ثقافات

مارد الطين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لأن شكل يده لا يشبه القمر؛
مطرٌ يصَّاعدُ مِن آنيةِ الفخَّار ثوبَ بخارٍ ليفتحُ بِلا وجلٍ غِطاء سماءٍ بنية. يمدُّ سحابًا فاكهةً تتَجمَّل في لون خُصُوبتها. يمدِّد صوتَ بريقٍ في باقاتِ الثَّوم المُعلَّقة أفلاكا مصلوبة...

الانفاس التي لا تشبه يده؛
هذي مائدةُ إفطارٍ تنْبسِطُ تحْتَ يدٍ تأْكُل فِي نَهمٍ؛ ريحَ سمومٍ تحرِّك أرجُلها الأربعة، وهي تخرج من قدر يغلي في آخر تنور الحَطبِ...
تتعامدُ...، تصَّاعد..، لتؤلب كل سُلاَلاَت النُّور.تقول النَّار كلامًا: كلامٌ سوادُ القِدر... قطرانا يَسْكن في عنق لم يعرف بعد قلائد ذهب تتوسده وهو في صَدع الغليان يرتحِل...،
في الصورة حين ننتبه إلى موضع إبهام مقطوع، كان المسكن ريفيا
كوخا..،
حجرا..،
خشبا..،
قصديرا..
لكنَّ المطرَ الصّاعد فيه يملأ علب الكونية...

الجسد يقبض الإمتداد؛
عظيم الخلق و طويلا،...ماردًا جسدًا و كثًّا، أطال لحيته سنينًا و سنينا امتلأ بصُداع السُّكر. مزَّق أوراق الكرَّاس. أدار ترب الإلغاز لينثر في جسد الكلِم ويحرَّك كل ساكنة في غياهبه السوداء
ركَّب فيه صُراخا. داوم حفر الأفق. دوَّر طينته اللَّزجة. خاتل كل الأشكال لكنه راجع كل قصص الملهاة كنهاية أليس، بداية شمس على شاطئ طروادة،... مزاهر للورد الشائك،... كأسا لأنكيدو،... مزاهر عشتار. كانت أسماؤه تسأله كيف ستعود نوارسك، وأنت لا تعرف إلا غابات صنبورك المحترقة؟
لم يلبس إلا الطين،..جاء إلى نار تسوِّده يَرْكَبُ كُرسِيا دوَّارا؛ يرْكَبُ يغسِله المطَر بالطِّين. يأكل تفَّاحا مسروقا و يعشق أوساخه. دوَّخه القطران حين أمسية حدَّث فيها ظلا مهزوما و قال: لا شيء سيسرقني من جنَّة طينٍ متسخة،...لا شيء غير دائرة تتعقبني.....................،...؛

اللوحة تنحت الشجرة؛
مثل رسم و مثل نحت، ثمة شجرة واحدة تتعرى من غصن الزيتون... من أوراق التوت حتى تمد ذراعا عارية لأنوثتها المبتلة، وكلُّ ثياب ناعسة في الأحلام المنكسرة.سيكون على الذبذبة جرار الزيت،... مزاهر للورد الشائك،... كأس لأنكيدو،...مزاهر عشتار...لكن لن يصنع للصوت آنية الفخار

سُفن المَاء والغصن المكسور؛
يتعامد و يقص رقيق كلام. يقدر أن يركب غصنا كسرته أحجار الكلس البيضاء وأروقة اللهاث المشتعلة، لكن لن يملك أغنية إذ نملك نحن أعتاب النّاصية المرفوعة.لا يملك سُفن الماء السابحة في قدر يغلي على تنُّور الحطب لأنه لم يتغنَّج في الماء منذ أطَال أظَافره ولم يدخل حماما تركيا.كان فقط يرتحل في كوخ مسكون بهياب الرجل الأبدي.

غسيل اللَّذة؛
تغسله اللذَّة،... يعانق ثانية امرأة لا تأتي إلا أوهاما عارية....تغساه اللذَّة يخطط بالفحم على الجدران الخشبية؛ كيف تغزوه حروب،... كيف يمد إلى سحب يدا بالطين و كيف يعتصر القمر.....كيف يجتاح مدينته و هو لا ينفث إلا دخان سجائره البخسة.
لم يتوقع أبدا أن هديل حمامه أغنية تأتي من صدد القِصص المائلة. اقتحم بالصوت المتعاقب كل تخوم العشق ثم أعلن أن النُّور خواء. أعلن من زاوية تنفرج على النجم قطيع من بقر و حشي....
يصيح يحرسُ ماء البِئر مثل دجاج أحمَر لم يبض، لكنَّه حين يصيح يأتي الفجر بحليب النوق. يأتي بخبز لا يتكسر في الأكل. يقول يرفع ألواحا تأكلها الأرضة: عودي إلى الماء، عودي إلى غصن كسرته آنية الفخار الممطرة بكل سير عابثة.

الرّيح عابثة
هذي صور ستة، لكن الريح العابثة تأتي لتقلب ترتيب الأدوار لترحل بعد لعب الأوراق....كانت ريحا لاعبة،... عابثة،.. متورمة بأدواء الألقاب الميتة. سرقت اقدار الرِّيح وفرت لهدوء صباح صيفي.
ماذا تفعل الرِّيح،..الرِّيح الخارجة من جرَّة جدَّتنا المطمورة؟
كَانت أرجله تدُور، تصْنع منْ طين الأرض قدورا ثم تعود ثانية ماءَ البئر وكنَّا نحن آخر ميزان للأصوات الرَّاحلة على سكة حديد منسية....
ماذا تفعل الرِّيح؟..أليست تلبس جناح الطير، و تمسك سحبا... سحبا لا تتحرك جاثية على صخرة بحر ملساء تأتي إليها الاسماء في غنج لتبحث فلك سلَّمها العمر لحروف بكر....
كان شتاءا مرا لم يشعل حطبا، و لم يصنع آنية... كان على الطَّاولة أربعة رجال من بدو الطرق الضائعة في ريح جنوب حارقة.... كانوا يسوقون الإبل إلى سائحة قد تشتريهم في نخاسات الأسفار:
أربعة من بدو كانوا على الطاولة..أربعة من نحت الصلصال خرجت من قالبها ألجبسي و لم تكمل شويَ النَّار او المبيت في فرن الفخَّار....
تونس آذار مارس

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف