رحيل النجم المتمرد دينيس هوبر رمز الثقافة المضادة

إعداد عبدالاله مجيد: توفي الممثل والمخرج السينمائي الاميركي دينس هوبر يوم السبت عن 74 عاما بعد حياة فنية وخاصة عاصفة اطفأها سرطان البروستات. امتدت حياة هوبر السينمائية فترة طويلة على نحو استثنائي في صناعة سيئة الصيت بحرق اعمار نجومها سريعا. إذ بدأ هوبر مسيرته السينمائية في الخمسينات بمشاركته امام جيمس دين في فيلم "ريبيل وذاوت أكوز" اعقبته افلام على امتداد عقدي الستينات والسبعينات ثم الحقبة العصرية من الافلام الكبيرة حيث تخصص بدور الشرير المريض نفسيا. نعاه جون نولت رئيس تحرير مدونة "بيغ هوليود" Big Hollywood قائلا: "ممثل عظيم، مخرج عظيم، اميركي عظيم، خسارة فادحة. كلنا كنا نعرف ان النهاية كانت مقبلة لكن هذا لا يخفف من وقع الصدمة".
يلاحظ الناقد السينمائي بول هاريس ان ادوار هوبر لم تكن كلها عظيمة، وانه في الأيام الأخيرة من حياته الفنية على الأخص ظهر في افلام لم تترك أثرا يُذكر سواء بين النقاد أو الجمهور. وتتجاور في سجل حياته السينمائية افلام هابطة مثل "هيل رايد" و "ذي كرو: ويكيد براير" مع اعمال كلاسيكية بحق بينها "بلو فيلفت" و"جاينت" و"كول هاند لوك" و"سبيد". ولكن أداء هوبر المتميز كان في احيان كثيرة يرفع مستوى أي فيلم من الدرجة الثانية مذكرا الجمهور بأن زمنا مر كان هوبر من اقرب نجوم هوليود الى قلوبهم. والحق ان هوبر نفسه قال مستعرضا حياته السينمائية في ايامه الأخيرة ان "هناك لحظات تألقتُ فيها حقا. لكني اعتقد انها لحظات، ولو ان لحظات تكون كافية احيانا في حياة المرء". بعدما نال هوبر سمعة ممثل من الصعب العمل معه بدأ يعمل مصورا فوتوغرافيا في الستينات. وازدهرت ممارسة التصوير لديه حتى تطورت الى نشاط بديل اشتمل على الرسم وكتابة الشعر. وفي وقت سابق

من هذا العام أُدرج على قائمة نخبة من الفنانين الذين رشحوا للمشاركة في معرض يستضيفه متحف الفن المعاصر في لوس انجيليس.
حياة هوبر الخاصة كانت زاخرة بالانقلابات بقدر ما كانت حياته المهنية حافلة بها. فقد تزوج خمس مرات وله اربعة اطفال. واستمر زواجه من المغنية ميشيل فيليبس ثمانية ايام فقط إبان السبعنيات. وقال هوبر مازحا في حينه ان سبعة من هذه الأيام كانت سعيدة إلا الثامن. وكان زواجه الأخير من الممثلة فكتوريا دافي في عام 1996، وكان الزوجان يمران بعملية طلاق مؤلمة حين وافاه الأجل.
كثيرا ما اعترت حياة هوبر الخاصة اقاويل عن افراطه في تناول المسكرات والمخدرات. واعترف ذات مرة بأنه كان يتعاطى الكوكائين كي يصحو ويتمكن من احتساء مزيد من الكحول. وأُدخل مستشفى للأمراض النفسية في عام 1984 بعد اصابته بهلوسات عنيفة.
ولكن مهما يقال عن حياة هوبر الخاصة فان كل ما يُقال لا ينتقص من مستوى الأداء الذي قدمه في عدد من الروائع السينمائية. ففي فيلم "ايزي رايدر" الذي اخرجه عام 1969 وشارك في كتابة السيناريو والتمثيل فيه، استطلع هوبر ثقافة الهيبيز المضادة للاتجاه السائد ورد الفعل على الحرب الفيتنامية. واعتبر هوبر ان الفيلم هو "رسالته عن حالة الاتحاد". وحقق "ايزي رايدر" نجاحا منقطع النظير مهد الطريق لدخول هوليود حقبة جديدة في عقد السبعينات اقترنت باسماء مثل مارتن سكورسيس وفرانسيس فورد كوبولا. وفي فيلم "ابوكاليبس ناو" بدا ان هوبر يجمع بين الواقع والخيال بتصويره شخصية مصور فوتوغرافي استهلكته واصابته بالجنون. وبتصوير هوبر شخصية الوغد السادي فرانك بوث في فيلم "بلو فيلفت" السوريالي من اخراج ديفيد لينتش عرفه جيل جديد تماما من جمهور السينما.
في النهاية امتدت حياة دينس الفنية اكثر من خمسة عقود ومئة فيلم وهو رصيد يفتخر به أي فنان. وفي آذار/مارس الماضي رُشح هوبر لجائزة الاوسكار في فئتين وطُبع نجمه على رصيف المشاهير في هوليود. وخلال الاحتفال بالمناسبة قال هوبر، الذي كان معتلا يلف عصابة على جبينه، امام حشد من المعجبين واقطاب هوليود "ان كل ما تعلمته في حياتي تعلمته منكم".