" اسمه الغـرام ".. رواية الحب والصدمة وتجلّي علم النفس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تصدير أولي
لا أدري ما الذي حفزني لتناول رواية الكاتبة علوية صبح الأخيرة "أسمه الغرام" بمجرد رؤيتي لها على رفوف المكتبة فقد "أمسكت" بها بشغف شديد وشرعت ألتهم سطورها سطراً سطراً وكلمة كلمة بنهم ومتعة حتى انتهيت منها في فترة وجيزة جداً، أ لعل الذي دفعني إليها يكمن في الضجة التي أثيرت حولها عند ترشيحها لجائزة البوكر في دورتها الثالثة أم لموضوعها المثير والمميز؟ لا أدري بالضبط أيهما كان العامل الرئيسي في قراءتي لهذه الرواية بهذا القدر الكبير من الحماس واللهفة لكنني - وهذا هو المهم - استمتعت بها جداً رغم أنها رواية " صادمة " بكل ما في الكلمة من معنى، صادمة للأديب والناقد والقارئ معاً.
إن هذا العمل المميز " اسمه الغرام " رواية كتبتها امرأة تنتمي لهذا الجنس البشري الذي تكتب عنه، الجنس الناعم كما يقولون عنه، الجنس الذي أحدث كل الإرباكات منذ بدء الخليقة وحتى الآن ( أليست المرأة هي السبب في غضب الله سبحانه وتعالى على آدم عندما أكل التفاحة فأنزله للأرض عقاباً له؟). وها هي بعمل أدبي خلاق لعلوية صبح أحدثت المشاكل والانقسامات وأربكت " البوكر " العربية والنقاد وجعلتهم ينقسمون إلى قسمين ما بين مؤيد ومعارض لهذا العمل الذي أقل ما يقال عنه أنه جريء حد الصدمة.
البطلة المرأة
قيل الكثير عن الرواية ومضامينها وبطلاتها الكثيرات غير أنني سأبدأ من حيث ما انتهى الآخرون وأقول أن الرواية بمجملها عن المرأة وبطلتها الوحيدة هي المرأة، نعم ليس هناك من شخصية رئيسة فيها غير المرأة ممثلة مرة بنهلا وأخرى بسعاد وثالثة نرى عزيزة ورابعة نادين وخامسة ميرنا وسادسة هدى وهكذا دواليك. المرأة في الرواية هي الضمير المستتر وما نهلا وسعاد وبقية الشخصيات الأخرى إلا تجسيداً حياً لهذا الضمير، والمؤلفة عندما تتناول شخصيات الرواية واحدة اثر الأخرى وتتماهى في تحليل هذه الشخصيات وتتابع ما يجري لهن من أحداث هادئة تارة وعاصفة تارة أخرى إنما تتحدث عن المرأة بشكل عام فنراها في صورة نهلا العاشقة ذات العقلية المنفتحة والتحرر الزائد عن حده ثم في صورة أستاذة الفلسفة الدكتورة الجامعية سعاد ثم تتجسد لنا في صورة عزيزة المظلومة والمتعبة في حياتها التي أدت بها أن تقع في النهاية في مستنقع آسن ثم من جديد في صورة نادين وميرنا وهدى وغيرهن. إن نهلا كثيراً ما تؤكد أن سعاد هي صورتها الحقيقية والجزء الآخر منها. تقول الكاتبة علوية صبح في مقابلة صحفية أن الرواية " تحتفي بأنوثة المرأة، وهي مكتوبة بلغة أنثى لا تتحدث عن نفسها فقط، بل عن عالم من صداقات وعلاقات ومراحل عمر مختلفة، وتصور علاقة المرأة بجسدها والبيئة النفسية والاجتماعية ". إننا نرى المرأة في صور وهيئات مختلفة منها ما هو قوي جبار ومنها ما هو ضعيف مستسلم، نهلا قوية بحبها ومفهومها للحياة والرجل ودورها وافتتانها بما تملكه من جسد ووعي وسعاد - رغم إنها أستاذة جامعية ومتعلمة أكاديمياً إلى درجة عالية - ضعيفة أمام زوجها والعالم من حولها وعلة ذلك تكمن - ربما - في قصور الوعي والمرض الجلدي الذي يصيبها حتى أننا نراها ترضى بالشاب البائع " المجهول " يمارس معها الجنس ذات يوم لتثبت لنفسها أنها - على الأقل - محبوبة ومطلوبة وتستطيع أن تغيظ وتقهر زوجها سليمان. إن عزيزة تعيش حياة أقل ما يقال عنها أنها تعيسة حيث تكون في البداية مهووسة بالحب العذري ووعيها قاصر وتتزوج لتلاقي الأمرين على يد زوج بليد ثم تقع فريسة القهر والعذاب لعدم العثور على نصفها الآخر والرجل المناسب حتى تجد فادي الشاب الذي يشعرها بكيانها وتحقق معه اللذة والوجود لأول مرة ولكن هذه فترة مؤقتة حتى تغدو فيما بعد كالمومس تبيع جسدها لمن يصرف عليها ويغدق عليها المال. إن خير من تلخص حقيقتهن ووضعية المرأة في مجتمع متخلف هي هدى التي تقول بألم : " بتعرفي يا نهلا، تفو علينا نحنا النسوان، باسم القوة بنكون ضعاف، وباسم الصبر بنتبهدل. الوحدي بتحب تكون ضعيفة ليصير يشفق عليها جوزا، ويقول ما أحلاها، ما بتنترك هالمرا. كيف فيهن النسوان يعملوا هيك؟ يعني الوحدي قاعدة بالصورة اللي مرسومة للنسوان، خلي النسوان ينبسطوا، خرا عليهن، قال آخر النهار بيركع وبيقلها بحبك يا مرتي. بتضل المرة ناطرة هالكلمة ولو راح عمرها ".
ما هو الغـرام؟
الموضوع الآخر للرواية وهو موضوع رئيسي ( أو لنقل تيـمة هذا العالم الروائي المدهش لصبح) هو موضوع الغرام. إن الغرام حسبما تفهمه وتعبر عنه الكاتبة لا يقتصر على الحب المعروف بمجمل صوره الحسية والمعنوية منها أو الجسدية الواقعية، الغرام هو الكل أو الجمع لكافة هذه الصور، وتبحث عنه نهلا وتتساءل حوله في الرواية فتقول : " مراراً سألتها ما اسم الغرام الذي يفتك بي ويحييني في آن. هل أنا منذورة لهاني مثلما كانت تعتقد أمي أنها كانت منذورة للشيخ الذي رأته مرة ورأت كيف اختصرتها نظرته إليها بلمحة بصر أي امرأة منذورة له؟ ما اسم هذا الغرام يا ربي؟ سألته كثيراً بل أسأله كل يوم وأنا أكلمه كما تكلم العاشقات ربهن. لماذا أعشقه إلى هذا الحد؟ كثيراً ما سألت سعاد هل لأنه الحب الممنوع علي؟ أم لأنه الحب الذي لم يتحقق؟ أم لشعوري بالذنب لأنني لم أستطع أدافع عن هذا الحب في وجهي أمي وأخي؟ أم لأنه صار رمزاً لتمردي على تربيتي وذاكرتي؟ أم كونه غراماً بالحياة الدافئة ولأني لا أصدق سوى جسمي وقلبي ورغباتي؟ ربما هو ذلك كله وهو شغفي ودوائي كما أجابتني سعاد ".
الغرام هو الذي يحيل الاثنين واحداً في كل الحالات والأوضاع والأشكال الحياتية المختلفة كما تقرر نهلا فيما بعد عندما تجتمع بهاني وتقول له : " وقلت له حين التقيت به بعد زمن من الانقطاع إنني كنت مختبئة فيه وهو يختبئ في طوال الوقت الذي لم نر فيه واحدنا الآخر. ومن أجل ذلك لم أنسه لأن الأشياء التي نختبئ فيها لا تنسى أبداً ".
هذا هو الغرام، لننظر لنهلا وهي توصف لنا ما تشعر به عن لقائها بهاني بعد غياب : " شعيرات جسمه التي أفترضها دليل رجولة ومؤشراً من مؤشرات الرجال بدت لي أشبه بسوسنات، أطباقها مزهرة على مساحة جسمه النحيلة والتي لشدة نحولها رأيتها مساحة مائية تستأنس السوسنات بملمس مياهها ويصدر لها صوت وهي تغني، وفي لحظة من اللحظات كانت شعيرات جسمه هذه تصير كمنجات تعزف لحناً جميلاً، موسيقى الحواس أدهشتني في تلك اللحظات ".
هذا الغرام هو الذي لا يفشل في امتحان أو يقف شامخاً أمام أي موقف أو حدث غير عادي ففي نهاية الرواية - أو قبلها بقليل - نرى نهلا وهاني يواجهان خيبة بعد إصابة هاني بنوبة قلبية ولكن نهلا - المرأة الحقيقية - تساعده وينجح في تحقيق ذاته وإسعادها، تحدث سعاد حول الموضوع وتقول لها : " عرفت يا سعاد أن الحب قد يدرك الضعف إدراكه القوة وفي الحالتين نزداد حباً، الرغبة يا سعاد قد تسقط في الامتحان حين تفشل في ترجمة نفسها جسدياً خاصة حين يداهمنا العمر أو يتعبنا المرض بدون أن يعني ذلك بالضرورة فتور الحب أو زواله ففي الحب الحقيقي تتعلم أجسادنا كيف تصبر وتقبل وترضى وتصير تعرف كيف تشفق وترق وترأف ولا تعود تنسى أو تعق الحبيب. تصير أجسادنا وجداناً صافياً من الحب الخالص، هكذا فقط يصبح الجسد كاملاً وقادراً وواثقاً ولا يخاف الاعتراف لا مجرد آلة جنسية يوهمها فوران الشهوة وحماسة الرغبة أنهما الحب ولا شيء عداهما، أو مجرد أداة جنسية يصيبها خلل ما فنستغني عنها ونستبدلها بأخرى موفورة العافية بحجة أننا نريد حباً معافى ". إنه بحث قوي ومتماسك في الجسد والعلاقة الجنسية الخاصة بين الرجل والمرأة، الذكر والأنثى، علاقة خالصة من التعقيدات والكبرياء والكرامة لو أن الكل يعرفونها لكانت أمراض عديدة مستعصية انزاحت وشفي وتعافى الرجال والنساء في مجتمعاتنا، علاقة الجسد والنفس في أبهى صورها. تقول الكاتبة علوية صبح عن هذا الموضوع : " لا يمكن اختصار الجسد في الجنس فقط، لأنه أكبر من ذلك، ولذا تحدثت في الرواية عن الجسد الأنثوي بكل تحولاته وعلاقته بالآخر (الرجل)، وهو موضوع كنت مهجوسة به لرغبتي في استكشاف عوالم لغة المرأة في علاقتها بجسدها، وهو موضوع حساس، سبقها إليه الرجل في كتاباته، إلا انه في ما أعتقد كان يكتب استيهاماته وأفعاله "، مشيرة إلى أنها مفتونة بقصص النساء وخباياهن.
أدب بوح أم تحليل نفسي مميز؟
والآن نتساءل عن موضوع جديد آخر وهو هل يمكن أن نعتبر هذه الرواية من أدب البوح النسائي؟ أو هل هي أدب المرأة في عصر ما بعد الحرية نظراً لما تضمنته من مواضيع وأفكار جريئة وصادمة في نفس الوقت؟ إنني لا أهتم في العادة في موضوع تصنيف الأدب إلى ما هو نسائي وما هو ذكوري فالأدب أدب سواء أكان كاتبه رجلاً أم امرأة ولكنني انشغلت به هنا للجرأة الكبيرة التي تصل حدها الكبير وفي عدة أشكال وصور، صحيح أن الكاتبة علوية صبح أحبت أن تكتب عن المرأة بعين وقلم المرأة نفسها بعد أن سبقها الرجل إلى ذلك ولكن أن تتقصد الجراءة الفاضحة إلى درجة مستهجنة وغير مألوفة فهذا هو السؤال، هل المرأة إذ تبوح وتخرج ما يعتلج النفس تكون على صورة أخرى؟ أن يكتب الرجل عن الخيانة فهذا شيء - مع أنه غير مقبول - عادي ولكن أن تكتب المرأة عن الخيانة وباقتناع وأنها مسألة حياة عادية طبيعية كما تفعل بطلات علوية صبح فهو أمر مستهجن وحاد ولا يمكن قبوله فهل أصبحت المرأة في لبنان أو في مجتمعاتنا على هذي الحال؟ أم أن شخصيات الكاتبة شخصيات نخبوية ومن طبقة معينة تعتبر خيانة الزوج والمباهاة في العلاقات الجسدية وغيرها من الأمور المسلم بها والمقبولة لديهن؟ أعتقد أن الروائية علوية صبح قد لاقت الكثير وتعرضت لأقسى أنواع النقد المر من قبل عدد لا بأس به من القراء والنقاد حول هذا الموضوع ومماهاتها في الجرأة وفعل الفضح وكسر التابوهات والممنوعات.
ورغم هذا كله لا أعتقد أن الرواية هي أدب بوح وتعبير عما يمور في دواخل النساء بمقدار ما هي تحليل نفسي وأدب يرتكز على علم النفس واستنباط عوالمه لدى المرأة والرجل معاً.
وهي - أي المرأة - قادرة على هذا الاستنباط والتعبير عن نفسها بأبهى الصور وباعتراف حميمي أكثر من الرجل علاوة على " أنسنة العولمة بشكل أكبر بدل السمة المادية عليها " كما يقول د. محسن الرملي الروائي والأديب العراقي في إحدى مقالاته.
الشكل الفني والأسلوب
والآن نتحدث عن الشكل الفني واللغة والأسلوب السردي في الرواية والتي برزت فيها علوية صبح وعلا كعبها في هذا الميدان بشكل ملفت فاللغة بسيطة وتكاد تجمع بين اللغة الفصحى - ولكن ليست المقعرة - واللغة الدارجة ولغة الصحافة بشكل خاص ( ولعل خبرتها ومجال عملها في ميدان الصحافة كان لها التأثير في هذا الموضوع). أما الأسلوب فهو المتغير والمتنوع ما بين تعدد الأصوات والرواة والتعليقات وتداولها على ألسنة بطلات الرواية المختلفات. أسلوب بسيط من السهل الممتنع - كما يقولون - وبرشاقة وسلاسة لا تحس أنك تقرأ فتطوي الصفحة تلو الأخرى بلا ملل بل بشغف واندفاع وحماس لتكملة الرواية ومعرفة مصير الشخصيات.
تقول الكاتبة حول هذا الموضوع : " قد يكون للتجربة الصحفية تأثيرها على تبسيط لغة السرد وعامل الجذب فيه أو تكوين مكونات جاذبة لطبيعية السرد، لكن أعتقد أن مفهومي للسرد هو ألاّ يسيطر الكاتب الروائي على لغة أبطاله وأن يسرد ذاته المثقّفة والمعقّدة ويتصرّف على أنه العليم بكل النفوس وله الحق في أن يصادر عوالمهم ولغاتهم. بهذا المعنى يصبح النص الروائي أشبه بالنص الأدبي، ليس أكثر، إنما عالم الرواية هو عالم تعدّد الأصوات، وتعدد اللغات، وتعدد السرد، من الواقعي إلى الشعري إلى البسيط إلى المعقد، تلوّنات وتدرّجات السرد الروائي هو ما يخلق حياة لهذا النص ويعكس أبعاد وعوالم مختلفة. هذا من جهة. أما من جهة أخرى فإن أسلوبي الخاص في الكتابة هو السرد الذي يخترق الحياة غير الذهني. يحاول أن يقترب من الحياة، يقاربها ويعتريها. هذا يُعطي للسرد حيوية ويعطيه جماليةً غير ذهنيةً، بالإضافة إلى أن طريقة السرد والإخبار عندي هي طريقة أظن إنها مشرقية. أي أن تلجأ إلى الحكاية، وأن تعرف كيف تُخبر هذه الحكاية. فذلك أظن يسمونه: موهبة، الفن الروائي هو فن معرفة كيف تروي، وليس ما تروي ولذلك فإن لغتي، حسب ما يقولون، جاذبة للقراءة، واللغة لا نستطيع اختراعها. ولغة الكاتب مثل لون عينيه لا يستطيع أن يغيّرها وإن تغيرت العوالم. ثم أنني أعتقد أن فن السرد هو ما يؤسس للعمل الروائي ".
إن هذه الرواية تعلو كثيراً وتعظم أهميتها وفرادتها في أشياء أخرى عديدة فمثلاً طريقتها في التداخل بين البطلات والشخصيات الرواية المتعددة وتدخل الكاتبة المباشر كإحدى هذه الشخصيات فهي الكاتبة التي كتبت قصة نهلا. أجل نرى سعاد تأتيها من بداية القصة لتحثها على الكتابة عن نهلا المختفية والتي أثر عليها الزهايمر كثيراً وأدى بها إلى هذا المآل.
وتبقى نقطة أخرى أود أن أشير إليها وهي حرب تموز فهي - أي علوية صبح - لم تتوسع فيها كثيراً وإنما جعلتها كخلفية للرواية ( وعموماً لا أعتقد أنه كان لها داعٍ كبير في هذه الرواية)
خاتمة لا بد منهـا
وفي الخاتمة أقول أن الرواية لا تنسى مواطن وأشياء تعتبرها المرأة حياتها ولا تحيد عنها مهما يحدث فمثلاً التكيف والرضا في مختلف مراحلها العمرية المتغيرة فهي لا تعترف ظاهرياً بالسن لكنها، صدقاً، تتكيف معه ربما أكثر من الرجل خاصة عند المرأة المثقفة فها هي نهلا تقول في بداية الرواية : " الآن بعدما كبرت عاد جسدي، عاد الإحساس بكياني، لا يهمني ما عمر هذا الجسد فأنا سعيدة به كما كنت فرحة في مراحل عمري كلها، عندما أغني أحياناً أشعر بأنه يزقزق ويغني معي ".
والولد، الابن، هو المميز والذي لا يمكن التخلي عنه حتى مع وجود الحب وإذا تقاطع حب الولد مع حب الرجل " الآخر " فمن ينتصر؟ تقول نهلا في الرواية : " إزاء تلك المشاعر شعرت بأن ثمة حبالاً طرية قوية تربطني بولدي لكنها أقوى من حبال الحب، حبال في منتهى النعومة لكنها أصلب من الحديد فكيف لي أن أفك عراها؟ ". وماذا عن الأحفاد؟ " لا أذكر أنني ابتهجت بأولاد مثلما ابتهجت بأحفادي الذين يأخذون عقلي، هل لأنهم من ذريتي وأولاد ولديّ يجمعني بهم الحب فقط بدون سلطة الأمومة أو الإحساس المباشر بالمسؤولية، أو الخوف الذي كان يسيطر على مشاعري تجاه ولديّ ونكتشف مع العمر أنه لم يكن داعٍ له؟ ". وموقفها من الصداقة وأشكال الحياة المختلفة والورد والأزاهير والموسيقى وما إلى ذلك كله، هذه المواقف التي تحتاج إلى مساحة للتكلم عنها ووقت ليس هو الوقت الآن.
وأختم هذه المقالة الآن بما قاله الروائي والكاتب المعروف ياسين رفاعية عن " اسمه الغرام " حيث يقول أنها رواية " آلام موجعة تخترق الاحلام وتحرقها، رواية الخيبات والسقوط في حمأة الجنس وأشكاله وأوضاعه وتداعياته، رواية التحدي بكل ما تعني هذه الكلمة، ومن أهم ما فيها ان كاتبتها احدى بطلاتها، أو أن إحدى بطلاتها هي الكاتبة، رواية في نص لا يستطيع القارئ أن يتركه قبل ان ينهيه حتى آخر سطر في آخر صفحة، رواية ملزوزة بأحداثها التي تمور كالنهر واندفاعه نحو البحر دون توقف، روايه لعلوية صبح كأنها تكتب ذاتها بكل جرأة وايضاَ بكل فنية الرواية المتماسكة كشجرة ذات جذور قوية، حيث دفنت نهلا ذات يوم جزءاً من ذكريات طفولتها تحتها، وربما هي سبب متانة هذه الجذور وهذه الرواية، فعلاً، أقول أنها رواية متينة وكنت أتمنى لو كنت كاتبها، الروائي يغار من الروائي ويغار من الرواية الجيدة، التي، في المحصلة نحمسه ان يكتب ما يشبهها، ولكن هيهات، الكتاب، ربما يشبهون بعضهم بعضاً، لكن رواياتهم لا تشبه بعضها البعض، الغيرة بين الكتاب تعطي منحى ايجابياً ليستمروا في الكتابة، لكن بدا لي ان علوية صبح تغار من نفسها، فتضطر دائماً ان تحلّق اكثر، وأن تبدع اكثر، فرواية "إسمه الغرام" ستكون حتى هذه اللحظة أفضل وأمتن وأقوى ما كتبته علوية صبح حتى اليوم، ولكن ما سوف تكتب ستحرض أن نبدع ما لم تبدعه من قبل، لأن رواياتها متواصلة، كأنها أجزاء لعمل واحد، خصوصاً الرواية الأسبق "دنيا" فظلالها موجودة أيضاً في "اسمه الغرام "0
التعليقات
Good
احمد -V.good