ثقافات

الموروث الشعبي مصدر الهام لمُبدعي ادب الأطفال... كريستيان اندرسن أنموذجا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


كاظم صالح:
يتفق الباحثون على تعريف أدب الأطفال بأنه: "تجربه لغوية تتميز باسلوب شعري شفاف في سرد حكايه بشكل مُبسط، يبدعها القاص، وبخاصة للأطفال بين سن الثالثه والثالثة عشره، يعيشونها ويتفاعلون معها، فتمنحهم المتعة والتسلية، والشعور بالمرح وتنمي فيهم الإحساس بالجمال وتذوقه، وتقوي تقديرهم للخير ومحبته، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الإبداعية، ويبني فيهم الإنسان. كما يُعرف أدب الأطفال بأنه شكل من أشكال التعبير الأدبي والفني، له قواعده ومناهجه، سواء منها ما يتصل باللغه واختيار الأسلوب المناسب للسن التي يُؤلف لها، أم ما يتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة، أم يتصل بقضايا الذوق وطرق التكنيك في صياغة الحكايه، أو في فن الكتابه للقصة المسموعة.
"ويرى بعض الباحثين، أهمية التمييز بين النتاج الفكري عن الطفولة والنتاج الأدبي الموجه لهم. وينادون بإعادة النظر بين هذين النتاجين. ويرون أن أدب الأطفال له آثاره الإيجابية في تكوينهم، وبناء شخصياتهم وإعدادهم ليكونوا رواد الحياة.
والطفل هو الإنسان في أدق مراحله وأخطر أطواره، ومن ثم فإن الاهتمام بالجانب الوجداني من حياة الطفل يتعين ألا يعلوه أي اهتمام آخر، ويقوم أدب الطفل بوظائف التربية الجمالية والأخلاقية والنمو اللغوي.
شغلت الحكاية الشعبية بصفتها أحد مكونات الثقافة والموروث الشعبي، حيزاً كبيراً في نسيج طفولةٍ كل انسان لأنها أول الفنون السردية التي يتلقاها الطفل. ففي البيت، وهو المكـان الأول الذي يتلقى فيه الطفل معارفه الأولى، كما يتلقى الإجابات عن الأسئلة الغامضه، التي ترتبط بأسرار بيئته ووجوده والعالم المحيط به.
"الموروث الشعبي " مصطلح شامل نطلقه لنعني به عالمzwj;ًا متشابكا من الموروث الحضاري، والأسطوري والحكايات الخرافيه والشعبيه والأقوال المؤثره والطقوس الدينيه والقيم الأجتماعيه التي بقيت عبر التاريخ، وعبر الانتقال من بيئة إلى بيئة، ومن مكان إلى مكان فمصطلح "التراث الشعبي" يضم الحكايات الشعبية والطقسية معًا، كما يضم الفولكلور، والميثولوجيا الأنسانيه، ويضم أيضا الأدب الشعبي الذي أبدعه الضمير الشعبي المحلي أو العطاء الأنساني الشامل.
من اهم واشهر الكتاب في العالم في مجال ادب الأطفال والذي استلهم الموروث الشعبي في مُعظم اعماله هو الكاتب والشاعر الدنماركي هانز كرستيان اندرسن حيث ذاعت شهرته في كافة ارجاء المعموره واصبح بلده الصغير الدنمارك معروفا به، وصار بيته الصغير في اودينسه محجا لمحبي هذا الكاتب المُبدع الذي اسعد الكبار قبل الصغار وجعلهم يرددون حكاياته الجميله الساحره لأولادهم واحفادهم. ولم يكتفي اندرسن بالموروث الدنماركي بل تخطاه نحو اسرار الحكايات الشعبيه والمثولوجيا في دول اسكندنافيا وجاراتها الشماليه التي تشمل السويد والنريج وفنلنده وايسلندا. ورحلت مُخيلته بعيدا الى بلدان الشرق الساحر، ومن الصين استوحى حكاية ( ملابس الأمبراطور الجديده) واستلهم من حكايات الف ليله وليله قصته الشيقه (الأوزات العراقيات) المعروفه باسم الأوزات البريه ويذكر اندرسن في مذكراته ان اجمل هديه اهدتها له امه هو كتاب الف ليله و ليله.
ولد هانز في الثاني من إبريل عام 1805، في أودينسه بالدنمارك، لأسرة متواضعة الحال حيث كان والده يعمل كصانع للأحذية بينما كانت والدته تشتغل عاملة تنظيف في بيوت الأغنياء. عاش أندرسن في كنف أسرة فقيرة، فعانى، وهو الفتى المرهف الإحساس، من شظف العيش، لكنه تعلق بالفنون منذ صغره، فأقام في ركن من الغرفة الوحيدة لأسرته مسرحا للدمى، وراح يمضي وقته في محاكاة دماه وتحريكها متخذا منها شخصيات لمسرحه الخيالي الصغير. وقد انعكس ذلك في مُعظم قصصه وحكاياته التي استلهمها من التراث الشعبي ثمة عالم جميل تنسج خيوطه مخيلة أندرسن الخصبة، وثمة سحر و افتتان بالمتعة والجمال، والحكمة والمرح وغالبا ما يقول فكرته على لسان الحيوان، والنبات، والطير، ففي قصة "زهور إيدا الصغيرة" نجد شفافية عالية، إذ يقص أندرسن حكاية طفلة صغيرة حزينة لأن زهور حديقتها قد ذبلت، لكن مخيلة الكاتب تجعل من زهور إيدا الصغيرة كائنات رقيقة ملونة تغني، وتتكلم، وترقص...فتمضي معها إيدا الصغيرة وقتا ممتعا.
وفي قصة "القداحة" يتحدث الكاتب عن القدر الذي قاد جنديا معدما لأن يعثر على قداحة تحقق له أية أمنيه، وبعد سلسلة من المغامرات الشيقه يستطيع هذا الجندي ان يمتلك ثروة كبيره ويتزوج من بنت الأمير الجميله ويعيش في نعيم و سعادة. أما قصة "كلاوس الصغير وكلاوس الكبير" فهي تدين استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
ومن الحكايات استمدها اندرسن من الموروث الشعبي الدنماركي والعالمي
الملاك , الجرس، شجرة الحور، الأسرة السعيدة، بائعة الكبريت، حورية البحر , الطائر المُغرد، الأميرة و حبة البازليا، الحذاء الأحمر، الظل، أميرة الثلج، جندي الصفيح، قصة أم، الراعي، ملابس الأمبراطور الجديدة و الإوزات العراقيات.
يقول أ ندرسن " الراوي يجب ان يُسمع صوته من خلال الأسلوب، واللغة يجب أن تقترب من الشفافية الشعريه. القص هو للأطفال ولكن الكبار يجب أن يصيبهم نصيب من المتعة أيضا" وحين سئل أندرسن، ذات مرة، عن سيرة حياته، أجاب: "اقرؤوا البطه القبيحه"! وهي حكاية تتحدث عن قصة النجاح الذي لا يتحقق إلا بعد مشقة ومعاناة كبيره، فالحكاية تتحدث عن فرخ بط قبيح لم يلق المودة والحب من شقيقاته البطات، فكان منبوذا نظرا لقبحه وسوء منظره، فراح يتنقل من مكان إلى آخر عله يجد عمن يهتم به ويحبه، لكنه كان يعاني من نظرات الازدراء من جميع الطيور والحيوانات، حتى من المقربين له، إلى ان كبر واكتشف انه بجعة جميلة بيضاء وليس فرخ بط قبيح، فتباهى بنفسه بين أقرانه كبجع جميل يثير الإعجاب، والواقع أن سيرة أندرسن تشبه إلى حد بعيد سيرة فرخ البط هذا، وقد كتب أحد النقاد معلقا: "لكل مبدع ولكل شاعر حكاية فرخ البط القبيح الخاصة به.

الشارع الذي كان يسكن فيه اندرسن

توفى أندرسون في الرابع من أغسطس عام 1875 عن عمر يناهز السبعين عاماً بعد أن منح اطفال العالم السعادة بقصصه وحكاياته الجميله والمؤثره التي قدمها لهم في شكل مُبسط و شفاف حبب القراءة إلى نفوسهم ولم تكن هذه الحكايات للتسلية والترفيه فقط ولكن كانت تتضمن المعرفه والحكمه والعبره المفيده. عاش اندرسن طفوله بائسه ومات طفلا سعيدا بمنحه السعاده للاخرين.
(و يُجمع المؤرخون على أن أدب الطفل يوجد حيث توجد الطفولة، وهو جزء لا يتجزّأ عن باقي احتياجاتها المادية والنفسية والروحية، فكما يحتاج الطفل إلى الطعام والشراب، وإلى الرعاية والحنان، فإنه في حاجة ماسّة إلى ما يُثري فكره، ويُسْعد روحه ووجدانه. وإذا لم يستوف الطفل تلك الاحتياجات المادية والمعنوية، فسوف يكون عرضة للمعاناة والاضطراب؛ لأنها جزْءٌ من فطرته، وقد كانت الأم من قديم الزمان تدرك احتياجات طفلها بالفطرة، فتقدم له ما يرفّه عنه، ويثري خبرته، ويتواءم مع طبيعته.)

- كوبنهاكن - الدنمارك
Email : kadimsaleh@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بداية غير موفقة
موسى -

"يتفق الباحثون على تعريف أدب الأطفال"..... كيف قرر الكاتب هذا؟ أين ومتى اتفقوا؟

تمحيص
سمير أحمد -

اندرسن يحتاج الى دراسة شعرية معمقة تتناسب مع أدبه لكن بهذه الطريقة الملطوشة من الكتب يااستاذ كاظم لا تفيد .فلو جمعنا ما اقتبسته بين قوسين وهو ماخوذ من مصادر متنوعة ، ولو جمعنا ما هو مترجم من الكتب عن اندرسن لما تبقى لك شئ انت كاتبه . اتقن اسلوب آخر زاتب من لب افكارك وجهدك أنه اكثر فائده لك وللقراء، اجتهد انت ذاتيا فهو الأفضل . نصيحة لله يااستاذ .