ثقافات

50 عاما على رواية وليام بوروز "الغداء العاري"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حياة كتاب أدهش وأقرف بمقادير متساوية

عبدالاله مجيد من لندن: تعتبر سيرة الكتاب جنسا أدبيا بانتظار مَنْ يطوره. وقليلة هي الكتب التي لها ميلاد غريب ونشأة أغرب مثل كتاب وليام بوروز "غداء عارٍ" Naked Lunch بل ان عنوان الكتاب الصحيح نفسه موضع تساؤل. هل هو "الغداء العاري" أم "غداء عارٍ"؟ صدر الكتاب بالعنوان الأول في طبعته الباريسية الاولى ثم طبعته البريطانية اللاحقة. وعندما صدر في الولايات المتحدة عام 1962 أُسقطت منه أداة العريف.صدر الكتاب أول مرة في صيف 1959. والقراء الذين طالعوه خلال السنوات الخمسين الماضية وجدوه مضحكا ، تنبؤيا ، مقرفا ، عصيا على الفهم وتجديديا على نحو مذهل. ومن المرجح ان تؤدي قراءة الكتاب قراءات متكررة الى تكثيف كل من ردود الافعال هذه.
يقول جيمس كامبل في صحيفة "الغارديان" البريطانية انه عندما عاد الى الكتاب مؤخرا كان أقل شعورا بالاشمئزاز إزاء مقاطعه الجنسية مما كان في السابق لأنه كان يعرف ما سيلي ويسرع في تقليب الصفحات. ولكن كامبل يقر بأن "المرونة التي تتسم بها لغة بوروز وسعة مخيلته بدت اشد تأثيرا من أي وقت مضى" ابتداء من الاستعارات الأدبية الى الهلوسات التهويمية.
في كل صفحة تقريبا من "الغداء العاري" ، إذ يتهشم المشهد الى كسرٍ كالوحة التكعيبية ، تنبري كلمات لنجدة القارئ ومساعدته على تخطي الحواجز: "كما كنتُ أقول قبل ان تقاطعني بفظاظة احدى شخصياتي المتعددة...." في اشارة الى ما كان يعانيه بوروز من انفصام. ولكن الكثير من "الغداء العاري" فيه من الغرابة حتى ان القارئ لا يملك سوى الضحك ـ كما يُفترَض ـ ولكن إذا كان تأثير القراءة قويا بحيث يحتاج القارئ الى عناية طبية فيحسن الابتعاد عن الأطباء المشعوذين.
ان "الغداء العاري" اهجوة وحشية تستهدف "السيطرة" بأشكال مختلفة ، من الرقابة الجنسية الى معاداة الشيوعية على الطريقة المكارثية الى انتشار المخدرات في العالم.
يعود بناء "الغداء العاري" في جذوره الى ما سماه بوروز تخطيطات سوريالية أرفقها برسائل موجهة الى الشاعر الن غينزبرغ. وعندما تكدست الصفحات على الأرض حول مكتب بوروز ، مع تلطيخ بعضها بآثار قدمه ، رأى ان كتابا يتشكل امامه. وتحدث بوروز لصاحبه غينزبرغ عن "فوضى مريعة من الملاحظات المطولة ورسائل" عليه ان يقرأها.
يقترح جيمس كامبل على مَنْ يكتب سيرة "الغداء العاري" ان ينطلق من الافتراض القائل انه رواية موضوعها كتابة الرسائل بقلم كاتب من عائلة اميركية مرموقة (جد الكاتب اخترع آلة حسابية) عاش حياة من المتعة والسفر والغراميات ينفق عليها من دخل خاص. واكتست المتعة شكل ادمان على المخدرات ـ قال بوروز ذات مرة انه يستطيع ان يحدق في طرف حذائه ثماني ساعات متواصلة ـ في حين كان السفر مدفوعا بالهرب من يد القانون والغراميات كانت في الغالب ممارسة الجنس المثلي مقابل ثمن في أماكن غريبة.
من مصادر الالهام القومية الأخرى كره الذات. كان بوروز شخصية مزدوجة احداهما تمقت الأخرى وكتب الى غينزبرغ حوارا بينهما يدافع فيه بوروز عن اسباب كل من الشخصيتين لكره الأخرى.
في اواخر الخمسينات ما من ناشر في نيويورك أو لندن كان سيتكرم على "الغداء العاري" بنظرة ثانية ناهيكم عن طبعة اخرى. ولكن في باريس كان هناك موريس غيروديا Maurice Girodias صاحب دار "اولمبيا برس" ذو الصيت السيء ولكن يُسجل له كان اول مَنْ نشر رواية فلاديمير نابوكوف "لوليتا" ورواية صامويل بكيت "وات" والترجمات الانجليزية الأولى لأعمال جان جينيه وغيرهم.
استمر "الغداء العاري" يعيش حياة غريبة بعد هذه الفترة ايضا. وفي عام 1962 اصبح الكتاب موضوع قضية قانونية في بوسطن بتهمة البذاءة والمجون التي مهدت الطريق الى قبوله في الولايات المتحدة بوصفه عملا ادبيا ينتمي الى الاتجاه السائد. بوروز لم يحضر المحاكمة ولكن حضرها الكاتب نورمان ميلر الذي وصف بوروز بأنه "الروائي الاميركي الوحيد الحي اليوم الذي لعله كان ممسوسا بالعبقرية" ، وهو وصف يقول نقاد انه لا ينطوي على مبالغة اليوم كما بدا وقتذاك إذا راعينا الدلالات الشيطانية لنعت الممسوس. يومها كان بوروز نبذ كل أعماله وقال انه يسعى الى بلوغ "نقطة حيث يكون لكتابتي ما لمصارعة الثيران من خطورة". وأبلغ صاحبه الشاعر غينزبرغ انه لن يكون قادرا على فهم الطريقة الجديدة "الى ان يتلقى التدريب اللازم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
توارد خواطر؟
عائدة رمضان -

الغداء العاري لهذا الكاتب والخبز الحافي للكاتب المغربي محمد شكري ..من اخذ عنوان روايته من الآخر؟///////من المحرر: لاعلاقة بين الكتابين، لا على صعيد الأسلوب ولا على صعيد الموضوع، كما ان كتاب بوروز نشر في منتصف الخمسينات عندما كان محمد شكري شابا وليس له صفحة واحدة مكتوبة...

غداء على العشب
syrian -

أعتقد أن إسم هذا الكتاب ، المثير للجدل ، ( الغداء العاري ) ، يحمل دلالة معينة : فكاتبه كان يودّ على الأرجح إحالة القارئ للوحة ادوار مانيه الشهيرة ( غداء على العشب ) ، والتي بدورها كانت قد أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الفنية بسبب موضوعها الغريب ، الجريء ؛ حيث تظهر عدداً من الأشخاص بلباس كامل ، وهم مستلقون بلا مبالاة فوق العشب وأمامهم أطباق الطعام ، تجالسهم إمرأة عارية تماماً تنظر مباشرة في عيني الفنان المصوّر .

معنى الغداء العاري
حسان بن ثابت -

الغداء العاري هو ليس من اختيار الروائي ولكن من صديق له وهو نوع من الغداء يتعبر تقليدا بين الحشاشين حيث الوليمة عارية بلا الرفاهية البرجوازية ولا طقوس ارستقراطية والشيء الوحيد الحاضر والمحترم هو الصداقة والمتعة والنقاء، الغداء العاري هو ايضا غداء بلا حدود ولا غطاء ومكشوف للحضور وهو دعوة للاكل والصدافة.