ثقافات

حليمة مظفر تدعو إلى إنشاء دور عرض مسرحي ومعاهد للدراما

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


bull;" الظالم نفسه" أول نص مسرحي سعودي كتبه حسين سراج في العام 1932
bull;المحافظون أجهضوا مسرح السباعي في الستينيات قبل الافتتاح بأسبوع خوفا من اللهو المختلط.
bull;40 مسرحية شعرية ونثرية فقط ألفها السعوديون خلال أكثر من سبعين عاما.
bull;غياب الثقافة المسرحية والمعوقات الفكرية المحافظة أثرت سلبا على وجود المسرح.

عبدالله السمطي من الرياض: نادرة هي الكتب والدراسات المكتوبة عن المسرح السعودي، فالانطباع الغالب لدى معظم الدارسين أنه لا يوجد مسرح سعودي، بل توجد صور مسرحية، لأن شروط المسرح الفنية والتقنية لا توجد فيما يعرض من صور أو مشاهد مسرحية، فضلا عن عدم وجود مسارح متخصصة في السعودية، كما أن الصور المسرحية تؤدى في غياب العنصر التمثيلي الآخر وهو المرأة. إذ لا وجود للمرأة في هذه الصور المسرحية.
مع ذلك تتقدم الكاتبة والباحثة السعودية حليمة مظفر لدراسة المسرح السعودي، على الرغم من ندرة الدراسات النقدية التي تتعرض له، حيث هدفت في كتابها:" المسرح السعودي بين البناء والتوجس) - نادي الطائف الأدبي) إلى التركيز على رصد تاريخ التجربة السعودية المسرحية، وتوضيح مفهوم الدراما وتوظيف عناصرها وفق أصولها الفنية، وما تركته الثقافة الاجتماعية المتوجسة خيفة من المسرح في المجتمع السعودي من أثر عليها، وذلك من خلال دراسة مجموعة من النصوص المسرحية التي وصل عددها إلى أربع وثلاثين مسرحية.
تضمن الكتاب ثلاثة أبواب بعد التمهيد بمقدمة عن الدراما، حيث حملت الأبواب العناوين التالية: الدراما المسرحية.. تأريخ النص ومفهوم البناء، والقضايا في النص الدرامي، وأثر الثقافة الاجتماعية على الدراما المسرحية السعودية، وتناقش الكاتبة خلال هذه الأبواب النصوص المسرحية، لا الفعل المسرحي ذاته، من تمثيل،، وشخوص، وقاعات عرض، وديكور، وإضاءة... إلخ، وقد اختارت الكاتبة الفترة ما بين 1980-2004 لدراسة النصوص المسرحية المكتوبة في هذه الفترة، التي تراها فترة خصبة أدبيا.
وتشير الكاتبة إلى أن الفن المسرحي في السعودية من الفنون الأدبية الحديثة، وقد عرفته في فترة متأخرة مقارنة ببقية الدول العربية التي ترعرع بها المسرح منذ ما يقارب القرن تقريبا، باستثناء مصر والشام اللتين عرفتاه قبل ذلك.
ويهتم الكتاب بدراسة النص الدرامي المكتوب والمصمم للأداء التمثيلي على منصة المسرح، فيُكتب وفق أسس وتقاليد وطبيعة درامية متعارف عليها، وهو لذلك يعتبر مشروعا لعرض مسرحي يؤدى أمام النظارة الذين يتأثرون به، ويتواصلون بدورهم معه. إنه نص سابق للنص المسرحي الذي يصبح كذلك بعد تناول المخرج له، وفريق العمل من مهندسي مناظر وممثلين وغيرهم.

نشأة متأخرة
كان أول عرض مسرحي سعودي متكامل في العام 1973 حين كتب إبراهيم الحمدان نصه المقتبس عن مسرحية موليير:" طبيب رغم أنفه" بعنوان:" طبيب بالمشعاب" وقام بإخراجه وعرضت على شاشة التليفزيون، حيث تم بعدها إنشاء الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون التي تحملت العبء الأكبر في ممارسة العمل المسرحي، وهناك مسرحيات لم يسلط عليها الضوء الإعلامي منها مسرحية:" ثمن الحرية" التي رعاها الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وأخرجها العراقي محسن العزاوي، ومثل فيها الممثل السعودي عبدالعزيز الحماد عام 1969، وكان منها مسرحيات: غلط في غلط، وماطور النور، والسبع وغيرها.
وكان لحضور المسرح المدرسي أثر في تعزيز الفعل الدرامي بالسعودية، على الرغم من أن السعودية لا يوجد بها مسرح تجاري أو جماهيري.
وتشير الباحثة إلى وجود تجربة رائدة ومحاولة أولى لإنشاء مسرح سعودي تجاري يحمل مفهوما إسلاميا تاريخيا في عام 1960-1961 بمكة المكرمة بحي "جرول" وهو مسرح الأديب أحمد السباعي الذي أطلق عليه اسم:" دار قريش للتمثيل الإسلامي" وكانت قد جاءته هذه الفكرة من خلال احتكاكه المتواصل مع الثقافة المصرية، ومشاهداته لعدد من المسرحيات في القاهرة التي أعجب بها، وأغرته بنقل هذا الأنموذج الثقافي إلى السعودية، فاشترى أرضا بمكة واستقطب مخرجا مصريا لإخراج المسرحيات وتدريب الممثلين من الهواة السعوديين، وتمت كتابة نصين مسرحيين لتمثيلهما وعرضهما على منصة المسرح هما:" فتح مكة" وكتبه محمد عبدالله مليباري، والثاني:" مسيلمة الكذاب" وكتبه عبدالله عبدالهادي العباسي، وكان السباعي قد وضع ألف كرسي للحضور يوم الافتتاح، وهيأ المسرح بكافة مستلزماته، من ديكور ومناظر خلفية وملابس، إلا أن بعض المحافظين والعلماء (الشيوخ) استهجنوا هذه الخطوة ورفضوها، خوفا من أن يتحول المسرح يوما إلى ملهى مختلط، فجاء الأمر بإغلاق المسرح وتم إجهاض الخطوة قبل الافتتاح.

خمس قنوات للمسرح
مع عدم وجود مسرح تجاري للعروض المسرحية بالسعودية فإن الحركة المسرحية السعودية تتركز في خمس قنوات تتمثل في: المسرح المدرسي الذي يعتبر أقدم نشاط مسرحي في السعودية حيث تم تقديم أول مسرحية عام 1953 لنص بعنوان:" لليل آخر" كتبها عبدالرحمن عثمان، والمسرح الجامعي، والرئاسة العامة لرعاية الشباب ويتمثل دورها في الإشراف والتمويل، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون المنتشرة في ربوع السعودية، كما يأتي مسرح الجنادرية بوصفه القناة الخامسة حيث يقام سنويا ضمن فعاليات الجنادرية.
وقد كتب الشاعر حسين عبدالله سراج الذي عاش فترة طويلة بين بيروت والقاهرة أول نص درامي سعودي بعنوان:" الظالم نفسه" صدر مطبوعا بالأردن عام 1932، ثم طبع مسرحيته الشعرية الثانية بعنوان:" جميل بثينة" في الأردن في العام 1942، وتبع حسين سراج عدد من الأدباء السعوديين الذين يمثلون الرعيل الأول، حيث ألف أحمد عبدالغفور العطار مسرحية" الهجرة" عام 1947 وعبدالله عبدالجبار الذي أصدر من القاهرة مسرحيته:" عم سحتوت" و" الشياطين الخرس" في العام 1954
وكتب الدكتور عصام خوقير عددا من المسرحيات النثرية باللهجة الدارجة، منها:" في الليل لما خلي" 1970، وكتب إبراهيم الحمدان مسرحية:" طبيب بالمشعاب" 1973
وتشير الكاتبة إلى أنه خلال أربعين عاما تقريبا (1932-1970) لم تصدر سوى سبع مسرحيات فقط، كما تشير إلى أن الحركة المسرحية في السعودية لم تمر بمراحل الترجمة للمسرح، ثم الاقتباس والإعداد، أو تبدأ كما بدأ المسرح العربي بالاقتباس والإعداد والترجمة والتأليف، ولكن المسرح السعودي بدأ بالتأليف مباشرة، ولم يمارس الاقتباس ولم يمر بمرحلة الإعداد، لذلك يجوز القول: إن المسرح السعودي بدأ في عجلة من أمره.

نصوص شحيحة:
ترصد الكاتبة في جداول الكتاب عدد النصوص المسرحية المطبوعة في السعودية، فخلال ثمانينيات القرن العشرين طبعت 23 مسرحية، وفي تسعينياته طبعت 15 مسرحية، وفي بدايات الألفية الثالثة ازدادت المطبوعات المسرحية حيث صدرت (24) مسرحية، منها 12 مسرحية للكاتبة ملحة عبدالله.
وتعزو الكاتبة قلة النتاج الأدبي الدرامي إلى غياب المسرح وثقافته الجماهيرية عن المجتمع، ووجود ضغوطات وتحديات ومعوقات فكرية محافظة من اتجاهات دينية رفضت وجود المسرح بالسعودية.
وتقترح الكاتبة إصدار دراسات أدبية ونقدية عن التجربة المسرحية السعودية، وهو اقتراح لا تعززه كثافة الفعل المسرحي السعودي سواء على مستوى العرض المسرحي، أو الثقافة المسرحية، أو وفرة الإصدارات المسرحية، كما تقترح تدريس النصوص المسرحية في الجامعة، وإنشاء معاهد متخصصة للفنون المسرحية وعلم الدراما، والاهتمام بمسرح المرأة والنهوض به عرضا وتأليفا، وعمل توعية اجتماعية بثقافة المسرح وأهميته في المجتمع المحلي، والسعي إلى أن يكون المسرح فعلا اجتماعيا منظما، تخصص له دور العرض المسرحية ويتم دعم الفرق المسرحية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف