الذكرى العاشرة لرحيل المناضل والسياسي العراقي عامر عبد الله
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدور زكي محمد من لندن: تشاء الحياة أحيانا ان تمنحنا فرصة للتأمل، أن تحاورنا عبر ماضينا، ذلك الساكن فينا، المستبد بأحداثه وصوره، العابر فوق سور النسيان. ثمة أشخاص يرحلون ولكن يصعب الحكم بغيابهم، إما لأنهم حملوا مهمات كبيرة، أو لأنهم شكلوا ظاهرة مستقلة في إطار مسيرة عامة، أو لكونهم أصحاب مواهب متعددة، هكذا كان حال عامر عبد الله الوزير الأسبق والسياسي والكاتب، الذي ودع عالمنا في العام ألفين. ولمن لايعرفه فقد كان من بين أبرز المناضلين ضد الحكم الملكي والسياسة البريطانية، مبتدئا حياته السياسية في الاربعينيات، عضوا في حزب الشعب الذي أسسه عزيز شريف - أحد الرموز الوطنية المرموقة - ثم انتقل الى الحزب الشيوعي ليحتل فيه موقعا قياديا مبكرا في الخمسينيات، كعضو في المكتب السياسي. كان له دور مميز في التحضير لثورة تموز في العام 1958 عبر صلته بقائدها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، وبذل الجهد لتأمين دعم المعسكر الاشتراكي لها. واصل مسيرته في الحزب على الرغم مما شابها من الخلافات التي افضت الى إقصائه عن القيادة ثم عودته، ليتكرر ذلك حتى انتهى الامر في منتصف الثمانينيات الى خروجه نهائيا من اللجنة المركزية تحت طائلة الخلافات التي عصفت بالحزب، بسبب تداعيات الحرب مع ايران وأجواء المحالفات المحلية واستمرار نهج الحزب في الكفاح المسلح ضد نظام صدام، انطلاقا من كردستان العراق. عمل وزيرا للدولة في عهد الرئيس الاسبق احمد حسن البكر وفي العام 1978 غادر العراق وقدم استقالته في العام التالي. تجددت ذكراه يوم الخامس عشر من الشهر الماضي في حفل ضم عددا كبيرا من أصدقائه، نظمته عائلته في لندن.
كان الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري صديقا محباً لعامر، ولطالما جمعتهما أماس في بغداد ودمشق وبراغ، ولذلك فقد أهداه في العام 1980 قصيدة بمناسبة زواجه، كان قد وعده بها قبل ذلك بست سنوات. ألقيت هذه التحية الشعرية في الحفل بصوت الشاعر عدنان الصائغ، ومن ابياتها:
يا عامر النفس كم من أنفس درجت
على المدى لقرابين قرابينا
كشفت صدرك للبلوى تنازلها
ندا لند وسكينا وسكينا
تهوي عليها فتلويها وتذخرها
للطارئات تجاريبا أفانينا
أحد الأصدقاء الخلّص للفقيد، الدكتور حامد أيوب، أرسل من هولندا رسالة, قال فيها: ".. لقد لعب عامر دورا فاعلا في الحياة السياسية العراقية, قائدا في الحزب الشيوعي العراقي, كاتبا لامعا, وشخصية متفردة لها حضورها في الوسط السياسي والثقافي ". أُتيحت لي فرصة اللقاء المتواصل مع عامر عبدالله في دمشق، وكان خلالها يتحدث لي عن فترة وجوده في قيادة الحزب وعن علاقاته مع عبدالكريم قاسم وأحمد حسن البكر، و انه سجل ادق التفاصيل عن هذه اللقاءات وغيرها في مذكراته التي كتب منها لحد ذلك الحين (نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ) الف صفحة، ومما ذكره لي ان احمد حسن البكر كان يسعى الى توثيق التعاون مع الحزب الشيوعي الى مديات ابعد لكنه كان يواجه ضغوطا من البعض وبخاصة صدام حسين.
وينقل عنه، إنه كان يسخر من آراء بعض السياسيين الذين استبعدوا غزوا امريكيا للعراق نظرا لضخامة الجيش العراقي, ولموانع قانونية دولية, وتأكيده على إن: " الولايات المتحدة ستكون جاهزة لتقديم ذرائع ومبررات قانونية وغير قانونية.. وإنها قررت القضاء على صدام حسين ونظامه وستقرر تنفيذه في الوقت المناسب... "
يفجيني بريماكوف ( رئيس وزراء في الاتحاد السوفيتي السابق ) كان من اصدقاء عامر وقد حياه برسالة جاء فيها: ".. ذكراه تعز على كل من عرفوه، فقد ترك علامة في قلوبهم.. لم يكن يتعب من النضال من اجل حرية بلده واستقلاله ومصاله الوطنية.. ان الحوار والتفاهم بين القوى الوطنية في العراق، سيكون افضل مايمكن تقديمه لتقدير ذكرى عامر.. "
كلمة الحزب الشيوعي العراقي، القاها الاستاذ سلم علي عضو اللجنة المركزية للحزب، ومما ورد فيها:
كان عامر من الوجوه البارزة في الكونفرنس الثاني للحزب الذي انعقد عام 1956 وحينها
تم اختياره لعضوية قيادة الحزب وعرفت الفترة التالية "أبو عبد الله" واحدا من نشطاء الجهد التعبوي المثابر، الرامي إلى تأمين مستلزمات الإطاحة بالحكم الملكي، وفي مقدمتها جمع القوى الوطنية في إطار للعمل المشترك الموحد. وهو الجهد الذي تكلل لاحقا بإقامة جبهة الاتحاد الوطني في شباط 1957. وفيما بعد، وغداة انتصار ثورة 14 تموز، كان أبو عبد الله احد الوجوه البارزة في التعبير عن سياسة الحزب ومواقفه.
وبرغم التعقيدات والمعضلات التي واجهت الحزب في سنوات ما بعد الثورة، بقي الفقيد لصيقا بالحزب، باحثا في التجربة، ومستخلصا الدروس الواجب استيعابها لتأمين النهوض بقدرات الحزب والحركة الوطنية، في مواجهة الردة الفاشية التي توّجها الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963.
وفي النصف الثاني من الستينات انخرط في عملية إعادة بناء الحزب، وتجديد علاقاته الوطنية وتطويرها، وفي السعي لتغيير الأوضاع السيئة التي كانت مخيمة على البلاد آنذاك.
" الحكيم والواقعي والزاهد، " بهذه الكلمات وصف الدكتور محمد حيدرة مسدوس (عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني )، صديقه عامر، مضيفا: "
" ان حكمة عامر عبدالله قد تجلت في مبادراته السباقه لإيجاد الحلول للمشكلات المستعصيه التي كانت تواجه الحزب الشيوعي العراقي و احزاب الحركه الشيوعيه العربيه، و كنا نحن في عدن نستعين به في مساعدتنا لحل القضايا الصعبه و بالذات في المجال الاقتصادي، و اذكر أننا قد استضفناه بعد احداث 13 يناير 1986م لمساعدتنا في حل المشكله الاقتصاديه التي واجهتنا بعد الاحداث، و هو من جانبه لبى الطلب و قام بنزول ميداني الى كل المحافظات قبل تقديم أي رأي لحل تلك المشكله، و أثناء لقاءاته بسكان المحافظات اصبح صديقا لكل شعب الجنوب و ليس فقط لقيادته ".
كان عامر دائم الاعتزاز بعلاقاته بالقادة اليمنيين، مقدرا لمبادراتهم في احتضان غربة العراقيين الذين اغلقت بوجوههم ابواب الوطن، وكان يقول: كلنا أكلنا من خبز اليمن. والدكتور مسدوس، المناضل من اجل تصحيح مسار الوحدة اليمنية بما يليق بشعب عريق، كان من اقرب أصدقائه الى قلبه.
أماالأستاذ سعد الله مزرعاني، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، فقد تحدث في رسالته الجامعة، عن علاقة عامر بالشيوعيين اللبنانيين فقال:
كانت صداقات عامر عبد الله مع الشيوعيين اللبنانيين تتوطّد وتتوسّع باستمرار. في البدء كانت المعرفة بالمفكّر والأديب الكبير حسين مروّة عندما كان في العراق، ولاحقًا توسّعت إلى القائد الشيوعي اللبناني المتميّز الشهيد فرج الله الحلو ومثقفي ومفكّري المرحلة آنذاك... وصولاً إلى معظم قادة الحزب الشيوعي اللبناني في مراحل الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ثمّ وصولاً إلى نصيبي المتواضع منها عندما تعرّفت إليه منفيًّا في دمشق في أواخر الثمانينيات. كان الرفاق يتحدّثون عنه بإعجاب واحترام مقرون أيضًا بتقدير لانفتاحه. فالحزب الشيوعي اللبناني كان يخوض شبه منفرد تجربة الانفتاح، وكان يرصد ويشجّع كلّ من يأخذ بطرف منها أو يتقبّلها من الأفراد أو الأحزاب العربية الشقيقة. واضاف:
حين تشرع الحركة الشيوعية العربية أو أطراف فيها، في محاولة استخلاص دروس المرحلة التاريخية السابقة سيكون من بين أبرز الأسماء التي يجب استشارة أفكارهم وتجربتهم المرحوم عامر عبد الله.
ومن رسالة الصديق والقيادي السابق في الحزب الشيوعي العراقي, الدكتور كاظم حبيب, التي قرأها الاعلامي طالب عواد، اقتطف ما يلي:
كان عامر عبد الله من بين من درس مبكراً الانهيار الذي هز العالم كما هزه ميلاد الاتحاد السوفييتي في العام 1917, ثم تدحرجت كرة الثلج لتلف حولها بقية دول المعسكر الاشتراكي في أوروبا, محاولاً توضيح العوامل الكامنة وراء ذلك. ولم ير في هذا الانهيار نهاية الحلم والأمل في بناء اشتراكية من نوع آخر, اشتراكية تقوم على المجتمع المدني الديمقراطي الحر...
وإذ بدأ بإعادة النظر بالتجربة الاشتراكية وبمواقفه وسياسات الحزب الشيوعي فقد راح يطالب الآخرين بمراجعة أنفسهم والتعلم من الماضي وطرح الجديد. ويعود حبيب الى مواقف مهمة للراحل,
فيقول: لقد رفض عامر الوقوف إلى جانب إيران في الحرب ضد العراق, رغم أنه شجب بدء العراق بشن الحرب على إيران وكان يتطلع إلى أن تنتهي الحرب بسقوط النظام ولم يحصل ذلك. وقف ضد الحرب وضد نظام الخميني, كما كان مناضلاً صلباً ضد نظام البعث والدكتاتور صدام حسين. وكانت مواقفه في هذا سليمة. وقد أكد الصديق وداد البيضاوي في كلمته صواب موقف عامر، وقال انه عارض مساندة ايران، بخاصة بعد ان حررت أراضيها. كما استذكر بعض ما قاله الراحل في خريف العام 1977 بشأن الجبهة الوطنية بأنه " لا أمل ولا فائدة مرجوة منها ".
بالاضافة الى ماتقدم، فقد بادرت السيدة بشرو برتو ( قيادية سابقة في الحزب الشيوعي العراقي ) الى قراءة مقتطفات من كتاب عامر ( مقوضات النظام الاشتراكي والنظام العالمي الجديد ) وكان موضوعها عن حالة الثقافة والعلوم في الاتحاد السوفيتي السابق. كما استمع الحضور الكريم الى السيدة باسمة الحكيم ( استاذة جامعية سابقا ) في قراءة من الكتاب نفسه، عن ملامح النظام العالمي الجديد ومكوناته. كما قدم الاستاذ عبد الرزاق الصافي (قيادي سابق في الحزب الشيوعي العراقي) مداخلة، استذكر فيها عامر حين تولى الدفاع عن المعتقلين السياسيين في العهد الملكي، وكان الصافي من بينهم.
مفاجأة الحفل كانت قصيدة في الغزل بعنوان "مي"، نظمها عامر في العام 1948، وقرأتها كريمته مريم. ولعل هذه القصيدة رسالة حب أول، أو تجليات خيال لشاب في مقتبل العمر.من ابياتها:
شفً نفسي يا ميً طول الصدود
وبرى مهجتي وأذبل عودي
ابد العمر ما استراح وجودي
قد تجرعت من تجافيك صابا
ولقيت الضنى وذقت العذابا
يا هديل الحمام والاطيار
ما عزيف الرباب والمزمار
غير ترجيعة لقلب معنًى
قد سباه الحبيب حين تجنًى
إن افضل ما يمكن تقديمه لعامر، هو توثيق كتاباته المتفرقة، وهو ما كان يأمله، لولا دواعي المرض وإحباطات السياسة، لذلك فقد عاهدت نفسي على ان احقق له شيئا مما تمناه، وآمل ان يصدر في هذا العام، كتاب يضم عددا من دراساته ومقالاته ورسائله، ليكون فيه بعض العزاء على مذكراته المفقودة.
في الختام، استعير قولا للمفكر الروسي لوناشارسكي، اجده مصداقا لمعاناة عامر في دروب السياسة الشائكة:
" إن الشخصيات النبيلة في التاريخ، غالبا ما تلقى مصرعها في الاشتباك مع الواقع، لا لأنها لم تستوعبه، بل لأنها لا تريد ان تتنازل عن مثلها العليا التي تعتبر عصيّة على التحقيق في الظروف المعطاة ".
بدور زكي محمد الدده
التعليقات
الى المجد
سمير طبلة -يا ابا عبدالله. كنت انساناً، بكل معنى الكلمة. وستبقى مثالاً يحتاجك عراقك واهله، وكل الطيبين.
الى المجد
سمير طبلة -يا ابا عبدالله. كنت انساناً، بكل معنى الكلمة. وستبقى مثالاً يحتاجك عراقك واهله، وكل الطيبين.
حزب الشيوعي العراقي
فرقد -الحزب الشيوعى العراقي والمتوفي كان مطية الاكراد لتحقيق حلمهم القومي .الشيوعيون لم يفيدوا بقية العراقيين بشئ بل خربو العراق وساعدوا في تاسيس الدكتاتورية والتفوا حول شخص غير متعلم ورجعي وهو مسعود برزاني .
حزب الشيوعي العراقي
فرقد -الحزب الشيوعى العراقي والمتوفي كان مطية الاكراد لتحقيق حلمهم القومي .الشيوعيون لم يفيدوا بقية العراقيين بشئ بل خربو العراق وساعدوا في تاسيس الدكتاتورية والتفوا حول شخص غير متعلم ورجعي وهو مسعود برزاني .
الله ىسامحك
حمد الشرهان -أود في مناسبة ذكرى رحيل الأستاذ عامر عبد الله، أن أقدم التعازي إلى عائلته أولا. وثانياً لدوره التاريخي في ترسيخ آيديولوجية سيطرة الحزب على أمور الناس ومشاريعهم في الحرية والخلاص من الدكتاتوريات المتعاقبة، لقد كان الراحل عبد الله مهندس بارع في مدرسة التبعية الفكرية لأحزاب إبتلى بها العراق والواقع العربي، وأقصد هنا الأحزاب الستالينية التي حلبت المآسي والأخفاقات وسيطرت العقلية العشائرية والدينية بقيادة الفكر العلمي الذي تم تشريعه في الكومنترن والكرملين، بإعتبارهما قبلتا الأحزاب الشيوعية العربية. وغاب عن التحليل إن الراحل كان صديقاً كما كان قبله الشاعر أبا فرات لكل الرموز التي جعلت من العراق والمنطقة مسلخاً بشرياً\ وسجنا رهيباً لا حياة فيه لأصحاب الرأي\الحر. وقد يتهم الذي يعارض سلطة ما ويرفع السلاح بوجهها أو يكتب بقلمه باليسارية والتطرف، وقد تم تكريس هذا الخط السياسي الذليل الذي ساوم ولا يزال يساوم على مصالح الفقراء في العراق والمنطقة والعالم من قبل رموز غير مبالغ في وجودها وتلونها مع الأحداث. لقد رحل المفكر وهو حي كمشروع إصلاحي لا زال يلقي بظلاله على الوعي العراقي، وما نراه الآن من طبيعة التقلبات في العقلية العراقية، والنهج الخطير في ممارسة اللعب على الحبال والترحيب بسلفية الأفكار المضادة للتقدم والعصرنة والتغيير ما هي إلا تركه أبدعت فيها عقول تاريخية لا زال التاريخ يتذكرها على إنها ساهمت في وضع العصي والمفاهيم في عجلة التاريخ. لقد إندثرت وإلا الأبد أفكار المساومات الطبقية وغاب الحزب الشيوعي وأحزاب النزعات الدموية ، وحانت ساعة أحزاب العبادة والعمامة واللصوصية بفضل مبدعو الزمن الضائع، فهل نوفق في النقد الحجريء للذكرى بعد أن أبداع في مشروع فكري كبير يلخص في : كيف يركض الفقراءأمام حتفهم بالرغم من تحالف أحزابهم مع الدكتاتوريات. المهم العوض بسلامتكم وبسلامة الشعب العراقي البسيط فهو الضحية رقم واحد للنهج المساوم وما خلفه من إنتصارات وبؤس مزمن، وخداع متواصل. أحزاني الكثيرة لشعب العراق بفقدان قادته الموتى قبل أن تسعفهم حقنة من النقد.
الله ىسامحك
حمد الشرهان -أود في مناسبة ذكرى رحيل الأستاذ عامر عبد الله، أن أقدم التعازي إلى عائلته أولا. وثانياً لدوره التاريخي في ترسيخ آيديولوجية سيطرة الحزب على أمور الناس ومشاريعهم في الحرية والخلاص من الدكتاتوريات المتعاقبة، لقد كان الراحل عبد الله مهندس بارع في مدرسة التبعية الفكرية لأحزاب إبتلى بها العراق والواقع العربي، وأقصد هنا الأحزاب الستالينية التي حلبت المآسي والأخفاقات وسيطرت العقلية العشائرية والدينية بقيادة الفكر العلمي الذي تم تشريعه في الكومنترن والكرملين، بإعتبارهما قبلتا الأحزاب الشيوعية العربية. وغاب عن التحليل إن الراحل كان صديقاً كما كان قبله الشاعر أبا فرات لكل الرموز التي جعلت من العراق والمنطقة مسلخاً بشرياً\ وسجنا رهيباً لا حياة فيه لأصحاب الرأي\الحر. وقد يتهم الذي يعارض سلطة ما ويرفع السلاح بوجهها أو يكتب بقلمه باليسارية والتطرف، وقد تم تكريس هذا الخط السياسي الذليل الذي ساوم ولا يزال يساوم على مصالح الفقراء في العراق والمنطقة والعالم من قبل رموز غير مبالغ في وجودها وتلونها مع الأحداث. لقد رحل المفكر وهو حي كمشروع إصلاحي لا زال يلقي بظلاله على الوعي العراقي، وما نراه الآن من طبيعة التقلبات في العقلية العراقية، والنهج الخطير في ممارسة اللعب على الحبال والترحيب بسلفية الأفكار المضادة للتقدم والعصرنة والتغيير ما هي إلا تركه أبدعت فيها عقول تاريخية لا زال التاريخ يتذكرها على إنها ساهمت في وضع العصي والمفاهيم في عجلة التاريخ. لقد إندثرت وإلا الأبد أفكار المساومات الطبقية وغاب الحزب الشيوعي وأحزاب النزعات الدموية ، وحانت ساعة أحزاب العبادة والعمامة واللصوصية بفضل مبدعو الزمن الضائع، فهل نوفق في النقد الحجريء للذكرى بعد أن أبداع في مشروع فكري كبير يلخص في : كيف يركض الفقراءأمام حتفهم بالرغم من تحالف أحزابهم مع الدكتاتوريات. المهم العوض بسلامتكم وبسلامة الشعب العراقي البسيط فهو الضحية رقم واحد للنهج المساوم وما خلفه من إنتصارات وبؤس مزمن، وخداع متواصل. أحزاني الكثيرة لشعب العراق بفقدان قادته الموتى قبل أن تسعفهم حقنة من النقد.