روسيا تودّع ميخالكوف.. كبير شعرائها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عماد الدين رائف من موسكو: تودع العاصمة الروسية اليوم سيرغي ميخالكوف، إلى مثواه الأخير، وميخالكوف هو أحد أعمدة الأدب الروسي في القرن العشرين، وشاعر الروس الكبير مؤلف كلمات النشيدين السوفياتي والروسي، وناظم ترجمة النشيد الأممي، حيث
وكان قد قدم الرئيس دميتري ميدفيديفورئيس الوزراء فلاديمير بوتين تعازيهما لزوجة الشاعر الراحل ولإبنيه المخرج الروسي القدير، رئيس اتحاد السينمائيين الروس، نيكيتا ميخالكوف والمنتج السينمائي أندريه ميخالكوف - كانتشيلوفسكي بوفاة فقيدهم وفقيد الأمة الروسية.
توفي الراحل الكبير يوم الخميس في 27 آب/ أغسطس 2009، عن 97 عاماً قضى معظمها تحت الأضواء معاصراً حقبات مختلفة متتالية من الحكم تعاقبت على دولة واحدة، وجد ميخالكوف لنفسه مكان الريادة الشعرية في كل منها. ولد ميخالكوف عام 1913، قبل أربع سنوات على الثورة البلشفية، ويقال إنه بدأ الكتابة في عمر الرابعة، موجهاً تحية منظومة لأبيه. وفي بداية الثلاثينات من القرن الماضي بدأت الصحف والمجلات السوفياتية بنشر قصائده. ومن أشهر أعماله مجموعة من القصائد الموجهة للأطفال، وما زالت مؤلفاته من أكثر كتب الأطفال شعبية في روسيا وبعض الجمهوريات السوفياتية السابقة، وما زالت الكتب المدرسية تزخر بمقطوعاته الشعرية السهلة الحفظ. أثناء تكريمه في الكرميلن، جلس ميخالكوف إلى جانب بوتين، فأخذ الحنين رئيس الوزراء إلى طفولته، وشرع يذكّر الشاعر الكبير بقصائده الأولى.
الإطلالة الأخيرة
بعيد تكريمه بوسام القديس أندراوس، وهو الوسام الأعلى في روسيا الفدرالية، أطل ميخالكوف في مارس 2009 على جمهوره العريض إطلالته الأخيرة، بدا مبتسماً حالماً محباً للحياة رغم ارتجافة صوته وتقطعه، يجيب على سؤال كيفية توفيقه بين مراحل مختلفة متنافرة من تاريخ الروس، كيف عاصر مرحلة البلاشفة، وبناء الدولة السوفياتية، ثم الانهيار وروسيا الفدرالية الحديثة، يبتسم الرجل ويقول: "مررت بكل تلك المراحل، وتغيرت التسميات، ذلك صحيح، وألفت لكل مرحلة نشيدها، لكن نهر الفولغا، مثلاً، بقي هو نفسه نهر ، في كل المراحل". عن حياته الطويلة تحدث ميخالكوف، عن حبه للوطن، عن الحرية التي ضمنها أشعاره السهلة الممتنعة، لينتهي إلى تسليم أمره لله، يقول "إذا أردت أن تُضحك إلهك فأخبره بخططك عن الحياة، أنا لا أخطط لحياتي، بل أعيش يومي، وأعيشه كما أرغب، والله هو الذي يخطط لي خطواتي في هذه الحياة". يضيف ميخالكوف: "إذا أردت أن تنام مرتحاً لا تحمّل ضميرك أموراًَ تأخدها معك إلى الفراش، وأنا مرتاح الضمير.. وأنام مرتاحاً".. وهكذا بعد خمسة شهور من إطلالته، لا يملك أصدقاؤه ومحبوه إلا أن يقولوا: "اليوم، نام سيرغي ميخالكوف".
التعليقات
خالد بقصائده
سرى احمد -وداعا
انتهازي عتيق
مراقبون -أول كتاب صدر لميكالكوف كان وعمره 15 سنة. وتتالت نجاحاته حين ركب الموجة السائدة آنذاك، فحاز مبكراً على إعجاب ستالين و"نشرف" بلقاء الأخير في الكريملين. وطوال فترة "الواقعية الاشتراكية" المقررة على الأدب الروسي كان هو من الأسماء اللامعة، وشارك في هجمة الدولة ضد "شكلانية" بعض المبدعين كالموسيقار شوستاكوفيتش، وكتب الى الأخير رسالة نشرتها الصحافة الرسمية ينصحه فيها بالعودة الى وحدة الحزب والشعب! كان مترفا بالأضواء من حوله في الوقت الذي كان فيه الأحرار من الكتاب والشعراء والفنانين يعدمون و"يختفون" ويطردون من أعمالهم (ميخائيل بولغاكوف، مؤلف "المعلم ومارغريتا"، على سبيل المثال الذي انتهى به المطاف بلا عمل بسبب استقلاليته) أو حتى يدفعون الى الانتحار (مايكوفسكي مثلا). وجزاء تملقه ذاك نال جائزة ستالين ثلاث مرات. وحين تم القضاء على الستالينية لم تكسد تجارة ميكالكوف فقد ألف قصيدة هجاء ضد بوريس باسترناك الذي كان وقتها مُقصى من نعيم الدولة السوفييتية. وتتالت الرئاسات التي قام سيرجي ميكالكوف بخدمتها: بريجنيف، آندروبوف وتشيرنينكو، سواء بقلمه أو بوظيفته. وخلال هذه السيرة العطرة كان يوصف بأنه كان من السهل أن يحقد على زملائه، الأمر الذي يقف وراء "تقاريره السرية" ضد العديد منهم مما تسبب في إلقائهم الى المنافي.في 1985 كان صاحبنا ممن اعتمد عليهم غورباتشوف في البيروسترويكا، وقال أنه انتظرها دهراً طويلاً! وفي التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تذكّر فجأة بأنه كان من النبلاء، وبأنه كان قد أضاف عبارة الى النشيد الوطني، الذي كلفه ستالين بتأليفه، تمجد الرب. ويبدو أنه نسي أنه هو من كتب النشيد المدرسي الذي يوصي فيه الأطفال بعدم الوقوع في شرك الدين! اللافت ان صاحبنا لم يمدح بوتين الى الآن. وعندما احتفل بعيد ميلاده الخامس والتسعين يكون قد بدّل ولاءه وأفكاره أربع أو خمس مرات على الأقل.. مقطع من مقال عن ميخالكوف في إيلاف على هذا الرابط:http://www.elaph.com/ElaphWeb/AsdaElaph/2008/3/315898.htm
انتهازي عتيق
مراقبون -أول كتاب صدر لميكالكوف كان وعمره 15 سنة. وتتالت نجاحاته حين ركب الموجة السائدة آنذاك، فحاز مبكراً على إعجاب ستالين و"نشرف" بلقاء الأخير في الكريملين. وطوال فترة "الواقعية الاشتراكية" المقررة على الأدب الروسي كان هو من الأسماء اللامعة، وشارك في هجمة الدولة ضد "شكلانية" بعض المبدعين كالموسيقار شوستاكوفيتش، وكتب الى الأخير رسالة نشرتها الصحافة الرسمية ينصحه فيها بالعودة الى وحدة الحزب والشعب! كان مترفا بالأضواء من حوله في الوقت الذي كان فيه الأحرار من الكتاب والشعراء والفنانين يعدمون و"يختفون" ويطردون من أعمالهم (ميخائيل بولغاكوف، مؤلف "المعلم ومارغريتا"، على سبيل المثال الذي انتهى به المطاف بلا عمل بسبب استقلاليته) أو حتى يدفعون الى الانتحار (مايكوفسكي مثلا). وجزاء تملقه ذاك نال جائزة ستالين ثلاث مرات. وحين تم القضاء على الستالينية لم تكسد تجارة ميكالكوف فقد ألف قصيدة هجاء ضد بوريس باسترناك الذي كان وقتها مُقصى من نعيم الدولة السوفييتية. وتتالت الرئاسات التي قام سيرجي ميكالكوف بخدمتها: بريجنيف، آندروبوف وتشيرنينكو، سواء بقلمه أو بوظيفته. وخلال هذه السيرة العطرة كان يوصف بأنه كان من السهل أن يحقد على زملائه، الأمر الذي يقف وراء "تقاريره السرية" ضد العديد منهم مما تسبب في إلقائهم الى المنافي.في 1985 كان صاحبنا ممن اعتمد عليهم غورباتشوف في البيروسترويكا، وقال أنه انتظرها دهراً طويلاً! وفي التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تذكّر فجأة بأنه كان من النبلاء، وبأنه كان قد أضاف عبارة الى النشيد الوطني، الذي كلفه ستالين بتأليفه، تمجد الرب. ويبدو أنه نسي أنه هو من كتب النشيد المدرسي الذي يوصي فيه الأطفال بعدم الوقوع في شرك الدين! اللافت ان صاحبنا لم يمدح بوتين الى الآن. وعندما احتفل بعيد ميلاده الخامس والتسعين يكون قد بدّل ولاءه وأفكاره أربع أو خمس مرات على الأقل.. مقطع من مقال عن ميخالكوف في إيلاف على هذا الرابط:http://www.elaph.com/ElaphWeb/AsdaElaph/2008/3/315898.htm