أوسكار وايلد: قصيدتا نثر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الفنان
راودت روح الفنّان ذات مرّة رغبة في نحت صورة اللذة التي تدوم لحظة. فطفق يجوب العالم بحثا عن البرونز. لأن مادة عمله هي البرونز. على أن البرونز قد اختفى من العالم. فلم يكن ثمة مكان في العالم يوجد فيه برونز. وإنما يوجد فقط برونز صورة الحزن الذي يدوم إلى الأبد.
وسبق له ان نحت هذه الصورة بنفسه ووضعها فوق قبر الشيء الوحيد الذي أحب في الحياة. فوق قبر الشيء الميت الذي أحبه وضع هذه الصورة من نحته هو، علها تكون علامة حب إنسان؛ الحب الذي لا يموت ورمز حزنه الذي يدوم إلى الأبد.
ولم يكن في العالم كله سوى برونز هذه الصورة.
فأخذ الصورة التي نحتها وألقى بها للنار في فرن كبير. ومن برونز صورة الحزن هذه التي تدوم إلى الأبد نحت صورة اللذة التي تدوم لحظة.
المُريد
عندما مات نرسيس، تغير غديرُ لذّاتِه من كأسِ ماءٍ عذبٍ إلى كأسِ دمعٍ مرٍّ، جاءت حوريات التلال باكيات عبر الأحراش والغاب علّهن بغنائهن يمنحن الغديرَ بعض العزاء.
وحالما رأين الغديرَ قد تغيّرَ من كأسِ ماءٍ عذبٍ إلى كأسِ دمعٍ مر، حلّن ضفائر شعرهن الخضراء وبدأن بالنواح على الغدير قائلات: لا نستغرب البتة من أنكَ تحزن بهذا النحو على موت نرسيس، آه كم من جميل كان.
-لكن، أحقاً كان نرسيس جميلاً، قال الغدير.
-ومن يعرف بهذا أفضل منكَ، أجابت الحوريات، فهو يمر بنا مرور الكرام متلهفاً إلى رؤيتك أنت. يجلس على ضفّتك فيحملق بك وفي مرآة مياهك كان يرى جمالَه مُنعكساً.
فأجاب الغديرُ: لقد أحببت نرسيس، فعندما يجلس على ضفّتي ويحملق بي، كنت أرى في مرآة عينيه جمالي مُنعكساً.