"المنطقة الخضراء"... خطوة جريئة في توثيق الفوضى والانحطاط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نعم ياسيدي، سنواصل، لكننا وجدنا كومة من ذرق الحمام بدلاً عن أسلحة التدمير الشامل
أسامة الشحماني - خاص بإيلاف: المنطقة الخضراء فيلم مشترك، أمريكي/ بريطاني من إنتاج العام 2010، للمخرج البريطاني بول جرينجراس مخرج فيلم "الرحلة يونايتد 93". الفيلم من تأليف بريان هيلجلاند إلا إن قصته مأخوذة من كتاب (الحياة الإمبراطورية في المدينة الزمردية، المنطقة الخضراء في العراق) للإعلامي الأمريكي من أصول هندية Rajiv Chandrasekaran الذي يعمل محرراً لصحيفة واشنطن بوست. يعكس الفليم النظرة الإنتقادية التي
تقع أحداث الفيلم في المنطقة الخضراء المعروفة دولياً، ويلعب الممثل الأمريكي المعروف مات ديمون دور الشخصية المحورية فيه، وهي شخصية ضابط اسمه روي ميلر، يتسرب الشك إليه في مصداقية مهمته عالية السرية، والتي أطلق عليها اسم (ماجلان)، المهمة تنحصر بمساعدة الإدارة العليا في وكالة الاستخبارات الأمريكية، للبحث عن أسلحة التدمير الشامل في العراق. وتلعب الممثلة أيمي رايان دور لوري داين، الموفدة لحساب صحيفة وال ستريت لتقصي الحقائق عن مدى مصداقية الإدعاءات الأمريكية التي سبقت الحرب على العراق، والتي تحدثت عن وجود أسلحة للتدمير الشامل. فيما تناط أدوار عسكرية وإستخباراتية بالمُمثلين بريندا غليسون، جايسن ازاك، جريج كينيار. أما الممثل خالد عبد الله فقد عهد إليه لعب دور العراقي الجريح.
لا إشارة أسوء بالنسبة للجنود الأمريكيين في الفليم من أن تلوح لهم الأيادي صباحاً للإشارة الى ضرورة الوقوف للحوار السريع لشرح مهمة عسكرية ينتظرهم تنفيذها داخل بغداد. إلا إنَّ المخرج جرينجراس يركز على دقة ورشاقة الحركات العسكرية التي يقوم بها الجنود في تنفيذ الأوامر التي تصدر إليهم، بما يسرب إليك أو يتبادر الى نفسك كمتلقي شعور بأن كل شيء هنا يجري على درجة عالية من الصدق و والوعي و حسن الإدارة والتنظيم، ولكن هذا الشعور سرعان ما سيتلاشى لديك حين ترى الضابط روي ميلر (مات ديمون) الذي وإن كان هو الآخر يرفع يده صباحاً إلا إنه لم يكن ليكتفي بالمظهر الخارجي لهذه الدقة والإنضباط، ولذا أراد أن يعرف ما إذا كانت المعلومات التي أرسل بسببها الى العراق هي على درجة عالية من الثقة؟ لأنه لاحظ ولمرات عديدة أن التعليمات التي تصدر إليه من القيادات بخصوص الأماكن التي على فريقه الذهاب إليها في العراق بدعوى أنها مواقع لأسلحة تدمير شامل لم يتم العثور فيها إلا على أكداس من آلات معطوبة (خردة)، و أكوام من فضلات الحمام. وهنا يقدمُ الفيلم درساً صغيراً، لكنه مهم جداً ربما لأثبات وتأكيد المقولة الشهيرة التي قالها أحد جنرالات ألمانيا في الحرب العالمية الثانية حين سُئل عن عدد الضحايا وأجاب: الحقيقة هي أولى ضحايا الحرب.
المنطقة الخضراء سؤال في أخلاقيات الحرب بوجه عام، و في الحرب على العراق التي لم يكن الرأي العام الأمريكي على توافق في الإقدام عليها بشكل خاص. وقد تجلت للمتلقي داخل نسيجه صورة التلف والتفكك، و حكاية أزمنة الفوضى العارمة والإنحلال المتسارع التي غالباً ما تسير على خط متوازٍ مع مسيرة الآلة العسكرية. فضلاً عن الجشع الذي مارسته الشركات الكبرى والوكلاء والتجار والسماسرة في إستغلال ثروات البلاد، واستنزاف مقدراته بدعوى مشروع إعادة إعمار العراق الذي كان يدار من المنطقة الخضراء، تلك الرقعة التي يظهرها مخرج الفلم وكأنها جيبٌ لا ينتمي الى السياق التاريخي السائد في العراق، إنها إمبراطورية زمردية تجري داخل قصورها وكواليسها مخططات وصفقات سياسية وعسكرية غامضة، وتتصارع فيها التناقضات، إذ تتجاور فيها نعومة مشهد ترف باذخ و وحشية جندي غريب شكلاً ومضموناً ينوء بأثقال ما يحمله من أسلحة وأعتدة وينتظر مهمة لا يقين لديه بأنه سيعود منها بكامل أعضائه.
لقد نجح مخرج فيلم المنطقة الخضراء بأن يذوِّب القصة السردية ذات التسلسل الحكائي المنطقي المنظم داخل مشاهد تصويرية محملة بدلالات رمزية عالية، قدمها ببراعة وإحكام لينقل للمشاهد ولا سيما من لم يعش جمرة الحروب صورة لا يمكن له أن ينساها. وإن الدلالة العبثية لرحلة بحث الضابط روي ميلر وجنوده عن أسلحة التدمير الشامل في العراق، لهي بالنسبة للمتلقي النخبوي تلك المسافة القليلة المتوترة التي طالما فصلت بين الحقيقية والكذب.
a-usama1971@hotmail.com
التعليقات
avis
samo -je suis daccord avec vousle film a ete neutre