ثقافات

"خارجون عن القانون" يغازل السعفة الذهبية بمهرجان كان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نبيلة رزايق من الجزائر: بلقطات سينمائية متنوعة مازجت بين المشهدية واللقطات المقربة المتسارعة حينا والبطيئة أحيانا قليلة المرتكزة في حركتها على زوايا سينمائية مفترضة وغير متوقعة وعلى صورة جميلة واقعية مفعمة بالحسية المرهفة معزوفة على خلفية موسيقية ايقضت الضمائر وألهبت مشاعر كل من شاهد فيلم"خارجون عن القانون" - وليس كما تداولته الكثير من المقالات "الخارجون على القانون"- لمخرجه رشيد بوشارب صبيحة يوم الجمعة 21 أيار/ماي 2010 بقاعة الموقار بالجزائر العاصمة بعد أن قررت وزارة الثقافة باتفاق مع المخرج عرضه بالجزائر في نفس يوم عرضه على الصحافة العالمية بمهرجان "كان" الذي سيختتم يوم الأحد ليقف الجميع أمام حقيقة أن ما حدث من سجال وجدال سبق عرض الفيلم ما كان له أن يكون - في نظرنا كجزائريين ينعمون بالحرية والاستقلال بعد كفاح مرير- لان رشيد بوشارب سعى برؤيته السينمائية الفنية العالية والتي يبدو أنها أحرجت الكثير من حماة الذاكرة الاستعمارية الفرنسية بنقل القليل...القليل مما ماحدث في الجزائر وفرنسا إبان الحقبة الاستعمارية لكن من رؤية مخرج جزائري الأصل وان كان يحمل الجنسية الفرنسية فهذا لا ينقص من وطنيته التي دافع عنها بهذا الفيلم ربما للرد عن من شككوا فيها خلال فيلمه الاخير"الاهالي" ومن يعترض على فيلمه "خارجون عن القانون" فما عليه إلا أن يرد بفيلم مماثل وليس بالتظاهر وكتابة البيانات.


"خارجون عن القانون" وليس "الخارجون عن القانون" كما تردد
أدخلنا رشيد بوشارب منذ اللقطة الأولى في عوالم هذا الفيلم الساحر الآسر الصادم للمشاعر والذاكرة المشتركة بين فرنسا والجزائر من دون إن يتخلى عن معطف الوطنية الذي قرر المخرج ارتدائه والتمسك به وهو يقود حركة الكاميرا باحترافية تقنية وفنية عالية ليروي الكحواتي الآتي في الأساس من "أدغال" الأحياء الشعبية الفرنسية الآهلة بالمهاجرين الجزائريين المعروفة بـ "بوبيني" وبلغتهم ايضا الممزوجة باللهجة المحلية والفرنسية قصته السينمائية المرتكزة على سيناريو محكم كتب نصه وحواره بنفسه رفقة الفرنسي "أوليفيي لورال". كانت ملحمة سينمائية ستبقى خالدة بتاريخ مهرجان "كان" -الذي لن يغادره فارغ اليدين - وستكون من ابرز محطات الفن السابع التي سنتوقف عندها بالجزائر من خلال تموضع هذا الفيلم بين مجموعة الأفلام القليلة التي تطرقت في السنوات الأخيرة للثورة التحريرية، وسيكون له صدى قانوني تاريخي سياسي كما حدث مع فيلمه الأخير"الأهالي" وسيتعدى هذا الصدى بلد المليون ونصف المليون شهيد ليصل صوته لفرنسا ذاتها لأنه يسلط الضوء على الكثير من الأحداث التاريخية المعروف منها والمسكوت عنها لدى الشعبين.
من خلال الكاميرا العابرة للأماكن (الجزائر- فرنسا- الهند الصينية- جونيف - المانيا) والأزمنة ( من 1925 الى 1962) ذكرنا رشيد بوشارب بما حدث في الجانبين الفرنسي والجزائري مستندا على الإثارة والتشويق وشد الانتباه بالإبهار بالصوت والصورة مستلهما في ذلك بعوالم ليست بغريبة على عشاق كلاسيكيات الأفلام العالمية حيث تشعر عن قصد او غير قصد بأجواء أفلام الأكشن والمطاردات لكنها كانت مغايرة لأنها انتصرت لأصحاب الحق حتى وان اعتبروا خارجون عن القانون فكان عليهم ان يحددون هم القانون الذي سيمكمهم من الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية جاء كل هذا بلمسة حسية عالية غارقة ومغلفة بكثير من الإحساس والعاطفة المتدفقة من خلال رصد كاميرا المخرج للدواخل النفسية لأبطال فيلمه المتميز بإضاءة سوداوية جميلة يسطع منها نور الحرية والانتصار والحق في مقاومة المحتل حيث اختصر رشيد بوشارب بفيلمه"خارجون عن القانون" مسيرة نضال الشعب الجزائري، معرفا باحترافية سينمائية وفنية عالية وعلى مدى الساعتين و20 دقيقة من الزمن بالبعد الإنساني والشرعي لمقاومة الشعوب المضطهدة وحقها في الدفاع عن نفسها أمام العدو مهما كان نوعه


سعيد -عبد القادر- مسعود : كل طريقته في حب الوطن والدفاع عنه:
هي أسماء أبطال المخرج رشيد بوشارب بفيلمه الذي رصد من خلالهم مسارهم الممتد من 1925 الى 1960 ما حدث لعائلة "السني" الجزائرية المكونة من: (شافية بوذراع) في دور الأم (احمد بن عيسى) في دور الأب والذي اغتيل خلال مظاهرات 8 ماي 1945 ليقرر يومها الأخوة الثلاث الانتقام لوالدهم وبلدهم كل بحسب طريقته: (سامي بوعجيلة) في دور عبد القادر الوطني الذي يعتقل خلال ذات المظاهرات ويسجن في فرنسا ليلتحق هناك بحزب جبهة التحرير الوطني عندما يلتقي بأحد أعضائها والذي أدى دوره الممثل (عزيز بوكروني). ثم الأخ الثاني (رشدي زام) في دور مسعود المجند في الجيش الفرنسي خلال حرب الهند الصينية منذ سنة 1952 حيث يتعرف هناك على وجه اخر للمستعمر الفرنسي ويتاكد من بشاعتة ليعود لفرنسا مقررا العمل إلى جانب أخيه عبد القادر الوطني من خلال قيامه بتصفية العدو والخونة من الجزائريين ويعيش صراع مرير لا يفضفض عنه إلا إذا كان في حضن والدته. وأخيرا الأخ الثالث المرح المقبل على الحياة (جمال دبوز) في دور سعيد الأخ الأصغر والشاب المراوغ المولع بجمع المال والملاكمة ولا تهمه السياسية في شيء لكنه كان الأول من انتقم لوالده المغدور حين سقط بين ذراعيه بمجازر 8 ماي 45 ليقرر سنوات من بعد أي في عام 1955 تصفيه (العربي زكال) الذي أدى دور "القايد" -أي عميل فرنسا- لأنه كان سببا في تشردهم ومجيئهم لمدينة سطيف منفذا القرار الفرنسي بطردهم من أرضهم سنة 1925، ليطلب بعدها من والدته التي فقدت الزوج، مغادرة الجزائر والتوجه لفرنسا لتكون بالقرب من ابنها عبد القادر المسجون هناك ولتنتظر عودة "مسعود" من الحرب الفرنسية بالهند الصينية وفي ربيع العام 1956 يلتقي ثلاثتهم لينطلق محور تاريخي ثاني بقصة الفيلم الذي يحاكي كواليس تواجد جبهة التحرير الوطني بالأرضي الفرنسية ونقل الثورة الجزائرية هناك وصراعها بالحركة الوطنية الجزائريةMNA التي كانت تؤمن بخيار استرجاع الاستقلال من خلال صناديق الاقتراع عكس الجبهة التي كانت تؤمن بضرورة المقاومة خاصة بعد هزيمة فرنسا في معركة "ديان بيان فو" بالهند الصينية سنة 1954 على يد الشعب الفيتنامي الأعزل.


فضح المسكوت عنه في الجانبين الفرنسي والجزائري
هكذا ومن خلال مشاهد سينمائية متصارعة مضيئة أحيانا ومظلمة أحيانا كثيرة قدم رشيد بوشارب للمتتبع لفيلمه منذ الوهلة الأولى مقدمة شيقة لما سيلي من أحداث بفبلمه من خلال المشهد الذي إنطلق به وكان سنة 1925 لينقلنا بعدها مباشرة لمظاهرات 8 ماي1945، ليختتم بمظاهرات 17 اكتوبر التي شهدت استشهاد مسعود ثم عبد القادر ليبقى سعيد وحيدا يتمتع بشمس الحرية التي سطعت في الخامس من جويلية 1962 وانتصار الحق على الباطل، وتاريخ استرجاع السيادة الوطنية.
"خارجون عن القانون" ملحمة سينمائية فنية سلطت الضوء على المألوف والمسكوت عنه في الجانبين الفرنسي والجزائري. من الناحية الفرنسية كشف الفيلم لذاكرة الفرنسيين الحاضرة والغائبة حقيقة ماحدث حينها بالصوت والصورة ومستندا المخرج رشيد بوشارب في بعض الأحيان باللقطات الأرشيفية مسلطا الضوء على القليل من الجرائم الكثيرة التي ارتكبت في حق الشعب الفيتنامي من خلال ما حدث بالهند الصينية أو ما حدث للشعب الجزائري الأعزل طيلة الفترة الممتدة من 1830 إلى 1962 مكتفيا الفيلم بحادثتين اوثلاث وهي: مجازر 8 ماي 45 وتفجيرات والاغتيالات التي كانت في حق المهاجرين الجزائرين منتهيا بقمع مظاهرات 17 اكتوبر 1960 بباريس ورمي الجزائرين بنهر "السين" وهي الجرائم التي ترفض فرنسا الرسمية الاعتذار عنها والتعويض عليها، من دون إغفال قضية "منظمة اليد الحمراء" وتآمرها مع السلطات الفرنسية لبث الرعب في صفوف الجزائريين المهاجرين المدعمين للثورة وجبهة التحرير الوطني وحتى الفرنسيين المعتدليين المساندين للثورة الجزائرية والمعروفين تاريخيا بـ "حاميلي الحقائب" والذين هم في نظر الفرنسيين "خونة" ولأجل كل هذا قامت ثائرة الفرنسيين المتطرفين ودعوا الى سحب "خارجون عن القانون" من قائمة الأفلام المتسابقة بمهرجان كان لجزائريته المفرطة ولفضحه لحقيقة الاستعمار الفرنسي ومسرحيته التي طالت.
أما من ناحية المسكوت عنه في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية فلم يحدث ان تحدث فيلما جزائريا بالجرأة والصراحة التي اتخذها فيلم رشيد بوشارب "خارجون عن القانون" عند تطرقه لقضية الصراع الداخلي الذي كان بين حزب جبهة التحرير الوطنيFLN( مفجر ثورة 1954) وحزب الحركة الوطنية الجزائرية MNA. الأولFLN كان يؤمن بالثورة طريقا للاستقلال والثانيMNA أن العمل السياسي كفيل بتحقيق الاستقلال واشتد الصراع بينهما واختزلت القضية بهذا الفيلم في مشهد تصفية "سنجاق ملاح" الذي أدى دوره الممثل(مراد خان) من طرف الأخوين عبد القادر ومسعود، لتنطلق بذلك قاطرة الانضباط والحزم لانجاح الثورة من خلال تمويلها بالمال والعتاد والمناضلين، وتحسيس جميع الجزائريين التواجدين بفرنسا باهمية الثورة وقوتها وشدتها في وجه القريب قبل البعيد والاعداء والخونة.
تجب الإشارة في الأخير إلى أن المخرج رشيد بوشارب قد برع في اختياره للمثلين ولن نتكلم عن طاقمه المعتاد والذي افتك سنة 2006 جائزة التمثيل( سامي -دبوز- جمال) بمهرجان كان، بل على تجربة إقحامه لوجوه فنية جزائرية وتونيسية بفيلمه المصورة غالبية مشاهده باستديوهات طارق بن عمار المنتج التونيسي ما أعطى بعدا إنتاجيا وتمثيليا مغاربيا قلما استثمر بالمنطقة. هذا بالإضافة للمساهمة الإنتاجية لوكالة الإشعاع الثقافي التابعة لوزارة الثقافة الجزائرية وطبعا الجانب الفرنسي يبقى ان الفيلم يتنافس تحت العلم الجزائري وهو الرهان الذي تمسكت به وكالة الاشعاع من منطلق ربما أن الفيلم سيحقق ربما مفاجئة الدورة الـ 63 من مهرجان كان الذي سيختتم سهرة يوم الأحد بافتكاكه إحدى جوائزه. فهل يحقق رشيد بوشارب ما حققه المخرج الجزائري العالمي لخصر حمينة بفوزه بالسعفة الذهبية للمهرجان العام 1975 في 2010؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
السعفة الذهبية قدرنا
وليد سيدهم -

السعفة الذهبية قدر الجزائر الحتمي والحصريأفلام مثل هاته يا ايلاف بامكاننا أن نتفرجها مع أبينا أمنا أختنا وليس كا أفلام اللحم الرخيص المعروفة المصدرمنذ قديم الزمان والتي لا تتنافس في صالات السجاد الحمراء ولكن على عتبات الجهل والتخلف والفقر

algerie
omar -

السلام عليكم, لأشك أن هذا الفيلم سيكون رائعا طالما شاهدنا ان قدماء الجيش الفرنسي قد قاموا بحملة لإسقاط الفيلم في مهرجان كان.رسالتي أوججهها إلى ذوي الإخصاص في مجالي التاريخ والسينما للكشف عن الحقائق التاريخية عن طريق السينما التي أصبحت اهم وسيلة لنشر فضائح المستعمرين. أنا أعيش في بلدية جبلية من الاوراس قدمت تضحيات للثورة لم تقدمها مدن كبيرة اليوم . قرية شارك في ثورتها الرجل والمرأة. الطفل والشيخ. حتى الحمير وقطعا الماشية وأشجار الزيتون. ويشهد بذلك الفرنسيس في مواقعهم الإلكترونية. في هذه القرية لا تسمع سوى بذكريات الثورة ولاتي تناساها العالم . غريب أمر بعض المخرجين الذين مازالوا يترددون علينا ولكن لتصوير أفلام ومسلسلات هزلية معيبة. أقسم لهم لو أنهم جلسوا خلسة قرب أحد الشيوخ لسمع قصصا عن الثورة والتاريخ لن تسع هوليوود لتصويرها وحدها . والله أعلموالسلام عليكم

الجزائر في القلب
منير -

تحيا الجزائر المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

الجزائر
marwa -

فلم رائع ونتمنى ان يعرض في القناة الجزائرية

الجزائر
amal -

انا متشوقة علي رؤية هذا الفلم الجزائري في القناةالجزائرية

كدب
احمد -

لمادا يصر الإخوة الجزائريون على أن هدا الفيلم "جزائري" صحيح أن الفيلم يتكلم عن الحقبة الإستعمارية في الجزائر صحيح أن مخرجه من أصل جزائري لكنه فيلم فرنسي أنتج في فرنسا و صور في فرنسا و تونس و هو تعبير عن حرية الرأي في فرنسا وعن تطور السينما الفرنسية وليس شيئا آخر