صحيفة افانتي الإيطالية تشيد بنص الغزالات لأحمد إبراهيم الفقيه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
احمد الغماري: ضمن المهرجان المسرحي الخاص بالشمال الأفريقي الذي نظمته و أشرفت على تقديمه جمعية المسرح الدولي للمسرح الجديد بمدينة ميلانو بإيطاليا خلال شهري الفاتح/سبتمبر والتمور/ أكتوبر الماضين، والتي درجت على تنظيم مهرجانات مسرحية شكلت نافذة للمسرحيين الإيطاليين على عدة مسارح عالمية، جاءت المشاركات العربية من دول الشمال الأفريقي من (مصر وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) وقد غاب عن فعاليات هذا المهرجان المسرح الليبي، الأمر الذي اضطر الجمعية المنظمة إلى أختيار نص الكاتب الليبي الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه بعنوان (الغزالات) بعد أن قامت المستعربة الإيطالية الدكتورة سيمونا دي لوريو بترجمته إلى اللغة الإيطالية، وعهدت الجمعية إلى المخرج الإيطالي المعروف ماركو دي ستيفانو الذي استعان بدوره بثلاثة من نجوم المسرح الإيطالي وهم السيدة "سارة اوربان" التي لعبت دور هيلينا والممثل المخرج "ريناتو سارتي" الذي لعب دور فيكتور والممثل "دومينيكو بولجييرس" الذي مثل دور الدليل الصحراوي "جابر" وقدم هذا العرض على مسرح "جراسي" الذي يعد واحد من مسارح مؤسسة (البيكلو ثياترو) الشهيرة، وكان احتفاء جمعية المسرح الدولي بالؤلف الليبي أحمد الفقيه كبيرا، ما دعته إلى مدينة ميلانو لحضور عرضه المسرحي وكذلك لتكون فرصة لتقديمه إلى الجمهور الإيطالي ووسائل الإعلام التي اشادت بهذا النص مذكرة بأن كاتب النص المسرحي هذا هو من الكتاب ذوي المكانة العالمية المرموقة، وأنه كان يشغل منصب أمينا سابقا لاتحاد الكتاب الليبيين وصاحب مسرحيات قدمت على خشبات كثير من العالم، وصاحب ثلاثية الشهيرة صدرت في العاصمة البريطانية لندن باللغة الانجليزية وعنوانها (بساتين الليل) ترجمت بعد ذلك إلى اللغة العربية والصينية والروسي، وقد نشرت الكاتبة والناقدة الإيطالية السيدة جوليا تالي التي تعمل بجريدة "افانتي" اليومية التي تصدر في روما المقال التالي الذي كان بعنوان:
رحلة في الصحراء
مع أحمد الفقيه
"الحياة سفر في الصحراء بحثا عن الغزلان على متن سيارة من طراز(لاندروفر) قد استنفدت وقودها".
هكذا كان حضور الكاتب الليبي الزاهد أحمد إبراهيم الفقيه بيننا بلباسه ذو اللون الرصاصي، فهو إلى جانب كونه دبلوماسي ومديرسابق لمعهد الموسيقى والتمثيل، فهو أيضا كاتب للعرض المسرحي (الغزالات) الذي ظهر للمرة الأولى باللغة الايطالية في الدورة العاشرة للمهرجان tramedautore الذي أقيم في المسرح الصغير(البيكولو تياثرو) بمدينة ميلانو.
هو ذاك الكاتب، الذي يعد في بلاده ليبيا من الكتاب الذين يحتفى بهم، وذلك لما حققه من نجاحات باهرة، أحمد الفقيه يتجنب وبشدة أي تساؤلات ما لم تكن متعلقة بعرضه المسرحي، كما أنه لا يتحدث عن الأوضاع الثقافية أو السياسية في ليبيا، ولكنه يحمل معه كتابا يضم مجموعة كبيرة من أعماله الأدبية باللغة الاإنجليزية،من روايات ومقالات ونصوص مسرحية ومقدمة عن سيرته الذاتية، يدعونا لقراءتها وبحرارة بينما يعرض علينا صورة لأفراد عائلته التي تظهر على الغلاف الخلفي للكتاب التي تتكون من : أبنه وابنته وأحفاده الذين يقول عنهم بروح الأب المفتخر:" يتقنون استخدام الكمبيوتر أفضل مني برغم من فارق السن الكبير الذي يفصل بيني وبينهم".
تفصيل من المسرحية:
إنها سيطرة التكنولوجيا التي جعلت من هذا النص المسرحي الدرامي الذي يحاول أن يسلط الضوء على سؤال قد تكون الايجابة عنه اليوم ربما قد حسومت منذ زمن، ولكن مؤلف هذه المسرحية كان قد طرحه في ثمانينيات القرن الماضي، والمتعلق بـ" ماذا سيحدث إذا ما نفد النفط؟ وأي مستقبل سيكون للتكنولوجيا في المستقبل؟ " إنها أسئلة من النوع المأساوي والساخر إنها سخرية مرة، لواقعة يجسدها أبطال المسرحية الثلاثة، كما جاءت أحداثها مسرودة في النص: مهندس في منتصف العمر برفقة خطيبته الشابة ومرشدهم البدوي.
كان قد نفد وقود سيارتهم وهم في عرض الصحراء الخالية، تبدو لنا أن هناك مخرج ممكنا من هذا المأزق في البداية العمل: فالإنسان بفكره، والحضارة بتطورها الكبير كفيلان يصنعا الحل، ولكن في هذه الحالة نكتشف أنهما ليس لديهما أية حيلة أمام المفاجئة الكبرى غير المنتظرة، عندما يجبرا بفعل الطبيعة على العودة إلى البدائية.
قوة الطبيعة - الصحراوية أجبرت أبطال المسرحية الثلاثة على أن يتخلوا عن اقنعتهم وارديتهم الاجتماعي التي ألبستهم إياها الحياة، وأن يواجهوا مصيرهم ويمتثلون بشكل متساو أمام مجاهل الموت الذي يتربص بهم.
إنه عرض مسرحي ذو خيال محض، هكذا يؤكد لنا مؤلفه قائلا: "ليس هناك في أي مشهد من مشاهد هذا العمل ما هو له صلة بشخصي، بالرغم من أنه معروف عن الكثير من الكتاب والأدباء أنهم يحاولون أن يدخلوا بشكل أو بأخر شيئا من السيرة الذاتية في نصوصهم الأدبية، ولكنني أردت في هذا العمل المسرحي أن أعتمد فقط على مخيلتي الإبداعية، دون اللجوء إلى الإتيان بمواقف من حياتي الشخصية " هذا إذن ما يؤكده المؤلف. بأنه لم يكن واقف وراء شخصية المرشد البدوي الذي يبدو بذكائه الفطري كأنه كناية عن مؤلف مسرحية (الغزلات) الذي بنى هذا النص على المواجهة - او الصدام بين الغرب والشرق. (الحضارة والعودة إلى البدائية)، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من الذي سيخرج منتصرا من بين هذين الطرفين المتصارعين في النهاية الأمر، ربما المرشد البدوي الذي اختار باترادته أن يبقى إلى جانب الخطيبين، بالرغم من كونه لديه القدرة على النجاة، إلا أنه اختار البقاء مع رفاق الرحلة، ليس بسبب املاءات عاطفية بالتأكيد، ولا بدافع الغيرتة، إنما خوفا من العار الذي سيلحق به، إنه عار أن يعود إلى القرية "منفردا" تاركا رفاق رحلته ليموتوا عطشا، حينها سيكون عاره أمام أهل القرية مخيفا وأكثر قسوة عليه من الموت في حد ذاته.
ما معنى النور المنبعث في تقاطع مع الأفق في نهاية العرض، تحديدا عندما تكون أي بدرة أمل في النجاة قد تبددت؟ "لم يجعلنا المؤلف نتعرف على النتيجة: ربما يكون ذلك الشعاع من النور هو ملك الموت الذي يأتي ليؤكد على ذلك، أو أن الأمر متروك لخيال المتفرج" أو ربما يريد الفقيه أن يقول: أن الموت يأتينا دائما وفي أوقات غير منتظرة. وعندما يثقل العجز الكاهل الشخص يكون القدر قد لعب دوره على رقعة الحياة. وإذا كان لكل واحد منا قدره المجهول ـ فإن الفقيه وقد يوجه هذا القدر بحماسة متجها نحو مشروعه القادم ألا وهو: الجزء الثاني من نص (ابنة بانايوتي) بعنوان (صائد الثعالب).
جوليا تالي