قصيدة المرأة في السعودية بين المنهجية الجمالية وانطباعية الناقد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
راشد عيسى يتحدث عن أربع بنى شعرية:
bull;سلطانة السديري أصدرت أول ديوان شعري وتبعتها ثريا قابل ورقية ناظر.
bull;أول ديوان نثري سعودي أصدرته فوزية أبو خالد في بيروت 1973
bull; هل الغنائية تقتصر على القصيدة البيتية؟ والرمزية على التفعيلية؟ والتجريدية على النثرية؟
عبدالله السمطي من الرياض: ما كان للباحث والناقد الدكتور راشد عيسى وهو الخبير بالمشهد الأدبي السعودي أن يخصص فصلا لنصوص الخواطر تحت عنوان:" الخواطرية الشعرية" فما دامت هذه النصوص مجرد خواطر، فلماذا نسبها للشعر، وهو الحريص - كما يبدو من مقدمة كتابه- على مسألة" التجنيس النصي"؟
في كتابه النقدي :" قصيدة المرأة في المملكة العربية السعودية" ( النادي الأدبي بحائل، ومؤسسة الانتشار العربي، بيروت، الطبعة الأولى 2010 ) يقدم راشد عيسى الباحث الأردني - الذي عمل لفترة طويلة بالسعودية وكتب في الصحافة الثقافية بها، وشارك في ندواتها الأدبية- مجموعة من القراءات النقدية الاستشرافية التي تسعى للتعريف والتقديم وتدوين الملاحظات أكثر من إضاءتها مكامن العمل الإبداعي، والوقوف بشكل منهجي حيال خواصه ودلالاته.
وجاء في تعريف هذه القراءات كما على غلاف الكتاب :" يستند الباحث في تحليله ومقارباته إلى النقد الجمالي الذي يُعنى بالبناء الفني ويناقش الرؤى بآليات النقد التطبيقي" ومع أن الكاتب يشير في مقدمة كتابه إلى أنه استند إلى " المنهج التحليلي الفني على الأغلب، وإلى المنهج التاريخي في الصفحات الأولى" / ص 15 فيما يرى مقدم الكتاب الناقد الدكتور صالح الشنطي أن " هذا الكتاب عمل على تتبع تطور الشعر النسوي في المملكة وتصنيفه ومرحلته وفق رؤية نقدية نجمع بين الجمالي والموضوعي" كما " يتخطى قصدية التحليل إلى آفاق التأويل" ص.ص 9-10
ويبدو أن هذا اللبس في تحديد هوية المنهج النقدي الذي سار عليه راشد عيسى في كتابه راجع إلى أن مؤلف الكتاب لم يسلك منهجا بعينه، وإنما اعتمد على رؤى ذوقية انطباعية - معتمدا على ثقافته النقدية القارئة- في قراءة النصوص الشعرية التي كتبتها شاعرات من أجيال متنوعة، وبالتالي لا يتسنى لنا أن نوقن تماما أن هناك منهجا جماليا، أو تاريخيا، أو موضوعيا، اختطه المؤلف، أو قرأ به النصوص، كما لا يوجد - فيما أعلم- منهجا في النقد الأدبي يسمى بالمنهج النقدي " التطبيقي" لكي يستخدم المؤلف آلياته، بل إن كل منهج محدد مثل: البنيوي، أو التفكيكي، أو الاجتماعي، أو التأويلي، له آلياته وتطبيقاته.
و" تنطلق هذه الرؤى من معيار التشكيل الفني وتجلياته الجمالية، إذ لا خصوصية فيما أرى لقصيدة الرجل أو المرأة إلا بما توحي به القصيدة من جماليات وملامح فنية تقع ضمن معيار (الشعرية) وبغير تلك الشعرية فستزداد قصيدة النثر (انفلاشا) وتتلاشى قضية (التجنيس النصي) ص 16
وهو يسعى لأن يضيء " ملامح التشكيل الفني في قصيدة الشاعرة السعودية من عام 1960-2006، وقد وجه اهتمامه إلى ما يراه أهم عناصر البنية الفنية في القصيدة (الموسيقى، اللغة، الصورة) بدافع تقليل حجم الالتباس بين شعرية النص ولا شعريته" ص 18
هذا هو كلام المقدمة، وكلام المؤلف، بيد أن الممارسة النقدية التطبيقية، وقفت عند قشور النصوص وسطوحها، ولم تتعمق التجربة الشعرية النسوية السعودية، ربما لأوليات بعض النصوص وبداءيتها الجمالية، وربما لأن الناقد نفسه قام بجمع بعض مقالاته الصحفية القديمة وأبرزها في هذا الكتاب، دون مراجعة ودون تمحيص نقدي سوي.
ولننظر إلى بعض عباراته النقدية، يقول عن الشاعرة هيام حماد:" كما أرى انسيابية رقيقة في تدفقها الذي يبدو تلقائيا غير خاضع للرقابة الذهنية وكأنها تنقل ما يعتمل في جوانيتها الشجية بطفولة أمينة" / ص 59
وعن الشاعرة نورة الخاطر:" ثمة انسيابية رشيقة تقدم صورة لعلاقة طائر الصباح بوجدان الشاعرة بأسلوب قصصي ممتع" / ص 73
وعن الشاعرة ثريا العريض:" ففي كثير من قصائدها جمل شعرية عذبة الإيقاع والتداعي وحسن الوقوف على القوافي الجزئية والرئيسية" / ص 91
وتنبث مثل هذه العبارات في كثير من صفحات الكتاب، وهي كما يبدو لغة ذوق وانطباع، وآراء شخصية، وليست لغة خطاب نقدي منهجي تتوافر فيه آليات المنهج مفاهيمه.
البنى أربع أم ثلاث؟
يقسم الباحث النصوص الشعرية النسوية إلى أربع بنى، هي:
أولا: البنية الغنائية التقليدية، ويعالج فيها نصوصا للشاعرات: سلطانة السديري، مريم البغدادي، رقية ناظر، إنصاف بخاري، هيام حماد، منتهى قريش، نورة الخاطر.
ثانيا: البنية الرمزية المجددة: ثريا العريض، خديجة العمري، غيداء المنفى (هيا العريني) لطيفة قاري، أشجان هندي، فاطمة القرني، بديعة كشغري، آمال بيومي.
ثالثا: البنية التجريدية (قصيدة النثر) : فوزية أبو خالد، هدى الدغفق، لولو بقشان، سارة الخثلان، هيلدا إسماعيل.
رابعا: الخواطرية الشعرية: عزة شاكر، هدى الرفاعي.
ويمكن للقارىء هنا أن يعترض على هذا التقسيم، فبغض الطرف عن تسمية البنية الأولى بالغنائية ونسبتها إلى التقليدية، فإن هذا لا يمنع من وجود " غنائيات" متنوعة، حتى في القصيدة الحديثة، فنحن نذكر أن محمود درويش شاعر غنائي، ونجد نصوصا غنائية لدى نزار قباني، والبياتي، والسياب، وعبدالصبور، وأمل دنقل، حتى لدى الماغوط وهو شاعر القصيدة النثرية الغنائية، وأيضا لدى أدونيس خاصة في قصائده الأولى والوسيطة، بل نجدها في نصوص متنوعة لدى شعراء قصيدة النثر. من هنا فإن سمة الغنائية لا ترتبط بالضرورة بالقصيدة التقليدية، وإنما تمس معظم أشكال الشعر العربي قديمه وحديثه.
أما عن البنية الرمزية المجددة، فهي توجد أيضا في أي شكل شعري يستند في توجهه إلى أفق رمزي، كانت قصائد لإيليا أبي ماضي وبشر فارس ونسيب عريضة رمزية، وهي مكتوبة في الشكل البيتي، ومن هنا فإن وصف نصوص شعرية كتبت بالشكل التفعيلي بأنها رمزية مجددة قد يضعها في خانة صغيرة من الرمز، ولا يشف عما بها من جماليات أو دلالات أخرى. ونحن لا يتسنى لنا أن نوقن أن هذه الأسماء التي تضمها هذه البنية الرمزية المجددة هن شاعرات رمزيات.
مع ذلك كله يبقى للكتاب أنه يقدم مجموعة من الأصوات الشعرية النسوية السعودية من مختلف الأجيال ويعرف بهوية نصوصهن وتجاربهن، فالطريقة التي اعتمدها الناقد تبدأ بالتعريف بالشاعرة، ومكانتها الثقافية والاجتماعية، ثم تنتقل لوصف بعض النصوص الشعرية، وتدوين بعض الملاحظات العامة حول الصورة والبناء والموسيقى، ولكن دون إقامة منهج علمي نقدي في قراءة النصوص، فالمؤلف لم يشر في مراجعه إلى أي كتاب نظري في علم النقد أو علم الجمال أو علم تحليل النصوص الشعرية، ولم يقف مع النصوص وقفة منهجية فعالة.
تحولات القصيدة النسوية:
لم يكن منجز شعر المرأة السعودية يشكل حتى عام 1990 حضورا نوعيا مهما من الناحية الفنية، فسلطانة السديري انسحبت من كتابة الشعر العربي الفصيح إلى عالم الشعر النبطي والاهتمام بالجمعيات الخيرية النسائية، وبقي شعر فوزية أبو خالد في شبه عزلة، وصمتت رقية ناظر وثريا قابل لانتهاء المرحلة الغنائية، ولم تواصل عزة فؤاد شاكر الكتابة لغلبة الخواطرية على شعرها واهتمامها بنواح إعلامية أخرى، ولم يستطع شعر الدكتورة مريم البغدادي التواصل مع التجربة الشعرية الجديدة، ذلك أنه شعر ممنوح إلى العاطفية الأنثوية الخالصة والأبنية الكلاسيكية، وعزفت خديجة العمري وغيداء المنفى عن النشر بصورة ملحوظة.
بعد عام 1990 انتبهت الساحة الشعرية إلى مجموعة الإصدارات الشعرية عند الشاعرة الدكتورة ثريا العريض التي غلبت فاعليتها الوطنية والاجتماعية وعملها في ميدان التخطيط والاقتصاد حضورها الشعري. لكن إثر انحسار موجة معارضي الحداثة الشعرية التي كانت سببا رئيسا في عزلة أصوات شعرية مهمة، عاد أغلب الشعراء والشاعرات إلى الساحة الأدبية الإعلامية، وأسهم تعدد وسائط الاتصال التقني في انتشار الشعر عبر مواقع الإنترنت المختلفة.
وقد قارب المؤلف خلال البنى الأربع للكتاب مجموعة من الأسماء الشعرية النسوية مقاربة انطباعية ذوقية، وهو على الرغم من اعتراضه مثلا على قصيدة النثر، قدم عدة أسماء يكتبن هذه القصيدة التي وسمها بالتجريدية، وهن: فوزية ابو خالد، وسارة الخثلان، وهدى الدغفق، ولولو بقشان، وهيلدا إسماعيل، وكان يمكن له أن يضم معهن أيضا الشاعرة آمال بيومي التي وضعها ضمن شاعرات التفعيلة، وهي شاعرة تكتب القصيدة النثرية على الأغلب.. وعلى الرغم من أنه يشير إلى آخر إصدار شعري قرأه لهيلدا إسماعيل عام 2007، وهو ديوان:" أيقونات" إلا أنه يعتذر في الداخل عن عدم قراءته لدواوين جديدة لفوزية أبو خالد وهدى الدغفق التي أصدرت ثلاثة دواوين حتى هذا التاريخ، وهو الأمر الذي قد يقلل من مصداقية القراءة النقدية التي تتبع الشاعرات في مختلف أعمالهن، ويشير في الآن نفسه إلى عدم مواكبة الناقد للتحولات الجمالية التي طرأت على هذه الشاعرة أو تلك خلال العقدين الماضيين.
مع ذلك فإن ما يهبه الكتاب للقارىء العام هو أنه يمضي مع نماذج شعرية متنوعة، بين القصيدة البيتية والتفعيلية والنثرية، يخلص عبرها المؤلف إلى أن القيم الجمالية عند شاعرات القصيدة الرومانسية التقليدية كانت ضئيلة، فأغلب القصائد صدى لقصائد أخرى، ومحاكاة للملامح الرومانسية السائدة، وقد غلبت عليها الغنائية المفرطة، والمضامين التقليدية المكرورة، فيما إن أغلب شاعرات الرمزية المجددة مثل ثريا العريض، وخديجة العمري، وأشجان هندي، ولطيفة قاري، وفاطمة القرني قدمن نصوصا متميزة صورت صوت المرأة الجديدة في رحلة بحثها عن كينونتها الاجتماعية الخاصة والإنسانية العامة، وتميزت خديجة العمري بالتشكيل الفني في قصيدتها، ووظفت أشجان هندي ثقافتها التراثية في قصائدها الموزونة، وفاطمة القرني لها مقدرة متميزة في الشعر العمودي بشروطه الجديدة المعاصرة. وتحتوي نصوص هدى الدغفق ولولو بقشان على بعض ملامح الشعرية اللازمة لقصيدة النثر.
التعليقات
الشعر والناس
أبو مصطفى -الثقافة نهر كبير لايمكن حصره في اللذة والإثارة و مخادع النوم والجنس !!والشـعر ان كان هذا ديدنه فليس شعرا بل شرا كبير ؛ انا اعرف ان قصائد بعضهن تلتف على الجنس وحده لاغيره .. كما هو حال الفشل فحين لايجد موضوعا يدور حول نفسه و لا يتقدم !!مجرد ان تطلع على المجاميع الشعرية تجدها عبارة عن سرير نوم وملابس اشبه مايكون بفيلم يخدش الحياء والاخلاق والقيم الكتابة عن جيل محترم يقدم قصائده بطريقة فذة وليست طريقة الوسائد كما يشير الموضوع نحن بحاجة الى ثقاة اوسع تقدم الانسان في مناطقنا على انه يستحق ان يواكب كل الاحداث وليس كائنا هامشيا لازال يبحث عن غرائزه .. الشعر حين يكون السياب مازجا الالم بوطنيته وليس كما ذكرت االسياب من باب التطبيل وهذا شيء مؤلم جدا !!يجب أن تكون القصيدة أكثر خدمة للوعي وأطول عمرا من فساتين المخادع وطرق الخيانات !! لست اهاجم نمطا معينا ولكني قرأت الكثير من الشعر الذي يدعوك لشتم اليوم الذي عرف به هؤلاء الثاقفة والادب والشعر !!ولست داعية ديني يريد ان يجعل الطرق كلها سالكة نحو ما يعتقد ولكني انسان اشاهد الخراب يحيط بنا من كل صوب ولازال بعض النائمين يشخرون بطريقة مقرفة ومزعجة !!اتحدى الذين يكتبون هذه الافلام الاباحية بأن تخلد لهم قصيدة ولو واحدة أبو مصطفى