عبد الإله عبد القادر: الدفاع عن ثقافة العراق، هو دفاع عن ثقافة العرب كلهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وعن الهجرة الجماعية التي تشهدها البلاد حاليًا، قال "إن العراق قد هجره أبناءه من قبل، حيث تعرض لحوالي 44 احتلال عسكري، إلى أن بدأت الهجرة الجماعية بالعراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، حيث اضطر العراقيون لترك بلادهم، مما أدى إلى سرقة الثقافة وتدمير المخطوطات والمعابد ونهب المتاحف وحرقها، بخطة مدروسة تهدف إلى تدمير الثقافة العراقية".
ورأى عبد الإله عبد القادر أن الخطورة لا تكمن في احتلال الأرض، فالأرض تعود لأصحابها والمحتل مهما طال به الزمان، سيضطر إلى أن يعود إلى مواقعه ووطنه، لكن المشكلة تكمن في استهداف الثقافة، لأنها تمثل الهوية والإنسان.
وأشار إلى أن الحروب التى تعيش فيها العراق قد انعكست على حياة الأدباء والكتاب، "جعلتهم شتاتًا ومتفرقين في أنحاء كثيرة، وأصبح من الصعب جمع النتاج الشعري أو الروائي أو المسرحي العراقي، وتلك الإشكالية تمثل هّما عربيا مشتركا يهدد حياة المثقفين العرب، وأن الدفاع عن ثقافة العراق، هو دفاع عن ثقافة العرب كلهم".
وأوضح عبد الإله عبد القادر أن المشهد الإبداعي الأدبي في العراق له عدة تقسيمات، مبينًا أن ثراء الشعر العراقي بدأ من قبل دولة العباسيين، كما في مدرسة البصرة والكوفة. أما عن المشهد الروائي والقصصي، فأشار إلى أن الأدب العراقي بدأ الاهتمام بالقصة والرواية مع بداية القرن العشرين، فبدأ بالتعرف على الأدب العالمي، وظهرت الترجمات العربية للروايات والقصص الأجنبية. وأضاف أن الأديب عبد الحق فاضل قدم أول مبادرة لكتابة القصة في العراق، وذلك في قصته "مجنونتان"، التي كتبها فى مارس 1936، وصدرت مطبوعة عام 1939. وظلت الساحة الأدبية حتى عام 1948 لا تنشر إلا قصصًا قصيرة، إلى أن بادر ذو النون أيوب بنشر روايته الأولى "الدكتور إبراهيم"، والثانية "السيد والأرض والماء".
وعن فترة الخمسينيات، أكد أن أدب القصة والرواية تطور بشكل كبير، وكان الانتاج الأدبي ضئيلاً ومحددًا بفئة قليلة من الأدباء، ويعد من أعلام تلك الفترة: عبد الملك نوري، ومهدي عيسى الصقر، ومحمود عبد الوهاب؛ الذي فاز بجائزة الآداب للقصة القصيرة عام 1953 على مستوى الوطن العربي عن قصته "القطار الصاعد إلى بغداد"، وشاكر جابر بروايته الأولى "الأيام المضيئة" عام 1955.
أما فترة الستينيات، فيرى عبد الإله عبد القادر أنها شهدت تأثرًا كبيرًا بالروائيين الغربيين، كما تحول كُتّاب القصة إلى روائيين؛ ومن أبرز كتابات تلك الفترة رواية "النخلة والجيران" للكاتب غائب طُعمه فرحان، وقدمها عام 1966 وكان منفيًا فى موسكو آنذاك، مشيرًا إلى أن تلك الرواية تصنف على مستوى متطور بين بقية الروايات العربية التى كانت تصدر وقتها، وشكّل ظهورها نقلّه نوعيه في الرواية العربية، وجاء بعدها روايات عراقية عديدة على نفس النهج المتطور؛ منها: "رجلان على السلالم" لمنير عبد الأمير، و"رجل فاته القطار" لمحمد النقدي. وشهدت فترة السبعينيات تطورًا أدبيًا هي الأخرى؛ بقيادة خمسة روائيين، هم: عبد الرحمن الربيعي، وموفق خضر، وفاضل عزاوي، وبرهان الخطيب، وغائب طُعمه.
ويصف عبد الإله عبد القادر فترة الثمانينيات بأنها مثلت بوادر الكارثة الجماعية للأدب العراقي؛ حيث بدأ العراق يدخل فى حروب عديدة لم تنتهي حتى الآن، وبدأت مرحلة التخريب والتدمير لكل الفنون الجملية التى زينت العراق. وأكد أن الدولة ساعدت على إفساد الدور الفكري والأدبي بتكريس كل الوسائل للحرب، فخصصت الجوائز المادية الكبيرة لأدب الحرب؛ وبدأت الحكومة آنذاك بإعلاء كل الفنون الأدبية المتعلقة بالحرب رغم رداءتها وعدم إتقانها فى بعض الأحيان، فكانت الروايات عبارة عن إعادة ساذجة للأفلام الأمريكية التى تصور الجندي الأمريكي بالمحرر والفاتح؛ فانعكس ذلك على الروايات العراقية بتأويل تلك الأفلام، وكان من أشهر ما كتب وقتها في هذا السياق رواية "قادسية صدام".
ولفت عبد الإله عبد القادر إلى أنه وسط ذلك الركام من الروايات المخصصة لخدمة فكر الحرب، ظهرت روايات لكُتّاب شباب كانت تمثل الإنسانية والواقع الحياتي؛ مثل روايات الكاتبة بتول الخضيري، والتى أنتجت روايتين ترجمتا لعدة لغات؛ هما: "غايب" و"كم بدت السماء قريبة".
وتطرق الكاتب العراقي للمشهد المسرحي فى العراق، مبينًا أنه ينقسم لبُعدين، أحدهما تاريخي قديم، والآخر حديث، حيث بدأ المسرح العربي مع بداية المئوية الثانية للهجرة، عندما بدأ العراقيون بكتابة أول مناحة عن الإمام الحسين، بعد استشهاد الحسين بحوالى 40 عامًا، أي حوالى عام 101 هجرية. أما عن البُعد الحديث والمعاصر، فالمسرح العراقي بدأ عام 1893، متزامنًا في ذلك مع بداية المسرح في مصر وفي حلب، وساعد على انتشار المسرح آنذاك؛ الحملات التبشيرية والمدارس النظامية.
وأضاف أن البداية العلمية للمسرح العراقي جاءت بقدوم الفنان جورج أبيض إلى بغداد، ليقدم رائعته المسرحية "أوديب ملكًا"، كما قام بتكوين أول فرقة مسرحية في العراق مع الممثل حقي الشبلي، الذي قام بتأسيس معهد الفنون الجميلة في منتصف الأربعينات، والذى تطور بعدها ليصبح 7 معاهد متفرقة في أنحاء البلاد؛ إلى أن تقام أكاديميات الفنون المسرحية في الجامعات المختلفة في العراق، والتي تخرج منها العديد من المسرحيين العراقيين، والذين سافروا بعدها لدراسة المسرح في أمريكا وروسيا وباريس، ليؤسسوا بعد عودتهم جيلاً مسرحًيا متطورًا وعلى مستوى فني كبير.
وصرح أنه بالرغم من التطور المسرحي فى العراق، إلا أن المسرح العراقي لا يزال متخلفًا عن المسرح المصري بحوالى 40 عامًا. وذلك لأن المسرح الغنائي لم يكن قد دخل بين فنون المسرح العراقي، متأثرًا في ذلك بمسرح سيد درويش فى مصر. وأشار إلى وجود مجموعة متميزة من الكتاب المسرحيين العراقيين، منهم: عادل كاظم، ونور الدين فارس، ونعمان عاشور، وقاسم محمد، الذي يعد من أشهر المسرحيين العراقيين؛ حيث يعتبر صاحب منهاج مسرحي متفرد، فكان يسافر سنويًا فى أرجاء العالم لعقد ورش مسرحية، كما كان يكتب ويخرج العديد من المسرحيات لأدب الطفل.
وأضاف أن أول تجربة له لعمل مسرحية غنائية كانت فى عام 1959، وبلغ عدد أعضائها 250 فردًا، وعرضت المسرحية على مسرح قاعة الخلد في بغداد، ونالت نجاحًا ورواجًا واسعًا، ثم تم تقديم المسرحية الثانية عام 1960، والمسرحية الثالثة وهي "العروسة بهية" عام 1970. وعن فترة حكم صدام حسين، أوضح أن بداياته شهدت تقدمًا وتطورًا في العديد من المجالات، فالمسرح العراقي، على سبيل المثال، كان يمتلك في أواخر الستينيات 12 فرقة مسرحية تابعة لمسرح الدولة، كما شهد الأدب العراقى ازدهارًا واسعًا وقتها، ولكن بدخول فترة الثمانينيات تغير الحال وتدهورت الثقافة العراقية إلى الآن.
يذكر أن عبد الإله عبد القادر كاتب ومخرج مسرحي عراقي يحمل درجة الدكتوراه في الدراسات المسرحية، وهو يقيم حاليًا في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1980، حيث قام بكتابة وإخراج العديد من المسرحيات، كما قام بكتابة العديد من الروايات، ومنها "رحيل النوارس" عام 1992، و"الجهجهون" عام 2005. وقد ترجمت العديد من أعماله إلى لغات أجنبية.
التعليقات
غريب و عجيب
بسيم -برافو عليك ( الخطورة لا تكمن في الإحتلال)فبأي حق تقول هذا الكلام،وماتقول عن الملايين من الأموات والأيتام والمشرّدين والمعاقين والفقراء، والفساد الضارب جذوره في كلّ بيت. أن اعادة الاُمور الى سابق عهدها مستح..ي..ي..ي..ي.يل وماذا عن الأرامل ونهب ثرواتنا والعود بنا الى العصور الحجرية، وماذا عن هذه الصور البشعة التي تعرضها الفضائيات عن الطبر واللطم وزجّ الأطفال في المناحات والبدع الكارثية وما تقول عن اللصوص والقتلة والأخطبوطات الإيرانية التي تمشي علناً في الشوارع.. تنظيرك هذا، يا سيدي، خطأ كما النعامة تخفي رأسها في الرمال، فهل الثقافة تنأى بنفسها عن كل ذلك.أذن، تبّاً لها.. اخجلوا يا ناس .
تحية وتقدير
محمد كمر / هولندا -تحية حب وتقدير كبير للأستاذ الفاضل عبد الإله عبد القادر والذي له دور كبير بالأهتمام بالفن والثقافة العراقية من خلال جهوده وتنظيمه الرائع للملتقيات والمهرجانات الفنية والثقافية في ظل الظروف الصعبة ألتي بمر بها العراق من عدم الأهتمام بالمثقف والفنان العراقي بوركت جهودكم الطيبة وشكرا لأيلاف على هذه التغطية
احمد -
أود ان أقول للسيد عبد الإله عبد القادر إن كلامك عن فترة الخمسينيات في الأدب العراقي يدل على أمرين:إما على تجاهل متعمد ومقصود لواحد من أبرز الكتاب الأدباء في تلك الفترة وهو الكاتب الروائي والقاص المعروف الراحل(فؤاد التكرلي)وإما عن معرفة ناقصة وإطلاع قليل على تك الفترة من تاريخ الحركة الثقافية العراقية. فأي الأمرين صحيح يا أستاذ؟