حول "الزائر" الذي لم تستضفه صالات أوروبا إلا الآن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح كاظم من برلين: رغم كون هذا الفلم قد عرض للمرة الأولى في العام 2007 ورشح ممثله الرئيسي ريشار جنكنس لجائزة الأوسكار غير انه لم يدخل دور السينما في العديد من بلدان أوربا، بما فيها المانيا إلا في هذا العام، أي
الشخصية الرئيسية في الفلم هي البروفيسور في الاقتصاد المشرف على الشيخوخة فالتر فيل (يؤدي الدور ريشارد جنكينس الذي عرف من خلال العديد من الأدوار الثانوية في عدد كبير من الأفلام) الذي قرر بعد موت زوجته أن يبتعد قدر المستطاع عن الحياة العامة من خلال الانتقال للسكن في بيته الريفي في كونيكتيكات، متخليا قدر المستطاع عن ممارسة عمله الجامعي
وبعيدا عن العلاقات الإجتماعية. إلا انه، ومن خلال دعوة الى مؤتمر يعقد في نيويورك، يضطر للسفر الى هناك، غير انه، حالما يلج شقته يفاجأ بوجود عائلة أجنبية صغيرة تقيم فيها، تتكون من السوري طارق (يؤدي دوره هاز سليمان) والسينيغالية زينب (تؤدي الدور داناي غوريا). خلفية هذه المفاجأة هي أن العائلة السورية السينيغالية كانت قد استأجرت هذه الشقة من سمسار أستغل عدم وجود البروفيسور في نيويورك وجهل الأجانب لغرض الربح المادي. بعد جولة من النقاش الحاد يوافق البروفيسور على أن يسمح لعائلة خالد بأن تقيم مؤقتا في غرفة الضيوف حتى تجد سكنا آخر. أثناء ذلك تتوطد العلاقة بين طارق الذي يعمل كعازف طبلة أفريقية في الشوارع والبارات والبروفيسور، ويبدأ الأخير بتجاوز عزلته ليتعلم عزف الطبلة.
العلاقة بين البروفيسور تتطور بهدوء عن طريق الموسيقى، التي هي لغة عالمية لا تعترف بالحدود، ومن خلال تعرفه على هذا السحر ينجرف البروفيسور خطوة بعد أخرى الى أجواء المهاجرين والغرباء، فنجده يقف وسط مجموعة من البشر من مختلف البلدان، في سنترال بارك، منغمرا معهم في عزف الموسيقى.
غير أن البروفيسور يجهل أن خالد يقيم بشكل غير مشروع في الولايات المتحدة، مما يؤدي الى اعتقاله من قبل "دائرة الهجرة" التي سرعان ما تبدأ بالإجراءات البيروقراطية الضرورية لترحيله عن الولايات المتحدة. بمواجهة هذه الأوضاع يجد البروفيسور نفسه مضطرا لمواجهة ماكنة الهجرة البيروقراطية التي ازدادت ضراوة بعد أحداث 11 أيلول، فيلجأ الى تكليف محام للدفاع عن خالد، واضعا نفسه في مواجهة العنصرية والتمييز، بالتعاون مع والدة خالد (الممثلة الفلسطينية هيام عباس) التي تأتي الى أمريكا لمساعدة ولدها، فتتكون بينهما علاقة حميمة، تمنح الفلم شيئا من الدفء العاطفي. ويتعرض الفلم بشكل هادئ وبقليل من الإنفعال للمظاهر المرضية التي مازالت بصماتها واضحة على تكوين الإنسان الأمريكي في علاقته بالآخر (العربي، المسلم)، دون أن يسقط في التعميمات، بل يتابع من بعيد التوجهات العاطفية لشخصياته. ولقد ساهمت هيام عباس، إضافة الى ريشارد جنكنس في إغناء الفلم بطاقة إبداعية كبيرة ترسخ موقعها العالمي الذي أكتسبته من خلال أدوارها في "الفراشة وغطاء الغوص" و "العروس السورية" و"الفردوس الآن".
ويعتمد الفلم أسلوبا شاعريا في التعامل مع شخصياته من خلال التركيز على المراقبة الحسية الدقيقة لسلوكها وإبراز المخفي عن طريق إبراز ماهو مألوف ويومي وإستشفاف دواخله.