فاروق حسني يقرر إنشاء قناة ثقافية.. والمثقفون لماذا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
النتيجة أنه قدم للتيارات السلفية في مصر أعظم خدمة قدمت لها منذ قيام ثورة 1952، قدم لها الأجواء المناسبة للعمل وبث الأفكار وتجنيد الناس، في فترته "22 عاما" ترسخ حضور جماعة الإخوان المسلمين ثقافيا وفكريا وعمليا وميدانيا، وما من مثقف تمت مواجهته بتهم التكفير ـ بحق أو دون وجه حق ـ إلا وخرج يعلن تائبا "لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله" ليبرئ نفسه من الكفر.
الوزير أعلن منذ أيام في أحد مهرجاناته وما أكثرها، والتي يظن النظام المصري أنها تخدمه وتكرس لقبضته، أعلن عن قيام وزارته بالتعاون مع وزارة الإعلام المصرية لإنشاء قناة تليفزيونية ثقافية جديدة باسم "إبداع" تكون وزارة الثقافة شريك متكامل بها "لعمل برامج ثقافية وتقديم المواد الثقافية الضخمة والرائعة التي تمتلكها لتصبح قناة ليست لمصر فقط بل للعالم العربي أيضا".
طبعا هذا ليس جديدا، فوزارة معالي الوزير عندها جريدتها الأسبوعية الخاصة "القاهرة"، ومجلاتها الشهرية والفصلية، وإعلاناتها اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية في كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية،
معاليه ليست لديه مشكلة في الفلوس إذا كانت ستنفق فيما يدعم حماية حظيرته للمثقفين وأفكاره ووجوده الإعلامي والإعلاني، مهرجان، مجلة، برنامج .. إلخ.
الوزير يقرر إنشاء قناة تكون وزارته شريكا كاملا بها، ماذا سيفعل بها، فإذا كان فشل عمله على الأرض فهل سينجح عبر الأثير؟!!، على أية حال هذا رأينا فماذا عن رأي المثقفين؟.
يؤكد د.طلعت شاهين أن المعلومات متأخرة جدا عن هذا الموضوع، ويضيف: لأن قرار هذه القناة تم اتخاذه قبل أشهر بعد أن انتقل جمال الشاعر إلى رئاسة القناة المصرية الفضائية لان القناة الجديدة التي يتحدث عنها فاروق حسني ما هي إلا قناة النيل الثقافية التي سيتم تغيير اسمها لتصبح قناة إبداع ورئيسها هو رئيس قناة النيل الثقافية الحالية وكل العاملين بها.
إذن لا جديد في الأمر مجرد تغيير في الاسم مع التركيز بالطبع على أنشطة وزارة الثقافة وهيئاتها وهو ما كانت تقوم به قناة النيل الثقافية من قبل.
وتقول الروائية سحر الموجي: في دولة تحكمها يد الأمن ويعلو فيها السياسي دوما فوق الثقافي، بل ويحارب السياسي كل ما هو ثقافي (لأن الثقافي بمعناه الحقيقي يتضمن التحريضي والمتمرد على الوضع الراكد)، لا شك أن لدي تشككات حول مدى فاعلية هذا المشروع.
إن تاريخ الدولة المصرية في الأعوام الأربعين الماضية يفضح محاولات السياسة الدائمة لتدجين المثقف المصري. وبناء على هذا التاريخ المرير لا أعتقد أن مثل هذه القناة بإمكانها أن تقود أو تؤدي إلى حالة تنوير. ومثال القناة الثقافية المصرية موجود لمن يريد أن يتأمل مستقبل قناة ثقافية حكومية جديدة. أين سيكون سقفها، لمن وماذا ستروج، لا يمكن أن يقنعني أحدهم أنها ستخدم قيم الحق والخير والجمال لوجه الله، وأن الأهداف السياسية ستغيب عنها. من الصعب أن أقتنع. هذا لو نحينا جانبا أن تلك القناة ستكون دعائة لطيف لوزير الثقافة وأحد المشاريع التي يتمنى لا شك أن تضاعف من رصيده السياسي بعد معارك لم يكتب لها النجاح دوليا وعلى الساحة المصرية.
ويشير الشاعر والناقد د.علاء عبد الهادي إلى أنه لا أهمية لأي نشاط إعلامي أو ثقافي, إن لم يكن ذا أثر اجتماعي ملحوظ, ويضيف: في ظل غياب رؤية استراتيجية للثقافة في السياسات العامة للدولة, أرى أنه لا معنى لهذا الإعلان, فهو شكل آخر من أشكال التخبط والارتباك, التي يشهدها وضعنا الثقافي, في ظل سياسات الوزير الحالية, وذلك بعد أن فقد الوزير وشلته قدرتهم على القيادة, ومصداقيتهم معا.
ويظلّ أخطر ما يهدد مشروع مصر الثقافي هو قيام السياسات الثقافية على أفراد, لأنها بذلك سوف تخدم مصالح فئات بأعينها, فضلا عن أنه لن يكون في مكنة هذه السياسات أن تمثل جمهور المثقفين بمختلف طيوفهم! بل ستظل سياسات عاجزة عن أن تضع استراتيجية ثقافية واضحة المعالم, تتيح لمصر أن تحتلّ مكانتها الثقافية اللائقة بها في المحيطين العربي والدولي من جهة, ناهيك بقدرتها على وضع مشروع ثقافي بالمعنى الاجتماعي الواسع للمفهوم من جهة أخرى
من هذا المنطلق, وفي ظل غياب رؤية استراتيجية تكاملية للثقافة أجد أن هذا الخبر لا معنى له, ويسير في اتجاه النشاط الثقافي الحالي الذي يخلو من أي أثر اجتماعي, فما الذي يمكن أن ننتظره من وزير جاهد من أجل أن يجلس كل هذه السنوات هو وشلة قليلة مستفيدة على المستويين المادي والمعنوي, على قمة الهرم الوظيفي دون أدنى قدرة على وضع استراتيجية ثقافية تهتم بالأثر الاجتماعي للثقافة, فأفسدوا الحضور الثقافي المصري على المستويات الثلاثة المصرية والعربية والدولية, بل افتخروا أن استراتيجيتهم من البداية كان هدفها وضع المثقفين في الحظيرة -على حد تعبيره- أي أن استراتيجة الوزير كانت متوجها من البداية إلى تدجين المثقفين لا إلى بناء الثقافة. وأظنه قد نجح في وضع عدد كبير من المثقفين في ردهة المؤسسة, كي يسهل التحكم فيهم بوصفهم قطيعا فكريا قادرا على تحوير شكل السيطرة الذي تفرضه المؤسسة السياسية القائمة, وعلى تقديم تبريرات عقلية لممارساتها في الآن ذاته.
المشروع يا صديقي مفرغ من مضمونه من البداية, من أجل هذا أرى أن الإنفاق على هذه القناة إنفاق عديم الجدوى, وسيذهب إلى تجار ثقافة احترفوا التكسب والفساد. مثل معظم الأنشطة التي تقوم بها المؤسسات الثقافية الرسمية التي لم تسع للمثقف من أجل فائدة الجمهور, بل سعت لمصلحة المؤسسة والقائمين عليها على حساب الاثنين, وأسأل هل يمكن أن يظل وزير ثقافة, وشلة صغيرة معروفة للجميع, يمكن لأي مثقف صغير أن يعدها على أصابع يده الواحدة أن تتحكم في المشروع الثقافي المصري على هذا النحو. الثقافة ليست مسئولية وزارة الثقافة بل إنها مسئولية مجتمع بكامله, إعلان القناة هذا هو إعلان لأشياء لا تهم, مثله مثل الألعاب النارية التي تسبق الحفل, لكنها دالة على نهايته الوشيكة, وسيظل أداة يلعب بها الوزير وشلته لصرف المثقفين عن أدوارهم الحقيقية في التغيير, بل إنني لا أعدو الحق إن قلت إن قرار القناة ها يمكن قراءته بصفته محاولة جديدة لإدخال عدد أكبر من المثقفين وأشباه المثقفين إلى الحظيرة, تمهيدا لتنازلات ترتبط بقضايا سياسية ستشهدها الشهور العشرة القادمة..
ويتساءل الروائي السيد نجم قناة ثقافية عربية.. لماذا؟ ويقول : أدعى أنه هذا السؤال ليس من باب القبول أو الرفض.. فلا هو استنكاري ولا هو مداهن .. فقط ورد إلى رأسي فور أن جلست للكتابة حول الفكرة التي طرحها وزير الثقافة، الفنان فاروق حسنى، أظن أن الثقافة العربية الآن، تعانى من البوصلة الإيديولوجية، ولا أحصر تلك الرؤية على البعد السياسي فقط، بل بالأساس البعد الفكري، المتمثل فى مشروع فكرى عربي، يضم مثقفي المشرق والمغرب معا.
وأظن أن الثقافة العربية تعانى من عدم التواصل بين أطرافها، شرقا وغربا، بل شمالا وجنوبا.. (وقد يكون جوهر مشكلة الصومال ومنطقة القرن الأفريقي الآن، هو تجاهلنا نحن البلدان العربية لتلك المنطقة ثقافيا بالدرجة الأولى، وهو ما جعلها أرضا خصبة للأفكار المتطرفة).
وأظن أن الثقافة العربية باتت على شقين: سلفي جامد، في مقابل القليل والبعض من المبدعين والمفكرين يسبحون ضد التيار.. وفى الوقت نفسه، وللحقيقة أرى البعض من المبدعين والمفكرين يبحثون عن الشهرة والمجد المنتظر في فرز قضايا أو نتأ جروح عامدا متعمدا، كي يلقى الاهتمام المنتظر من الإعلام!.
وأظن أن الثقافة العربية، متقوقعة داخل قوالب جاهزة مما تدعيها الإدارة السياسية للبلدان العربية.. فكل مطبوعات ووسائل الإعلام فى البلدان العربية ترفع الشعار نفسه، والقيم نفسها التي تتردد هنا أو هناك.. فالجميع يردد مقولات "الحرية"، "التقدم"، "الاهتمام بالطفل"، "رعاية المرأة".. حتى نسينا أين الحرية الحقة أو المرجوة، وكيف نهتم بالطفل حقا ونرعى المرأة؟ (يكفى أن نطلع على مواقع الطفل على الانترنت أو مطبوعات الطفل-كمثال- حتى نرى التناقض الذي نعيشه؟!)
وأظن أن مشكلة الترجمة وحجمها على مستوى الوطن العربي، يكفى للتعبير عن عزلة المثقف العربي، قبل رجل الشارع (حجم ما يترجم فى الوطن العربى لا يصل إلى عشر ما يترجم إلى اللغة العبرية فى إسرائيل سنويا!).
لن أطيل، فقط أدعى أنني لم أجب على السؤال، السؤال الذي مازال فى انتظار إجابة.. خصوصا أنني أعلم أن بعض الدول العربية فكرت فى مثل هذا المشروع، وسمعت خبر الإعلان عنه من أحد الحكام العرب، إلا أنه لم ينفذ منذ حوالي أربع سنوات.. هل لأنه لم يجد إجابة على السؤال نفسه؟!
ويقول الشاعر جمال القصاص: إعلان وزارة الثقافة عن إنشاء قناة ثقافية تعنى بشئون الثقافة والإبداع خطوة إيجابية ومهمة، بخاصة بعد فشل القنوات الثقافية على مدار السنوات الماضية في أن تكون نافذة حقيقية مؤثرة في الواقع الثقافي، لكن المهم أن تكون هذه القناة الوليدة منارة للعقلانية والاستنارة، وألا تتسلل إليها آفات وأمراض الثقافة المصرية السقيمة، وتتحول بالتالي إلى بؤرة للمصالح والمنافع الشخصية الضيقة، وتفريخ جماعات الموالين، وغيرهم من نافخي الأبواق وناقري الطبول لوزير الثقافة في كل ما هب ودب.
وعمليا يرتبط نجاح هذا القناة بطبيعة القائمين عليها، وأن يكون هؤلاء من المثقفين المتميزين المستقلين عن بلاط وزارة الثقافة، كما لابد أن تتوافر لهذه القناة مجموعة من الكوادر والمختصين، من ذوي الدراية والخبرة والمحبة للعمل الثقافي. وأتصور أيضا أن تطرح التصورات والرؤى والأفكار والقضايا التي ستشكل إستراتيجية عمل القناة على قطاع أوسع من المثقفين،والكتاب والمبدعين والشعراء والنقاد والفنانين، في شكل استطلاع للرأي أو ندوات، حتى نصل إلى الصيغة الأمثل لعمل القناة وطموحها الثقافي.
وينبغي أن يراعى في إستراتيجية عمل القناة البحث عن مقومات التميز في الواقع الثقافي والتراث المصري المبدع، وأن يكون من أولويات عمل القناة دعم وإبراز هذه المقومات في شتى حقول الإبداع والمعرفة والفن، والعمل على تنميتها، والصعود بها إلى الأرقى دوما.
يبقى أن هذه القناة يمكن أن تدشن تجربة مهمة طالما افتقدتها الحياة الثقافية المصرية بخاصة في العقدين الأخيرين، وهي جماعية العمل الثقافي، وما تنطوي عليه من روح الجد والتفاني، كما يمكن أيضا أن تعيد علاقة المثقف بالسلطة إلى نصابها الصحيح، ليتحولا إلى حريتين يتصارعان من أجل حرية واحدة.. تصب في النهاية في صالح الإبداع والوطن والإنسان.
الناشرة فاطمة البودي ـ دار العين للنشر ـ ترى أنها خطوة مهمة جدا لعرض كنوز الفنون الراقية والفرق الأجنببة بدار الأوبرا والندوات الفكرية الهامة، وترجو أن تكون منبرا تنويريا وتعليميا لتذوق الفنون الجميلة ولابد أن تبتعد تماما عن إذاعة المسلسلات والبرامج المجانية الخالية من القيمة.
كما يمكن بث البرامج التعليمية الفنية مثل صناعات الخزف والسجاد وترميم الآثار، وتعني بنشر ثقافة المتاحف وعرض كنوزها الأثرية وحث الناس علي زيارة المتاحف وآداب هذه الزيارات
يمكن لهذه القناه الاعتماد علي المواهب الشابة.
التعليقات
قناة الثقافه لكل شيء
منيرو972524754859 -لان المنطقه العربيه تقريبا هكذا ويعني الرياضه مثلا كرة القدم ويمكن الكتب الصحيحهالتوره والانجيل والقران
عود على بدء
عبد الحق المصري -لاشك أن وجود قناة ثقافية أمر مهم، ولكن بشرط أن تكون الفكرة هي تطوير "قناة النيل الثقافية" القائمة بالفعل وإن لم يكن الأمر كذلك فبالطبع الفكرة لن تعدو كونها قناة جديدة ولكن لإهدار الموارد (التي نعاني من شحها بالفعل). إن الحراك الثقافي الثري في مصر يحتاج إلى أكثر من قناة لإبرازه ونقله إلى الناس بل إلى رجل الشارع لتوسيع دائرة الثقافة وإخراجها من تحلقها حول نخب المجتمع، ولكن أعتقد أن هناك ضرورة حتمية للاهتمام بالشكل والقالب الذي تقدم من خلاله تلك الرسالة المهمة. فعلى رغم من اهتمامي بالشأن الثقافي المصري والعربي، إلا أنني أعزف عن مشاهدة قناة النيل الثقافية في أحيان كثيرة لسوء الصورة وضعف المستوى العام للمحطة. إن الاهتمام بالديكورات والصورة المبهرة وحتى تترات البرامج من شأنها جذب جمهور المشاهدين، مع ضرورة مراعاة التنوع وتقديم وجبة ثقافية تناسب جميع الأذواق، بما في ذلك جيل النشأ والشباب الذين يمثلون شريحة بالغة الأهمية لكونها النواة الحقيقية لمجتمع الغد والتي لابد أن تكون في مقدمة اهتمامات المحطة والقائمين عليها سواء كانوا من وزارة الإعلام أم من وزارة الثقافة اللتين أرى التكامل بينهما في هذا المشروع قد يكون مقدمة لمبادرة مفيدة ما إذا أحسن التخطيط لها مع ضرورة إشراك نخب العمل الثقافي والإبداعي في مصر ليكون لهم قولهم في وضع تصور المحطة في قالبها الجديد حتى تخرج في حلة تتناسب مع موروث وإنتاج مصري الثقافي الذي نأمل أن نعيد إليه بريقه وتألقه.