صلاح الحمداني "كنّاس الصحراء"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إنها رؤية شاعر، ابتسم يوماً لسقوط جلاده، وبكى زمناً وهو يتلمس زيف أحلامه... رؤية الشاعر العراقي صلاح الحمداني التي حملها ديوانه الأخير "كنّاس الصحراء" الصادر حديثاً باللغة الفرنسية عن دار "Bruno Doucey" الباريسية، هذا الديوان الذي يعترف فيه الحمداني بخيبته وهو يتلمس تحول قصة الحلم الجميل، إلى مسرحية أبطالها "أبطال" الأمس الذين تحولوا إلى مقامرين يلعبون بنردٍ صنعوه من عظام الشهداء "مِثل أمّةٍ فقدتْ إنسانِيتَها / جَفَّ المَطرُ في المَزاريبِ / والحقلُ هَجرتهُ الغيومُ / لا سَمَكَ في السّاقيَةِ / لا طيرَ في الأعالي / والصّباحاتُ حَملَها القتلةُ مع جثثِ الأطفالِ في العَرباتِ."
ينقسم ديوان "كنّاس الصحراء" إلى قسمين، الأول جاء بعنوان "أوهام الحضور" وهو مجموعة قصائد كتبها الشاعر باللغة العربية وتُرجمت إلى الفرنسية، أما الثاني "منفى الجحيم" فيضم القصائد المكتوبة أصلاً باللغة الفرنسية... قصائد القسم الأول كُتبت بعد احتلال العراق وسقوط الديكتاتور، وفيها يتلمس القارئ مرارة الخيبة التي مُنيت بها أحلام المنفى، حين انكشفت على شكل أوهام حالما احتكت بالواقع... القصائد تحكي ضياع الأمل وتفتت الأمنيات وغياب الشعور بقدسية وطن ظل عامراً في المخيلة طيلة سنوات المنفى، كل هذا تعرّى أمام الأحداث التي عصفت بالعراق، والتي أسقطت ورقة التوت عن الكثير من الشخصيات التي كانت تتشدق بنضالها وصلابة موقفها بوجه الجلاّد... والتي سرعان ما نالت كرسيّها لتتحول إلى جلادٍ صغير وإن اختلفت الأساليب... "يَتَأرجَحُ السّرابُ هناكَ، / ثمّ يَبتلِعُ ذاتَهُ / وحدَها روحي تَجلِدُ وَجَعَها، / وتَتَغَرّبُ عن المَكانْ." فالحضور الذي ترسمه قصائد الحمداني، هو الوجود واليوميات التي كانت تُطوى بهالة الأمل في العودة، أملٌ بات سراباً، حين فتت الواقع أيام المنفى وشكّلها حبيبات رملٍ شيدت صحراء متناهية الأطراف داخل الروح الحالمة. "حتى رفاقنا السابقين الذين طالما حملوا همنا ومثَّلوا حضورنا في العراق الجديد أصبحوا في الحقيقة، مجرد أوهام..." يقول الحمداني.
قصائد الجزء الثاني "منفى الجحيم" لا تذهب برسائلها وهمومها وحتى "أوهامها" بعيداً عن الجزء الأول ولكنها كُتبت في محاولةٍ من الشاعر ليتلمس حدود منفاه، لكنه "منفى بحجم السراب"... حقيقة تبوح بها قصائد شجاعة تعلن على الملأ أن المنفى العراقي تحول بـ "شجاعة" حفنة من أبناءه إلى أكذوبة "تافهة"!!! حنينٌ تَعفّنَ في كِتاباتِ / مَنفيينَ صَدئينَ / وقبائلَ سَماؤها منَ الصّفيحِ / حينما رأت النورَ مُسِخَتْ!..." ترى "هل هناك مرارة أكبر من هذه؟" يسأل الشاعر الذي قرر كنس صحراء الروح بـ "مكنسة" صنعتها أيام المنفى وسنواته الطوال...
وعلى الغلاف الأخير نقرأ:
قادِماً منْ جزرٍ بلا سماءَ
يُحيطُها الرّملُ
خُطى وآثارَ مُتحاربينَ وقواربَ تَغرقُ
ديوان "كنّاس الصحراء" يعترف للعلن بمرارة الهزيمة، هزيمة الإنسان الذي عاش أكثر من نصف عمره مهزوماً، بفعل المنفى.
التعليقات
الف مبروك
كريم البصري -الف مبروك من القلب لشاعر المنفى الاصيل صلاح الحمداني على ديوانه الجديد والى المزيد انشاء الله.
الف مبروك
كريم البصري -الف مبروك من القلب لشاعر المنفى الاصيل صلاح الحمداني على ديوانه الجديد والى المزيد انشاء الله.
مبروك
ماجد مطرود -الاخ والشاعر المبدع صلاح الحمداني الف مبروك لمنجزك الابداعي هذا راجيا له النجاح ولك التألق والابداع الدائم مع محبتي الكبيرة
مبروك
ماجد مطرود -الاخ والشاعر المبدع صلاح الحمداني الف مبروك لمنجزك الابداعي هذا راجيا له النجاح ولك التألق والابداع الدائم مع محبتي الكبيرة