الكتاب السعوديون يتوجهون إلى التأليف في المجال الفكري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله السمطي من الرياض: لم يكن أسعد المتفائلين يتوقع أن تنقلب الصورة الغنائية الرومانتيكية الحالمة التي عاشها السعوديون والتي غذتها التصورات المثالية لزمن الصحوة من جهة، في مرحلة الطفرة ( 1975-1990) والاتكاء على الموروث التقليدي للجزيرة العربية من جهة أخرى سواء تجلى هذا الموروث في الشعر البيتي الكلاسيكي أم الشعر الشعبي أم في الكتابات القصصية الحالمة، أم في الحالة المزاجية الطربية التي تمثلها السعوديون في مرحلة الطفرة وما بعدها.
بيد أن الانكسار المأسوي الذي عاشته المنطقة في حرب الخليج الثانية (1990-1991) والاحتكاك العسكري والسياسي المباشر مع القوى العربية والغربية والأميركية، قلب الأوضاع الثقافية رأسا على عقب.. وإن هيمن الخطاب الديني التقليدي على المشهد بعدد كبير من الفتاوى القابلة أو الرافضة للوجود الغربي في الخليج.
هذه الفتاوى التي هيمنت بدورها على العقد الأخير من القرن العشرين، وبلغت ذروتها المأسوية في أحداث 11 سبتمبر 2001 حيث البحث عن الحور العين في تدمير برجي التجارة في نيويورك.
كان الجدال الديني الفكري بارزا، فيما توارى التيار الحداثي في عدد من البيانات.. صدرت كتب تتشح بالفكر الديني، وكان العنوان الأبرز هو: "الإسلام والنظام العالمي الجديد" و" الإسلام والعولمة" و"الإسلام والطريق الثالث" و"الإسلام والعلمانية"... إلخ هذه العناوين التي يضع فيها مؤلفها نفسه في مقام:" الإسلام" ثم يبدي آراءه في المذاهب الفكرية المختلفة.
بيد أن الظاهرة الأبرز بعد 2001 تمثلت في حضور الرواية السعودية.. وهي رواية تختلف نوعيا عما كتب من روايات قبل العام 1990 من حيث اللغة الروائية، والنسيج الروائي، والتوجه الروائي الذي يفارق الرومانسية الهشة التي قدمتها روايات ما قبل حرب الخليج الثانية على يد بعض رواد الرواية الذين تلوا مرحلة سميرة بنت الجزيرة، وإبراهيم الناصر الحميدان، وعبدالله الجفري، فالرواية الجديدة رواية كشف، ورواية ابتكار الم
وصاحب هذه الظاهرة الإبداعية، ظاهرة على قدر من الأهمية لم يعتدها المشهد الثقافي السعودي من قبل وتتمثل في الكتابة في المجال الفكري، فما هي أبرز خواص هذه الظاهرة؟ وما أسباب تجليها وانبثاقها؟
البداية بالفكر الديني:
كانت النقلة الأولى للكتابة الفكرية دينية، لقد حدث تحول امتطى آفاق السؤال ناقدا الصورة التي قبع فيها الخطاب الديني كثيرا، إلى درجة الترهل والتكرار، حيث كل شيء مشدود إلى الماضي، وما يقوم به الخلف لابد أن يأخذ شرعيته من السلف، على الرغم من مضي أربعة عشر قرنا من الزمان.. فتدخل في المجال الديني عدد من الكتاب مثل: تركي الحمد، وحمزة المزيني، وآخرون قرأوا الظاهرة الدينية بنوع من النقد.. بيد أن ردود الأفعال كانت قوية حيث لم يسلم هؤلاء من التكفير قبل التفكير في آرائهم، خاصة حمزة المزيني الذي أبدى آراءه كمسلم في طريقة استطلاع الهلال بالعين المجردة ورأى أنها طريقة لا تتناسب وعصر العلم. وحكم عليه بالجلد، وهو الاستاذ الجامعي الأكاديمي، ولكنه حاز عفوا ملكيا.
بيد أن كتابات المزيني وتركي الحمد أحدثت أصداءها لدى فريق جديد شاب يمكن تسميته ب" المرتدين عن الصحوة" وهم مجموعة من شباب الباحثين والكتاب والأدباء من أبرزهم: منصور النقيدان، تركي الدخيل، ياسر العمرو، خالد الغنامي، مشاري الزايدي، مجاهد عبدالمتعالي، علي الرباعي، وعبدالله ثابت كانوا قد عاشوا زمن الصحوة بكل طموحاته في الحور العين، وبكل تشدده، وعصياته وتمرده إلى درجة أن بعضهم أسهم في حرق بعض محلات الفيديو، وبعضهم غامر في الانتماء إلى بعض التيارات السلفية الجهادية.
جاء ارتداد هؤلاء وغيرهم بمثابة ضربة قاصمة للفكر الصحوي الذي كان يمثله لفترات طويلة الشيخ سفر الحوالي، وسلمان العودة، وعائض القرني، وعوض القرني وعدد كبير من شيوخ الصحوة الكبار المنتمين إلى التيار السلفي.
تمرد هؤلاء الشباب على مسألة: ديار الكفر وديار الإسلام، والولاء والبراء، والجهاد، وتسفيه معتنقي الأديان الأخرى، وتبرأوا من حكاية "التكفير".
وكتب عدد منهم خاصة منصور النقيدان في صحيفتي الوطن والرياض، مشاري الزايدي في "الشرق الأوسط" وخالد الغنامي وعبدالله ثابت في (الوطن) كتابات تنم عن الارتداد عن أدبيات الفكر الصحوي المتشدد، ونقد هذا الفكر، بل ونقد سلوكهم السابق في التعامل مع الآخرين.
واتجهت مؤلفات
وفي المجال الثقافي يصدر عبدالله الغذامي كتابه: "القبيلة والقبائلية" فيما يصدر سعد البازعي عددا من الكتب التي تتناول الآخر.
ويصدر تركي الحمد روايته الفكرية: "ريح الجنة" ناقدا فيها التشدد الديني الذي قاد إلى أحداث 11 سبتمبر، كما يصدر حمزة المزيني كتابه : "ثقافة التطرف: التصدي لها والبديل عنها" حيث يؤكد أن القضايا الدينية أبرز القضايا التي دار حولها الحوار، ذلك أن كثيرا من الكتاب وجدوا الجو ملائما للتعبير عن اختلافهم مع كثير من الاجتهادات الدينية السائدة التي تنطلق من رأي واحد يرى أنه هو الرأي الصحيح في كثير من القضايا التي تحتمل اجتهادات متعددة.
الوحدة الوطنية وقضايا أخرى
ركزت المؤلفات الفكرية على قضايا الوحدة الوطنية، والخصوصية، وطالبت بالسعي إلى إشاعة ثقافة الحوار بين مختلف الأطياف، حيث واكبت هذه المؤلفات والكتابات إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وبعض مؤسسات المجتمع المدني مثل هيئة حقوق الإنسان، وجمعية حقوق الإنسان.
فيعد محمد محفوظ كتابا بعنوان: "المواطنة والوحدة الوطنية في المملكة العربية السعودية" اشترك فيه ستة كتاب هم: جعفر الشايب، حسن حمادة، سعود البلوي، شتيوي الغيثي، محمد المحمود، يوسف أبا الخيل، ناقشوا فيه الجوانب الفكرية والثقافية والاجتماعية للمواطنة، ويصدر الشيخ صالح الحصين كتابا عن:" الحرية الدينية في السعودية" كما يصدر عبدالله الوشمي كتابه:" فتنة القول بتعليم البنات في المملكة
وقد شهد هذا العام صدور عدد من الكتب الجديدة التي ترصد هذه الظاهرة الفكرية لعل من أبرزها كتاب حمزة المزيني: "اختطاف التعليم في المملكة العربية السعودية" وكتاب: "السعودية: سيرة دولة ومجتمع" لعبدالعزيز الخضر، وكتاب: "الصحوة في ميزان الإسلام" لعلي الرباعي الذي يقول فيه: "حاربت الصحوة كل أدب لا يتحزب تحت مظلتها، ووصفت كل مفكر، بأنه حداثي، لعلمهم اليقين أن كل من يستعمل عقله بشكل سوي لا يوافقهم في توجهاتهم، ولا يسلم بطرحهم، وأستعيد في هذا المقام مقولة للمنظّر إبراهيم طالع الألمعي (أنت تفكر إذا أنت حداثي) لأن الصحويين لا يريدون إعمال العقل في فهمهم المغلوط لمعنى الحياة، وحكمة وجود الإنسان فيها، وكانوا يملكون قدرات، من برمجة عصبية وغيرها، في تحويل الكائن البشري إلى أداة طيعة في أيديهم، ولعل هذا من أكثر ما أغراني بكتابة التجربة وتقديمها هدية لمن أراد إشعال الفتنة، ولمن سعى إلى إطفائها".
وتظل الحياة الفكرية في السعودية في حال توهج حيث بدأت مختلف التيارات في إصدار مؤلفاتها، بيد أن الظاهرة الأبرز هي أن الخطاب الديني السلفي تتم مراجعته بشكل دائم، وتتغير أحاديثه وفتاواه وأدبياته الفقهية،
التعليقات
الحمد الله
د.فهد المطيري -ان تطور الثقافي هو اساس تطور المجتمع و رقيهوالاتجاه إلى التطور الفكري بمؤلفات الادبيه شيء يفرح النفس .... ولكن الاجمل منه هو اتجاه الشباب العربي للقراءه ..... فلقد كنا لازمنه كثيره ... شعوب لا تقرأ .. فأصبحنا شعوب غير مثقفه ... مما ادى لهذا الانحدار .... و لله الحمد هذا التطوير يفرح القلب ....