاطئ.(235) هو في أبي. أنا في آبنه.
تلك الشامة هي آخر ما يندثر، قال ستيفن ضاحكاً.
رسم جون اغلنتون كشرة غير راضية على فمه.(236)
_ إذا كانت تلك وحمة العبقرية(237)، قال، فيمكن أن تكون العبقرية سلعة كاسدة في السوق. إن مسرحيات شيكسبير في سنواته الأخيرة التي أعجب بها رينان(238) تفحّ روحاً جديدة.
_ روح المصالحة،(239) قال أمين المكتبة الفرندزي.
_ لن تكون مصالحة، ما لم يكن هناك انشقاق، قال ستيفن.
قلتَ ذلك.
_ أردت أن تعرف ما هي الأحداث التي ألقت بظلالها على جحيم الملك لير، عطيل، هاملت، ترويلس وكرسيدا، فانظرْ متى وكيف تنقشع الظلال. ما الذي يليّن قلب إنسان تحطّمت سفينته في عواصف مريعة، مرهقاً، مثل يوليسيس آخر، بيركليس أمير صور؟(240)
رأس بقبعة حمراء مخروطية(241)، تضربه الأمواج، يعميه ملح ماء البحر.
_ طفلة، بنت توضع بين ذراعيه، مارينا.(242)
ميل السفسطائيين(243) إلى حقول الأسفار الأربعة عشر الملحقة بالعهد القديم جبلّة ثابتة، أوضح جون اغلنتون. "الطرق الخارجية العامة موحشة ولكنّها تؤدي إلى المدينة".(244)
بيكن الطيّب: تعفّن.(245) شيكسبير من كتابات بيكن(246) حلالو الشفرات،(247) يذهبون إلى اللغز مباشرة. وراء الضالّة العظيمة. أية مدينة أيّها السيدان الطيّبان(248)؟ صامتين تحت آسميْن مستعارين(249): A.E، EON، (250)، JOHN EGLINTON, MAGEE. شرقي الشمس، غربيّ القمر: أرض الشباب.(251) كانا بملابس الحجاج.(252)
"كم ميلاً إلى دبلنْ؟
سبعين ميلاً، يا سيدي.
هل نكون هناك في وقت إشعال الشموع؟(253)
_ أقرَّ المستر براندز بأنها أوّل مسرحية في الفترة الأخيرة، قال ستيفن.
_ هل أقرَّ ذلك؟ ما الذي قال عنها المستر سدني لي، أو المستر سايمون لازروس، كما يؤكد بعضهم أن هذا هو آسمه؟
_ مارينا(254) طفلة الزوبعة، قال ستيفن، ميراندا، أو أعجوبة، برتيدا، تلك التي ضاعت. ما ضيّعه أُعطيتْ له:(255) حفيدته. زوجتي العزيزة، قال بيركليس، كانت تشبه هذه الصبية. هل يمكن لرجل أن يحبّ الآبنة، ما لم يكنْ قد أحبَّ الأم؟(256)
_ فنّ أن تكون جيَدَّاً، همهم المستر بيست. "فنّ أن تكون عظيماً"(257).....
_ ألا يرى صورة أخرى تولد فيها من جديد، مع ذكرى شبابه هو تنضاف إليها صورة أخرى.
هل تعرف ما الذي تتكلم عنه؟ الحبّ، نعم. كلمة معروفة لدى الرجال جميعاً. "فإذا فهمنا وسررنا، فيعني هذا أُحلنا إلى شيء ما".(269)
_ صورته هو رجلاً يتمتع بذلك الشيء الغريب، العبقرية، نموذج لكل تجربة، مادية ومعنوية. إغراء كهذا يؤثر فيه. صور الذكور الآخرين المنحدرين من صلبه، ستوقع في نفسه الاشمئزاز. سيرى فيهم محاولات بشعة للطبيعة، للتنبؤ به، أو تكراره.
التهب الجبين الوديع لأمين المكتبة الفرندزي، متورداً بالأمل.
( آمل أن المستر ديدالوس سيحقق نظريته لتنوير الجمهور. وعلينا أن نذكر معلقاً إيرلندياً آخر، هو جورج برناردشو.(260) ولا ننسَ المستر فرانك هارس.(261) مقالاته عن شيكسبير في صحيفة الـ SATURDAY REVIEW لماحة حقاً. من الغريب أنه هو أيضاً يرسم لنا علاقة غير سعيدة مع السيدة السمراء التي ذكرها شيكسبير في سوناتاته. المنافس المفضّل هو وليم هربرت "أيرل بيمبروك".(262) أعترفُ أنه كان علينا أن نرفض الشاعر، فرفْضٌ كهذا سيبدو أكثر آنسجاماً مع _ ما الذي أن يجب أن أقول؟ _ فكرتنا عمّا كان يجب ألا يكون.
بسعادة توقف وأمسك رأسه الوديع بينهم، بيضة الطائر "أوك"،(263) جائزة لمناظرتهم.
يخاطبها حضرتكم، أنتم مع كلمات زوجة رزينة. هل أنتم تحبين يا مريم؟(264) هل حضرتكم تحبين ذيّاك الرجل؟
_ قد يكون ذلك أيضاً، قال ستيفن. ثمة قول لغوته، يحلو للمستر ماغي الاستشهاد به. احترس مما ترغب فيه في الصبا، لأنك ستحصل عليه في أواسط حياتك. لماذا يرسل لورداً قليل الشأن ليخطب بالنيابة عنه، ودّ واحدة شيء مبتذل،(265) خليج حيث يركب جميع الرجال؟(266) وصيفة شرف أنوثة مفضوحة لورداً صغيراً ليتودد إليها بالنيابة عنه. كان هو نفسه سيّد اللغة(267) وجعل نفسه جنتلماناً محتالاً، وكتب مسرحية روميو وجوليت.(268) لماذا؟ لقد قُتِلتْ ثقته بنفسه قبل الأوان.(269) لقد قُهِر أوّلاً في حقل حنطة(270) (أو الأصّح أن أقول في حقل جاودار) ولن يكون أبداً ظافراً في عينيه هو بعد ذلك، أو يلعب بَظَفر لعبته الضحك والاستلقاء.(271) لن ينتقده ما اتخذ له من دور دون جوفاني(272). ولا الحلّ الأخير، سيحلّ، الحلّ الأوّل. لقد جرحه ناب الخنزير هناك حيث الحبّ ممدداً ينزف.(273) وإذا كانت المرأة النمرة قد قُهِرتْ، فإنه سيبقى لديها ذلك السلاح الأنثوي غير المكشوف.(274) أشعر أن في الكلمات، شيئاً من نخر الجسد يدفعه إلى هيام جديد.(275)، ظلاً أكثر ظلمة من الأوّل، يعتّم حتى فهمه هو لنفسه. وقدر مشا به يترقبه، ثم تمتزج الحماستان في دوّامة.(276)
إنهم يصغون. وفي صماخات آذانهم اسكبُ(277).
_ لقد طُعِنتْ الروح(278) من قبل طعنة مهلكة، سُمٌّ صُبَّ في صماخ إذن نائمة. لكن هؤلاء الذين قُضي عليهم وهم نائمون لا يعرفون تلك المعرفة في الحياة القادمة. إن التسميم والوحش ذا الظهرين الذي حثَّ عليه، لا يمكن لشبح الملك هاملت أن يعرفه مالم يهبه خالقه تلك المعرفة. هذا هو السبب في أن كلامه (لغته الإنكليزية ركيكة وبغيضة)(279) يصرف الانتباه دائماً إلى شيء آخر، إلى الماضي. مغتصب ومسلوب اللبّ، إن ما يريد لا يود،(280) فكرة تلازمه من كرتْي نهديْ لوكريس العاجيين المطوّقين بلون أزرق،(281) إلى نهد إيموجين، عارياً، مع شامة مخمسة.(282). يعود القهقرى، متعباً من الخلق الذي كدّسه لإخفاء نفسه من نفسه، كلباً عجوزاً يلعق جرحاً قديماً. لكن بما أنَّ الخسارة هي ربحه، فإنه يمضي صوب الخلود بشخصية غير مثلومة السمعة، لم يتعلّم من الحكمة التي كتبها، أو من القوانين التي كشف عنها. حافة قبّعة إلى أعلى(283) إنه شبح، طيف الآن، الريح بقرب صخور السينور أو "ما تشاء"(284)، صوت البحر، صوت لا يُسمع إلا في قلبه قلب مَنْ هو جسد شبحه، الآبن متحّد مع الأب.
_ آمين! أجاب صوت. من الباب.
هل وجدتني، أ يا عدوّي؟(285)
استراحة(286)
بوجهٍ بذئ، نكِدً مثل وجه كاهن، تقدّم بَكْ مليغن، مرحاً بثوب مزركش، صوب ابتساماتهم المرحبة. برقّيتي.(287)
_ أنت تتكلم عن العمود الفقري ولكنه بلا جسد(288)، إنْ لم أكنْ مخطئاً؟ سأل عن ستيفن.
برداء أصفر حيّاهم بمرح برفع قبعته المنزوعة البناميّة، وكأن بدمية. رحّبوا به. ما تضحك عليه ستخدمه.(289)
أولاد المنشقين عن الارثودوكس: فوتيوس، ملاخي الكذاب، يوهان موستْ.(290)
هو الذي خلق نفسه (291) عبر الروح القدس وبعث"هو" نفسه لـ"نفسه" مخلّصاً بينه وبين الآخرين، هو الذي احتقره إعداؤه، عرّوه، وساطوه، وسمّروه مثل خفّاش على باب حظيرة، مات جوعاً على خشبتين، هو الذي دُفِن، بُعِثَ، نزل إلى الجحيم، وصعد إلى الجنّة، ومنذ ذلكُ الوقت لمدة ألف وتسع مائة سنة يجلس على يده اليمنى ليحاسب في اليوم الآخر الأحياء والأموات حينما يموت جميع الأحياء
المجد لله في الأعالي(292)
رفع كفّيه. تسقط الحجب. آ، أزهار! أجراس مع أجراس، مع أجراس
_ نعم، حقّاً، قال أمين المكتبة الفرندزي. من أكثر المناقشات تثقيفاً. أظنّ أن لدى مليغن نظريته في الفن المسرحي وفي شيكسبير. يجب أن تُصوَّر كل جوانب الحياة.
ابتسم في كلّ الاتجاهات بالتساوي.
فكّر بَكْ مليغن، حائراً.
_ شيكسبير؟ قال، يظهر أني أعرف الاسم.
برقتْ ابتسامة مشرقة عابرة في ملامحه الراخية
_ باتلتأكيد، قال، وهو يتذكّر بوضوح. الشخص الذي يكتب مثل "سينج".(293) التفت إليه المستر بيستْ
_ فاتك هينز، قال. هل صادفته؟ سيراك فيما بعد في مخبز دبلن. ذهب إلى جِلْ بائع الكتب لشراء كتاب LOVESONGS OF CONNACHT لهايد
_ جئت عن طريق المتحف، قال بَكْ مليغن هل كان هنا؟
_ بالأحرى إن أبناء وطن الشاعر، أجاب جون إغلنتون، ربما تعبوا من ذكاءاتنا في التنظير. سمعت أن إحدى الممثلات لعبت الدور للمرّة الأربعمائة وثمانٍ في الليلة الماضية بدبلن.(294) يعتقد الناقد فايننج أنَّ الأمير كان امرأة.(295) أما من أحدٍ جعله إيرلندياً؟ أظنّ أن القاضي بارتون(296) يفتّش عن أدلّة. إنه يُقسم (صاحب السمّو وليس صاحب السيادة) بالقدس باتريك.(297)
_ قصة وايلد من أكثر القصص ألمعية، قال المستر بيستْ، رافعاً دفتر مذكراته الرائع. صورة المستر دبليو. هـ.(298) حيث برهن بأن السوناتات كان قد كتبها شخص يدعى ويلي هيوز وهو رجل متعدد الفضائل.
_ إلى ويلي هيوز، أليس كذلك؟ تساءل أمين المكتبة الفرندزي. أو لهيوي ويلْز؟ المستر وليم نفسه. دبليو. أيج: مَنْ أنا؟
_ أعني، لِوِليْ هيوز، قال المستر بيستْ، مصححاً تفسيره الخاطئ. "بالطبع إنها كلّها مفارقات، ألا ترون ذلك، Hughs آسم، و Hews يشقّ و Hues اللون، إنها الصفة التي يتميّز به أسلوبه. إنها جوهر وايلد، ألا ترون. اللمسة الخفيفة
لمست نظرته وجوههم لمساً رفيقاً بينما هو يبتسم، شاب في مقتبل العمر أشقر. جوهر مروّض، لوايلد (متوحش).(299)
أنت ظريف تماماً. شربتَ ثلاث جرعات من الويسكي بفلوس دان ديزي.
كم صرفتُ؟ آه، بضع شلنات.
لثلّة من الصحفيين. ألأخلاط الأربعة ندية وجافة.(300)
ذكاء. قد تعطي ذكاءاتك الخمسة(301) من أجل ثوب الشباب الزاهي الذي يتزيّن به.(302) تقاطيع وجه أُشبعتْ رغبته.(303)
لديك وقت طويل. خذْها من أجلي. في وقت الزواج. يا إلهي أرسل عليهم تهيّجاً بارداً.(304) أجل ناغِها.
حوّاء. خطيئة عارية بيضاء البطن صبرة حنطة.(305) أفعى تمعجّت فيها، ناب في قبلتها.
_ هل تظنّ أنها مجرّد تناقض؟ كان أمين المكتبة "الفرندزي" يسأل. لا يُحملُ الهازئ على محمل الجدّ أبداً حينما يكون على أشُدّه جدية.
تحدثوا بجديّة عن جدية الهازئ.
وجه بَكْ مليغن المثقل بالهم مّرة أخرى رمق ستيفن لوهلة. ثمَّ ورأسه يتهزهز، اقترب أكثر، وسحب برقية مطوية من جيبه. شفتاه المتحركتان تقرءآن، مسروراً ببهجة جديدة.
_ برقية! قال. إيحاء مدهش! برقية! بلاغ بابوي.
جلس على زاوية طاولة غير مضاءة، قارئاً عالياً بابتهاج.
المائع عاطفياً هو الذي يبتهج بدون أن يجلب على نفسه الإثم الكبير من أجل شيء فُعِل.(306) إمضاء: ديدادلوس. من أين تفجرّت بها من الماخور؟ لا. من فرع دائرة البريد. هل شربت بالجنيهات الأربعة؟ العمّة ستزور أباك الوهمي برقية! ملاخي مليغن. حانة الـ ship في شارع كوَرْ آبي. آ، يا أنت المدمدم الذي لا نظير له! آ، يا أنت يا كنتشي المتقسوس!
بابتهاجٍ دحس الرسالة والظرف في جيبه، لكنه راح يعول بلهجة ايرلندية متشكية.
_ مثلما أقول لك، يا سيدي الحلو، كنّا هينز وأنا، متوعكي المزاج وقرِفين حينما جلبها هو بنفسه. لقد دمدمنا لأن جرعة لعينة تثير في الراهب الانتصاب(307)، كنت أفكّر، ومشى مترنحاً بمجون. ونحن لساعة لساعتين لثلاث ساعات في حافة كونري، جالسيْن بأدب ننتظر كأساً من الشراب لكلّ منا.
راح يعول:
_ ونحن نكون هناك، يا حبيبي(388)، وانت تكون غير معروف، ترسل لنا خلائطك بطريقة تندلق معها ألسنتنا بطول ياردة مثل رهبان ظمآنين يغمى عليهم من أجل جرعة.
ضحك ستيفن.
بسرعة انحنى بَكْ مليغن بتحذير.
_ المشّرد "سنج" يفتّش عنك ليقتلك، قال. لقد سمع أنك بُلْتَ على باب بيته الأمامي في غلاسثول. خرج بنعلٍ محليّ ليقتلك.
_ يقتلني! قال ستيفن متعجباً. تلك إسهامتك للأدب.
اعتدل بَكْ مليغن جذلان، ضاحكاً صوب السقف الخارّ.
_ يقتلك! ضحك.
وجه بشع مزعج(309) ذاك الذي شنَّ حرباً ضدّي على وجبة خبيص من رئات مفرومة رخيصة في شارع سانت أندريه دي آرت. بكلمات من كلمات للكلمات، كلمات.(310) أويسن مع باتريك(311) قابل الإله الروماني "فون"(312) في غابات كلامارت، ملوّحاً بزجاجة نبيذ. إنه يوم الجمعة الحزينة.(313)
قاتل ايرلندي. قابل مثيله مشرّداً. وأنا مثيلي. قابلت البهلوان المجنون في الغابة.(314)
_ يا مستر لسترر، قال خادم من الباب الموارب.
_ ... وفيها يجد كل شخص مبتغاه. هكذا وجد القاضي مادن في كتابه "يوميات السيد وليم سايلنس"(315) مصطلحات في الصيد... نعم؟ ما تريد؟
_ يوجد رجل، يا سيدي، قال الخادم، تقدّم وأعطاني بطاقة. من جريدة "فريمان". يريد أن يطّلع على ملفات صحيفة "كِلْكني"(316) للسنة الأخيرة.
_ بالتأكيد، بالتأكيد، بالتأكيد. هل الرجل.....؟
تناول البطاقة النافدة الصبر، رمق، لم يَرَ، وضعها لم يرمقْها، نظر، سأل، صرَّ، سأل:
_ هل هو....؟ آ، هناك!
بخفّة انطلق راقصاً إلى الخارج. وفي الرواق المضاء بضوء النهار تحدث بجهد ذرب من التحمّس، كواجب، بعدلٍ أكبر، بطيبة أكبر، وبقبعة راهب فرندزي أكثر صدقاً
_ هذا الرجل؟ صحيفة الـ"فريمان"؟ مجلة الـ "كلكني بيبول".
أكيد. طاب يومك، يا سيدي. كلْكني... لدينا بالتأكيد....
انتظر سواد خيال صبور، مصغياً.
_ كلّ الصحف المحلية الرئيسة... نورثن وغّ، كورك اكزامينر، وأنسكورثي غارديان. العام الفائت. 1903... هل تسمح... يا إيفانز، وترشد هذا السيّد... اتبعْ رجاءً الخا.... أو، رجاءً اسمح لي....
من هنا... رجاءً، يا سيدي....
منساباً، مطيعاً، قاد الطريق إلى كل الصحف المحليّة، وخيال مظلم منحنٍ كان يتبع خطواته السريعة.
_ أغلق الباب.
اليهودي!(317) صاح بَكْ مليغن.
قفز وخطف البطاقة.
_ ما هو آسمه؟ إكي موزز؟(318) بلوم.
راح يثرثر:
_ يهوه، جامع القلف،(319) على غير رجعة. صادفته في المتحف حيث ذهبت لأحيّي إفرودايت بنت زبد البحر.(320) الفم الإغريقي الذي لم ينعقد في صلاة أبداً.(321) ويجب أن نقدم لها الولاء كل يوم. "حياة الحياة، شفتاك تلهبان".(322)
فجأة التفت إلى ستيفن.
_ إنه يعرفك إنه يعرف والدك. آ، أخشى، أنه إغريقي أكثر من الإغريق.(323) عيناه "الجليجيتان"(324) الباهتتان تنظران إلى إخدود منتصفها. تمثال فينوس الجميلة الردفين.(225) آ، يا للرعد في ذينك الحقوين! "والربّ يطارد العذراء المختفية".(326)
_ نريد أن نسمع المزيد، قرّر جون اغلنتون، مع استحسان المستر بيست. شرعنا نهتم بالسيدة "اسْ". كنا نظنّ حتى الآن، إذا ظننا أبداً، أنها مثل غرزيلدا(328) الصبور، أو مثل بنيلوب(329) التي بقيت في دارها على العهد.
_ أخذ الفيلسوف انتيثين تلميذ الفيلسوف جورجياس(330) قصبة سبق الجمال من زوجة كيريوس منيلوس الحاضنة، هيلين الأرغوسية، مهرة طروادة الخشبية، التي نام فيها عشرون بطلاً، وأعطاها إلى بنيلوب المسكينة. عاش بلندن لمدّة عشرين عاماً، وخلال جزء من ذلك الوقت، تقاضى مرتباً يساوي مرتب قاضي القضاة بإيرلندا(331) كانت زوجته ثريّة. وفنّه، وهو أكثر من فنّ الإقطاع(332) كما يدعوه وولتْ ويتمان، ما هو إلا فنّ التخمة. عجينة ساخنة محشوّة بالسمك،(332) أقداح خضر من الخمر، صلصة عسل، سكّر من الأوراد، حلاوة لوز، فراخ محشوة بعنب الثعلب، حلوى. كان لدى السير ولتر رالي(333)، حينما أُلقي القبض عليه مليون فرانك على ظهره وبضمنها مشدّان غريبان. كانت المرابية(334) إليزابيث تيودر تمتلك من الملابس الداخلية ما يكفي لتنافس ملكة سبأ. عشرين سنة يتعابث ما بين حبّ الزوجة ومسرّاته العفيفة وحب القحاب ومتعه الفاحشة.(335) أنت تعرف قصة "ماننغهام"(336)، عن زوجة أحد المواطنين التي طلبت من دِكْ بيربج أن يأتي إلى فراشها بعد أن رأته يمثل دور الملك ريتشارد الثالث، وكيف أن شيكسبير بعد أن سمعها، وبدون توانٍ، أخذ البقرة من قرنيها(337)، وحين عاد باربيج يدقّ على الباب(338)، أجاب من تحت لحاف الديك المخصيّ: جاء وليم الفاتح قبل ريتشارد الثالث.(339) والسيدة الصغيرة، الخليلة فيتّون، امتطت وصاحت آه(340)، وحمامته الوسيمة(341)، ليدي بنيلوب ريتش(342)، وهي امرأة من النوع المهذّب، تليق بممثّل، والمومسات الرخيصات في منطقة الـ: "بانكسايد" ببنس للنومة الواحدة.(343)
ممشى عريض على نهر السين. عشرون سوس أخرى (فرانك واحد). سننغمر بأشياء صغيرة فاحشة. يا حبيبي؟ هل ترغب في ذلك.
_ قمة المجتمع الراقي. وأمّ السير وليم دافنانت(344) من اكسفورد وفي يدها كأس نبيذ أبيض تقدّمه لأيّ رجل.
تضّرع بَكْ مليغن رافعاً عينيه الورعتين:
_ قدّس الله روح مارغريت ماري "أفيكوك"!
_ وآبنة هاري صاحب الزوجات الست(345). والصديقات الأخريات(346( من المقاعد المجاورة التي يتغنّى بها شاعر لعبة التنس، تينسون الكريم الأخلاق. ولكن بعد تلك السنوات العشرين ما الذي تظنّ المسكينة بنيلوب في ستراتفورد تفعله خلف ألواح الزجاج الزمردية؟
أقرضُ وأقرضُ.(347) "الرقية كملت"(348). في حديقة العالِم النباتي جيرارد الواقعة في شارع "فِتَرْ لين"(349)، سار بشعره البنيّ الأشيب.(350) "زهرة السنبلة البريّة اللازوردية مثل عروقها".(351) جفنا عينيْ جونو، بنفسجيان. سار. حياة واحدة هي كل شيء. جسم واحد. أقرض. وأقرض. بعيداً، في الرائحة المنفّرة للشهوة والقذارة استكانت يدان على البياض.
ضرب بَكْ مليغن طاولة جون اغلنتون بقوة.
_ في أيّ شخص تشك؟(353)، قال متحدياً.
_ قلْ إنه العاشق المرفوض في السوناتات. رُفض مرّه، يرفض مرتين. لقد رفضته فتاة البلاط من أجل لورد هو صديقه الحميم.(354)
حب شاذّ لا يجرؤ احد على الإعلان عن آسمه.(355).
_ "كرجلٍ إنكليزي"(356) تعني، جون القوي إغلنتون يحب لورداً.
حائط قديم حيث السحليات تومض فجأة. راقبتها بمدينة شارنتون.(357)
_ يبدو الأمر كذلك، قال ستيفن، حين ينوب عنه وعن كل الأرحام الفريدة غير المحروثة(358)، محكمة التفتيش الكهنوتية(359) أن يجلب السائس، الحصان الفحل إلى الأنثى. ربما مثل سقراط الذي كانت له داية كأمّ وكانت له آمرأة سليطة كزوجة.(360) لكنّها، الفتاة الشبقة، لم تنكثْ عهد فراش الزوجية.(361) فِعْلتان فوق غيرهما في عقل الشبح:(362) نكث العهد والجلف الأحمق الذي نال حظوتها وهو شقيق زوجها المتوفى. أعتقد أنَّ آن الحلوة كانت حارّة الدم. مَنْ يخطب الودّ، يخطب الودّ مرتين.
التفت ستيفن في كرسيه بجرأة.
_ عبء الاثبات عليك لا عليَّ، قال بعبوس. إذا أنكرت ذلك في المشهد الخامس من مسرحية هاملت(363) أنه وصمها بالعار، فأخبرْني لماذا لا يوجد لها ذكر خلال الأربع والثلاثين سنة بين اليوم الذي تزوجت فيه وبين اليوم الذي دفنته.(364) كل النساء رأين أزواجهنّ يؤخذون إلى الدفن، ماري وزوجها الطيب جون (365)، آن وزوجها العزيز المسكين ويلوم(366)، حينما رحل ومات قبلها، وكان حانقاً لأنه الراحل الأوّل، جوان وأخوتها الأربعة(367)، جودث، زوجها وكل طفالها(368)، سوزان(369)، زوجها أيضاً، بينما بنت سوزان، إليزابيث،(370) بكلمات جدّها، تزوجت للمرّة الثانية، "بعد أن قتلتْ زوجها الأوّل"، آ، نعم لها ذكر.(371). ففي السنوات التي كان يعيش فيها في بحبوحة بلندن العاصمة لتسديد دين. اضطّرت لاستدانة أربعين شلناً من أحد رعاة والدها. فلتفسّروا إذن. فسروا أغنية التمّ الأخيرة(372) أيضاً حيث عهد بها إلى الذرية.
واجه صمتهم:
كذا استجاب اغلنتون: تعني الوصيّة.
ولكنَّ علماء القانون شرحوها، كما أظنّ
لها الحقّ في بائنة ترمّلها(373)
في العرف والعادة. كانت معرفته القانونية واسعة(374)
أخبرنا بذلك قضاتنا.
الشيطان نفسه يسخر
الساخر:
وعلى هذا ترك آسمها
من المسوّدة الأولى ولكنه لم يترك
الهدايا لحفيدته، لبناته،
لشقيقته، لأصدقائه الحميمين في ستراتفورد
وفي لندن.(375) وعلى هذا حينما ألحّوا عليه
لإدراج اسمها، كما أظنّ،
ترك لها
سرير نومه
الأدون
نقطة.(376)
تركَلها
الأدون
تركلها
الأفضل
الأدون
تركلسرير
يا سلام!
_ لدى أبناء الريف اللطفاء(377) قليل من الملكيات آنذاك، لاحظ جون اغلنتون، وما يزالون كذلك إذا ما صحّت المسرحيات التي عُنيتْ بالفلاحين(378).
_ كان رجلاً غنياً من الريف،(379) قال ستيفن، مع شعار النسب وأملاك غير منقولة في ستراتفورد، وبيت في "آيرلند يارد"، رأسماليّ صاحب أسهم، مقدّم لائحة قانونية بشأن ملكية الكنيسة لعشر الغلة. لماذا لم يترك لها سريره الأفضل، إذا أراد لها أن تشخر ما تبقّى من لياليها بسلام؟
_ لا مراء هناك سريران، أفضل وأدون، قال المستر الأدون بيست أخيراً.
_ "عزل بينهما في الخوان والفراش"،(380) قال بَكْ مليغن محسّناً، وابتسموا له.
_ تذكر لنا العهود القديمة عن أسرّة مشهورة، اغلنتون "الأدون" تجعّد، مبتسماً ابتسامة سريرية. دعني أفكّر.
_ ذَكَرتِ العهود القديمة أن أرسطو التلميذ المشاغب والحكيم الوثني الأصلع، قال ستيفن، الذي حينما كان على وشك الموت في منفاه أطلق عبيده وأكرمهم، مشيداً بفضل سابقيه، موصياً

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحية امتنان
معتز رشدي -

قبل ايام ، من الآن ، انهيت قراءة السيرة الذاتيةللاستاذ صلاح نيازي المحترم ، والمسماة : غصن مطعم بشجرة غريبة . شعرت بعد انتهائي منه بنوع من التطهر الذاتي ، فقد ابكاني الكتاب علينا كعراقيين ، واضحكني منا . واظهر لي حجم ما نحن فيه من ورطة ثقافية وحضارية ، لن تقوم لنا قائمة منهما ان لم يكتشف كل واحد منا مدى مسؤوليته الذاتية عن هذا الخراب الشامل . والكتاب ليس ككل الكتب . بلغ فيه صدق مؤلفه مع نفسه والناس حدا مؤلما اخجلني بنفسي ، ودفعني دفعا لا هوادة فيه الى النظر بعينين مفزوعتين الى خرابي الذاتي .ثلاث محطات توزعت فصول الكتاب : الناصرية - سومر - مكان طفولة ومراهقة الشاعر . بغداد - التراث العربي - الذي درسه الشاعر دراسة مستفيضة . ولندن - نقطة التحول العقلية والسايكولوجية الكبرى في حياة هذا الجنوبي المعدم القادم اليها هربا من بطش البعثيين في عراق الستينات .بين هذه المحطات دارت فصول هذه الاغنية الجنوبية الحزينة الحزينة كغروب اليوم الذي شهد قطع رأس الحسين بن علي .ولكن القاسية كمبضع جراح امام ورم سرطاني مستفحل ، اكتشف كاتبنا انه على وشك القضاء علينا فرادى وجماعات ، وقد ابتدأ الكاتب بنفسه اولا حتى اني اشفقت عليها منه .لست في معرض كتابة دراسة عن الكتاب . ولكني اتمنى على الجميع عربا وعراقيين قراءة هذه التحفة والشهادة النثرية الجمالية الرائعة عما نحن فيه من ورطة حضارية وثقافية ساسة ومثقفين ملحدين ومؤمنين طلبة واساتذة اباء وابناء . هل ارى اليوم الذي ستدرس فيه هذه السيرة في المدارس باعتبارها - السيرة - خطوة هائلة الى الامام نحو الخلاص من بعض ما يعتمل في نفوسنا من خراب ؟؟ اتمنى ذلك ، واتساءل : ان كانت للكاتب كتب نثر اخرى .تحية امتنان للاستاذ صلاح نيازي معتز رشدي

تحية يا أستاذ
كسر في آية -

تحية أستاذ صلاح نيازي ايها المبدع الحقيقي على كل ما تقدمه لنا من مواد قل نظيرها نتمنى ان تقدم لنا المزيد من فصول يوليسيس . أرجو ألا تحرمنا نحن قرائك الأوفياء

لم تعجبني هذه الترجم
زهرة السماوي -

بدأت أقرأ هذه الترجمة وتوقفت بعد ترجمة كلمة هاملت او مخبول.. أولا هناك اخطاء كثيرة املائية وعلى صعيد الترجمة: فمثلا جويس يقول: he calls it ترجمها نيازي ب"دعاه أحزان الشيطان" هذا خطأ من الأفضل أن يقول سمّاه، فهل اختلط الأمر على نيازي حتى لم يفهم call بانها تعني ايضا دعى بمعنى المناداة وايضا تعني سمى الشيء. والخطأ الاملائي: باملائك وليس ياملائك. استخدم جويس عبارة بالفرنسيةHamlet ou Le distraitوترجمها نيازي "هاملت أو مخبول"... وهذا خطأ شنيع فالمعنى هو هاملت أو الساهي... أو الشارد الفكر.وليس مخبول.

تعقيب
صلاح الحمداني -

تعقيب على رد السيد زهرة السماوي : أعتقد أنك على حق يا سيد زهرة السماوي من حيث المعنى المباشر لكلمة Le distrait لأنك ترجمتها من قاموس عربي ـ فرنسي أو من قاموس فرنسي ـ عربي، لكني لا أعتقد أن هذا يكفي بتخطئة ما جاء به السيد صلاح نيازي، لأن الترجمة إبداع. ولو تمعنا قليلا واعتمدنا مثلا على قاموس فرنسي ـ فرنسي، لاكتشفنا أن هناك أمكانية تأويل هذه الكلمة وتحميلها معان مختلفة مثل : étourdie أوécervelé وهذه الكلمة écervelé بالذات تعني [من هو بلا عقل]. أحي الشاعر صلاح نيازي على جهده العظيم وسط هذه الأطنان من الترجمات السريعة التي نجدها بسهولة على الانترنت، وشكرا للسيد زهرة السماوي في إثارة هذه الملاحظات.

تصحيح الى الحمداني
زهرة السماوي -

اذا كنت معجبا باعمال نيازي فهذا امر من حقك ان تبديه وتعلن عنه، اما ان تجعل نفسك وكانك علامة بالفرنسية فهذا شيء يستحق الرد عليه: افتح قاموس روبير المكون من 9 مجلدات، الجزء الثالث صفحة 592 واقرأ وتعلم ماذا تعني كلمة distrait وثانيا écervelé لا تعني مخبول وانما طائش وفي كلمة distrait تعني مجازيا طائش.. اما مخبول فلا علاقة لها باي من مترادفات كلمة distrait وفي الحياة اليومية كثيرا ما نسمع هذه الكلمة وتطلق على اشخاص شاردي الفكر او سهاة او غير منتبهين. وانظر ايضا في روبير سترى انه يضع attentif ضد distrait

why?
saad -

اختنا زهرة ليش متوترة..ما قال صلاح الحمداني شي، يمكنك أن تصححي له بهدوء..أنت هم مو علامة بالفرنسي والدليل رجعت للقاموس..

تعقيب للمرة الأخيرة
صلاح الحمداني -

على كيفيك يمعود أشو أخرجت أسلحتك الثقيلة وبدأت تقاتل وكأنما هناك حرب بيننا ؟ لم أضع نفسي علامة كل ما قلته أن هناك تأويل فيما يخص الكلمة، ولا علاقة بما ذهبت إليه والإعجاب بالشاعر صلاح نيازي، رغم أنه يستحق ذلك، عجبك ذلك أم لم يعجبك ! أنا لم أعتدي عليك لا كلاميا ولا جسديا، ولم أستخف بمعلوماتك ؟ على العكس لغويا أنا متفق معك تماما، ما لم أتفق فيه معك هو ضيق رؤيتك بإبعاد هذه الكلمة، وترجمتها [حرفيا] وما تقوله صحيح، ففي فرنسا تستخدم هذه الكلمة وبشكل عادي جدا، وحتى طفل فرنسي بعمر 10 سنوات يعرفها ويستخدمها. وهنا هي نقطة الاختلاف بيننا.. أنا أعتقد أن الترجمة علم وثقافة وعمق فكري ولم لا الخروج عن المألوف بما يستخدم يوميا ولغويا في الشارع، وليكن أن نختلف لا أعتقد أن هذا يقلل من فهمك.. فلماذا كل هذه "العصبية" ؟ [طائش ـ شارد ـ مخبول] لا أتصور أن الموضع يستحق أن نكون أفظاظ ونزقين... ولم يأتي تعقيبي على تعليقك سوى إيضاح مني [كقارئ] بأن الشاعر صلاح نيازي لم يخطأ حينما ترجم كلمة [طائش بالمخبول]، وهذا هو اختياره [الترجمي] ليس إلا.. وأن ما قلته أنت حرفيا هو صحيح، لكنه كما جاء في ترجمة صلاح نيازي هو أكثر إصابة وفطنة.

كلمة اخيرة
زهرة -

ذات مرة وجد صديق جيمس جويس جالسا حائرا وكانه يبحث عن كلمة، فقال له ماذا بك اتبحث عن كلمة. اجاب جويس: قال الكلمات موجودة بوفرة، لكني ابحث عن كلمة دقيقة. اذا كان في نظرك يا سيد صلاح ليس هناك فرق بين شارد الفكر ومخبول، فان كل ما استطيع اقوله لك هو : عند العرب كله صابون كما يقول المثل المصري.نم قرير العين أنا لست عصبية

جيمس جويس
حسين سليمان -

قراءة جيمس جويس بالعربية ام الفرنسية \ انكليزية بأي لغة هي قراءة مدوخة. فما بال الترجمة، إن اخطأ الاستاذ نيازي فهو ليس ملاكا- كل انسان باحث خطاء، وشكرا للاستاذة زهرة التي دققت واكتشفت الخطأ، يجب شكرا الاثنين معا، فكلاهما مهتم أن يحقق الكمال. لماذا نأخذ النقد ونسقطه كمسألة شخصية؟ هناك الكثرون الذين ينقدون بشكل غير عقلاني، ان كان يحب الكاتب فإنه يبحث عن الورد في نصه وإن كان لا يحبه يبحث عن الشوك في نصه. شكرا للجيمع

صعوبات الترجمة
قاريء بسيط -

ا شك بأن ترجمة عمل خطير كهذا تقع في إطار الجهود الكبيرة لنقل الأدب العالمي الى اللغة العربية، غير أن هذا لا يضع خارج النقد. بل بالعكس فأن مسؤولية تجاه ما يترجمه هي لا تقل عن مسؤولية الكاتب. من هنا فأن ما ذكرته السيدة زهرة هو أمر يستحق التوقف عنده. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل جاء إختيار جويس للغة الفرنسية في هذه العبارة عبثا، أم انه كان متقصدا في ذلك كما في إختياره لإستعمال العديد من اللغات في هذا العمل العظيم؟ في هذه الحالة هل يجب على المترجم نقل ما كتبه بلغة أخرى الى العربية في ترجمة خاطئة، أم الإعتماد على خيار الكاتب؟ بعد مقارنتي لترجمة الأستاذ صلاح نيازي مع الترجمة الإلمانية وبالأصل الإنجليزي وجدت فيها العديد من الأخطاء غير المبررة، وربما كان من الأفضل للأستاذ صلاح نيازي الذي سبق له وأن أنتقد من سبقه من المترجمين ألا يخوض هذه المغامرة آخذا بنظر الإعتبار أن تغطية الأخطاء بالهوامش لن يحقق غرضه. لنأخذ على سبيل المثال وصف جويس لأمين المكتبة بكونه QUAKER وهي فرقة دينية كان لها أتباعها في إيرلندا وبريطانيا وامريكا. ولا أعتقد أن كلمة "الفرندزي" التي وضعها المترجم بين قوسين تعبر عن هذه الفرقة. أما الهامش الذي يشرح فيه المترجم الشخصية التاريخية لأمين المكتبة فهو زائد عن اللزوم.

جهد كبير
زعيم الطائي -

أرى أن ترجمة أستاذنا الجليل صلاح نيازي لهذا العمل بادرة تستحق التقدير بعد أن رأينا مافعله غيره بيوليسيس ، لكنني أزعم أن الترجمة قد خلت من النفحة الفنية والأستفادة من طلاوة العربية فأتت بلغة جافة وخصوصاُ في فصل المعلومات النقدية والنظرية هذا كون المتحاورين فيه من الكتبة والصحفيين ومتداولي الثقافة والكتب ،وقد صادف أن سألت المرحوم جبرا أبراهيم جبرا أن كان في مشاريعه ترجمة يوليسيس فأعلن بتواضع أنه عمل متعب ويحتاج الى جهد كبير يوقف له الأنسان حياته ،وللعلم فقد أثبت نقاد كثر ومحللون أن هاملت شخصية عصابية مصابة بالأنفصام أو مايشبه الجنون وليس الطيش كما تفضل البعض وأن كان هاملت ينطق بالحكمة أحياناُ ، وجميل أن يختلف البعض حول أختمالات الرجمة مما سيثري العمل ويكمل الجهد الكبير الذي بذل من أجله . ولو سلمنا جدلاُ أن فرانسيس بيكون في الهامش 248 هو من كتب مسرحيات شكسبير متخذا الأسم أستعارة فمن كاتب الأشعار الجميلة والسوناتات التي تركها شكسبير بأسمه ؟

الحب
اشرف عبد الر حمن شرف -

ما هوا الحب في اليمن اصبح الحب في اليمن كل كذاب