عبد الخالق المختار: ضربني المعلم لانني تركت عدنان عطشانا!!

عبدالجبار العتابي من بغداد: تمر يوم الثامن من شباط / فبراير الذكرى الاولى لرحيل الفنان العراقي عبد الخالق المختار الذي ودع الحياة في احد مستشفيات دمشق بعد صراع مرير من ما كانت تعانيه كليته الوحيدة، فأسلم الروح قبل ان يصل عمره الى حافة الخمسين عاما، فودعته بغداد وداعا مشهودا لانه كان فتاها المميز وفنانها الملتزم، ونجمها الذي لم يعرف الافول وسيظل زاهرا ابدا في سمائها.
في ذكراه.. لا بد من استذكاره، وهنا سأقف قربه، وأعاينه عن كثب، واعترف انني كنت قد اجريت معه حوارا شخصيا، بعيدا عن الفن، وطلبت منه ان يجيبني بكل صراحة، فأجاب عن كل الاسئلة ما عدا سؤال واحد سأحتفط به لنفسي احتراما له، كما انني اخبرته انني سأضعه امام مرآة علم النفس، اي سأقدم اجوبته الى استاذ في علم النفس لتحليل شخصيته، فوافق دون اعتراض مهما كانت النتائج، فكانت هذه اجوبته، وبعدها كان رأي علم النفس فيه.

* هل انت انسان عاطفي؟
- نعم انا انسان عاطفي جدا، وأردد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم اني اعود بك من عين لاتدمع ومن قلب لا يخشع).

* هل تعتقد ان النظام مهم؟
- نعم، الله سبحانه وتعالى أنشأ سمفونية هذا الكون العظيم على اساس النظام، بسم الله الرحمن الرحيم (لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون).

* هل تشعر بالراحة وانت بمفردك؟
- لا، لان شعورا بالغربة سرعان ما يحاصرني، لذلك تراني دائما بصحبة اصدقائي.

* هل تشعر بالحزن دائما؟
- انا سليل الحزن، والحزن الذي يسحقني هو ذلك الذي اجهل مصدره.

* هل انت انسان قلق؟
- انا قلق على الدوام، خصوصا عندما اقبل على مشروع فني، وأشد حالات القلق هي تلك التي تسبق العرض المسرحي بلحظات.

* هل شعرت مرة انك على وشك الانهيار؟
- انا أؤمن بأن الانسان قد يحطم ويدمر.. لكنه لا ينهزم.

* ما الذي يضحكك؟
- الانسان البليد.. احيانا يضحكني.

* وما الذي يبكيك؟
- ابكي.. في اقصى حالات الفرح.

* هل يشغلك مظهرك بدرجة عالية؟
- انا اهتم بمظهري في احيان كثيرة، لكنه لايشغلني دالئما.

* في الحياة.. هل تشعر انك تمثل؟
- حياتي.. اعيشها كما هي بتلقائية عالية وببساطة.

* ماذا لو حدث ان قاطعك احدهم وحاول ان يكلمك وانت على خشبة المسرح؟
- الاعمال التي اقدمها.. لا اعتقد انها تسمح بذلك.

* هل تستفز بسهولة؟
- لا يستفزني بسهولة الا الانسان الذي يخدعني وهو قريب مني!!.

* هل تشعر احيانا انك فكرت بعد فوات الاوان؟
- يحدث هذا عندي بعد الانتهاء من بعض الشخصيات التي مثلتها، حيث افكر لو انني قدمتها مرة اخرى.. فسوف اعالجها بطريقة تختلف عن السابق.

* هل يتأثر مزاجك بالمحيطين بك؟
- جدا.. فأنا انسان اعيش وسط اناس يختلفون في طريقة التفكير والوعي، وأحتك بشرائح اجتماعية مختلفة.

* هل تميل احيانا الى عدم مقابلة بعض الاشخاص؟
- انا لا اميل الى مقابلة الانسان الثرثار، وأكره الكذب والنفاق.

* ما الحكمة التي تؤمن بها؟
- رأس الحكمة مخافة الله.

* من هي الشخصية التي التاريخية التي اعجبت بها؟
- سيد الكائنات النبي محمد عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام.

* من ضربك من قبل ولماذا؟
- لا انسى مطلقا ذلك اليوم الذي ضربني فيه معلمي في مرحلتي الدراسية الاولى، لانني كنت اقول (عدنان عشطان شرب الماء) في حين ان عدنان كان (عطشانا) وليس (عشطانا) المسكين!!.

* ما الكتاب الي اثر فيك؟
- القرآن الكريم.. وهو مصدري الاول في الحياة الذي لا احيد عنه.

* ايهما تفضل اكثر: مقابلة الناس ام القراءة؟
- القضية نسبية، احيانا افضل ان ابقى مع كتبي اياما عديدة، واحيانا.. احتاج ان ألتقي اصدقائي.

* هل تحب ان تكون محور اهتمام الناس؟
- احب هذا.. لكنني لا اجعله هدفا، انما اريد ان اكون محور هذا الاهتمام بسبب ما اقدم من عمل ابداعي، او بسبب سلوك انساني صادق ومتوازن مع الاخرين.

* بماذا تشعر اذا تجاهلك الاخرون؟
- طبيعة الشعور واهميته تتوقف على اهمية الطرف الاخر، مثلا ناقد مسرحي تجاهلني عبر اعمال اعمال فنية مهمة لاسباب اجهلها.. علما ان النقد تناول هذه الاعمال وانا بالذات بطريقة جيدة، عموما بقيت اتعامل مع هذا الناقد بشكل سليم ومتوازن الى ان جاء اليوم الذي تحدث عني بطريقة رائعة جدا في مقال نقدي وتحديدا في مسرحية (خمسة اصوات).. الا انني لم أسأله عن سر ذلك التجاهل حتى هذه اللحظة.

* هل لديك القدرة على حل مشاكلك بنفسك؟
- احيانا.. واحيانا اخرى احتاج الى مشورة من أثق بهم.

* ما احب اغنية الى نفسك؟
- اغنية (شادي) لفيروز.

* ما علاقتك بالقمر؟
- صديق طفولتي في ليالي الصيف.

* ما العلامة الفارقة فيك؟
- الاحسان.

* ما السر الذي ستعلنه لاول مرة؟
- انا انسان معلن وواضح.

* ماذا تحفظ من شعر الحب؟
- قول الشاعر: وكنت اذا سألت القلب يوما / تولى الدمع عن قلبي الجوابا.

وقد حلل الاستاذ الدكتور جاسم فياض الشمري (الله يرحمه) استاذ علم النفس في كلية الاداب / الجامعة المستنصرية، والمختص في تحليل الشخصية، شخصية المختار، فكتب قائلا: انه يشعر بالتردد والاحساس بعدم الامان، وانه قد يكون مخلوع الفؤاد، ولديه ميل نحو الشعور بنقص واضح بالثقة ومحاولة اثبات ذاته على الرغم من تظاهره بأنه محقق لذاته.
يمتاز عبد الخالق المختار احيانا.. بأنه تسيّره عواطفه، وانه معروف بالميل الى الحدس وهو ودي في تعامله، وحساس لمشاعر الاخرين، كما ويحاول ان يتجنب كل الاعمال التي من شأنها ان تكدر عليه مشاعره، لذلك فهو يعطي وزنا كبيرا لرضا الاخرين، عبد الخالق.. قلق وكونه يعاني من القلق، فأنه يميل الى الجانب الاجتماعي لتجنبه، وقد لا يضطر كثيرا اذا سارت الامور على نحو مخالف لما يتوقعه، ظاهر الحال.. يدل على انه قوي الارادة، متماسك، طموح، ميال بصورة واضحة جدا الى المثالية في التعامل، وهو من النوع الذي لن ينخدع بسهولة، ومع ذلك فهو شخصية عاطفية.

ما زال يعيش على ذكرى حب قديمة لايستطيع الخلاص منها حتى بالبكاء، وهو يحن الى تلك الذكرى التي لا تتجاوز، ربما حالة حب، تقترب من بنت الجيران في مرحلة المراهقة، يبدو ان المختار متمسك بالاعراف الاجتماعية والقواعد المقبولة في التعامل، يظهر عليه الحزن واضحا اذا وجد نفسه انه يختلف عن الاخرين في الوسط الذي يعمل فيه، كما انه يفضل العمل دون احكام او قيود، او انه يحسب للمستقبل كثيرا ويعطيه جل اهتمامه.
المختار.. غيور يتمتع يثقة الى حد الغرور، وهو شخصية مثابرة ويحاول ان يأخذ من العقاب درسا، انه كثير الشك من اجل الوصول الى الحقائق، فهو لا يؤمن بالشيء بسهولة، ينفرد عبد الخالق بمميزات مثل بعد النظر، الاستقلالية، العقلانية، الظرافة والتهكم، وهذه المميزات من الصعوبة ان نجدها مجتمعة الا اذا كان الفرد من النوع الذي عصرته حياته الماضية.