وفاة الشاعر المغربي الشاب منير بولعيش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
منير بولعيش.. وداعاً:
الشّاعر الذي انتهى تمثالاً في متحف الشّمْع !
عن مرضٍ عُضال لم يُمْهله الأدنى، ودّعنا أمس الشاعر المغربي منير بولعيش بطنجة التي أحبّها وظلّ يتفيّأ ظلالها حتّى مات. في هذه الساعات الثقيلة التي يُحتفى فيها بالشعر تحت أليافٍ إصطناعيّة، وفي غرف العناية المركّزة يرحل عنّا منير، بصمت. من هنا مرّ، وألقى بحُبٍّ، في هذه البركة الغامقة، قصائده التي طالعها قرّاؤه من محبّي الشعر، والفضوليّون أيضاً. كان لا يهتمّ لمجاملة هنا، ولا لشتيمة هناك. كان يبدو في قصائده ممسوساً بطعم مغامرته، متشوّفاً إلى كلمةٍ يقولها هو على لسان حريّته التي لا يُداري أحداً من أجلها، ومتعفِّفاً لا يتلطّخ نسيج بلاغته بسوء الطويّة. في عزلته ظلّ، يرعى سريرته الزرقاء، فلا يعرفه إلّا أصفياؤه من أبناء مدينته التي لم يغادرها إلّا لماماً.
كان منير ينتمي إلى جيلنا الذي وُلِد في بحر أيّام القحط، ويعبّر عن روح خيبتنا في دروب الحياة التي وجدنا أنفسنا نخطوها، ونتألم عليها بلا ألوية، ولاأساطير ولا زعيق أوهام. ولهذا كنتُ مشدوداً إلى رؤيا اليُتْم في قصيدته، وعرائها من الأوهام البرّاقة، وسخريّتها من وبال الأيديولوجيا وخشيشها المؤذي. كانت قصيدته تلك تتقدّم صافيةً يرجُّها إيقاع الصعق، كأنّ الذّات ـ ذاته هو تعبر أزمنة الغياب، وتخرج من نفق إلى آخر من تجربة وجودٍ لم يكفّ عن الإصغاء إليها ومعاناتها. لهذا السبب، كنت أطمع في أن أكتب ما كان يكتبه منير بتقشُّف ورفعة. وكنت حريصاً في أكثر من مناسبة أن أذكر اسمه شأن آخرين ممّن لم يهتمّوا بشيْءٍ إلّا بما يكتبون خارج التصنيف، والمؤسسة والجهل بمعرفة الشعر.
لم تكن بيني وبين منير صداقة إلّا صداقة الشعر ونداؤه من بعيد. كان يقرأ لي وأقرأ له في حوارٍ خفيّ متوتّر نتبادله دون أن يعي أحدنا بوجود الآخر إلّا ما بمقدار ما نكون ونتهجّى التسمية.
لم تكن كتابته الشعرية تنفصل عمّا كان يعبّر عنه من انشغالاته المعرفية التي تنتمي إلى زمنه، في قراءاته المركَّزة لدواوين شعراء مغاربة وعرب، عن هشاشة الشعر وهامشية الشاعر واشتراطات اليومي ووخز الموت ونداء المتاهات.
في مقتبل العمر حزم حقائبه التي لم يجمعها أصلاً، ورحل.
عزاؤنا في شعرك، يا منير. كان الشعر بالنسبة لك أغنيةً لمن وصلوا بعد الأوان، وتميمةً في عنق الحقيقة تُحاكم رائياً يعمى عن حبّاتها تتناثر في دروب الحياة. إنـّـك... في صُـلب المغامرة هذا اليوم !
قال الشاعر:
"الشّاعر الذي أنفق ثلاثين سنة وهو يصرخ بالسّفن من فوق رصيف الميناء: (أريد أن أخرج من هذا الغيتو)، تفاجأ أنّ (le journal de tanger) لم يتحدّث عنه هذا الأسبوع، لكنّه فرح ـ كالعادة ـ بصفحة الأبراج "برج الحريّة تحديداً" الذي ظلّ لعُمْرٍ كاملٍ يهمسُ له:" إنـّـك... في صُـلب المغامرة هذا اليوم!!.)
وقال أيضاً:
"الشّاعر
الذي أدركَ
قمة الجَبل الكبِير
أدركَـــــــتــْــــــهُ
ال
هَـ
ا
و
يَ
ة!! "
أيّها الشّاعر، إنّي أُصلّي. لأجـلك أُصلّي أيّها الشّاعر الذي انتهى... انتهى تِمثالَ شمع. قُلْتَ لنا ذلك مراراً، ورحلت.
التعليقات
Ghiwani
Fathi -Khay mat el barahWa el youm jatni khbarou Goult lkhay ethroum el hayaGoult lekhay ras el haya Mazelt maana Allah yerhmou
مرثية
عبد الرحمن حمومي -لا اعرف من كتب هذا الخبر الفاجعة ولن يكون بالتاكيد الى واحدامن هؤلاء الذين يشبهون الراحل هؤلاء الذين يؤمنون بالقدر الذي وصفه الشاعر الالماني الكبير هاينة"الشاعر شريحة تمزقت عن جسد العالم وهو مسيح في عالم يملكه القياصرة فالعذاب حتمي والابداع حتمي" رحل شاعر اخر على طريق الشعراء والمبدعين الذين ينتظرون دورهم هكذا مكتوين بعنف حقيقة الفقد والتهميش وما الى ذلك رحمك الله يابولعيش ستقرا قصائدك الان بطعم مختلف
لقد قتلوه جميعا
طاهري إسماعيل -لقد قتلوه جميعالمناسبة رحيل الشاعر المغربي منير بولعيشطنجةإسماعيل طاهري" منير بولعيش الشاعر الصحفي الشاب رحل مساء الإثنين 22 مارس عن سن 31 سنة بعد أن كابد مرض السرطان الى حين حلول اليوم العالمي للشعر وبعد ان أدرك ألا أحد التفت اليه رحل في صمت.لقد خذلناه كما خذلته طنجة التي لا تتقن إلا الخذلان وتهميش المهمشين، وقتل المقتولين، وفيها تحول المدعون الى حاملي أقلام وناطقين باسم الصحفيين والكتاب.جيل بولعيش من الكتاب في طنجة خسر معركة أخرى برحيل بولعيش، وعليه أن يعي من الآن أن البقاء في الظل لن يأتي إلا بالكارثة.لقد مات بولعيش معطلا عن العمل وبدون تغطية صحية ولم يخلف وراءه سوى عاشقة لا يعرف أحدا عنوانها.وتساءل أصدقاءه في الجنازة فقط: أين اتحاد كتاب المغرب؟أين نقابة الصحافة؟أين وزير الثقافة؟ورغم علم الجيمع بمرضه لم يتحرك أحد، لم يكرمه أحد، لم يطبع ديوانه الأول سوى شقيقه وعلى نفقته.وكان عنوان ديوانه اليتيم أكثر دلالة. وما لا يقال فيه أكثر مما يقال: "لن أصدقك أيتها المدينة".لقد قتلوه جميعا..من يصدق طنجة التي حرقت شكري وعديد من المبدعين. وكانت منفى أو مقبرة لكتاب أجانب يبحثون عن المجد..عن الأسطورة..؟من يصدق هذه المدينة بعد اليوم التي تجعل مبدعيها يعيشون كالكلاب ويموتون كالكلاب..؟من يصدق هذه المدينة التي لا تقابل من يحبها إلا بقتله بسم موشوم على شفاهها الجميلة..؟من يصدق هذه المدينة التي لا يعمل مبدعوها ومثقفيها إلا على اغتيال زملائهم باسمها وباسم حبها ونيابة عنها ونكاية بها.لقد قتلوه جميعا.. "مراسل طنجة بيومية"الجريدة الاولى" الصادرة في المغرب
منير القصيدة الأبهى
عبد السلام دخان -لا تستطيع الكلمات أن تعبر عن حجم الحزن من جراء فقدان صديق وشاعر حقيقي، لايمكن أن يكون لمقهى باريس أي طعم ، مثلما لا يمكن ان نجلس ننتظر معا فاضل سوداني الذي تأخر في موعد عودته إليككنت تحلم بلقاء حول قصيدة النثر بطنجة وهو ماعبرت عنه في لقاءك السنة الماضية بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، لا احد من سماسرة الثقافة بالمغرب أو طنجة التفت إلى ديوانك إلا ما كتبه اصدقاءك الخلص. كنت باستمرار تبحث عن الاستعارة الخلاقة سيرا على نهج بول سيلان، لم تنصت إليك مدينتك لان نيويورك كانت تتدخل باستمرار بينك وبينها، اخترت الرحيل فجأة ودون موعد بعد أن تغلبت على مرارة المرض وآلامه في حرب شرسة ضده، لكنك لم تمت ولن تموت أبداً...رحل منير بولعيش في صمت ليضيئ بقصائده دروب العدم.
كل نفس ذائقة الموت
البتول العلوي -انا لله و انا اليه راجعونرحم الله الفقيد الشاعر الشابمنير بولعيش و أسكنه فسيح جناتهو ألهم دويه الصبر و السلوان
موتى
دخيل الخليفة -كل الشعراء موتى في أوطانهم أيها الأحبة .. ورحم الله منير .. الشاعر الذي قرأناه وأحببناه ..ورحل دونما مصافحة .. ولو عابرة ..
الــبرزخ
أحمد هاشم الريسوني -أيُّها العاشق الأسيرُخُذْ بَعضَ ريحٍ آيِبٍواسترح في رقاع الضباباسترحْ في الحناياوتأمّل طويلاً من هناكْ..تأمّل في نذور المدينةْ،حجَرٌ دائخٌ والوقتُ مال بألواحهِهل من منيرٍ ينظرُ في هذا الغيابهل من رِكابٍ غِبَّ نايْأيّتها الأسيرهْيا طنجة المعمدان .. هذا المسيَّجُ بالأنبياء يُغادرُهل ثمّة وردةٌ سقطتْ سهوا في زنقة الشياطين؟أم قُبلةٌ غافيةْما انفكّت برُضابها تلهث عند منحدر "الدرادب"وهي تجيل ببرقها قيلولة مقهى باريسوتنظر إلى الطريق.. طريقِ الأنينْيا طنجة المعمدان ..هذا قميصكِ يُمضمضُ العشاياوالمنير في دروبه يوزّعُ بقايا ريحهِويقبضُ ظلالَ صمته، ويسكب على جراحنا القديمةِ مآذن الرّحيليُسافر بدمعنا ويترك لنا الصهيلويترك عظاته البليلةِ أمام برجنا منيرةً بشوقه وعشقه وقامتهْكأن قبره قيامة القصيدةِكأن قبرهُ الخببْوعينه تطالع مرايا أدونيسوتحلم بقبلة غفت بربعها الدِّنان..بين صفحةٍ وصفحةٍ ستقرأ لنا الحَنانوتمسح جباهنا بنور شِعركَوتسكب الحنين في غيابنا.. هل غادر الشعراء من طنجةأمِ القصائدُ اليتيمةُ تنوحْسقطتْ وردةٌ في السماءوالأرض قيظ من زمهريرهي ذي الآيات.. الشِّعر برزخٌ وأنتَ فيهِ روحْ...