ثقافات

في موسيقى الشعر الشعبيِّ العراقيِّ: قديمهِ وحديثهِ

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


أ. د.عبد الرضا عليّ

ثمّة ملاحظتان لابدَّ من توضيحهما للقارئ الكريم، الأولى:انَّ هذه المنطلقات التطبيقيّة لا تعنى بفنون الشعر الشعبي، ورقعتها الجغرافيّة، وتاريخ نشأتها، فتلك لها دراسات أخرى، أسهم (ولا يزال يسهم) فيها آخرون اهتمّوا بها تاريخيّاً وفنّيّاً، إنّما أُردنا منها أن تعنى بموسيقى الشعر الشعبي في العراق حصراً، محاولةً ً لتأصيل القول في ما لم يقف عليه الدارسون. والثانية: ان مصادر هذه الدراسة، ومراجعها كثيرة، حتّى أنَّ بعض ما كنّا دوّناه من المختارات الشعريّة كانت تحفل باسم الشاعر دونما الاهتمام بذكر المرجع، لكوننا حين جمعناها قبل سنوات لم نكن نفكّر بالكتابة في هذه المنطلقات المعياريّة الوزنيّة، لكنّنا لابدَّ من أن نشير بإفادتِنا من كتابات كثيرة كنّا قد اطّلعنا عليها في هذا المجال، وكانت حصيفة ًوعلميّة، لاسيّما كتابات الملا عبدالكريم العلاف(1896- 1969م) في الطرب والغناء العراقي، وكتابات الشيخ الموسوعي عليّ الخاقاني(1909- 1979م) في فنون الأدب الشعبي، وكتابات الشيخ جلال الحنفي(1914- 2006م) في العروض، وكتابات خبير المقام المشهور هاشم محمّد الرجب(1921- 2003م) في الغناء العراقي، واجتهادات الشاعر الباحث ربيع الشمري(1946- ) في كتابه:العروض في الشعر الشعبي العراقي الصادر في بغداد في العام1987م، فضلاً عن بعض المدوّنات الرقميّة، وغيرها من المراجع.

*******
لمّا كان الإيقاع توافقاً صوتيّاً " بين مجموعة ٍ من الحركات والسكنات يؤدّي وظيفةً سمعيّة ً، ويؤثّر فيمن يستجيبُ له ذوقيّاً "sup1; بحكم ميل الإنسان نفسيّاً إلى ما ترتضيه حاسة ُسمعه من تطريب ٍ يؤثّرُ في أعماقه، فإنَّ الاستجابة ستكونُ نسبيّة ًعلى ضوء ما في تلك الحركات
والسكنات من طاقة ٍنغميّة عالية، أومن رنين ٍسحريّ يحفّزُ الأعماق على الاستجابة.
ويستوي في هذا الشعر العربي الموقّع سواء أكان قديماً، أم حديثاً، و الشعر الشعبي كذلك، قديمه وحديثه. لأنَّ أوزان الشعر الشعبي هي عينها الأوزان التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي(100 - 175هـ ) وأنَّ الشعراء الشعبيين قد احتذوا محولات شعراء الحداثة في الخروج على النظام البيتي، ومحاولة كسر رتابته، بعد أن كانوا غير ميّالين إلى مخالفة العروض العربي القديم.
إنَّ هذه الدراسة وهي تحاول أن توكد وحدة الأوزان في الأسلوبين الرسمي والشعبي، لا تجد من سبيل غير التطبيق ميداناً لتأصيل القول في هذا المنطلق المعياري، وقد رأينا أن نقف على الأوزان الخليليّة أوّلاً، ثمَّ نقدّمَ أمثلتها التطبيقيّة ثانياً، لتوضيح المعياريّة الوزنيّة التي تمَّ احتذاؤها شعبيّاً، مع ملاحظة أنَّ التفعيلة في حشو البيت الشعبي وضربه كثيراً ما تتداخل بغيرها من التفاعيل بسبب كثرة الساكنات، وقلّة المتحركات، فضلاً عن تقبّل الأذن للكسور السمعيّة في الشعر الشعبي قياساً إلى الرسميّ منه،، لكون اللهجات الشعبيّة أكثر تسامحاً، وأقلّ تشدّداً في التقعيد والهندسيّة.
وفي ما يأتي أهم بحور(أوزان) الشعر الشعبيِّ قديمِهِ وحديثِهِ:


■ألرجز
الرجز من البحور المفردة، تتألّف وحدته الإيقاعيّة من تفعيلة " مُسْتفْعِلُنْ "
ويستعملُ تامّاً، ومجزوءاً، ومشطوراً، ومنهوكاً، ويدخل كلَّ أجزائهِ:حشواً، وعروضاً،
وضرباً زحافان هما:الخبن، وهو حذف الثاني الساكن من " مستفعلن " فتصير"متًفْعِلُن " وتنقل إلى " مُفاعِلُن " المساوية لها بالحركات والسكنات، وزحاف الطيّ: وهو حذف الرابع الساكن من "مُستَفْعِلُن " فتصير"مُستَعِلُن" وتنقل إلى (مُفتَعِلُن) .
والرجز من البحور الكثيرة الاستعمال حتّى سُمّي بمطيّة ِالشعراء، وأهمّ ُ تشكيلاته من التام:
1 -الرجز الصحيح:وهو ما كانت عروضه صحيحة (مستفعِلُن) وضربه كذلك، ومثاله:
لا خير في مَن كفَّ عنّا شرَّهُ إنْ كانَ لا يُرجى ليومٍ خيرُهُ
مُستَفْعِلُن مُستَفْعِلُن مُستفعِلُن مُستفعِلُن مُستفعِلُن مُستفعِلن
2 -الرجز المقطوع: وهو ما كانت عروضه صحيحة ً(مستفعِلن) وضربه مقطوعاً
(مستفعِلْ)بسكون اللام، والقطع (علّة) هي حذف ساكن الوتد المجموع وتسكين ما قبله، فتصير التفعيلة(مستفعِلْ)، وتنقل إلى (مفْعُولُن ) المساوية لها بالحركات والسكنات، مع مراعاة أنَّ زحاف الخبن قد يدخل على الضرب المقطوع فتصير التفعيلة (معولُن) وتنقل إلى (فعولن) المساوية لها بالحركات والسكنات، ومثاله:
ألقلبُ منها مُستريحٌ سالمٌ والقلبُ منّي جاهدٌ مجهودُ
مُستفْعِلن مُستفعِلن مستفعِلن مستفعِلن مُستفْعِلن مُستفْعِلْ=مفعولن
أمّا تشكيلاتُهُ من المجزوء، فليس له غير تشكيل واحدٍ هو:
3 -الرجز المجزوء الصحيح: وهو ما كانت عروضه صحيحةً ً(مستفعلن) وضربه كذلك، ومثاله قول أحمد الصافي النجفي:
قطعة ُ شعري حلوة ٌ قد رقصَ القلبُ لها
مُفتَعِلن مُستفعِلن مُفتَعِلن مُفتَعِلن
أما الرجز المشطور فتشكيلاتُه:
4 -المشطور المقطوع: وهو ما كانت عروضه مقطوعة(مستفعِلْ) وتنقل إلى(مفعولن) وعروضه هذه هي الضرب على وفق ما يرى العروضيّون(أي ليس لهذا التشكيل ضرب) لأنّ المشطور ما حذف شطرُه، ويعد الشطر الباقي بيتاً عروضه ضربه، مع مراعاة أنّ زحاف الخبن قد يدخل على العروض المقطوعة فتصير فعولن.
وهذا التشكيل يرد على نوعين:نوع تكون فيه القافية مفردة، ونوع تكون فيه القافية
مزدوجة، فمن الأوّل قول بشّار بن برد:
يا طلَلَ الحيِّ بذاتِ الصمدِ باللهِ خبِّرْ كيف كنتَ بعدي
مفتعِلن مفتَعِلُن مفعولن مستفعلن مستفعلن مفعولن
ومن الثاني( مزدوج القافية) أي الذي يزدوج فيه كل شطرين في قافية، قول أبي العتاهية:
لكلِّ شيءٍ معدنٌ وجوهرْ وأوسطٌ وأصغرٌ وأكبرْ
مفاعلن مستفعلن فعولن مفاعلن مفاعلن فعولن

5- المشطور المذيّل:وهو ما كانت عروضه-وهي ضربه-مذيلة، والتذييل علّة، وهي كما مرَّ زيادة حرف ساكن على آخر التفعيلة، ومثاله قول العجّاج:
والدهرُ يهوي بالفتى في أسوامْ ومن عناءِ المرءِ طولُ التهيامْ
مستفعلن مستفعلن مفعولان مفاعلن مستفعلن مفعولان
أما الرجز المنهوك فله تشكيلان:
6- الرجز المنهوك الصحيح:وهو ما كانت عروضه صحيحة، وهي ضربه، لأنَّ المنهوك هو البيت الذي ذهب ثلثاه، ويعدّ ثلثه الباقي بيتاً، وجزؤه الأخير هو الضرب والعروض، ومثاله:قول دريد بن الصمّة:
ياليتني فيها جَذعْ أخبّ ُ فيها وأضعْ
مستفعلن مستفعلن مفاعلن مفتعلن
7 - الرجز المنهوك المذيّل: ووزنه (( مستفعلن مفعولان)) ويذكر في منهوك المنسرح، وقد رأينا صواب إيراده في الرجز المنهوك على وفق رأي د.مصطفى جمال الدينsup2;، لأنه منه بزيادة حرف ساكن، ومثاله قول هند يوم بدر:
ويهاً بني عبدَ الدارْ
مستفعلن مفعولان
ويهاً حماةَ الأدبارْ
لكنَّ الشعراء الشعبيّين لم ينظموا في كلِّ تشكيلات الرجز، إنّما اقتصرواعلى تشكيلات الصحيح والمقطوع من التام، وعلى المجزوء الصحيح، مع تنوّع الأضرب، فنظموا على التام ما سمي بوزن(( الميمر))ألذي هو من أربعة أشطر، تكون الثلاثة الأولى بقافية موحّدة اللفظ بجناس تام مختلفة المعاني، ويكون الشطر الرابع مختوماً بقافية الراء المقيّدة، بعد مستهلّ على الرجز المقطوع غالباً، وأول ما قيل فيه:
عالميمر وعالميمر وعالميمر بيض النواهي عله شبيجه حدّرsup3;
مستفعلن مستفعلن مفعولن
ومثاله قول ربيع الشمّري:
خَشف الذي صاب الدليل وعلّه طير وطلع نسله وسلاني وعلّه
مستفعِلن مستفعلن مفعولن مستفعلن مستفعلن مفعولن
دوم انتظر بلجن يحنّ وعلّه يرجع علَيْ وكَليبي يشفه وأنسرْ⁴
مستفعلن مستفعلن مفعولن مستفعلن مستفعلن مفعولن
كما نظموا على المجزوء ما سميَ بوزن ((المجرشة))، ومنه قول الملا عبود الكرخي (1861-1946م):
ذبيت روحي عله الجرش وادري الجرش ياذيها
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلْ= مفعولن
ساعه وكسر المجرشه والعن أبو راعيها
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مفعولن
ساعه وكسر المجرشه واشغر أنا لسابع سمه
وادعي على الجان السبب أمي وابويه بالعمه
أم كشره وام بوز الجلب جي يرضه ربي منعّمه
كَعدها باعله مرتبه جوخ وزري يجسيها
ووزن المجرشة هذا هو عينه ما كان قد ورد قديما ً وغنّاه المطرب الريفي داخل حسن:
إهنا يمن جِنّه وجِنِتْ جينه او وكَفنه ابابك
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مفعولن
ولف الجهل ما ينسي شمالك نسيت احبابكْ
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مفعولن
أمّا في الشعر الشعبي الحر فقد نظم فيه طارق ياسين(1938 - 1975) قصيدته:
لاخبر لاجفيّه لا حامض حلو لاشربتْ
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مفعولن
كَالوا صوانيكم شموع انترست
مستفعلن مستفعلن مفعولن
والتمت الحلوات من كل بيت حلوه التمّت
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مفعولن
واترف أصابع ليلة الحنّه بعذابي اتحنّت
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مفعولن
فد نوب مامش طيب لهنا وصلت؟
مستفعلن مستفعلن مفعولن
كما نظم فيه مظفّر النوّاب(1936 - ) قصيدته المشهورة " زرازير البوادي "⁵ ومنها قوله:
جفنك جفن فراشه غض مستفعلن مستفعلن
وحجاره جفني وما غمض مستفعلن مستفعلن
يلتمشي بيّ ويه النَبَض مستفعلن مستفعلن
روحي اعله روحك تنسِحن مستفعلن مستفعلن
حن بويه حن مستفعلن

ألرجز المهمل والدارمي
للرجز تشكيلات أهملها القدامى والمعاصرون، لكونها أقرب إلى الفجاجة منها إلى النضج؛ولعلّها كانت ضمن تشكيلات الرجز في مراحله الأولى، ويقوي هذا الظن ما
لاحظناه من هندسيّة صارمة في تسكين مفردات البيت الواحد، ومنها تشكيلان هما:
ألأوّل:
مستفعلن فعلان مستفعلاتن
وأمثلته:
لا تكذِبنَّ الناسْ في القولِ يوما ً

أهوى من الغزلان ظبيا ً شرودا
يا طالبَ التحقيقْ أنظرْ وجودَكْ ⁶
والثاني:
مستفعلن فعلان مستفعلاتان
وأمثلته:
يا أيّها الباغونْ أغضبتم اللهْ
أوّاه ممّا كان أوّاه أوّاهْ
شتّان بينَ اثنينْ مَن دِينَ أو دانْ ⁷
وهذان التشكيلان هما اللذان نظم عليهما الدارمي بتشكيليه، ولكن بجعل البيت يتألّف من شطرين ليس غيرا، وفيما يأتي أمثلة من التشكيلين:
فمن الأوّل:
كَلجن يمظلومات للكاظم امشن يم سيّد السادات فكّن حزنجن
مستفعلن فعلان مستفعلاتن مستفعلن فعلان مستفعلاتن

بت بعدَ بالدّلال جاهل يعت بي يبجي من اصيح عليه يكَطعه من اخليه
مستفعلن فعلان مستفعلاتن مستفعلن فعلان مستفعلاتن

مالي شغل بالسوك مرّيت اشوفك عطشان حفنه اسنين واروى عله شوفك
وشجابه للغرّاف طير المجرّه سابيها كل هالناس حيّرني بامره
شبه الدرج دنياك شَي اعله من شّي يل بالشمس ظلّيت هم يكسر الفَي
مستفعلن فعلان مستفعلاتن مستفعلن فعلان مستفعلاتن
ومن الثاني:
أرد ابجي بالعبّاس والطم بالحسين يفضحها بين الناس العشكت اثنين
مستفعلن فعلان مستفعلاتان مستفعلن فعلان مستفعلاتان
كون الكَلب بي باب ينطر واراويك جا كتلي عفيه اعليك دم ولحم بيك
ما تنسمع رحّاي بس ايدي إدّير اطحن بكَايه الروح موش اطحن اشعير
شمّاتي مو شمّات شماتي شمّات بالكَبر ويسالون حي بعده لو مات؟
وين اليودّي الروح لارضك يلعراك حن كَلبي واشتاكَيت عذّبني لفراك
وين الجفن ينباع يلشايل الخام عدله ارد اطمها الروح من ظيم الايام
خلاني وكتي وياك ريشه بوسط ريح لاتنزل عله الكَاع لا تقبل اطّيح
مستفعلن فعلان مستفعلاتان مستفعلن فعلان مستفعلاتان

■ السريع
السريع بحر مركّب، وزنه المستعمل هو:
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
مع مراعاة انّ زحافي (الخبن) وهو حذف الثاني الساكن، و(الطي) وهو حذف الرابع الساكن يدخلان في حشوه بكثرة كما كان الحال في الرجز، وأهمّ تشكيلاته:
1 - السريع الصحيح:وهو ما كانت عروضه(فاعلن) وضربه كذلك ومثاله قول صلاح نيازي:
ما لونُ بغدادَ وما طعمُها؟ مستفعلن مفتعلن فاعلن
ما صحو بغدادَ وما نومها؟ مستفعلن مفتعلن فاعلن
ماشمسها ما الناس ما نجمها؟ مستفعلن مفتعلن فاعلن
سبحانك- اللهمَّ- جلَّ اسمها مستفعلن مستفعلن فاعلن
2 - السريع المذيّل:وهو ما كانت عروضه صحيحة(فاعلن) وضربه مذيّلاً(فاعلان) ومثاله قول بشّار:
وكاعبٍ قالت لأترابِها يا قومُ ما أعجبَ هذا الضريرْ
مفاعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مفتعلن فاعلان
3 - السريع المقطوع:وهو ما كانت عروضه صحيحة ً(فاعلن) وضربه مقطوعاً(فعْلن) والقطع علّة، وهي حذف ساكن الوتد وإسكان ما قبله فتصير التفعيلة(فاعلْ) وتنقل إلى (فعْلن)، ومثاله قول الحسين بن الضحّاك:
يا ليتَ ظنِّي أبداً كاذِبٌ فإنّه يصدقُ أحيانا
مستفعلن مفتعلن فاعلن مفاعلن مفتعلن فاعلْ=فعْلن

وقد نظم فيه الشعراء الشعبيّون في كلّ تشكيلاتهِ، فمن التام قول ربيع الشمري⁸:
راح الذي كَلبي الوفي هامله خلّه النواظر دم دمع هامله
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
ماجنت اظن ينسه الغرام ويصد ويكَوطر ابليل اظلم ويبتعد
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
ظهري انحنه بجفاه ذبني الوجد مكدر أشل جرحي الينز هامله
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
ومثال المقطوع قوله:
ظلّي حزينه وهامله الدمعه مات الهوى ما اظن اله رجعه
مستفعلن مستفعلن فعْلنْ مستفعلن مستفعلن فعْلنْ
مات الهوى وهيهات كَلبي يحن وانسه المضه وينزاح عني الحزن
إنتي الذي خنتي الوفه ولا أظن طبعه الخيانه يبدّله الطبعه⁹

ومثال المذيّل:
ياطير ودّي للحبايب سلام ذكّرهم بأحله ليالي الغرام
مستفعلن مستفعلن فاعلان مستفعلن مستفعلن فاعلان

■ ألبسيط
البسيط بحرٌ راقص يتّصف بنغماتهِ العالية، وبتغيّر حركي موجي ارتفاعا ً، وانخفاضا ً، وهو من البحور المركّبةِ، وتشكيلاتُهُ المستعملة في الشعر الشعبي هي:
1 - البسيط المخبون:وهو ما كانت عروضه مخبونة(فعِلن) وضربه كذلك(فعِلن)، ومثاله قول المتنبّي:
يامن يعزّعلينا أن نفارقهمْ وجداننا كلّ شيءٍ بعدكم عدَمُ
مستفعلن فعِلن مستفعلن فعِلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
2 - البسيط المقطوع:وهو ما كانت عروضه مخبونة(فعِلن) بكسر العين، وضربه مقطوعا ً
(فعْلن)بسكون العين، والقطع عِلّة، وهي حذف ساكن الوتد المجموع في (فاعلن)، وإسكان ما قبله، فتصير (فاعلْ) وتنقل إلى(فعْلن) ومثاله قول ابن زيدون:
بنتم وبنّا فما ابتلّتْ جوانحُنا شوقا ً إليكم ولا جفّت مآقينا
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلْ=فعْلن
3 - مجزوء البسيط، ومثاله:
ماذا وقوفي على ربع ٍ خلا مُخلولق ٍ دارسٍ مستعجم ِ
مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن
4 - مخلّع البسيط ووزنه:
مستفعلن فاعلن فعولن مستفعلن فاعلن فعولن
وهو غير مستعمل في الشعر الشعبي للتغيير الحاد في تفعيلاته الأخيرة.

وقد استخدمَ البسيط في الشعر الشعبي في:
أ - الزهيري، أو ما سُمّي بـ "الموّال " وينظم على سبعة أشطر ٍ:تكون الثلاثة الأولى بقافية موحّدة اللفظِ بجناس ٍتامٍ مختلفة المعاني، وتكون الثلاثة ُالأخرى مثلها، لكنّها برويٍّ آخر،
أمّا الشطرُ السابعُ فينتهي بقافية، تجانس الثلاثة الأولى باللفظِ والروي، ومثاله قول الحاج زاير الدويج ( 1860- 1919م)من البسيط ذي العروض والضرب التامين (فاعلن):
تميت احوم عله اشوفك بس اروحن واردْ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
أبغي وصالك واروم من الشفايف ورد
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
مفروض ذجرك علينا بكل فريضه ورد
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
من حيث باسمك تتم افروضنه والدعه
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
رضوان حسن الحواري بوجنتك ودّعه
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
والورد قدّم لوايح واشتكى وادّعه
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
ويكول إنتَ الورد وشلون تشتم وردْ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن

أمّا ما كان على البسيط المقطوع فمثاله قول الشيخ كاظم حسن العفجاوي:
ليك اعتنيت أو كَطعت عليك ذاك الفي
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلْ=فعْلن
واللي عذلني أكَلّه يا عذولي الفي
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
يل هيجي ذاتك بعد هيهات ليك الفي
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
من حيث ضاع الوفه عندك وضاع الحك
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
أرسل محاشيم وطروشي تجيك الحك
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
وآنه بهجير الشمس وانخاك ليِّ الحك
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
وتكَول ظل بالشمس لمّن يجيك الفي
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
ومن أمثلته في التفعيلي الشعبي(الحر) مع مراعاة تنوّع الأضرب بين التام والمقطوع والمذيّل قول مظفر النوّابsup1;⁰:
مرينه بيكم حمد واحنه بقطار الليلْ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلان
واسمعنه دك اكَهوه وشمينه ريحة هيلْ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلان
آنه ارد الوك الحمد مالوك انه لغيره
يجفلني برد الصبح وتلجلج الليره
يا ريل باول زغرنه العبنه طفّيره
هودر هواهم والك حدر السنابل كَطه
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
كذلك منه قول عزيز السماوي(1948 - 2001م ) في:
خطار عدنه الفرح إعلك صواني شموع
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلان
خافن يمر بالعكَد رش العكَد بدموع
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلان
يا كَلبي وين الحزن حدر الحدر مرفوع
دومك تون ونّتك تبجي بدمع مفجوع
بالك تصيح بحزن صوت الحزن مسموع
خطار عدنه الفرح إعلك صواني شموع
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلان
كذلك منه قول كاظم اسماعيل الكَاطعsup1;sup1;(1950- ):
ميّز جرح عن جرحْ
مستفعلن فاعلن
بيهن يطيب بزعلْ بيهن يطيب بصلحْ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
بيهن وفي ويستحي وبيهن عنيد او وكح
لتلوم يا لايمي جرحي اعرفت علّته
جرحي يطيب بجرحْ

ب - يا ابن الحموله عليَّ اشبدَّلك، وهذا الوزن على مجزوء البسيط الذي ألمعنا إليه في تشكيله الثالث:
يبن الحموله عليّ اشبدّلك حسنك مرقّيك لو عاده إلك
مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن
ما شفت مثلك بالعالم أبد عالموده تمشي شويّه ياولد
حسنك مصيبه سبيت اهل البلد من كثر صدّك جم واحد هلك
مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن

■ ألخبب: لهذا الوزن ذي التفعيلة المخبونة(فَعِلُن) تشكيلان هما:
1 - المتدارك المخبون: وهو ما كانت عروضه مخبونة، وضربها كذلك، مع مراعاة أنَّ الحشو قد يدخله الإضمار بعد الخبن فتصير تفعيلة الحشو(فعْلن)بتسكين العين، ومثاله قول الحصري القيرواني:
يا ليلُ الصبّ ُ متى غدُهُ أقيامُ الساعةِ موعدهُ؟
فعْلن فعْلن فعِلن فعِلن فعِلن فعْلن فعِلن فعِلن
2 - المتدارك المضمر:وهو ما كانت عروضه مخبونة ً، وضربهُ مخبونا ًمضمرا ً، فتصير(فعْلن) بتسكين العين، لأنَّ الإضمار(وهو تسكين الثاني المتحرِّك)يدخل على التفعيلة وهي مخبونة(فعِلن) بكسر العين، فيجعلها ساكنة َ العين، ومثاله:
إنَّ الدنيا قد غرّتنا واستهوتنا واستلهتنا
فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
وهذا الإيقاع(أي المتدارك المضمر) هو الذي استساغه الشعراء الشعبيّون في نظمهم، لتوالي السواكن بعد المتحرِّكات، كما في قول وفاء عبد الرزّاق (1952- ) sup1;sup2;:
نجمه بعيني فعْلن فعْلن
تراوي الليل شلون يسافر فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
نجمه اندارت فعْلن فعْلن
فكّتْ بركَعها وكشفتني فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
مع التوكيد على أنَّ " الهوسة " الشعبيّة تقفل به شطرها الرابع، وإن كانت أشطرها الثلاثة التي تسبقها على أوزان أخرى، كالوافر، أو الهزج، أو الرمل، كما في هوسات ثورة العشرين:
مشكول الذمّه عله الفاله
و...ذبوله عظيمه وهز ذيله
وهوسة شعلان ابو الجون عندما هاجم الإنجليز في الرميثة:
حل فرض الخامس كَوموله
فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
وهوسة عفتة بنت صويلح الأزيرجاوي حين أسر الإنجليز ولدها ومرّوا به عليها:
بس لا يتعذّر موش آنه
فأجابها:
خلوني بحلكَه وكَلت آنه
فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
ولعلّ ما فيه من سرعة ٍ في الإيقاع، وتوالي تفعيلته الصافية التي تنمّ ُ عن تموّجٍ حركيّ هو الذي جعله أقرب إلى دائرة الرقص منه إلى التوءدة:
بس يا كَلبي لتخلّيني فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
أتوازه وإنتَ توازيني فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
ماتدري شسوّيت بحالي فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
ليوين تريد اتودّيني؟ فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن *

■ الرمل
تشكيلات الرمل هي:
1 - الرمل الصحيح:وهو ما كانت عروضه محذوفة(فاعلن) وضربه صحيحا ً(فاعلاتن) مع مراعاة أنَّ زحاف الخبن قد يدخل في جميع أجزائه، ومثاله قول عديّ بن زيد:
أبلغ النعمان عنّي مألُكا ً أنَّه ُ قد طالَ حبسي وانتظاري
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
2 - الرمل المقصور: وهو ما كانت عروضه محذوفة(فاعلن)وضربه مقصورا ً (فاعلان)،
والقصر علّة، وهي حذف ساكن السبب الخفيف في(فاعلاتن)وتسكين متحرّكه، فتصير(فاعلاتْ)
بتسكين التاء، وتنقل إلى(فاعلان)..فلو أخذنا المثال السابق، وأسكنّا حرف الرويّ فيه لكان من هذا التشكيل:
أبلغ النعمانَ عنّي مألُكا ً أنّه قد طالَ حبسي وانتظارْ
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
3 - الرمل المحذوف:وهو ما كانت عروضه محذوفة(فاعلن) وضربه كذلك، ومثاله قول جليلة بنت مُرّة زوجة كليب:
فعلُ جسّاسٍ على وجدي بهِ قاصمٌ ظهري ومُدن ٍ أجَلي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن اعلاتن فاعلاتن فعِلن(خبن)
4 - مجزوء الرمل الصحيح:وهو ما كانت عروضه صحيحة (فاعلاتن) وضربه كذلك، ومثاله قول الشريف الرضي:
ليس بالمغبونِ عقلاً من شرى عِزَّا ً بمال ِ
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
5 - مجزوء الرمل المقصور:وهو ما كانت عروضه صحيحة(فاعلاتن) وضربه مقصوراً
(فاعلان) ومثاله قول الشاعر:
قل لمن قد نامَ عنّي صفْ لعينّيّ المنام
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
3- مجزوء الرمل المحذوف:وهو ما كانت عروضه محذوفة(فاعلن) وضربه كذلك، ومثاله:
بؤسَ للحربِ التي غادرت قومي سدىً
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
وقد نظم الشعراء الشعبيّون في جميع تشكيلات الرمل، وانتقلوا أحيناً في التشكيل الواحد إلى عدّة ضروب، وفقا ً لما أتاحته لهم حركة الحداثة من حريّة في التنوّع، مع مراعاة أنَّ تفعيلة(فاعلاتن ) تتداخل أحياناً بـتفعيلة الهزج، أو الوافر المعصوب (مفاعيلن )وهذه أمثلةٌ منه:
1 - قال الملا عبود الكرخي في قصيدته(قيّم الركَاع من ديرة عفج):
قيّم الركَاع من هاي اللحه تشوفه هيبه وعنده لحيه امسرّحه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
يشتم ابلا خجل وبلا مستحه من يحسّ المقعد اشويّه اندحج
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
قيّم الركّاع من ديرة عفج
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن

برلمان اهل المحابس والمدسْ عكَب ما جانوا يدورون الفلس
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
هسّه هم يرتشي وهمَّ يختلس لو نقص من راتبه سَنت انعقج
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
قيّم الركَاع من ديرة عفج
2 - وقال ربيع الشمّريsup1;sup3; :
ما أنزل راس واتلكَلكَ وذل وامسح اجتاف الجلاب السايبه
ما أكول ابخوف عالأعوج عدل آنه مو من ذول ولد الخايبه
خبزة من تاكلها من جفِّ النذل شدّ الك أربع حزم للنايبه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
3 - وقال عريان السيّد خلفsup1;⁴ (1945- ):
ردّي رديّ
فاعلاتن
ردّي ينباع العشك ولياكَلب تهوين صدّي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
لاتهيجين الجروح اجروحي من تنلجم تدّي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
وآنه من دمّ ولحم مو من صخر جبدة العندي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن مفاعيلن
4 - وقال مظفّر النوّاب:
موحزن لكن حزين
فاعلاتن فاعلان
مثل ما تنكَطع تحت المطر شتلة ياسمين
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
مثل صندوك العرس ينباع خردة عشك من تمضي السنين
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فعلاتن فاعلان
مثل بلبل كعد متأخر لكَه البستان كلّها بلايه تين
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
موحزن لكن حزين
فاعلاتن فاعلان
5 - وقال طارق ياسينsup1;⁵:
كاكي كاكي يا دجاجه كاكي كاكي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
تلاثه موبس وحده عدنه
فاعلاتن فاعلاتن
صحف وانقابات حرّه واتّحاد الإشتراكي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
بيضي فد بيضة ْ جبيرة ْ تكفي وحّدها عشيرةْ
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
الجوع ثابرنه ثبيرةْ لو حصل ناكل خراكي
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
كاكي كاكي يا دجاجةْ كاكي كاكي
7- وقال جبار عودة الخطّاط sup1;⁶ :
إنزع الزيتوني والبس عِمّة ْ بيضة ْ
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
عمّة ْ سودة ْ
فاعلاتن
لوردت سوّيها حمرة ْ
فاعلاتن فاعلاتن
شكو بيها حجّة الإسلام والمنهج يساري
فعِلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
خلّي ابن عفّان ريّس للحكومة ْ
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
واعدم بإيدك أبو ذَر الغفاري
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
8- وقال كاظم اسماعيل الكَاطع sup1;⁷:
بانتظارك خلّصت عمري انتظار
فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
عاشرت ليل المحطّه وارتجي يجيبك قطار
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
والقطار
فاعلان
لو يحب مثلي وتشب بضلوعه نار
فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
يسرع بمشيه ويجيبك بالفجر كبل النهار
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلان
9- وغنّى داخل حسن من الرمل ما سُمّيّ بالموشّح:
يا طبيبي صواب دلالي كلف لا تلجمه ابحطَّة السمّاعه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلْ=فعْلن
بعد دكّات الكَلب ما تنعرف تنكَطع ما بين ساعه او ساعه
فعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعِلْ=فعْلن
3- وقال جبّار الغزّي( 1946- 1987م):
هاي وحده وياك يل ناسينه ولّعتنه وما دريت اشبينه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلْ=فعْلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلْ=فعْلن
عالكَين اشموعنه او نتنطّرك وابد ليل افراكَنه ما سهّرك
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
هاي تاليت الهوى وتالينه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلْ= فعلن

■ مخلّع الرمل
لم يرد هذا الوزن في عروض الخليل، إنّما ابتدعه البهاء زهير (1185 - 1258م) من وزن الرمل، ونظم فيه قصيدتين لا ميّتين، جعل الثانية معارضة للأولى - لسنا بصدد الحديث عنها الآن -وهذا الوزن هو:
فعْلن فاعلاتُ فاعلاتن فعْلن فاعلاتُ فاعلاتن
ومثاله قول البهاء في الأولى:
يا من لَعبتْ بهِ شمولُ ما ألطَفَ هذهِ الشمائلْ
نشوانُ يهزّهُ دلالُ كالغصنِ مع النسيمِ مائلْ
فعْلن فاعلاتُ فاعلاتن فعْلن فاعلاتُ فاعلاتن
لكنّ هذا المخلّع لم يشعْ، ولم يجرِ على ألسنة ِالشعراء، فظلَّ حبيسَ تينِكَ القصيدتينِ.لكنَّ بعض الشعراء الشعبيين استساغوا هذا الوزن لما فيه من حركة إيقاعٍ راقص، فنظموا فيه أغنية مشهورة صارت مفتاحاً لغيرها نغميّا ً، وتنزيلة ًتنشدُ في المولدِ النبويّ، أمّا الأغنية فهي:
كَلّي يحلو منين الله جابك خزّن جرح كَلبي من عذابك
فعْلن فعِلاتن فاعلاتن فعْلن فاعلاتن فاعلاتن
كَلّي وش شفت منّي أذيّه كَلبك من صخر ما حن عليّ
فعْلن فاعلاتن فاعلاتن فعْلن فاعلاتن فاعلاتن
آني اللي اجرحت إيدي بديّه هويتك وانت مغتر ابشبابك
فعْلن فاعلاتن فاعلاتن فعولن فاعلاتن فاعلاتن
وأمّا التنزيلة فهي sup1;⁸:
يا غافل مع اللذّات تجري كَبرك ينحفر وانتَ متدري
فعْلن فاعلاتن فاعلاتن فعْلن فاعلاتن فعِلاتن

■ الوافر
تشكيلات الوافرهي:
1 - الوافر التام: وهو ما كانت عروضه(فعولن) وضربه كذلك، مع مراعاة أنَّ زحاف العصْب
[ وهوإسكان الخامس اللام في (مفاعَلَتن) فتصير مفاعلْتن بسكون العين، وتنقل إلى(مفاعيلن) المساوية لها بالحركات والسكنات ] كثيرا ًما يدخلُ في حشوه، ومثاله قول قيس بن الخطيم:
وما بعضُ الإقامةِ في ديار ٍ يهانُ بها الفتى إلا بلاءُ
مفاعيلن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعيلن فعولن
2 - المجزوء الصحيح: وهو ما كانت عروضه(مفاعلتن)وضربه كذلك، مع مراعاة أنَّ (العصب) قد يدخل في عروضه، فضلاً عن حشوه، ومثاله قول ابن أبي ربيعة:
كتبتُ إليكِ من بلدي كتابَ مولّهٍ كمَدِ
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن
3 - المجزوء المعصوب: وهو ما كانت عروضه صحيحة ً، وضربه معصوبا ً، مع مراعاة أنَّ العصب قد يدخل كلَّ أجزائه:حشوا ًوعروضا ً فضلاً عن ضربه، وهذا هو الهزج عينه، ومثاله:
أرِقتُ لذكرِ موقعها فحنَّ لذكرِها القلبُ
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن

لكنَّ الشعراء الشعبيين لم ينظموا سوى في التشكيل الأوّل من الوافر، وتركوا التشكيلين الثاني و الثالث لكونهما مجزوئين يؤدّي عصب التفعيلة الدائم ( بحكم ميل اللهجة الشعبيّة إلى ظاهرة تسكين الحروف)، إلى جعل الوزن من الهزج، لهذا أقاموا على الوافر التام الأبوذيّة والعتابة.
أ - الأبوذيّة
والأبوذيّة تتألّف من أربعة أشطر ٍ، ثلاثة منها تنتهي بجناسٍ موحّد اللفظ مختلف المعاني،
وبرويٍّ واحد، وشطرها الرابع ينتهي بياء مشدّدة وهاء ساكنة، ومثاله قول مطرب العراق
محمّد القبّانجي (1901 - 1988م):
علامه الدهر شتتنه وطرنه عكَب ذاك الطرب بالهم وطرنه
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
ألف يا حيف مكَضينه وطرنه ليالي اللي مضت متعود اليّه
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
وكما في قول رحيم المالكي (1962 - 2007م ):
أنا الروحي الليالي مرّسنها لصيله انتَ اتعرفها مرّسنها
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
سيوفي ما اغمدتها مرّسنها ركَاب اعداي مبردهم واديّه
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
وكما في قول صباح الهلالي:
بسواد العين يسمر منته رابي عجب كَلبك تغيّر منته رابي
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
أنا ما اظن ترابك منته رابي حضنتك والعسل جلّب بديّه
وسيّان إن كانت الأبوذيّة غير مدوّرة كما مرّت أمثلتها، أو كانت مدوّرةً(والمدوّرة هي التي تدوّر قافية شطرها الثالث بشطرها الرابع لإتمام المعنى) كما في:
حبيبي الشوك صدفه قابلاني لوَنْ تحركَني نارك قابلآني
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
تقشمرني ابضحكتك قابلاني غشيم وتعبر الضحكه عليّه
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
ب - العتابة
والعتابة ُكذلك تتألّف من أربعة أشطر، ثلاثة منها تنتهي بجناسٍ موحّد اللفظ مختلف المعاني برويٍّ واحد، وشطرها الرابع ينتهي إمّا بالألف(ممدوةً كانت أم مقصورة) أو بالباء، أو الهاء الساكنة، وبذلك يخُتتم ضرب العجز الثاني بتفعيلة(فعولْ) بسكون العين في الأعم الأشمل كما في قول عبد الله الفاضل:
هلي ما لبّسوا خادم سملهم وبجبود العده بايت سملهم
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن
جان أهلك نجوم اهلي سملهم وكل نجم الزهه عشوي وغاب
مفعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولْ

■ ألهزج
ألهزج وافرٌ مجزوء يدخلُ العصب تفعيلاته الأربع، ووزنه:
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
ومثاله:
صفحنا عن بني ذُهلٍ وقلنا القومَ إخوانُ
لكنَّ الشعراء الشعبيين استخدموهُ كاملا ً بثلاث تفعيلات صافية، واستخدموه بتفعيلتين، وأجازوا في حشوهِ وضربه استخدام ممدود(مفاعيلن)وهو ما سُمّي بـ (التذييل)فتصبح(مفاعيلان)وعلة
القصر (وهي حذف ساكن السبب وإسكان متحرّكه، فتصبح (مفاعيلْ) بسكون اللام.
أمّا مثاله من التام ذي التفعيلات الثلاث فهو ما اصطلحوا عليه بوزن " التجليبة " ومثاله:
أجلبنّك يليل اثنعش تجليبه تنام المسعده وتكول مدريبه
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
كما أنَّ زحاف الكف (وهو حذف السابع الساكن في مفاعيلن فتصير مفاعيلُ بضم اللام) قد يدخل في حشوهِ، علما ًأنَّ الشاعر الشعبي قد يميلُ إلى استخدام ضروبٍ متعدّدة في القصيدة الواحدة، أو يلتزمُ ضرباً بعينه، فمثال الأول قول مصطفى عبد الرزاق(أبو محمّد الميّاحي):
حمد يا فرحة الزفّه مفاعيلن مفاعيلن
حمد والراي من يحتار مفاعيلن مفاعيلان
يكَصد ليك ويشيرك مفعولن مفاعيلن
حمد يبن النجف يمضيّف الزوّار مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلان
غفت بعيونّه ونامت تصاويرك مفاعيلن مفعولن مفاعيلن
حمد يا عمبر المشخاب مفاعيلن مفاعيلن
يمشبّع خطاطيرك مفاعيلن مفاعيلن
يراية كربله رفّيت مفاعيلن مفاعيلان
وزنود النشامه مكيّفه ادّيرك مفعولن مفاعيلن مفاعيلن
حمد برض الفرات أوصيك لو مرّيت مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلان
ثكّل والزلم ريلك مفعولن مفاعيلن
ومثال الثاني قول عريان السيّد خلف:
أسِد شبّاج حسنك لو تعدّيت مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلْ=فعولان
واضيف اتراب جدمك وردة البيت مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلْ=فعولان
واسألك لو طفح حسنك بالعيون مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلْ=فعولان
حلو ابطبعك يلغنج لو تحلّيت مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلْ=فعولان
وأمّا دخول الكف في الحشو فمثاله:
أريد اليوم تتطشّرْ مفاعيلن مفاعيلن
عله كلّ المواقعْ ايمن وايسر مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مهو بس العرب تقراها يا أوديت مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلان
أريد اتشوفها العجمان والبربر مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
وناس المغرب الطيبين مفاعيلن مفاعيلان
والنيجر ومدْغشقر مفعولن مفاعيلن
واريد اكثر بعد واكثر مفاعيلن مفاعيلن
واذا أهل المواقع رادوا ايغثّوج؟ مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلان
أسوّي ليلهم أكَشر مفاعيلن مفاعيلن
وقد أ ُعذر من أنذر* مفاعيلُ مفاعيلن
أمّا مجزوء الهزج فقد نوّعوا كذلك في عروضه وضربه، وانتقلوا في القصيدة الواحدة من ضرب إلى ما سواه بانسيابيّة ٍعالية كما في قول كريم العراقي:
لا رايد مراسيل ولا رايد هديّه مفعولن مفاعيلْ مفاعيلن فعولن
ردت كلمة حبيبين تجمعنه سويّه مفاعيلن مفاعيلْ مفعولن فعولن
من الاوّل يا حبيبي عرفتك مو إليّه مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن

الهوامش
(1)ينظر: الإيقاع الداخلي، ص 3 .
(2)ألإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة، 80، ط2، مطبعة النعمان/النجف الأشرف، 1974.
(3)بدلالة ربيع الشمّري " العروض في الشعر الشعبي العراقي" 153، ط1 دار الحريّة، بغداد، 1987م.
(4)نفسه، 154.
(5)شفاعات الوجد(مختارات من الشعر العراقي الشعبي)، 19 - 24، منشورات دار المسار، ط1، عمّان/الأردن 1995م.
(6)ينظر:الشيخ جلال الحنفي " العروض تهذيبه وإعادة تدوينه" 728، 729-ط2، مطبعة الإرشاد، بغداد 1985.
(7)نفسه، 731.
(8)العروض في الشعر الشعبي العراقي، 87.
(9)نفسه، 90، والأبيات لربيع الشمّري.
(10) بدلالة ربيع الشمّري، نفسه، 166.
(11) شفاعات الوجد، قصيدة(تداعيات)57.
(12) تنظر:صفحة وفاء عبد الرزّاق على رابط موقع مؤسّسة النور للإعلام.
(*) ألأبيات للباحث.
(13) العروض في الشعر الشعبي العراقي، 232.
(14) عريان السيّد خلف" المجموعة الشعريّة الكاملة"11، (د.ت)
(15) من قصيدة له كتبها في القسم الداخلي لمعهد اعداد المعلمين في الأعظميّة سنة1964، بعد انقلاب عبد السلام عارف على البعثيين، وتشكيل تنظيم (الأتّحاد العربي الاشتراكي)، وقصّة هذه الأبيات الساخرة
طريفة، لكن لا مجال لذكرها الآن.
(16)تنظر:صفحة جبار عودة الخطّاط على رابط موقع مؤسّسة النور للإعلام.
(17)قصيدة(ليل المحطّة) مجموعة "نعش النهر" 53، ط1 منشورات شركة الإزدهار، بغداد، 1998م.
(18)ينظر:الشيخ جلال الحنفي (العروض...) 422 - 432.

(*) ألأبيات للباحث.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اصل ثابت
إيمان محمّمد -

شيخ النقاد ومدرسة الكتابة الاستاذ الدكتور عبد الرضا علي ...نتمنى لك التوفيق والعمر المديد لتبقى منارا ومثلا لمحبي الشعر وكُتابه، ونشكرك على هذه الدراسة القيمة التي تلامس القلب والعقل معا ..ففي حرفيتك الفريدة، وإحساسك العالي نجد حتما المتعة وافائدة معا، ولانك الأصل الثابت فكل ماتقدمه لنا انما هي اغصانك الخضراء المثمرة. إيمان محمّد. المانيا

معين لا ينضب
احمد نيسان -

سيدي الكريم الاستاذ الدكتور عبد الرضا علي اتابع بشغف ما تقدمونه من دراسات نقدية وتحليلات مركزة ومهمة، واجد دائما في ما تكتبون الاجابات الشافية ... اتمنى لك التوفيقوراجيا منك الكتابة في موضوعة "النقد القصصي" فانا واثق انك لن تبخل على محبيك وطلبتك. كل ماتكتبه يشكل دائما دروسا بالغة الاهمية والروعة من معين لاينضب هو انت ... مرة اخرى نتمنى لك التوفيق والعمر المديداحمد نيسان

معين لا ينضب
احمد نيسان -

سيدي الكريم الاستاذ الدكتور عبد الرضا علي اتابع بشغف ما تقدمونه من دراسات نقدية وتحليلات مركزة ومهمة، واجد دائما في ما تكتبون الاجابات الشافية ... اتمنى لك التوفيقوراجيا منك الكتابة في موضوعة "النقد القصصي" فانا واثق انك لن تبخل على محبيك وطلبتك. كل ماتكتبه يشكل دائما دروسا بالغة الاهمية والروعة من معين لاينضب هو انت ... مرة اخرى نتمنى لك التوفيق والعمر المديداحمد نيسان

عطاء كريم
مازن -

شكرا جزيلا سيدي الفاضل على هذا الجهد ملاحظة : الشعر الشعبي في بلاد الشام ومصر يتقاطع كثيرا مع هذه الدراسةبالتالي يمكن تعميم هذه الاطروحة على الشعر الشعبي العربي بالمجمل

شكراً لمرورك الجميل
عبد الرضا عليّ -

الروائيّة المبدعة إيمان محمّدمنحتِني أكثر ممّا استحق،ولعلِّ عين رضاكِ عنّيهي التي غمرتني،وأفاضت عليّ من ألطافكِما يعجز لساني عن مجاراتها.فشكراً لأناملكِ المبدعة،ومروركِ الجميل.

طلبك أمر
عبد الرضا عليّ -

أخي الكريم أحمد نيسان أعدُكَ أن ألبي طلبكَ قريباً إن شاء الله،مع امتناني لسخاء قلبكَ الطيّب،وسمو روحك.

لا تقاطُع
عبد الرضا عليّ -

أخي مازن موسيقى الشعر الشعبي العربي في مصر وبلاد الشام على أوزان الخليل عينها،باستثناء النصوص المنفلتة،لذا لا أرى أنَّ هذه الدراسة تتقاطع معهما،فالأصلُ واحد،والتقنين هو هو،لكنَّ اللهجات هي المشكلة.مع عظيم امتناني.

إحياء علم
عبداللّطيف الوراري -

الأستاذ الجليل د.عبد الرضا عليّ شكراً..لقد ذكّرتني مقالتك اللافتة بعهْدٍ من العلم ولّى مع رحيل علماء العروض من طينة إبراهيم أنيس وشكري محمد عياد وعبدالله الطيب ومصطفى جمال الدين، بعد الذي سِرْنا من اختلاط المفاهيم وانعدام أدوات المعرفة النقدية، وانحسار أشكال الشعر العربي وأنماطه الإيقاعية أو تقلُّصها إلى شكل وحيد ما فتئ يقسر الإيقاع وينهك عمله الخصب..تقديري لك

لستُ غير تلميذ لهم
د.عبد الرضا عليّ -

أخي عبد اللطيف الوراريشكراً لسمو روحك،ومرورك الجميل،فلستُ غير تلميذ لمن ذكرت،وكما تعلم فالتلمذة لن تكون في قاعات الدرس فقط،إنّما في المنهج العلمي وما يتعلّق به.مع محبّتي.

إحياء علم
عبداللّطيف الوراري -

الأستاذ الجليل د.عبد الرضا عليّ شكراً..لقد ذكّرتني مقالتك اللافتة بعهْدٍ من العلم ولّى مع رحيل علماء العروض من طينة إبراهيم أنيس وشكري محمد عياد وعبدالله الطيب ومصطفى جمال الدين، بعد الذي سِرْنا من اختلاط المفاهيم وانعدام أدوات المعرفة النقدية، وانحسار أشكال الشعر العربي وأنماطه الإيقاعية أو تقلُّصها إلى شكل وحيد ما فتئ يقسر الإيقاع وينهك عمله الخصب..تقديري لك