فيلم "لبنان".. حيث القاتل ضحية والضحية قاتل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في اللقطة الاولى وهي لقطة خارجية طويلة لحقل عباد الشمس وتظهر زهور عباد الشمس ذابلة وتهب ريح تحاول تحريكها وتستجيب لهذه الريح فتحاول تحريك رؤوسها بصعوبة، وقد يفهم من هذه اللقطة قسوة المناخ او قسوة هذه الارض وربما يحاول المخرج ان يوحي بتعاطفه مع هذا المكان ثم ننتقل بعدها لداخل الدبابة ونظل حبيسين طوال مدة الفيلم ولا نخرج منها الا في نهاية الفيلم مع موت احد الجنود وخروج الجندي المكلف بإطلاق النار من هذا السجن ليجد نفسه وسط حقل عباد الشمس.
دعونا نستمع الى بعض ما قاله المخرج في بعض مقابلاته الصحفية، يقول انه ومنذ اشتراكه في هذه الحرب وكان مكلفا باطلاق النار وانه قتل الكثيرين وبعد نهاية خدمته حاول ان يكتب هذا العمل عدة مرات ولكنه لم يفلح وفي كل مره كان يرى الصور تتحرك امامه بشكل سريع ومتحرك وان الشخصيات التي رافقته في هذه التجربة ظلت بداخله وان الحرب اللبنانية الاسرائيلية الاخيرة ايقظت فيه تلك الاحداث مرة ثانية، ومن خلال هذا الفيلم يحاول ان يستريح ويخرج ما في نفسه من خوف ورعب وانه حاول من خلال هذا الفيلم التعمق في الروح الانسانية والبحث في الداخل، لذلك اتبع هذا الاسلوب بوضع المتفرج داخل هذه الدبابة ليشعر هو ايضا بالخوف ويحس بهذا الالم ويقول ان كل لقطة وصورة هي خرجت من اعماقه وان العمل تعمد عرض الاحداث من خلال وجهة نظر الجندي المكلف باطلاق النار وهي تحمل وجهة نظره الذاتية وهذه الحركة المستمرة والسريعة للكاميرا وهذا البحث الدائم لها لتنقل لنا الحقيقة العميقة في نفسه كانسان قبل ان يكون مخرجا كونه خاض هذه التجربة بكل ألمها وقسوتها، ومن اجل ان ينقل هذه الحقيقة فانه اختار ممثلين وقام بتدريبهم تدريبا شاقا بحبسهم بمكان يشبه جوف الدبابة المظلم والمخيف وكان يعرضهم للحركة والحر والحبس لعدة ساعات وبذلك اعدهم بشكل كبير نفسيا وفيزيائيا وانه لم يلتزم وجهة النظر الرسمية للجيش الاسرائيلي حول الحرب وهو يرى ان الجميع ضحايا هذه الحرب والجميع يكرهها.
في مشهد اخر مع تقدم الدبابة ووصولها الى مكان او حي في وسط المدينة نجد الجثث والدمار ويخرج طفل من المكان ولا يطلق عليه الجنود النار بل يتركونه يذهب لشانه، وتسلط الكاميرا الضوء على بعض التفاصيل والضحايا، ثم ننتقل الى مشهد اخر مع تقدم الدبابة ذلك المشهد المرعب حيث تكون سيدة مع ابنتها تحت رحمة اثنين من الارهابيين كما يصفهما الفيلم وهم ملثمان ويحتجزان السيدة وابنتها الصغيرة ويتردد الجندي في اطلاق القذيفة ونسمع صراخا، هناك طفلة ولكنها الحرب وبعد تدمير المنزل تخرج سيدة وهي تبكي وتصرخ ابنتي وتطلب من الجندي الاسرائيلي اعادة الابنة لها ويحاول الجندي نصحها بعدم الاقتراب للحفاظ على حياتها وتلتهم النار ملابسها ويسرع الجندي بتمزيق ثوبها وانقاذها لتظهر عارية تحاول بكل وسيلة ستر عورتها ثم ترتمي على الارض ليساعدها الجندي الاسرائيلي في لبس بطانية وتسير المراة وكلما تحاول ستر جسدها يسقط جزء من البطانية ليعري جزءا من جسدها ثم تسير السيدة وهي لا تدين الجند الاسرائيلي وكأن ما حدث ليس مسؤولية هؤلاء.
الأسلوب الذكي بحصرنا كمتفرجين داخل هذه الدبابة مقصود لكي نشعر بأحاسيس واضطراب الشخصيات وقلقها وليضعنا مكان المستهدفين من الضرب بالخارج عندما يوجه احدهم قذيفة لهذه الدبابة هي موجهة الينا وبعد ان تصيبنا الضربة نغوص في ظلمة، وحرص المخرج ان يعطي اهمية كبرى للصوت والمؤثرات الصوتية، فهذه الضوضاء مع اهتزازنا داخل جوف هذه الدبابة تترافق مع ضوضاء وصخب مفجع او صمت كي يزيد توترنا ويزيد احساسنا وقلقنا بالخطر الذي تواجهه هذه الشخصيات، اي انه اسلوب جعل من القاتل ضحية ومن الضحية قاتلا، وفي المشاهد الاخيرة يصيب الرصاص العشوائي الناتج من المقاومة عدسة الكاميرا اي هي ضد وجهة نظرنا كمتفرجين وكأنهم يستهدفوننا بهذا الرصاص العشوائي ونصبح كالشخصيات نبحث عن مخرج ونتمنى لهم السلامة.
هذا الفيلم لا يقدم لنا مجرما او قاتلا يعترف بذنوبة بل يقدم لنا انسانا؛ ضحية ظروف؛ ضحية حرب مفروضة عليه للدفاع عن نفسه واصدقائه ورغم ذلك فهو يشعر بالالم والحزن وهذه التجربة سببت له تعاسة واضطرابا نفسيا رافقته لسنوات طويلة كما يحكي المخرج في عدد من لقاءاته الصحفية، والغريب في المقالات التي تناولت هذا الفيلم كانت مجرد انطباعات عادية وإدانه وبعضها ذهب الى انه لا يستحق الجائزة وانه قد يكون جيدا في الشكل ولكنه غير جيد في المضمون ويحمل رسائل سياسية مدروسة ومقصودة لتجميل وجه اسرائيل وخلق تعاطف دولي وانساني معها خصوصا بعد اهتزاز صورة اسرائيل مع احداث حرب غزة الاخيرة، ولكن الاهم من ذلك ان السينما ليست اداة عادية لخلق مجرد نوع من الترفيه فهي فعلا اداة عالمية وانسانية لخلق تصور تجاه قضايا وهي خطاب نفسي وروحي ويمكن من خلالها ابراز قضايا وطنية او قومية ولكن نحن العرب هل نشجع هذا النوع من السينما هل لدينا استعداد لدعم تجارب واعمال تدافع عن قضايا امتنا وهمومها وعكس صورة انسانية وروحية لوجه حضارتنا العريقة؟
السينما اداة انسانية وعالمية واسلوب خطر يمكنه ان يوضح ويخلق تعاطفا تجاه قضايا قومية كبيرة ولكننا في اغلب الدول العربية نضعها في سلة المهملات وننظر اليها انها مجرد نوع من التسلية واللهو، ورغم عشرات بل مئات المهرجانات العربية التي تحتفي وتقدم انتاجات الاخرين وتمنحها الجوائز بالملايين وتفرش السجاد الاحمر لمخرجيها ونجومها الا ان هذه المهرجانات لا تدعم عملا سينمائيا لشاب عربي، اقول هذه العبارة من منطلق تجربة شخصية وقد سئمت من مخاطبة الكثير من الجهات العربية الرسمية لدعم عملي الاخير" بلال" ومازال هذا العمل على ورق وبعد ان سئمت من الجهات العربية... بدأت بمخاطبة جهات اخرى وعلى الاقل فانا اتلقى ردا سواء كان ايجابيا اوسلبيا.
ان حلمنا انا وغيري من الشبان السينمائيين العرب ان نجد من يسمع لنا على الاقل ويناقش افكارنا ويدعم الجيد منها ولكن للأسف كلما تخاطب جهة عربية فالنتيجة اذن من طين واخرى من عجين.
التعليقات
غصة !
سعيد السالم -آخ بس آخ !!
اسرائيل على الطريقة
Genius -دائما ماتقوم امريكا بهذه الطريقة فى اظهار الجندى الأمريكى بأنه هو المجنى علية وانه يحاول تطهير الأرض من المفسدين.والمخرج السرائيليى يتبع هذا النهج الناجح جدا فى الأوساط العالمية عل وعسى ان تغير السينما الوجه القبيح الذى ظهر به الأسرائيليين فى مجزرة غزة ولبنان. وياليتنا نتعلم منهم ونعرف من اين تؤكل الكتف
Movies & Media
Garo -The Arabs need to start investing in international movie productions & media companies so that we could present our side of the story to the average global citizen whose eyes and ears are always open for learning about international issues. Movies are a very powerful propaganda tool, and the jews are not stupid, that is why they control Hollywood. Therefore, in addition to buying skyscrappers, famous hotels and football clubs in the Western world, we need to also buy movie production companies in Hollywood as well as global media companies. Investing in international cinema production and international media is trillions of times better than buying weapons for our armies that will eventually rust. The jews are beating us by manipulating world opinion through controling the output of Hollywood and the Western media in a way the is sympathetic with their agenda! They know how to put their wealth to good use and we should learn from them a bit! Thanks for publishing my opinion Elaph
القرار بيد القادة
ادم -ان الفن السابع هو الطريق الواسع لاي شخص يريد ان يعبر عن رؤيته للحياة ومن حق مخرج العمل ان يجسد الفكره حسب رؤيته الخاصه وفي الواقع ان كل انسان يحاول جاهدا اظهار شعبه بالصورة الجميلة ومن يعلم ممكن ان يكون هناك اختلاف في نفوس الجنود فمنهم من يكون مع والاخر ضد ويبقى القرار بيد القادة وليس الجنود.