ثقافات

الجواهري.. وعي على ذكرياتي!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الجبار العتابي من بغداد:صدر عن دار المدى للثقافة والنشر كتاب (الجواهري.. وعيٌ على ذكرياتي) لمؤلفه فلاح الجواهري ابن الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، يقع الكتاب في 360 صفحة من الحجم الكبير، بغلاف جميل تزينه لوحة تحتها نقش بيت من الشعر للجواهري كأنه يشير الى الجواهري ويخاطبه وهذا بالتأكيد ما يقصده المؤلف: (فأنت مع الصبح شدو الرعاة / وحلم العذارى اذا الليل جا)، كما تزينت صفحاته الداخلية بالعديد من اللوحات التي تحمل عناوين قصائد للجواهري وقد أخذت منها الفكرة والمضمون وراحت تتغنى بألوانها على مرأى من خلجات الشاعر، كما ضم الكتاب بعض الصور للشاعر تجسد مراحل من حياته.
الكتاب من عنوانه كما يتضح يتماهى مع كتاب الشاعر الجواهري الذي عنوانه (ذكرياتي) الذي اصدره عام 1988 وسجل فيه سيرته الذاتية، حيث يقتبس المؤلف منه بعض الذكريات، ويستعيد تفاصيلها ويضيف ذكريات اخرى يجعلها امتدادا لها، وهو يقصد ان تلك بعض الذكريات التي كتبها الجواهري الاب عاش لحظاتها الجواهري الابن (فلاح) فكانت كلماته تنبض بالشغف الذي يدرك كل ما مرّ به الشاعر ويتهجاه حرفا حرفا باللغة الفصحى وباللهجة العامية، يتسامى في ما يعلنه ليكشف أسرارا كان الجواهري الشاعر يراها بعينه فقط، من الجهة التي هو فيها، فيما العين الثانية كانت عين ابنه فلاح، وما حاول الشاعر ان يشرحه في (ذكرياتي) منحه فلاح توسعة وتفصيلا وكشفا، اي ان ما يفعله فلاح الجواهري هو سبر لأغوار ما خلف الكواليس للمسرح الجواهري الكبير فينسجه على منواله وكما التقط صوره واختزنها في الذاكرة بكامل نكهتها، وربما ما لم يكن الجواهري يعلم به اذ ان هناك تفاصيل لا يعلمها الا المؤلف حيث كان جزءا من الحدث العام.
افتتح الكتاب بكلمات قال المؤلف فيها: (يمضني الشوق اليك رغم انك لم تغب عني.. الى ابي.. الى الجواهري)، هذا استهلال مؤثر، كأن الموقف لن يسمح له الا بقول تلك الكلمات القليلة المعبرة، ثم يرسم إهداءه في الورقة التالية: (الى من خففت عني وحشة الغربة في الوطن، ومرارة البعد عنه، الى زوجتي الهام)، قبل ان يضع الفهرست لعناوين حكاياته، ولان الكتاب يحتوي على العديد من اللوحات الفنية المرسومة بريشة المؤلف فمن المفيد ان نقرأ سطورا عنه: انه من مواليد 1937، وهو طبيب وفنان تشكيلي اقام معرضه الاول عام 1957 واقام معرضه الاخير عام 2003 في لندن، وهذه اللوحات تشخص بسماتها التي دمها شعر الجواهري.
الكتاب يحتوي على قصص وذكريات عديدة وحكايات عاشها المؤلف في ازمنة مختلفة، 23 ذكرى معبرة عن وعيها التام وبوعي المؤلف بها وهي تتكون امام ناظريه، التقطها من ايامه مع الجواهري الاب وكان شاهدا عليها، فيرسمها بالكلمات بأسلوب ادبي جميل ليس كما هو معتاد في كتابة المذكرات او الذكريات، حيث يكون السرد نثريا بحتا، انه هنا يرسم الحكايات بلغة شعرية وفق سيناريوهات سينمائية غاية في الدقة والمتعة والجاذبية، يكتب اللقطات من زوايا مختلفة وهي تمتلك قدرتها على خلق نوع مميز من الدهشة يجعل القارئ في حالة حماس الى ان يصل الى التشويق الذي يفتح امامه حقولا جميلة، الخطى التي يخطوها تترك اثرها حيث انه لا يتصنعها بل يمضي بشكل عفوي مسترخ، قد تشعر بقسوة ذلك الفقد والرحيل على خلجات نفس الابن، الذي كأنه وهو ابن 72 عاما يكاد يقول لك انت (يتيم) وان ما زال يعانيه كبيرا.
الكتاب لم يحفل بمقدمة ولا استهلال توضيحي، والعنوان ذاته لا يعطي وضوحا بل يفتح بابا للتساؤل والاستغراب اذ ان كلمة (ذكرياتي) كان يجب ان توضع بين قوسين في اشارة الى كتاب الجواهري ذاك، ويبدو ان المؤلف تعمد فعل ذلك ليشكل انبهارا لدى القارئ، ولكن المؤلف وضع الاشارتين الموجعتين،اللتين خاطب فيه والده الراحل واهدى الكتاب فيها، ما بعد صفحة العنوان وانطلق في رسم انثيالاته التي تبدأ من (اللقطة الاولى) التي يرسمها ممتلئة بالتأسي، انه يبدأ من النهاية التي اعلنها الجواهري الشاعر لحياته، لكنه في اللقطة الثانية يتعمد ان يقرأ في رحيله والدته، والدة المؤلف ويزجي لها ما في نفسه وما في نفس الجواهري الشاعر، ويختتم اللقطة بشيء من قصيدة الرثاء الشهيرة (في ذمة الله ما القى وما اجد / أهذه صخرة ام هذه كبد)، وبالتأكيد ان المؤلف تعمد ان يقابل رحيل والده برحيل والدته، ويبذل لهما الوفاء معا، قبل ان ينحدر في سرد كل ما حفظته الذاكرة ويفصله باسلوبه الجميل ويتحدث عنه كما يحلو له بامتاع سواء من داخل بيت الاسرة او خارجه من احداث تستدعي الانتباه والكشف لانها جزء من تاريخ الشاعر والحركة الادبية والثقافية العراقية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مع التقدير
عباس الحسيني -

الان نطقت حقا وقدمت اثراً حقيقيا وافردت شأوا تراثيا خالصا. سلمت يداك.

محاولة ثأر رخيصة
نصيف الناصري -

ذكريات الجواهري السيئة التي أملاها على هادي العلوي وزوج ابنته الفنان المسرحي الزعوم المندلاوي . معروفة للجميع بتهافتها وتنطعها ومحاولات تبرير مديحه للبكر وصدام حسين . أغرب ما فيها هي عنترياته ضد النظام الملكي في العراق ويمدح فيما بعد ملك الأردن بقصيدته { اسعف فمي يا سيدي ليقولا في عيد ميلادك الجميل جميلا } محاولة ابن الجواهري هنا في كتابه الذي قرأنا بعض فصوله في موقع ايلاف . هي الثأر من زوج أخته الذي رفض هو وباقي أخوته تقاسم وصية الجواهري في مشاركته الإرث { من مديحه للحكام العرب الطغاة } . لقد ادعى هؤلاء أن المندلاوي لا يستحق قرشاً واحداً من إرث الجواهري مع أن المندلاوي قام باعباء عظيمة في رعاية الجواهري في مرضه وفي شيخوخته . بالتأكيد أن الجواهري مؤسس ثقافة وشعر الدم في ضميرنا العراقي الراهن سيظهر في كتاب ابنه هذا أجمل ملاك . مصيبة بشرفي

الى نصيف الناصري
خضير علي -

انت لست عراقيا انت فلس وطبن حاقد على العملاق الجواهري لانه مدح الملك الراحل الهاشمي االحسين رحمه الله بقولهاسعف فمي يخرجك عسلا ناطفا لا مداهنا معسولايابن الذين تنزلت ببيوتهم سور الكتاب ورتلت ترتيلاهذا ما اغصبك يا فلس طين يا تخريري ولك الحواهري هو ثالوث دحله --الفرات ---- الجواهري

مذا قدم هذا للعراق؟
عراقي متشرد -

تاريخ العرب حافل بعشرات الألوف من مجلدات الشعر والأدب ولم تشفع لنا بأن نتقدم خطوة واحدة الى الأمام،فهل نحن بحاجة الى شعر الجواهري أو غيره؟هل سجن هذا الشخص لأنه عارض الظلم الذي كان يعانيه العراقيون أم تركهم ورحل الى براغ ليعيش عيشة المجون؟هذا الشخص كان في بداية حياته معممآ،ورأى أن العمامة لا تجلب له المال والجاه كما يحصل اليوم في العراق فتخلى عنها وسلك طريق المدح، فمدح ملوك العراق الذين أغدقوا عليه العطاء وفي ذلك وجد ظالته،لكنه قبل ذلك ذم العراق في قصيدة نشرت له في جريدة الزوراء في السنوات الأولى من العشرينات وفيها يحن الى بلده ايران ـ كما جاء في تلك القصيدة ـ وكال له الأطراء والمدح وأنه لولا وجود أهله وأصدقاءه في العراق لما بقي فيه يومآ واحدآ.من يشكك في كلامي فعليه أن يراجع أعداد تلك الجريدة.تقلب ولاؤه بين الشيوعيين والبعثيين ،ومدح البعثيين الذين سماهم الباعثون،ثم رحل الى براغ وكان يقبض راتبه من سفارة صدام، وهناك كان يسميه العراقيون أبا نؤاس وأبا الشمقمق وأبا دلامة لمجونه وحياته الخلاعية،علمآ أن هؤلاء الماجنين الذين عاشوا في العصر العباسي قد تابوا الى الله بعد أفول شبابهم عكس صاحبنا الذي استمر في مجونه الى آخر حياته، والقصيدة التي يتغزل بها بطفلة شيكية في الخامسة عشرة والتي تمناها أن تكون من منى خير دليل على ذلك.شاهدته في لقاء تلفزيوني يقول أنه قد نسي طريقة الصلاة ولكنه ما زال مؤمنآ بالله وهو ليس غريبآ، فمجتمع النجف كالسيارة القديمة التي تم صبغها للتو،تلمع من الخارج ولكن الصدأ يأكل جسدها من الداخل.في بداية السبعينات كنت في مطار البصرة بانتظار الطائرة المتوجهة الى بغداد ،وكان مهرجان المربد على وشك أن يعقد وحدقت في قاعة الأنتظار ورأيت الذي يسمونه شاعر العرب في وسط القاعة وأمامه عدد كبير من زجاجات الخمر وكان يومها في أرذل العمر.مدح حافظ الأسد والملك حسين وصدام والبكر وملوك العراق،فهل يستحق شخص يمدح هؤلاء أي احترام؟سيشتمني الكثير من الجهلة وأشباه المتعلمين لكنني أقول لهم:والشعراء يتبعهم الغاوون.وخاصة اذا كانوا ماجنين ومتلونين مثل صاحبهم.

الى نصيف الناصري
حاتم حميدي -

مات الجواهري والذي في حياته كان صديق كل سلطه بائسه ومضحكه بمافي ذلك اليسار العراقي,عاش في براغ وتغنى بجمالها وهي حقا أخاذه ولكن كان هناك حزن وخوف بليد ألم يصل الى مجساته ,بعد موته هناك وحوش ادميه تمنع كل رأي خارج الرواية المشروخه التي تقول كل شيْ ولاتقول شيْ,وهم عائلته وتذكر وقاحتهم عندما أرادوا منع مداخلة هادي العلوي في عدد خاص بالجواهري في مجلة المدى

قرن في الحياة
علاء بشير -

قرات الجواهري وعي على ذكرياتي لفلاح الجواهري الذي اتاح للمهتمين بحق بالادب العربي ومبدعيه زاوية نظر اخرى دقيقه ومخلصه للتعرف على ودراسة جزء من تجربة الجواهري احد عباقرة الشعر العربي التي غطت قرن من الزمن الصعب . ليس سهلا ان تختصر عبقرية وتجربه انسان مثل الجواهري بكلمات وجمل مهما حسن اختيارهاوابدعت صورها من قبل كاتبها الذي اهنئه على اسلوب السهل الممتنع الذي كتب فيه كتابه هذا . براي ان قراءة اي كتاب عن مبدع كالجواهري كرؤية ضوء انفجار دون صوت . اين المشاعر والاحاسيس التي تنتج هذا الابداع كيف تكتب او تصور؟ أهو الجدل الابدي بين الروح والجسد؟

الجواهري هو الجواهري
محمود -

عزيزي فلاح اهنيك على هذا الانجاز الفاخر : طبع ما نشرته في " ثقافات " ( ايلاف ) عن والدك الجواهري في كتاب " الجواهري .. وعيٌ على ذكرياتي " . بالمناسبة ، انت احدى اروع القصائد التي انجبها الجواهري . لكنك تتقشف في الظهور ، اعلاميا ، كفنان تشكيلي ( وطبيب ) بارع ، مكرَس وراسخ . انت تتصرف بتواضع النساك الذين لا يغادرون صوامعهم الا لمساعدة ساق زهرة على ان يقف مستقيما ، او لجبر جنح مهيض ، او ... للتبرع بالدم الى مرضاه !انتظر بشوق نتاجاتك الجديدة رسما ونثرا .محمود