ثقافات

نظرة أخرى إلى حياة لورنس العرب وأسطورته

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


صلاح أحمد من لندن: مايكل كوردا (77 عاما) كاتب انكليزي عمل سابقا رئيسا لهيئة تحرير دار النشر "سايمون آند شوستر"، نيويورك، وآخر كتبه هو "بطل: حياة لورنس العرب وأسطورته" الصادر الآن عن دار "هاربر".
ويفتتح كوردا كتابه بالعام 1917 الذي شهد هجمة تي ئي لورانس على العقبة على البحر الأحمر. وكما هو معلوم لدى الكثيرين فقد كان هجومه المباغت على الميناء من زاوية البر غير المتوقعة هو الذي صنع "أسطورة لورنس" وظل على مدى عقود طويلة محل دراسات الإستراتيجيين المؤرخين والعسكريين.
ولذا تتساءل "نيويورك تايمز" عن الحكمة في أن يبدأ كوردا كتابه على هذا النحو الذي أجبره على الإعتماد على الكثير من مقولات غيره من المؤرخين والعسكريين وعلى كتابات لورنس نفسه في مؤلفه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة". بعبارة أخرى فقد كانت الصحيفة تتساءل عما إن كانت بداية كوردا تفتقر إلى "الأصالة الإبداعية".
وتمضي باحثة عن السبب في هذا فتقول: "ربما بسبب عنوان الكتاب نفسه الذي يفرض على الكاتب أن يبرر إشارته إلى "البطل" و"الأسطورة"، وربما - على الأرجح لغياب أي مؤلفات رئيسة عن لورنس في العقود الأخيرة، ومحاولة كوردا تذكير الناس بأن لورنس مثال "البطل الكلاسيكي".
ولكن، كما يقر الكاتب لاحقا، فقد كان لورنس شخصية معقدة وتحفل بتناقضات تجعل من الصعب وصفه بكلمة واحدة مثل "بطل" أمرا صعبا. وإذا كان لا مناص من الوصف بكلمة واحدة، فمن المنطقي أن يوصف بأنه "نجم" على ضوء شعور الكراهية والحب المزدوج الذي كان يكنّه لورنس إزاء أنه كان شهيرا.
بعد الإفتتاح بالهجوم على العقبة، يعود كوردا - ويبدو أكثر ثقة الآن - إلى تاريخ عائلة لورنس قائلا إن هذا التاريخ يناقض مقولة تولستوي إن "العوائل السعيدة كلها متشابهة". ويقول إن عائلة لورنس كانت سعيدة حقا "لكنها تختلف تماما عن البقية". ثم يمضي ليصف انتقال لورنس "السعيد" إلى ربوع العرب في سوريا حيث عاش "أقرب شيء إلى قصة حب". بل يمضي لترديد أصداءكتّاب سيرةآخرين ألمحوا إلى مثليته السرّية.
على أن قوة الكتاب تأتي من تحليل المؤلف لإنجازات لورنس، وهنا تتجلى معرفة كوردا بموضوعه. فقد التحق هو نفسه بسلاح الجو الملكي (البريطاني) في الخمسينات (مثلما فعل لورنس نفسه تحت اسم مستعار بسبب شهرته)، وكان كوردا ينتقل أيضا بدراجة نارية على مدى 50 عاما متأثرا بدراجة لورنس الشهيرة مثله.
ويكتب كوردا بثقة متناهية عن الجدل الساخن وسط مختلف الأكاديميين وكتّاب السيرة الذين تناولوا حياة لورنس، وعن الأثر الباقي لآرائه حول ترسيم الحدود في الشرق الأوسط. ويصف هذه بأنها "لم تكن مثالية لكنها أظهرت احتراماً للإختلافات الدينية والعرقية والثقافية لم يظهره الترسيم الحقيقي لسوريا والعراق وأجزاء أخرى في المنطقة.
وتمتدح الصحيفة أيضا قدرة كوردا على إبراز أهمية الأضواء التي ألقاها لورنس في كتابه "أعمدة الحكمة السبعة" على المنطقة وتراثها وثقافتها وهلم جرا، إضافة إلى التعقيدات الهائلة التي صاحبت نشر الكتاب نفسه. ويمتدح كوردا - من موقع الناشر - حكمة لورنس في حرصه على أن تظل نسخ كتابه محدودة العدد، وعلى أن تظهر منه نسخة مصغرة لصبية الكشّافة بعنوان "تمرد في الصحراء" ويقول إنها "الأسهل قراءة والأكبر متعة بين الكتابين".
وتتجلى معرفة كوردا بشكل خاص لدى تناوله بعض الأمور التي يقول إنها أحيطت بالكثير من عدم الفهم في حياة لورنس مثل أنه عاش راهبا وأنه اختار أن يكون بلا أصدقاء. وعلى عكس ذلك فهو يصور بطله باعتباره "خبيرا في إقامة الشبكات البشرية" و"متمتعا بصداقات العديد من الشخصيات النافذة وذا قدرة على الوصول بسهولة الى قادة العالم". وربما كان من أهم ما أشير اليه هو ضرورة ألا تطغى صورة لورنس "الرومانسية" على بصيرته الثاقبة وقدرته الفائقة على التخطيط الدقيق.
ويضع كوردا الأمر في منظـور صحيح في ما يتعلق بقدرات لورنس العسكرية خلال التمرد العربي وخطوط اتصالاته المباشرة مع إدموند الليندي، قائد القوات البريطانية في الشرق الأوسط. ويقول: "هذا مثل أن يكون لآيزنهاور خط اتصال مباشر، متى ما شاء في العام 1944، مع ضابط على رأس قوة صغيرة خلف خطوط العدو".

في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919، من اليمين الى اليسار: تحسين قادري، لورنس، الأمير فيصل، نوري السعيد ورستم الحيدري. والكابتن روزاريو بيساني خلف الأمير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف