ثقافات

أسئلة لفيلسوفة الأطفال: هَلّ بإمكان الأرضية أن تَحْلم.....؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ترجمة: عطية صالح الأوجلي: "كَيفَ لضفدع يَعْرفُ بأنّه ضفدع؟"...... " ماالذي تعنيه حقَّاً كلمة "أنا"؟......" هَلْ آلة الزمن حقيقية؟ "
تساؤلات حول أسئلة عادة ما يسألها الأطفالِ، تقدمها وتجيب عليها الكاتبة الألمانية كريستينا كالفيرت، في كتابها الجديد:. (هَلّ بالإمكان أَنْ تَكُونُ الأحجار سعيدةً؟) والذي أعدته بعد أن قامت بجولة في أنحاء ألمانيا وأجرت نقاشات موسعة مع الأطفال حول الفلسفة.
في كتاب كريستينا كالفيرت، المختصة بفلسفة الأطفال، يُمْكِنُ للمرء أَنْ يَجد العديد مِنْ الأسئلةِ والقصصِ المثيرةِ.... مثل قصة الفتاة التي تلقت في عيد ميلادها الكثير من الهدايا لدرجة أن والدها قام بمنح نصفها للمحتاجين؛ وبعد أيام قليلة، عندما كان أبيها يحاول العثور على معنى لكلمة في موسوعته المعرفية فوجئ بفقدان ستة أجزاء من الموسوعة و عندما استفسر عن الأمر تبين له أن ابنته قد قامت بالتبرع بنصف الموسوعة لأحد المتسولين الذين طرقوا باب بيتهم...!!
والسؤال هو هَلْ كَانت الابنة تملك الحق في القيام بمثل هذا التصرف؟..هل كان ذلك ضمن حقوقِها؟.. هَلْ كان الأب يمتلك حق منح هداياها؟... سنكتشف عبر صفحات الكتاب أن الفلاسفة الصغار يناقشون الكبار بحثا عن أجوبة لأسئلة لها علاقة بالمبادئ مثل: لماذا لا يمتلك شخصان نفس الحقوق؟ حتما ستختلف الأجوبة وهذا أمر جيد برأي الكاتبة التي سعت بكتابِها لتشجيع الأطفالِ على التأمل وتَزويدهم بالأدوات الضرورية لفعل ذلك، ولتمكينهم من تَقديم الإدّعاءات والحججِ وتعلم أسس المناقشة والفلسفة، وقبل كل شيء تَشجيعهم على عملية التَفْكير ذاتها. كتاب كريستينا كالفيرت مثير و قراءة ممتعة لأطفال المدارس وأيضاً لآبائهم. وربما لهما معا، لأن بهذه الطريقة سيَتعلّم كل منهما أفاق تفكير الأخر؛ وربما شيئا عن العالم... وهذا بالتأكيد ما تسعى الفلسفة لتحقيقه.
هذا وقد أجرت الصحفية والكاتبة الألمانية كريستين سمر- غوست حديثا مع الكاتبة فيما يلي ترجمة له:

منذ متى وأنت تزاولين الفلسفةً مَع الأطفالِ، و ما الذي دفعك إلى ذلك؟

كريستينا كالفيرت: أعمل في فلسفةَ الأطفالِ منذ حوالي ستة عشر عاما تقريباً. ولكني لم أصف نفسي كفيلسوفه أطفال إلا بعد حصولي على درجة الدكتوراه. لكنني تعاملت مع الأطفال قبل ذلك بكثير، فعندما كنت بالجامعة حَضرتُ حلقة دراسية حول فلسفة الأطفال وكانت فلسفة الأطفال آنذاك إما مرتبطة بدروس الباليه، أَو بتعلم الكمانِ؛ كما كانت هناك بعض الدراسات المتناثرة ولم يكن هناك أي عمل جدي حول فلسفة الأطفال. حدثني مشاعري بأن هذا الأمر لا يجوز، فالتحقت بمدرسة في هامبورغ في منطقة لا تمتاز بترفها لأنه، كما يَقُول أرسطو ُ، بأنّ المرء لا يتفلسف حتى ينال قدرا وافيا من الأكل و فعل ما يكفي من كل شيء أخر؛ اعتقدت أنني سَأَجِدُ في هذا الحي أطفالا لديهمْ أسئلةُ مثل أسئلة بقية الأطفالِ الطبيعيينِ جداً: مَا يَكْمُنُ وَرَاءَ هذا الكون؟ أَو: ماذا يَأتي بعد الموت؟.. هكذا بدأت الأمور... شغفت بالطريقة التي كان الصغار يعبرون بها عن أنفسهم.. وعن أفكارهم بعفوية وتلقائية.. وهكذا استمررت معهم.

أعلم انك قد ساهمت في إنشاء جمعية أهلية (فلنتفلسف مع الأطفال)، تهتم بتنظيم حلقات دراسية مفتوحة و ورش عمل للأطفال بكافة أنحاء المانيا؛ هل لكِ أن تصفين لنا هذه النشاطات وتخبرينا عن الأطفال الذين يشاركون بها؟.

تَتعاونُ هذه الجمعيةُ مع مؤسساتِ مثل متحف الاتصال، و بيت الأطفال للكتب، حيث ننظم فصول يتم فيها تعليم الأطفالَ الفلسفة. بالطبع هم لا يَتعلّمونَ حول كانت، ديكارت أَو فلاسفة عظماء آخرون، لكنهم يتعلمون التعاطي بجدية مع تساؤلاتهم، ويتعلمون أن هناك أطفال آخرون يطرحون نفس الأسئلة ويتعلمون كيف يتعاملون معها بطرق منطقية وخلاقة. على سبيل المثال: في بيت الثقافة بهامبورغ كنا نفكر سويا "ما هي الإشاعات التي تبادلها القرود على سطح سفينة سيدنا نوح؟.... ثم نشتق الأسئلةَ، "ما معنى سفينة؟ ومَنْ يمتلك لغة؟ ما هي الكلمات؟ و ماذا تعنىَ؟ rdquo; بهذه الطريقة، يتعلم الأطفال التفكير بطريقة تجعل الأمور أكثر وضوحا.

ما هي أغرب الأسئلة التي تفلسفتِ حولها مع الأطفال؟ وما هي الاستنتاجات التي توصلت إليها مع الفلاسفة الصغارِ؟

سُئلنا ذات مرة: هَلّ بالإمكان الأرضية أن تَحْلمُ؟...كم هو من سؤال رائع، لأن به استحالة، رغم أنه يوجز الأشياء. إنه يدفعني للتفكير في الأرضية وما هي القدرات التي تملكها و التي لا تملكها. ومقارنتها بالإنسان الذي نفترض إن لديه القدرة على الحلم. تساؤلي هذا يقودني إلى المزيد من المعرفة حول نفسي. ماذا يُميّزُني عِنْ الأرضية؟ تبين لي فيما بعد أن حوالي نصْف الأطفالِ قد أجابوا قائلين: "لا، ذلك غير ممكن..! فالأرضية لا تَستطيعُ الحُلْم لأنها لَيست كائنا حيا؛ حيَّ. و لابد لمن يحلم من أن يكون حيا..!!. rdquo;.. آخرون قالوا: "هه..، الأرضية صنعت من المطاطِ، و هو مادّة طبيعية، وكُلّ ما يأتي من مِنْ الطبيعة كَانَ حي ذات مرّة....َرُبَّمَا هناك بقايا أحلام في الأرضية."..في رأيي كل الصياغات صحيحة، والأطفال يَتعلّمون هذا أيضاً: يُمْكِنُ أَنْ تكون هناك وجهاتَ نظر مختلفة مع كل سؤال فلسفي.

هَلْ يشترك أطفال مِنْ خلفيات ثقافيةِ مختلفةِ في ورشاتِ العمل هذه؟ إذا كان الأمر كذلك: هَلْ الأسئلة الفلسفية تعكس خلفياتهم أم أنها تتجاوزها؟

لدينا العديد مِنْ الثقافاتِ هنا في هامبورغ، و هذا مصدر ثراء هائل. مدرستي التجريبية تقع في حي يقطنه أطفال من خلفيات ثقافية و أثنية متنوعة وحيث تتجدد الخريطة الثقافية باستمرار. لقد تغيرت موجات الهجرةِ في السَنَوات القليلة الماضية. اليوم لدينا العديد مِنْ الأطفالِ مِنْ بلدان أفريقية. لكن سواء كان طفل مِنْ غانا أَو من ساحل العاج - فكُلّ الأطفال يُفكّرونَ بنفس المواضيع. فالمواضيع الفلسفية لا تتأثر بالخلفية الثقافية أو الأثنية للطفل.

ذكرت ذات مرّة في مقابلة... "أن احترام طريقة تفكير الأطفال هي بؤرتك المركزيةُ."... كيف يختلف تَفْكير الأطفالِ عن البالغين؟

أولاً، لنبدأ بما هو مشتركُ: يُفكّر الأطفال بنفس الأسئلة. ما يحدث هو أن الكبار ينسون أنهم فد طرحوا نفس الأسئلة في صغرهم، وأنهم قد تساءلوا في الصغر عن معنى الحياة. في الكبر نتساءل بين الحين والأخر ولكننا قلما نجد الوقت لنتأمل. إذا ما قمنا بذلك مَع الأطفالِ، فعلى الأرجح أنهم سيعتادون على طرح هذه الأسئلة على أنفسهم بشجاعة ووعي كاملين خلال حياتهم.
أما المختلفُ:فهو بالتأكيد في أسلوب التعبير الذي يستخدمه الأطفال، في الكلمات التي يَختارونَها، والأفكار التي ينتقونها وليس في عمق التفكير.

هَلْ يجد الكبار صعوبة في فهم الأطفال لأنهم يحتاجون إلى استخدام مستوى عقلي مختلف؟

بالتأكيد.. فعلى الكبار أن يتحلوا بالتواضع. هنا في هامبورغ، أُقوم بتدرّيب المعلمين على التفلسف. وهذا يتطلب جهدا كبيرا منهم للتخلص من عادة " نحن الكبار نعرف أكثر"...فلا أحد يملك معرفة أكثر أمام عقل صغير يتساءل.. هل بإمكان الزهور أن تعرف السعادة.

ما هي أقرب الفلسفات إليك؟

ارنست كاسيرير* وسوزان لانجر**، هما أبواي الفكريين إن صح التعبير. فعلى سبيل المثال عندما يًعرف كاسيرير الثقافة فإنه يقول:
نحن لا نتفاعل مباشرة مع العالم من حولنا، نحن نقوم بذلك عبر منظومة من الرموز مثل الفن، الأسطورة، العلم، والفلسفة. هذه العناصر مجتمعة تصنع فهمنا للعالم.

- كاتب ومترجم من ليبيا Lawgali1@hotmail.com
* إرنست كاسيرير(1874 - 1945) فيلسوف و مؤرخ ألماني ينتمي للمدرسة المثالية من الفلاسفة الأوائل الذين أشاروا إلى تصور جديد للرمز من خلال محاولة تحديد طبيعة العلاقة القائمة بين الإنسان وعالمه الخارجي. فعلاقتنا بهذا العالم، كما يرى هذا الفيلسوف، ليست مباشرة، ولا يمكن أن تكون مجرد رابط آلي يجمع ذات بموضوع. فما يفصل الإنسان عن عالمه ليس حواجز مادية تتشكل من الأشياء والموضوعات، بل هو الطريقة التي تتم بها صياغة الواقع صياغة ثقافية تنزع عنه أبعاده المادية لتكسوه بطبقة من الرموز هي ما نعرف عنه وما ندرك في نهاية المطاف.
* * سوزان لانجر (1895 ـ 1975) فيلسوفه أمريكية اهتمت بدراسة الفن، والفلسفة والمنطق، وعلم الجمال، وعلم اللغة، و قامت بدراسة نظرية الأشكال الرمزية عند الفيلسوف الألماني (إرنست كاسيرير) والتي تركت تأثيرا كبيرا على منهجها الفلسفي في دراسة الفن
.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رد الامانات لاهلها
ع/عطاالله -

-قال تعالى:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،بسم الله الرحمن الرحيم<يسبح لله مافي الارض والسماء لكن لا تفقهون>صدق الله العضيم.لعلكم لاحظتم انني لما أسلمت لله سلمت بداهة أن الله سخر لي مافي الارض والسماء حتى يمكنكم فتخشونه. ،

شكرا
ليليش -

السلام عليك أستاذ صالح أشكرك كثيرا على ترجمة هذا المقال الرائع ... أولا : لأنك ( ليبى ) متميز تستحق الثناء والشكلا ثانيا : ليرى العرب كيف يصوغ الألمان حياة أطفالهم ...ومزيدا من الإبداع للتراث الإنسانى، وأتمنى أن تترجم بعض من تراثنا إلى الآخر .. شكرا مرة أخرى