ثقافات

سبعة كتاب يلامسون قضايا اللحظة الفكرية الراهنة سعوديا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محفوظ يدعو للتواصل، والغيثي لتحديد نحن والآخر، والبلوي للفلسفة والعقلنة، والمحمود للانتماء المدني

عبدالله السمطي من الرياض: طرح سؤال الوحدة الوطنية بشدة في السعودية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، وما أعقبها من أحداث ساخنة في الغرب ومنطقة الشرق الأوسط، أفضت إلى احتلال أفغانستان والعراق عبر سيناريوهات سياسية تزعمت صنعها الولايات المتحدة الأمريكية التي كان يقودها المحافظون الجدد.لقد دخلت المنطقة في موجة من الانفجار القسري حيث كانت أصداء مصطلح " الإرهاب" تضرب بعمق في مسلماتها وأسئلتها. خاصة مع انتشار الموجة الإرهابية في المنطقة ووصولها إلى السعودية التي كانت حتى وقت قريب بمأمن عن هذه الموجة التي برزت على الأخص بين عامي 2003- 2005م
سؤال الوحدة الوطنية أصبح مطروحا في سياق هذه الأحداث، حيث أضحى الحوار الوطني يشكل القيمة المثلى التي تأتلف حولها مختلف التوجهات والأطياف بالسعودية، فأنشىء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليحتضن هذا الحوار ويكون موضوعه الأول: الوحدة الوطنية والمواثيق الدولية، وتبع ذلك إنشاء مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني مثل جمعية حقوق الإنسان، وهيئة حقوق الإنسان، وهيئة الصحافيين، ودمج التعليم، والعناية بحقوق المرأة.
في أفق هذا الوعي صدرت، وتصدر، مجموعة من الكتب التي تطرح سؤال الهوية، وسؤال المواطنة، ومن بينها هذا الكتاب الذي أعده وحرره الكاتب محمد محفوظ تحت عنوان:" المواطنة والوحدة الوطنية في المملكة العربية السعودية" وشارك فيه بالإضافة إلى محرر الكتاب، ستة كتاب هم: جعفر الشايب، وحسن حمادة، وسعود البلوي، وشتيوي الغيثي، ومحمد المحمود، ويوسف أبا الخيل، وجميعهم من كتاب الرأي في الصحافة السعودية، وقد صدر الكتاب عبر النشر المشترك بين مؤسسة الانتشار العربي، والنادي الأدبي بمنطقة حائل، ديسمبر 2008 وتم توزيعه خلال العام الجاري.

الوعي المفهومي:

بدئيا يبرز محمد محفوظ، وهو صاحب عدة مؤلفات عن المسألة الوطنية، والمواطنة، والحوار، يبرز معنى المواطنة، وعلاقتها بالوحدة الوطنية، وهو يرى أن الوحدة الوطنية الصلبة، هي التي تبني مواطنة قوية تتواصل مع كل التعبيرات وتنفتح على كل المكونات، " فالوحدة الحقيقية لا يمكن أن تعيش إلا في ظل المواطنة الكاملة". ومن هنا تجيء دعوة محفوظ الصريحة في المقدمة للوحدة الوطنية حيث يذكر:" إننا في هذه اللحظة التاريخية، نهيب بجميع مكونات المجتمع الوطني، إلى ضرورة الانفتاح والتواصل مع بعضهم، وذلك من أجل تمتين الجبهة الداخلية، وتعميق خيار التوافق وتجذير أسباب الوئام والالتحام الوطني". / ص 9
وهو في ظل هذه الدعوة يعيد التأكيد بصيغ متنوعة على أهمية الوحدة الوطنية، وعيه فإن المطلوب هو " بناء الوحدة الوطنية على قاعدة المواطنة الجامعة والمتساوية". والاعتراف بالتنوع، واحترام الخصوصيات، وصيانة حقوق الإنسان.
وقد أوضح الكاتب ذلك بتوسع في مقالاته التي يتضمنها الكتاب والتي حملت عنوان:" المواطنة وقضايا الانتماء الوطني" ( ص. 135-161) وفيها تناول معنى المواطنة، والمواطنة والثقافة الوطنية، وقدم عددا من الرؤى في الانتماء الوطني، حيث أكد على أن الانتماء الوطني يتجذر ويتعمق، ويأخذ دوره الطبيعي في حياة الإنسان الخاصة والعامة، حينما ينفتح هذا المفهوم على الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والإنسانية التي يختزنها الإنسان من روافد متعددة. كما أن الانتماء الوطني لن يتشكل إلا بإنجاز مفهوم المواطنة على نحو مؤسسي وعملي، والانتماء الوطني التزام ومسؤولية وكسب متواصل في مختلف الميادين لربط مكاسب الماضي بمنجزات الراهن، وصولا إلى مستقبل وطني جديد.

هاجس المواطنة:

ركزت الدراسات والمقالات التي ينطوي عليها الكتاب على التحديد المفاهيمي والمنهجي للمواطنة، والوحدة الوطنية، وأهمية الوحدة الوطنية في ترسيخ المواطنة والانتماء، والدلالات الفكرية والسياسية والسسيوثقافية للوحدة الوطنية في الفكر الغربي والفكر العربي الإسلامي، وباستثناء دراسة سعود البلوي: " المثقف بين هاجس التنوير وهم المواطنة" نأت الدراسات الأخرى بنفسها عن ملامسة الأسئلة الحقيقية الشائكة أحيانا التي تترى في خضم هذا الموضوع، حيث كانت الدراسات عمومية، لا تحدق في قراءة ما يخص المجتمع السعودي من قضايا وإشكاليات تتعلق بالوحدة الوطنية والمواطنة، كما نأت عن طرح حلول ما، أو تصورات واقعية جديرة بالتأمل، وانشغلت بتقديم إطار تعريفي يوضح أهمية الوحدة الوطنية بشكل نظري.
في المقالة الأولى للكاتب حسن آل حمادة التي عنونت ب:" في معنى الوحدة الوطنية"( ص 13-29) يفاجأ القارىء أن المقالة عبارة عن عرض لكتاب :" الإصلاح السياسي والوحدة الوطنية: كيف نبني وطنا للعيش المشترك" وفيما ألمح حمادة أن المقالة هنا عبارة عن " مساجلة" مع أفكار الكتاب، نجد أنه لم يتعد حاجز العرض والتلخيص لأفكار الكتاب، ولم يقم بقراءتها نقديا أو فكريا، فانتفت هنا " المساجلة" وتجلى التلخيص والتضامن، على الرغم من أن محفوظ تناول في كتابه قضايا متعددة مثل: التعليم، والثقافة، والمرأة والإصلاح السياسي والاجتماعي، والأمن وجدلية الحرية، وهي كلها عناوين كبيرة تحتاج للكثير من التأمل والبسط.
وركز شتيوي الغيثي في دراسته:" محاولة لتأصيل المواطنة"( ص. 31-59) ( على عرض نظري لمختلف الأفكار التي تتعلق بهذا الموضوع بوجه عام، متحدثا عن المواطنة وتأصيل الدولة في سياق الفكر الأوروبي، ثم في سياق الفكر العربي، ثم تناول إشكاليات المواطنة في المجتمع العربي التي تتمثل في ثنائية الدين والدولة، والمجتمع المدني، وحقوق الإنسان، والقبلية والطائفية، والاتجاه نحو الديمقراطية، وكلها أسئلة مهمة جدا، لكن الكاتب لم يتطرق عبرها ليطبقها على المجتمع السعودي، لكنه يخلص إلى أن أهمية العمل على مبدأ المواطنة تأتي في سياق الحديث عن الإصلاح وإحقاق الحقوق للمواطن باعتباره مشاركا في الكيان الوطني.
وفي سياق أفكار دراسة شتيوي الغيثي تأتي جل دراسات الكتاب، فيكتب يوسف أبا الخيل عن:" الوطنية والمواطنة في ميزان الإسلام" ومحمد علي المحمود :" الوطن والوطنية والانتماء المدني" وجعفر محمد الشايب:" المجتمع المدني وقضايا الوحدة الوطنية" ومحمد محفوظ:" المواطنة وقضايا الانتماء الوطني"، ومن المثير في الكتاب هنا أن خمس دراسات من بين دراسات الكتاب السبع، لم تشر من قريب أو من بعيد إلى المجتمع السعودي، ولم ترد بها على الإطلاق أية إشارة للمملكة العربية السعودية، حيث جاءت الدراسات لتناقش مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية في إطار نظري يشير دائما إلى الفكر الغربي والدول الأوروبية، أو يشير إلى الدول العربي والإسلامية بوجه عام، أو يشير إلى الماضي الإسلامي الزاهر، وهو الأمر الذي يبدي هنا مأزق المثقف حين يتناول قضايا بلاده، فبدلا من أن يلامسها بشكل واضح جلي، يلتف حولها، ويتحدث بعمومية مطلقة.

الدراسة الناجية:

الدراسة التي نجت - بشكل ما - من ذلك كله دراسة سعيد البلوي :" المثقف بين هاجس التنوير وهم المواطنة" ( ص. 73-108) والتي تطرق فيها بداءة إلى إبراز دور النخبة المثقفة، مستشهدا بآراء لإدوارد سعيد، وعبدالإله بلقزيز، وفوكو، وريجيس دوبريه، والجابري، وعلي حرب، ومنيف، وغيرهم، ثم يشير إلى بعض الأحداث التاريخية والثقافية المعاصرة، ثل مصادرة كتاب:" في الشعر الجاهلي " لطه حسين، ومقتل فرج فودة، وانشقاق عبدالله القصيمي، وكلها قضايا تبرز مسألة حضور المثقف، وكيفية تعامل الدولة والجمهور معه، حيث يصل في هذا السياق إلى دور المثقف التنويري إزاء الأحداث الوطنية، مشيرا إلى دور المثقفين السعوديين في تجسيد المواطنة بعد حادثة 11 سبتمبر 2001، حيث قام المثقفون السعوديون بدور مهم في رفض وزعزعة الأسس التي يقوم عليها الإرهاب، ولم تكن طروحاتهم محل ترحيب آنذاك، وكثيرا ما يتم وصفهم بأنهم " ليبراليون" أو "علمانيون" وهذا يعني في اقلاموس المشايخي - كما يقول الكاتب- المروق من الدين الإسلامي. ويومىء الكاتب إلى بعض القضايا الاجتماعية التي شغلت الرأي العام السعودي كقضايا تكافؤ النسب، وفتاة القطيف، وتحديد الأشهر الهجرية فلكيا. ويخلص الكاتب إلى أن المرحلة الراهنة للثقافة والمجتمعات العربية، تقتضي ممارسة الدور التنويري من خلال الاهتمام بالفلسفة كأساس، ربما يكون الطريق الوحيد لإزالة الرواسب الثقافية، وبالتالي إلى عقلنة الثقافة، وبالتالي يجسد المثقف مواطنيته في تبني مواقف التنوير المتعلقة بالحرية والمساواة وتوفير الكرامة الإنسانية له ولمجتمعه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أين جائزة كتاب العام
سحر حامد بتلاوي -

ألم أقل لك ياأستاذ عبد الله في تعليق سابق أن هناك كتباً كثيرة تستحق جائزة العام لكن الشللية الطاغية على الساحة الثقافية، والعيون التي لا ترى إلا نفسها تعيق مشاريع أكبر..