ابراج الوحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حسن بلاسم
2004ـ 2008
الى اصدقائي الذين ارسلوا جثثهم الي ليلا عبر البريد الالكتروني
الى الشاعر كورش قادر، الى النحات باسم حمد
ـ يجب شراء اعلانات الشعر
ـ غناء شخصية كارتونية
ـ ثلاثة اثداء
ـ سكين تقشير الفواكه
ـ صورة فوتوغرافية للمرأة التي دخلت المقبرة عارية
ـ صوت من الثلاجة
ـ ميت في طبعات
ـ قصة تتحول الى شعر من دون سبب
ـ عزيزي القارئ
ـ زوايا
ـ أبراج الوحدة
ـ حشرات ووقاية
ـ كل كتاب عملة ورقية بوجهين
ـ لم تكن الزجاجة في مشكاة
ـ البسطاء
ـ الله
ـ خادمة شيعية
ـ امرأة عربية
ـ ذئب الحراسة
ـ وتدور الطاحونة في احلامي
ـ تعال ايها الديناصور
ـ الشعر هو كتابة عن الشعر
يجب شراء اعلانات الشعر
الاعلان
أبيع جسدي أبيعه بأبخس الأثمان
أبيعه شرائحا وأبيعه في قناني النبيذ
أبيعكم بالمتر والغرام
أبيعكم من دون غش، أبيعكم الصدر والاكتاف والأضلاع. أبيعكم الجذع، أبيعه مع ابتسامة عريضة. علقوا عليه القمصان الصيفية. هذا الجذع ياسادة يصلح كمرآة اثرية مشروخة. اقتربوا، تفرجوا، انه مناسب كهدف للتصويب في معسكر الجنود.
اصابع يدي، انظروا، لتسلية العجائز. اصابعي هادئة، كملاعق فضية قديمة
أبيعكم جسدي يا مصاصي الدماء
أبيعه بكل محبة وتواضع
أبيعكم يا اصادقائي القدامى ويا اصدقائي الجدد
أبيعكم كبدي ورئتي وكليتي
قلبي، اوه hellip;..
قلبي الف حاجة وحاجة. منفضة سجائر.هدية غامضة في عيد الميلاد. اسفنجة لتنظيف مقعد المرحاض. صورة للبحر من دون اطار. رمانة مخمرة منذ القرن الثامن عشر. عجينة دم لخبز اسود. لكن قلبي لايصلح كقطن لسد الجروح، ربما ينفع لمسح زجاج النوافذ او كقطعة لحم لكلب جائع.
اشتروا ساقي الحزينتين
اشتروا قضيبي للعادات السرية
اشتروا عيني لحراسة الليل
اشتروا معدتي لهضم الألم
دماغي مع قليل من التوابل يساعد المرء على كتابة الشعر. شفتي مطبوعة على الورق، ملصق لتخويف المدخنين. جلدي لخياطة اقنعة مسرحية.
ضعوا مؤخرتي في صالات الاستقبال بدل روؤس الثيران.استخدموا اذني لإضحاك الاطفال.اربطوا عظامي كحبل لنشر الغسيل.
اشتروا اسناني المنخورة لصنع قلائد الشعوذة
اشتروا دمي لتعميد الوحدة
تعالوا..... تفضلوا......اشتروا..... اتوسل إليكم.......
احتفظوا برأسي كمزهرية.إشتروا مع الزهور الكثير من لحمي. ضعوا قطرتين من أنفاسي في طبق الفاكهة. فرقوني في بطونكم. رشوني على الأسرّة.إطحنوني وأنثروني.... لِمَ القبر وحده من يشتهي؟
ماركة مسجلة
انا عراقي ولدت في عام 1973 في بغداد، لكني أذكر ايضا انني ولدت في سفينة نوح من قرد نام مع سحلية، وكان البحر هائجا. لا علينا أن نمحو آثار السعادة ونحن في الطريق كي نحرق الأمل في القصيدة، تقول الاغنية. لكن الكأس الذي تلفه الأفعى هو رمز يجب المحافظة عليه مطبوعا على أغلفة الأدوية. والأهم من ذلك، تعميمه على شواهد القبور بدل الصلبان والآيات القرآنية. يمكن اضافة موضوع الوحدة الى قائمة السموم الطبية. ومعها الشك وزهرة الخشخاش.
يجب تكرار الكلمة: الأنسان الأنسان الأنسان، الى أن تصاب بالدوار
انا هندي ولدت في معبد بوذي من رجل نام مع تمثال في ليلة ماطرة
انا سوريالي متطرف لا اؤمن بالتماسك
انا كاثوليكي تزوجت من اصدقائي الذين ماتوا من دون سبب
يجب التحقيق في مركز الشرطة مع جميع الارحام
يجب تعذيب الكآبة في سجن انفرادي
انا شيعي ولدت من زواج متعة في ظهيرة تموزية
انا أسير هارب وعشرون كلبا يلهث ورائي
يجب تحريم الدخول في إمرأة من دون وضوء
يجب ممارسة التمييز العنصري ضد الله
يجب تلقيح الشعر بمرض العدوانية
يجب فضح الحب في السينما
انا ثلاجة موتى ملوثة بدم أصدقائي المتجمد في قلبي. وفي رواية اخرى انا عراقي مت في المنفى، لكني اشعر انني قتلت بالخطأ في بيت عاهرات. كنت احاول ان ادفع بالشعر الى الخطوط الامامية. كنت احاول ان أجرّه عنوة الى الخنادق، حيث يتبرز الجنود من شدة الخوف ويحاربون، من دون أمل، في أرض غريبة. ثم اصبت بلوثة الحكمة عن طريق العدوى: لقد ُخذِلتُ، قلتُ. يجب ان اشتري كلبا وأشيخ. حسنا، لقد افلحتم جميعا في هزيمتي، لم يبق أمامي سوى ان أزوّر التاريخ وانتصر لمعركتي. دعوني الان اعقد معكم هدنة سلام. دعوني اكتب عن النوم الذي حرمت منه طويلا. كل النيام يكتبون قصائد رمزية عظيمة. حتى القاتل حين ينام تسقط عنه جرائمه. انظروا الى قسمات وجهه المهذبة التي تفوح منها رائحة طفل رضيع. انا خفاش مدهون باللون الأحمر في صحن فاكهة. يجب تدريس موسوعة الخوف في المدارس الابتدائية. يجب التركيز على مادة تاريخ الشيخوخة. لايمكن حشر المكتبة في الصيدلية. المقبرة هي الصيدلية. انا مشهدُ حريق في مسرحية رديئة، مشهدٌ تفحمت فيه جميع الحقائق الورقية. على كل حال، يجب الانتباه الى خطط اعادة الاعتبار للقرون الوسطى بحيل الكترونية. انا ما زلت أُصلب في قضايا دينية.
لابد من بناء سفينة نوح جديدة...
غناء شخصية كارتونية
يمكن تلحين المقاطع الغنائية فقط اثناء القراءة
بحشائش أو أغصان صغيرة يستر الصيادون قبعاتهم ثم يختبئون خلف الأشجار كي يطلقوا موتهم الخاص. الموت الآخر لايفعل ذلك، هو يتجول عاريا في المدينة وفي يده كيس زبالة. يرددون بعد الجاحظ أن الأفكار ملقاة على قارعة الطريق. أما أنا فعثرت على حجر غريب له شكل قلب حيوان مذبوح. أخذت أحمل الحجر وأصفر لحنا يقول: تعال يا كناس العراة، تعال وشدّ شعري من الحاوية، تعال....
أراقب سيارة إسعاف مسرعة. أنا في الطريق الى حلاق الرؤوس. الأحمر والأصفر والأحضر ثلاث عيون في رأس العمود. ثلاثة ألوان يمكن أن ترسم الشمس فيها وهي تزرع الحديقة بالنور. لكن الأصفر هو عندنا لون التردد والمرض والجنون. أجتاز خطوط العبور، مثل تلميذ كسول. ويقولون إن الرجل هو الأسلوب. الأحمر هو لون الحب ومرات كثيرة هو لون الكراهية.، ثم أفكر بأسلوب الموت وإن كان هو أنثى. الحجر طفل بثوب أخضر عند حافة النهر. أضع صورة الطفل في جيبي وأصفر: الحياة يا حياة يا حياء الميت يا أحياء...
في المرآة يبلل الحلاق رأسي برذاذ الماء.أشعر بدغدغة أفكاري. ويقولون إن القصائد مجرد كائنات تحتضر. يتحدثون في قاعة مغلقة عن نهاية الشعر. وفي الصحف عن موته. يقولون إنه عصر الرواية والسينما. سيندمون بعد قليل ويطالبون بكتابة شهادة وفاة للسينما والرواية. سيقولون من جديد إنه عصر العبث، وإننا بحاجة الى أن نقرأ القصائد على سطح القمر كيلا يَجْمُد الأمل. الحجر يغني فوق سطح القمر: يا نور يا أرض يا عيني يا ثور السماء يا ثور..
أضعُ وصايا صفراء، فأنا اصلع ولن يجد الحلاق شعرة واحدة في رأسي. يبتسم المقص وهو يغني: الحياة حلوة بس نفهمها...
ـ تناول الطفل دواء أبيه فتسمم ورحل ـ لا تثقوا بالأباء.
ـ شعرة في الحساء تركته يتقيأ ـ لا تدفعوا الحساب.
ـ فقأت عينه في شجار بين رجلين ـ تخليا عن فكرة السلام.
ـ قتل جاره فاتهموه زورا ـ إذن كونوا قتلة بدل ان تكونوا ضحايا.
ـ خرج بقميص صيفي عاد بمظلة مطرية ـ أضحكوا من الله.
المهم أن تقفوا على أهبة الاستعداد. إرتدوا الأقنعة الواقية. احذروا من قضية الانسان الذي دخل جسد الحيوان الى الابد. مع السلامة. تحياتي. سجين يصفر في زنزانته: حتى الظلام... أجمل في بلادي... يحتضن...
صدريات القصابين ملطخة بالدم.
هم رجال مفتولو العضلات.
لكن الموت ليس كذلك. الموت رشيق وعار ونظيف
وفي يده حقنة طبية
كما أنه لايغش في الوزن.
عامل نظافة يغني عاريا:
أكنسكم يا عراة...
أكنسكم يا جبناء..
أكنسكم يا زبل الحياة...
يا يا يا ليل يا ليل يا ليل المقبرة يا ليل...
لهذا كله طلبت من الحلاق أن يضع على رأسي باروكة غوريلا...
سكين تقشير الفواكه
هذا نص عن القارئ. لدي حقنة طبية لن أستخدمها إلا عند الضرورة. انا محتال، أكذب في اليوم ثلاث مرات على الأقل، وأخون زوجتي كل شهر مع إمرأة أخرى. اما من أيّ ماض أتيت ـ فهذا سؤال جيد. لقد خرجت من مدينة يسفك فيها الدم لتبقى العتمة متقدة. العتمة تلقي ظلالها على حاضري مثل شبكة مخصصة لصيد الدببة. لذا أنا لست سمكة في شبكة، بل مسخ في عتمة. القارئ الذي أتحدث عنه هو إمرأة. إنها القارئ الوحيد الذي يمكن مضاجعته وشم إبطيه أثناء قراءة قصائدي. إنها شأن كل القراء الذين أشتهيهم كالمجنون. قراء أصرخ في وجوههم وأدللهم وأهجرهم وأعود اليهم نادما وأناقش معهم الفواتير المتأخرة وأغسل معهم الصحون وألحس لهم... ويمصون لي... قراء أضحكهم وأبكيهم. قراء أشتم أفكارهم التافهة حول الحياة والجيران. قراء أشاهدهم يتبولون في المرحاض ويستحمون معي وأراقب انتهاء دوراتهم الشهرية. قراء يفزعونني برغبة الإنجاب. قراء يجيدون طبخ الدولمة ويعدون َسلطات سيئة. قراء غيورون. قراء أحتضنهم ليلا وأبكي. لقد تزوجت من قارئ لأنه كان معجبا بقصائدي. هي القارئ الوحيد الذي كنت أكتب من أجله. هي زوجتي التي تجلس الآن في غرفة التحقيق في مركز الشرطة. هي القارئ الوحيد الذي تمكنت من طعنه من دون أن يموت. هي القارئ الوحيد الذي دخلت بسببه السجن. الشرطة لاتعرف بأنني أحتفظ تحت وسادتي بحقنة سمّ. أحلم في الليل بجيش من القراء العراة يهجم على قضيبي. وأحلم بأنني شاعر يمص دم قارئه في فيلم رعب. هذا نص عن شاعر تزوج من قارئه. هو نص عن الخطأ والسكين. نشروا أخيرا في الصحف تحذيرا من قراءة نصوص شاعر أو مضاجعته. ونشروا مع التحذير صورة فوتوغرافية تعبيرية لشاعر يكتب بطرف السكين. إقترنت زوجتي أخيرا بشاب مهندس ولديها اليوم طفلة. أما أنا فأمامي ثلاثة خيارات لاغير. إما إغواء قارئ جديد وإما قتل القارئ القديم بعد خروجي من السجن وإما أن أغرز تلك الحقنة في رقبتي. هذا نص عن الماضي والانتظار والحلم. عشاء اليوم في مطعم السجن رز وفخذ دجاجة. سنؤجل الحديث عن القراء الى يوم آخر. فأنا جائع جدا. ولكم كان مبهما دم القارئ على سكين تقشير الفواكه.
والآن هذه سبع وصايا أخيرة:
لا تتزوج من قارئ
قشّرْ رأسَ القارئ بسكين
لا تبخل على القراء بعروض للسخرية
أخلق قارئا ودع قارئا آخر يقتله
نم مطمئنا وفي دولاب الملابس جثة قارئ
لا ُتسجنْ من أجل قارئ
لا تزن مع القراء
صورة فوتوغرافية للمرأة التي دخلت المقبرة عارية
أمراة عارية، هي قضية شعرية تعني لي الكثير:
الموت كئيب الى الحد الذي لايطاق
ضرب المرأة أثناء ممارسة الجنس رياضة أخلاقية
ضربها الرجل رياضة واقعية
مضاجعة نساء بمختلف الأعمار فيه عافية و بركة
للزمن في سن العشرين مذاق هو غيره في سن الخمسين
الفارق كبير بين الفخذين
الموت حارس يراقب الجسد
الروح لص لا يجب معاقبته
والرغبة حصان يجب عدم ترويضه في مزرعة
تأوهات المرأة العارية يجب أن تطبخ في عدس الفقراء
خيانة المرأة التي تعشق هو فن الخوف من الموت في بعض الأحيان
خيانة وطن هي قضية مدرسية صغيرة
خيانة الشعر قضية مضحكة
خيانة الروح لا تغتفر
خيانة الروح قضية لا تنفعها قاعات المحاكم
أقول ايضا بأن مشهد المرأة العارية هو فأل حسن
والمني المخلوط بالحب قضية مخترَعة
تلتصق بجسد المرأة كي تثبت أن جسدك موجود ايضا
الله قضية معقدة ما زال هناك مناضلون من أجلها
الله غير مسوؤل عن قضية الخيانة
الله نادم لأنه عاطل عن العمل - ليس لديه قضايا ملحة
الخيانة رياضة روحية لاكتشاف أسلوب انسانيتنا
مع أن مذاق الزمن يختلف،
لكن تقبيل فتاة صغيرة هو لذيذ مثل تقبيل سرّة أمرأة في سن اليأس
لنقل بطريقة كسولة إن الموت مائدة خشبية
والمرأة العارية زجاجة عطر
والزمن حكم ُ ملاكمة وهمية بين جسدين عاريين
في مضاجعة البارحة، هل شهقنا سوية مثل وليدين من بطن واحدة؟ كنت أدفع بحبٍ وأنتظر عسل دمك المصحوب بصراخ الغابة. كنت أفكر: أنا ريح وأنت طاحونة قمح. كنت أجمع الفراشات من بظرك بطرف لساني. هذه الصور، غير موجودة في ألبوم الموت يا حبيبتي. حلمة نهدك حين تتجمر بحاجة الى صورة فوتوغرافية. علينا ان نحتفظ بجميع صور الحب في دولاب العبث ونغني. الموت ياحبيبتي، قضية عادلة. أحلم ان السماء تمطر فوق قبري. وأحلم ان نهديك يصرخان حانقين في وجهي. الأحلام قضية نبيلة بحاجة الى حفظها في ثلاجة الليل من أجل أن لا يتفسخ النهار.
صوت من الثلاجة
ـ لن اهتم، فغدا ً أنا ميت...
أطبطب على كتفي ليل نهار بهذه الحكمة الخاملة
حكمة تعرج، بسبب شياطين الحياة...
حياتي تشبه أحشاء بقرة مبعثرة في دكان القصاب، و اشعر اني أعيش في هلسنكي منذ قرون، وهذا يعني أني أعيش في ثلاجة. فأنا برتقالة لاجئة في ثلاجة، او ربما شريحة لحم الخنزير. من قبل كنت أقول لك يا صديقي، بأن خلق الرعب هو من أولويات الفنان ثم تأتي بقية الأحاسيس والمظاهر والافكار واللعب واللغة والتشويق كزخرفة فنية. صدّقني، ليست فيّ اليوم رغبة وحتى لإعادة الانفاس التي أزفرها من صدري. هناك مضخة دخان في رأسي تنفث الأمراض على مدار الساعة. انا بأمس الحاجة الى التشبث بحكمة واحدة صغيرة في هذه الحياة. أحتاج الى طوق نجاة للخروج من بئر شكوكي المهجور.
من المفروض أني تعلمت الدرس: أن أجلس فوق المصطبة مثل تمثال حي، وان اتعلق في لعبة التهكم. لكن من المفروض ايضا أن يلقي أحدهم في جنازتي مزحة. لاأدري ان كانت تخص أنفي الطويل...
أنف الانسان مزحة في جنازة
وربما تكون أذنيه أو كرشه...
كرش الانسان طبخة كوميدية من الخراء.
انا موقن من أني سانتهي والدرس معي في قاع النهر.
في قرية نائية أتلفتها الذاكرة، كان أحدهم يجوب مناديا: المزحة ستنقذ العالم في نهاية المطاف، نظفوا صدوركم من الخوف، استسلموا لدغدغة الريح...
لكنني أريد أن ابكي مع مئة طفل تحت الشمس
أن يشرح لي احدهم قيمة السلام التي تساوي قيمة الحرب
يخيل إلي أني أمشي وسط زحام الشارع وانا أمارس العادة السرية بقضيب من جليد. لامن أجل التهكم بل من أجل المخيلة، وربما من أجل أن أجرح يدي.
المخيلة التي تقول: كن بقرة تضرط قبل النوم
الانسان الذي يكتب: عن فلسفة الغائط
يدي التي تنزف بسبب الخوف من الحب
مع ذلك ياصديقي، انا اؤدي جميع واجباتي مثل طاقم أسنان جديد في فم عجوز في أرذل العمر: أكتب من أجل ان لا أعود الى بلدي،
و من أجل أن لاأعود الى اي مكان آخر.
أقول للأبقار الأخرى ( صباح الخير ) و (ليلة سعيدة ).
أشاهد التلفزيون وأطلق حسرة على تسميمهم البيئة.
أكذب ُ إن سألت عن مشاعري الحقيقية تجاه الاطفال،
وأدخن علبة سجائر اضعها على صور الاطفال الذي أحرقتهم الطائرات.
أدندن مع الاغاني الشعبية وأبدي الملاحظات حول المطرب والحكاية،
أدعي أنني أنسان نظيف غدر به الزمن.
أحاول أن أفكر مع الحالمين بشفرة الوجود والحكمة، بضياع الله وصمته.
أحاول أن أُضحِك أصدقائي حين نثمل،
أحاول أن أضاجع الزوجة بكل ما أملك، بلساني وزبّي وأصابع يدي وساقي أن أدخل أمعائي الغليظة ونصف شراييني وأنفي الطويل...
أنفي الذي سيحضر جنازتي كذكرى هوائية
امي التي بكت على أكثر من شعب يحترق
ابي الذي تعطل قلبه في جبهة الحرب
اخوتي الذي سرقهم رجل يرتدي عمامة سوداء
الارض التي تدور بسبب طاقة الصدفة الازلية
أنا الذي يكتم ضحكته كلما لحست مؤخرته ذبابة الليل
ماهي ذبابة الليل ياحبيبي؟
ذبابة لاتزور الجميع، هي، وياللمفارقة، رشيقة مثل عارضات الازياء
لكنها واقعية مثل واقعية المرآة التي تنظف أسنانك امامها
او مثل واقعية الطيور التي تحلق فوق المقبرة
من المفروض انني سأضع سلسلة مؤلفات علمية عن الواقعية
سبعة اجزاء تتحدث عن واقعية واحدة لاغير
ماالفرق بين الليل كواقع ومعجون الطماطم كواقع ايضا..
قد يتحول الليل لبرهة الى نمر يعدو باقصى سرعة
وقد تتحول الطماطم في حلم امرأة الى اثداء تتضخم
الحياة في ثلاجة يا حبيبتي ليست مثل الحياة في الخارج. الحياة في ثلاجة تحتاج اولا الى الكآبة، ثم الى مصاريف كبيرة. فحياة محرومة من الكحول كهذه هي حياة مخيفة، هي تفاحة تتعفن، علبة سردين من البحر الأبيض في ثلاجة. الحياة ياصديقتي العزيزة قصيرة، ونحن قد جمدنا من فرط الحزن والشكوى. هناك ايضا حاجة الحياة في ثلاجة الى تعلم الصمت. فالبرد القارص هو عقوبة لمن تحدث طويلا من دون جدوى. في الثلاجة نحن نقرأ عن الخير والشر مثلما نقرأ عن نشرة الأنواء الجوية. في الثلاجة يرتدي مقدم الأخبار درعا شتائيا ويطبع على وجهه إبتسامة عريضة كي لا يجمد المشاهدون. هنا الدم لايسيح كما يسيح على الأرصفة في بلادنا. الدم هنا ياصديقتي يتجمد. صحيح أننا لانسمع هنا لعلعة الرصاص ولا دوي الأنفجارات، لكننا نسمع من الثلوج الهاطلة فحيح الوحشة. هو كالهمس، لكنه يصم الآذان من شدة بياضه. كيف أصف لك الحياة في ثلاجة ياصديقتي...
أناخبز أسود في الثلاجة. أنا ست قناني بيرة. بيضة في ثلاجة. أنا خل التفاح. أنا جبنة، طماطم، أنا دواء يحتاج الى درجة حرارة منخفضة. لحم خروف متجمد. أنا سلطة خيار ولبن. أنا روبيان. أنا ذراع أخطبوط في ثلاجة...
هل تريحك هذه المخيلة الذابلة؟
هل يريحك قضيبي حين يرقص الهيب هوب بين فخذيك؟
اذهب كل مساء الى الغابة وأصيح: يا خوف، يا ليل، يا عيني يا خووووف...
لكن صوتي البشري لا يتناغم مع أصوات الغابة. هو يذكر بسمفونية التفاهات التي تعزف في المدينة، تلك الموسيقى الحجرية المتكسرة في ماكنة العيش. تبدأ الصرير منذ الصباح الباكر. في الأسواق التجارية والبنوك والجامعات والمستشفيات والبرلمان والبارات والمطاعم. أصوات الخزي البشري. أصوات في الباصات والقطارات، أصوات في الطائرات والسفن، أصوات شجارات البيوت، شتائم، إهانات، لعلعة رصاص، لغط، صراخ، بكاء، هتافات مظاهرات من أجل البيئة. تصفيق عند منح جائزة للسلام بينما حروب جديدة تشتعل في بقاع جديدة، أصوات سيارات تصطدم، سيارات ملغومة تنفجر، سيارات لصوص، سيارة أسعاف، سيارة بنك محملة برزم النقود، سيارة أطفاء. أصوات جوامع وكنائس، خطب جمعة، مواعظ، أصوات جنس جماعي، زجاج يتكسر، أصوات تدخل من الأذن اليمنى، وأصوات تخرج من اليسرى. لو كان الأنسان أصم لكن العالم أقل ايلاما. هناك صوتان فقط يصلحان لأحلال السلام: أغاني الغابة والموسيقى. نعم، حبيبتي، الغابة صوت. صوت قديم يجدد نفسه مثل نهر لايتوقف عن الجريان. لقد لوثنا النهر ياحبيبتي. و نحن قد قطعنا الأشجار. وطرنا الى الفضاء بحثا عن المزيد من الأصوات. لقد دمرنا الإنسان فينا بألقاء حطب أكثر في فرن عالمنا المستعر. لقد طبخنا وخبزنا وقتلنا كما السفاحين، ومنحنا الجوائز وأوسمة الشجاعة للمجانين والقتلة. نحن أبطال نستحق الشنق في نهاية الفيلم، أما الجماهير فهي تبكي لأنها تعجز عن إنقاذ البطل الذي يشنقوه وسط الساحة. لقد ذبحنا أنساننا من الوريد الى الوريد وجلسنا نبكي عند قدميه. كتبنا القصائد من أجل كرامة الانسان، بينما كتب آخرون حروبا طويلة لم ولن تنتهي. أُغرقت قصائدنا بالذل والخسارات. البشرية أثنان، البشرية صوتان. أغلبية تتحدث من دون توقف، وأقلية نباتية صامتة تتحدث بالأشارات.
حسنا...
وداعا ياحبيبتي
لم تكن هناك وردة اجمل من بظرك
وداعا ياصديقتي
لم تكن هناك اغنية اجمل من قبلتك
وداعا ايتها الذبابة
وداعا انفي
وداعا ايها الثلج
وداعا ايتها البقرات
وداعا يا صوتي الهزلي
وداعا وداعا وداعا
يا أحبائي انا لا امزح،
بل انقلب على ظهري مثل صرصار من شدة الضحك
اضحك من الشعر العظيم، الجميل، العميق، الحاد، البسيط، الحكيم، المتسامي، المبخر، المنحوت، المقلي، المتصابي، المقدس...
اضحك من كل شعر لاينقلب على ظهره
اضحك من كل انسان لا تضحك فيه الصراصر
2008
ميت في طبعات
لا تتركهم يصيحون خلفك يا شاعر
كأنهم يبصقون في دمك
قل لهم:
أنا جامع نفايات
راعي بقر
البقر الكلمات
قل لهم أنك تستدين من الشمس أنفاسك
حتى تسدد فواتير الليل والورق
وان حياتك الآتية قروض
لا تتركهم يلبسونك قبعة الغموض
قل لهم
أنا أصلع
صياد سمك
قل لهم أنك تمزح
فليس من الشرف تضميد العالم بالقطن الكلمات
قل لهم أنك تحيض
وتزحف وتحلق
وأنك شجرة مسحورة وقد كانت تمساح
لا تتركهم يهدمون بيتك في فناء الهامش
قل لهم أنك مصاب
وتخشى ان يمرض بك الشعراء والكلاب
قل لهم
أنا صندوق نباتات
ملاك البحر
وأنك تسجد للبحر والفقراء
وبأنك تكره البحر الذي يشبه الفقراء
قل لهم
أنا راهب
تمص حلمة العذراء حين تنام
وبأنك الخنزير على مائدة الإنسان
قل لهم أنك أسطول غريق
الطحالب على أسنان الجنود
قل لهم
أنا سورة الحصان
يعدو في سورة الشعراء
وأنك بعض ذئاب مخنثة
لئلا تفترسك أحزان الرجال الآسنة
لا تتركهم يطبعون لسانك اللقيط في كتاب
كأنهم يرتقون جثثك المفتوحة بلا أزرار
قل لهم
أنا
ميت
في
طبعات!
2005
قصة تتحول الى شعر من دون سبب
بداية الطفل
كنا ننتظر وصول التوابيت على حافة الطريق العام. كنا أنا وباسم في سن الثامنة. وكانت الحرب مع أيران في عامها الرابع. التوابيت ملفوفة بالعلم ومربوطة جيدا فوق السيارات القادمة من جبهات القتال. كنا نريد ان نصبح كبارا، لأن الكبار كانوا يقفون عند مرور التابوت رافعين أكفهم بوقار وحزن. وكنا نحيّي الموتى مثلهم. واذا ما انعطفت سيارة موت في حينا، عدونا وراءها في أزقتنا الموحلة، وكان السائق يبطيء السرعة لئلا يسقط التابوت. ثم تختار السيارة باب بيت نائم لتقف قبالته. عندها تخرج نساء البيت وهن يصرخن ويرمين أنفسهن في برك الوحل ملطخات ٍ الشعر بالطين. أما أنا فأهرع ورفيقي ليخبر كل واحد أمه بأيّ باب وقفت سيارة الموت. وكانت أمي ترد عليّ: أذهب وأغسل وجهك، أو: أذهب الى جارتنا أم علي وإسألها إن كان لديها قليل من البهارات. وفي المساء تلطم وتبكي أمي مع نساء الحي في بيت المقتول.
ذات يوم جلست أنا وباسم بأنتظار تابوت. كنا نأكل حبات عبّاد الشمس. إنتظرنا طويلا وكدنا نفقد الأمل ونعود الى البيت خائبين، حين لاحت لنا أخيرا سيارة الموت قادمة من الأفق. عدونا خلفها مثل كلاب سعيدة، وكنا نتراهن على من يسبق السيارة التي توقفت في الأخير أمام بيت باسم الذي خرجت أمه وهي تصرخ بسعار، شاقة ً ثوبها في بركة الوحل. تسمّر باسم بجواري وهو يبحلق بذهول. إنتبه اليه أخوه الكبير وسحبه الى داخل البيت. أما أنا فركضت الى حضن أمي باكيا بحرقة. قلت: أمي، مات أبو صديقي باسم. قالت: أغسل وجهك وإذهب الى الدكان... أجلب لي نصف كيلو بصل.
بلاد الطفل
كنت قد ولدت في بلاد ٍ يطالب الجميع فيها بالثأر من الحاضر. كانوا يصرخون من المنابر: كتاب الله والشريعة... كتاب الله والشريعة. وكان الشعراء والفنانون يهتفون في الصحف: التراث... التراث. وكنت كلما ألمس الله والتراث، يتقرح قلبي وتتعفن اصابعي. كانوا مجروحين، يحلمون بتطبيب الألم بعظام الأسلاف وبخور القبيلة. وكنت أفكر بالروح والموسيقى والحلم وأرتطام الجسد بالجسد وبهذا الكون الذي كلما قطفنا منه زهرة ازداد غموضا ووحشة. كانوا يصيحون في وجهي: الجذور... الجذور. لكني كنت معلقا في الهواء، وكانت جذوري الكوابيس. لقد ولدت في مقبرة جماعية. في الليل. من زواج جثتين. الوهم والماضي. وكانت السماء بلون الدم.
بقية عمر الطفل
كان بودي ان أكتب قصيدة أقل شأنا من الشعر، وأرفع منزلة من الخوف. وكان ذلك بداية الهواية. كان العالم حينها يبدو تابوتا، وكنت مشغولا بتعقب أحاسيسي مثل ضرير. وكانت المقبرة مدرستي الليلية.
نقول: كان يصارع الموت. وكأن الموت ثور. نقول أيضا: لقد داهمه الموت. كأن الموت فرقة اغتيالات. حين كنت يافعا حلمت بأنقاذ الغرقى. لذا أردت أن أتعلم السباحة عن طريق الكتب. يقولون: جاءه الموت. كم من المسافة قطعها مندوب السلام هذا كي يزوره؟ نعم، كان الموتى يتناسلون من حولي. بعضهم كان يشيخ وآخر كان يقتل.
لاحاجة الى تمجيد المطر في قصيدة. فكل الفصول هي أنت. الغيمة رمز. والغضب سماد القصيدة. عود الثقاب المبلل لايتكلم. المخيلة تسعة وتسعون متظاهرا يهتفون ضد المعنى. المخيلة مثل أسماء الله ينقصها أسم على الدوام. المخيلة تكره الله بسبب المعنى.
لا أحلم في الليل، فأنا لا أنام. أتعذب واقفا في الحديقة عند شجرة عملاقة. أتخيل الموت يدق، بمطرقة، أبواب العالم. وحين لايفتحون له، يدخل من الشباك. لذا نقول بأن الموت قد إختطفه. الحياة لاتعنيني. بل تعنيني مدرسة الغرق. نقول: رحل مبكرا. لكن أيَّ حقيبة أخذ معه في رحلته العاجلة هذه. فلاسفة يقولون إن الحقيبة كانت فارغة. رجال دين يقولون إن الحسنات كانت ملؤها أو السيئات. أما العلماء فيقولون إن الخلية تفقد اعصابها وتنفجر في نهاية المطاف. بعضهم يقول إن تجربة الحياة على الارض كانت فاشلة منذ اللحظة الاولى. أما نحن فنقول: إنتقل الى جوار ربه. لكن أيّ حمار ركب الى هناك؟
يقول: تقبيل حلمة نهد المرأة يساوي العالم، وآخر يقول: تأملُ تفاحةٍ مغسولة بالماء البارد هو الحقيقة. فالشعر تطرف وتعصب. عناد انساني مؤثر. الشعر يرقد في المستشفى في آنية الزهور قرب رأس المريض. السرير رمز. الزهور إيماءة وداع خبيثة. كانوا يقولون إن الشعراء يحرثون الهواء من أجل كفن أكثر كرامة من التراب. وكان بودي ان أنتمي بدل ذلك الى طائفة المنتحرين. نقول: شنق نفسه. ونؤلف كتابا عن العبث. وكنت أقول لابد من أن نقيم عرسا نرقص فيه عراة.
ومن يطيل التفكير بالموت يكتب قصيدة. ومن يطيل التفكير بالشعر ينتهي بالموت. ومعنى شاهد القبر: كان. ومعنى القصيدة: كنتُ.
هلسنكي - كانون الثاني 2008
عزيزي القارئ
نعم
الروائي حلاق واقع
الموتى خزين واقعي
الأشجار تماثيل واقعية
نعم
الإنسان دجاجة الواقع
البيض حكة جنسية
الدجاجات واقعية جدا
الواقع بيت الدجاج الحزين
نعم
الحلم رئة واقعية
الشاعر ثعلب دجاجات واقعي
القاتل حلاق واقع أيضا
نعم
الحاضر غريق واقعي
البحر مسرحية واقعية
الأسماك تصفق
بقوة تصفق للغريق الواقع
نعم
في بطون الزمن
جماجم الأطفال واقعية
طاحونة ريش
الزمن حارس طاحونة واقعي
نعم
عزيزتي الدجاجة
كل الابتكارات أحذية واقعية
ما عدا الله
الذي كتب في ستة أيام
نعم
حكايته السينمائية هذه
2004
زوايا
عين الشاعر
الشاعر الصديق مربوط بأسلاك شائكة مرئية ويكتب قصائد ذليلة وسجين أيضا. الشاعر الملعون جبان ينسحب الى الهذيان وهو سجين من نفس الأسلاك. الشاعر المثقف سجين يدعي النظافة والإيمان. الشاعر الزاهد هو حارس قديم في السجن. شعراء القضية هم سجناء مصابون بالإسهال الحاد. شاعر قصيدة اليومي هو سجين حليق الذقن ومحتال. شعراء الحب هم سجناء مخنثون. ومنهم من يحب الوشم والنثر. وهم عادة نشالون صغار.
ورقة وحيدة مذيلة بتوقيع قاتل لا يدعي الشعر.
كتب ستة قصائد وطفلة صغيرة بسكين واحدة
وجدوه يأكل من قتلاه ويضحك!
وجدوه تماما بلا أسنان...
وجدوا دم الطفلة على أسنانه المنزوعة
وجدوه ينتظرهم في مزرعة تفاح فارغة!
عين الشبح
هؤلاء الناس عاشوا مهزومين وقتلة.
لم أقبل مرة في حياتي أن أكون كاتبا.
كنت أحلم بمكتبة ضخمة وباردة وسط المدينة.
أبيع التأريخ والقصص
والروايات الفاسدة لهؤلاء السفاحين
كل الخراء المنثور سأبيع: ببساطة كان الشعر محاولة متواصلة لفقدان الحياة بينما السينما في استعادتها.
هؤلاء الناس.
هذه التماسيح الهرمة.
هذه المشاهد المتتالية من الرعب.
هي ما أتاح لي أن أعيش كالأشباح.
مرة في الشاشات ومرة على الورق.
ومرات بين القبور أوزع كتب الضحك السميكة على الأبطال.
عين الطائر
لو نظرت من الارتفاع الذي يحلق فيه لكان اللون السائد هو عباءات الأمهات في السوق. ولظهرت الفواكه والخضر كثقوب ملونة. شاعر بمكنته أن يسمي قصيدته هذه: الحياة. ورسام سيشتهي أن يكون للون الأسود حركة الأصفر في حقول فان غوغ. سينمائي عجوز سيفضل زاوية عين الطائر كما هي ومنهكة على أن تكون مصحوبة بموسيقى بكائية.
سينمائي شجاع سينزل إلى السوق وينيك الأمهات من الخلف.
أمهاتنا الطيبات اللواتي يسترن الثدي الأسود والثدي الأبيض.
أمهاتنا الأبقار- الأرامل
الهزيلات...
أمهاتنا الصناديق.
عين الإنسان
بين كل رجل وإمرأة تحبه بإخلاص، خطر الخيانة قائم. الأمر يعود الى كوننا حيوانات مطاردة. نحتاج للتوقف قليلا في زاوية ما لإرواء الظمأ. وهذا ما يحدث أيضا بين كل سماء وسحابة، حين تلجأ الأخيرة إلى البحر. لا تفتح الشباك، أنظرْ من ثقب الباب إلى البلاد. هي ترضع في سريرك من ذكور العتمة. هكذا يمكننا قبول الحب واليأس في قرننا هذا حين نضاعف الكراهية والشك. العتمة التي كانت قد اقتلعت عينك اليمنى على نفس الوسادة. لهذا أنت تمطر في المنفى بعيدا. أو أنك المرأة التي تحب بإخلاص.
لا تطرق الأبواب. تلصصْ فحسب. مازالت لديك عين واحدة!
خطر الخيانة قائم بين كل شاعر وعناق.
2006
أبراج الوحدة
إلى عدنان المبارك
أنت من مواليد بيت المخيلة... على مدار العزلة!
برج القطن
شمس نصفها ثلج. تقطر على حقل نصفه غربان. في بيتك تنتظر طلوع الثعابين. ارض نصفها سم. ستغسل وجهك بطرف الجدول عجوزا كما ولدت. لديك قلب نصفه هواء. انت من الذين يفتحون النوافذ على انها رموش موتى. ينزل الثلج. نصفه ماض ونصفه برد. تفاصيل قطنية هو البرد الذي سيختفي بعد يومين. تنزل المراة من هزة الجماع تفاصيل قطنية. الرجل الذي يسور يأسه ويشبهك سيختفي بعد لحظتين. أموات ينزلون من الحياة تفاصيل قطنية. في صدرك طاحونة. عظامك السنابل تدق. الماضي رموز قطنية موحشة. تنزل على المائدة. رغيف نصفه رماد. رماد فيه ثقب، هو كل انت.
برج القمل
في قلبك حشرة. اخوتك القتلى خرجوا يبحثون عن الموسيقى واخوتك الصيادون تاهوا. تتنفس بصعوبة منذ اعوام. منذ ان دلّوك على باب الخوف. تمشط اصابعك كمن يمسح خنجراً وتحك قلبك. يكرهك الليل وتكره النهار. ستحصل على قارب من دون نهر. الحشرة التي في قلبك مجداف وحكمة. تهديك المراة التي تحب نهدين وشرشف. انت تريد مكنسة. كم غرفة في قلبك. واحدة تقطن فيها القملة. واخرى موصدة قبل مجيئك. ثالثة تطل على البحر. ورابعة من دون سقف. تبدأ بكنس التي تبيض. تدخل مدار المأزق. في الحلم ستشاهد رمانة منخورة حتى الابد. الرمانة قلبك. تبيد القملة. فيدخل البحر عليك. يا عش الخيبة!
برج الكأس
تشرب من سرة في بطن الكلمة. سرة طينية. وتخاف الكلمة. تظنها فم مسموم. انت من هواة المؤامرة. لاتأكل مع رجل مطمأن، ولا تعانق صديق. لاتضاجع امرأة تفرش اسنانها قبل القبلة. ترتاب حين تمطر السماء وانت نائم. تعتقد ان الاشجار التي تصطف ببرود على حافة الرصيف جواسيس نباتية. الأغاني الشعبية علب سردين عفنت عن قصد. تصلك هدايا مغلفة من المجهول. كوؤس فارغة. ارقام الحظ هي الرصاصات الثلاث التي تحتفظ بها في الدرج القريب من الوسادة. هل تاكدت انك لن تحلم الليلة بطعنة مسرحية. تغتالك كأس على هيئة خمسة أصابع. يدك الفخارية. شراب القيح.
برج الساعة
الوقت قلادة من قشور. الرملية تسميه نفاذ؛ المائية على انه لا يمسك؛ المعدنية تلوكه وتتف. دماغك ساعة حلمية. تقيس على كمية النزف. عاهرة رصيف تخمن ليلا من معطفك الذي يقطر إن الوقت تأخر. مع خيط الفجر الاول يدخل الشيطان سريرك، فيعرف انك تحيض والوقت مبكر. تفتح كتب التاريخ وتقرأ لهم فصلين من: أسطورة الإنسان كأحمق. فيكون الوقت خزيا. حين تبتسم تنزف خلف اسنانك ثلاثة وثلاثون سنة. حسب الثواني التي تتجمع حبات مطر على زجاج دماغك، الوقت لا يضيع. يتراكم لصنع الفزاعات. يقولون ان الله ساعة اليفة تنبض بصمت. كم الساعة اذن الآن في أمعاء المقبرة. انت من مواليد بيت العظام.
برج الحرباء
امرأة عارية تطرق بابك في الصباح الباكر. مغسولة بالمطر والتبغ. تدخن شفتيها المبللتين. هي تدفع رائحة من بين فخذيها وانت تدفع اول قطرات المني. اللحظة بالاسود والابيض. ألوان الجسد الزيتية تسيح دون أن تثبت في عين الزمن. تختفي المراة وتصبح بلون السرير. تغوص خلفها. تخرج وفي يديك كومة من الزجاج. الحزن طاولة خشبية نظيفة. حكمتك لكل يوم. فوق الطاولة حرباء. تطعمها من دمك حبات عباد الشمس. اخبار فصامية في الطريق اليك. الحرباء امراة عارية معجونة بالتبغ والمني. لست من الذين توهموا طويلا. لكنك تنسى رأسك في سلة المرارة كلما لمست حلمة الخواء.
برج البوصلة
تحب الطرق الترابية المهجورة. تقول انها اثر الحكايات. غجر ورحيل وقطّاع طرق. الذين هربوا والذين عادوا حقائب جلدية. انت ستنتظر. لاتدري لم عليك أن تذهب أو لم عليك أن تعود. أنت حقيبة مائية منقوش عليها سمكة. تفكر ان تزرع نخلة وتربي سعفها بدل الجنون. يسرق منك الزمن طعامك المذاب. الشك ينبش دماغك بمسحاة حفار القبور. في الربيع القادم سيموت لك اولاد قبل أن يولدوا. انت عقيم مثل السعادة. لكنك تجيد السباحة. النقاء الذي تدّعي هو سبب البثور الخشنة أسفل عينيك. تتجه صوب الظلام. الواقع صدأ البوصلة، والحلم فصامها. يبتكر الوجع سبعة متاهات. واحدة تؤدي الى الوجع من جديد. وستة دوار.
برج التمساح
الجزع ملابس سميكة تستر بها عورتك. يقول لك رجل يشفق عليك أن تخرج في نزهة لئلا تختنق. ربما للحديقة العامة. الرجل يحب أن يأتيك من الخلف ايضا من فرط الشفقة. في الحديقة تلتقي بتمساح عجوز. سيروي لك ملحمة. لاتكترث للاحداث التي اودت به الى المصطبة. في كل سن مفقود صرخة ضحية. من الجزع تنبت أسنان الحجر. انت تشبه طفولة التمساح. كان لا يقوى على عض سمكة. انت لا تقوى على مضغ خيبة. الجزع شيخوخة الجلد. انفراط الرغبة. ذكريات ورقية عن اخر واول افتراس. مازالت لديك سكاكين لم تنبت بعد. للبكاء والطحن والنسيان. انت كرسي بسن واحدة.
برج الفأر
تجيد الاختباء. تتذمر. تدعي الزهد. تقرض من طرف الورقة و تقول انك تكتب قصيدة.بدل اليأس ينبت لك شعر طويل من المؤخرة. كدت ان تنتهي في مصيدة أكثر من مرة. الشعر هو ان تسلق في ماء ساخن. تكذب. في جيب قميصك حجر ثمين. سر يفسد اذ ما لامس الهواء. عندك تسعة وتسعون اسما لايمكنك أن تثبت واحدا. الجدار ورقة شاهقة تهرول في هامشه بحثا عن فكرة. أعداؤك حيوانات وبشر متنكرون بجلود حيوانات. تطوف الليلة في ارجاء البيت. تلعب مع الخوف لعبة الحبل. انت تقفز والحبل يلتف. يسقط السر من جيبك. يتدحرج. تحتضر. الحجر يلمع. رعبك الثمين.
برج الخيط
قررت ان تكتب شتائم غاضبة للذين نسوك، على امل أن تتذكر اسماءهم. تبحث عن عناوينهم في دفتر أبيض. تعثر على خيط. ذاكرتي كيس مثقوب..، وتلطم رأسك. يعزفون في الساحة لحنا جميلا. تشتهي أن تعرفه. تدخل نهايته في الكيس وتخرج. يبقى من اللحن خيط ماء. لا تتذكر. اللعنة. خيط الماء هو النسيان. في الليل تدق صورتك الفوتغرافية عند البحر. تصغي للمطرقة على المسمار. اه... يشبه صوت جرحك في الحرب. هل تتذكر. تدخل الصور من الكيس وتخرج. خيط ماء. تكتب يعني انك تتوغل في النسيان. عنكبوت مريض ينتحر في الذاكرة.
برج النار
تواؤمك كل الابراج. فصيلة دمك تتنفس في الخذلان والسعادة. تشبه الجنود وانت تعلّق خوذة اللامبلاة. تمد لسانك في فم المرأة من اجل ان تبرد. الغيمة التي تحترق في سقف الغرفة هي بخار الأرق. تشتري من الدكان دبابيس وصور ملونة. تعلق على لحمك حين تستقبل ضيفا. تكره وتحب زيت ل
التعليقات
ما الشعر اذا؟
مهدي النفري -ما الشعر اذا؟العزيز حسنلك مني كل الود والاحتراممتمنيا لك ولعراقنا العزيز كل الخير والسلامه والامانومزيدا من التالق
متعة
ليلى الصالح -ان تشعر بمتعة القراءة هو اجمل شئ يحققه الكاتب لنفسه ولغيره.تحية لك حسن عن جد.
thank you Hasan
Syrian reader -It is a great work what I am reading here, really great-
الى حسن بلاسم
حسن فاهم مطر -حسن بلاسم لدية تصور أولي , هو شرطه لكتابة كتابة متطورة , ذكره مرة هنا على صفحات إيلاف , وهذا التصور يقول, ان علينا جميعا , ان نتمثل طريقة هنري ميللر في الكتابة , وان نذر طريقة جيخوف وغيره \ وكأن ليس هناك سوى طريقتين للكتابة هما إما طريقة هنري ميللر او جيخوف!!.. طبعا هذا ليس سوى رأي معلب سطحي , لاينم إلا عن ضيق افق وفقر ثقافة ومراهقة تحتوي من الاستمناء اكثر مما تحتوي مماهو مجسد حقيقي, فلا احد يستطيع ان يزحزح ادونيس مثلا عن اسلوبه وطريقة كتابته , ولااحد يستطيع ان يزحزح ادوار الخراط ليتخلى عن اسلوبه ويكتب على طريقة هنري ميللر ولااحد يستطيع زحزحة دوستويفسكي ليقلد هنري ميللر , ولم يقل احد ان طريقة هنري ميللر هي افضل او اكثر جاذبية من اسلوب جورج امادو في الكتابة مثلا.. مع ذلك فإن نصيحة حسن ذي النيات الحسنة - تلك النصيحة الحارة - لم تعد عليه سوى بالإنمساخ , فقد نشر سلسلة من النصوص الطويلة وكأنها إسهال قولي لاهدف له سوى الإسهال, وقد إمتلأت تلك النصوص بكلمات في غاية البذاءة , متصورا , انك تستطيع ان تقف في مصاف هنري ميللر, بمجرد ان تذكر فرج الأم بشر وان تشتم فرج الأخت وطيز بنت العم , او ذكر البراز مثلا .. طبعا هو لايعرف ان هنري ميللر , ذلك الكاتب الوحش قد ابتلع الفلسفة والتاريخ والآداب وعلم الاديان والملاحم والتراث الانساني برمته , ولذلك جاءت كتابته أخاذة وعميقة وذات تأثير ساحق , وليس لأنه يحسن قول الكلمات البذيئة .. مؤآساتي لكل من يفكر على هذه الطريقة البائسة .
da da
furat -الف نعم لك يا فاهم مطر لقد امطرنا حسن بلاسم بماسخ الكلام فشتان بين ما كتبوا ويكتبون نعم فقد اختلط على حسن بلاسم.. وضاع في لجة العظماء اين بلاسم من ميللر العربيد او ديستويفسكي المجيد او سيوران بقلمه التليد ها انه وباسم الناصري ونصيف الكاولي يشتم التراث ويشتمون لكن اي تراث هذا الذي يشتمه عصبة من الواوية يتناسخون ما يستمنونه ايقصدون السياب ام المتنبي وهل شتم ميللر تراثه من ويتمان او ديكنسون او اليوت وهل قرانا ساعة ان ديستويفسكي شتم غوغول او حتى رامبوهم الذي شوهوه وخربوا ابوه هل كان من الشتامين لهيغو او بودلير يا جماعة يعني عرفنا عدم اجادتكم اي لغة اجنبية هذا اذا اتفقنا وهاانا اغمزكم واحدا تلو الاخر بعين شماتة على اجادتكم للغة اجدادكم.. نعم لقد شقتكم شقا كتبكم المترجمة بشكل سئ فوصلتم الى ما وصلتم اليه من افلاس روحي ولغوي ... راجيا من المحرر نشر تعليقي عملا بحرية النشر من اجل الانتشار اخوكم فرات رشيد
جاهل جاهل جاهل
ali -لا اعلم ، ولا اظن ان القراء يعلمون ، ما هو وجه الشبه بين ساحر عظيم كجيخوف ، ومهرج - فشار - كهنري ميللر . اسائل الفراء المحترفين : كم مرة يمكننا قراءة الاول منهما ، وكم مرة يمكننا قراءة الثاني ، على الرغم من غياب الاول منذ 105 عاما ؟ مع ان اعمال جيخوف لا يتعدى اطولها السبعين صفحة ، في حين ان بعض اعمال ميللر تتعدى ال 2500 صفحة كرواية الصلب الوردي ؟ حصن يحاول ادهاشنا هنا بطرق هي من البؤس في غايته ، فمن سوء حظه ان حسن قارن بين اثنين لا تجوز المقارنة بينهما الا لجاهل عديم الثقافة والموهبة .
تعليق
صديق -ماهي علاقة هنري ميللر وتشيخوف في هذه النصوص. السؤال موجه للمعلق رقم 4 و5 و6 وهو نفس المعللق طبعا.انت تمدح هنري ميللر مرة وتهاجمه. لو كان هنري ميللر عراقي لشتمته ولوكان تشيخوف من الناصرية لشتمه ايضا.تحياتي بلاسم
شكرا
حسن بلاسم -شكرا لكل الاراء. وشكرا للمعلق ـ الفاهم ـ الذي علق اكثر من مرة. اكيد انني ساتعلم من كل هذه الاراء الابداعية والنزيهة. محبتي
تحية
كريم شعلان -تحية للجميعحسن بلاسم كاتب موهوب وله اسلوب خاص في طرق مواضيعه التي يختارها بوعي ودقةوارى ان قراءة نصوصه لاتدعونا لمقارنته باحدهو حسن بلاسم فنان وكاتب عراقيويستحق اهتمامنا كقراء ونشكره لما يقدم من ابداع وجمال
إلى حسن فاهم مطر
ياسمينة -ردك اثلج صدري، بعدما امتلاء بالسخط والقرف من قراءة حسن بلاسم، وأنتمنى يا حسن بلاسم ان تصبح كتاباتك مثل البلسم على قلوبنا... خفف الله يرضا عليك من القرف
ابراج نرجسية
فخري رطرلاوط -هناك مخيلة ساحرةوترابط عميق ونفس متواصل لا يفتر ونظرة كئيبة لا تتزحزح, وبناء متماسك لا يفلت القارئ بسهولة, عميق انت يا حسن, نص جميل,ورجاء حار للشعراء العراقيين ان يخففوا نرجسيتهم قليلا,فكلكم شعراءافذاذ, هناك تحامل غير مبرر, اعجبني رد الشاعر الهادئ, سلام لروحه الجميلة, النص امتعني,هذه اول مرة اقرأ فيها لهذا الشاعر الجميل
شعر حقيقي و شاعر فذ
غدير ابوسنينة -من اصدق ما قرأتلا اقحام في النص الشعريهو عفوي و تلقائي خارج عن معاناة صادقةايلاف ارجوكي اكثري لنا من هذا الشعر الجميل فقد مللنا التفاهات التي تسمى قصائدارجو النشر