ثقافات

ممالك مؤيد الراوي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد القادر الجنابي من باريس: وأخيرا أتيحت لنا فرصة الإطلاع على "ممالك" مؤيد الراوي الشعرية. كان كل من يعرفه عن قرب، يتمنى أن يصدر هذا الديوان قبل سنوات طويلة. فالحديث مع الراوي كان، في أغلب الأوقات، يدور بشكل أو آخر، عن تجميع قصائده المشتتة بين أوراقه وفي مجلات وجرائد، في ديوان يحقق فيه تناغما بين المضمون والشكل. وها هو الديوان غنيٌّ، بلا شك، بتجربة شعرية طويلة، لكن للأسف لم يحظ بالشكل الهندسي المطلوب. فراحت القصائد تبدو وكأنها عادياتٌ نادرة مكدسة في سرداب. وهذا هو الخوف عينه الذي كان يشعر به الراوي عندما رضي، على مضض، أن يقوم "الجمل" بطباعته التي تأخرت سنتين. فقصيدة "جليل القيسي، حارس المدينة"، مثلا، وضعت إشارة التعريف (1) بعد جليل وليس بعد القيسي وفي العنوان!!! وقصيدة جان دمو، فشكلها المعتمد على إيقاع عضوي يحتاج إلى فضاء للتنفس، تهدم بكل بساطة.

ملاحظة موجهة للراوي، وهي أن هذا الكتاب يضم عددا كبيرا من قصائد كتبت في أزمنة متباعدة. ليس هناك تاريخ واحد لأي قصيدة باستثناء قصيدة "الذئب" وأعتقد أن الراوي وضعها، عن حق، لكي لا يتصور القارئ بأنها كتبت كمرثية بعد وفاة سركون بولص وإنما كتبت سنوات قبل موته. لكن، كان، أيضا، من المهم جدا تأريخ بعض القصائد/ الأماكن حتى يفهم القارئ سياق الديوان. ومع هذا أن خيطا لغويا وتساؤليا يشد القصائد في سياق مترابط... لامجال للتفاوت في النبرة أو في التناول بين هذه أو تلك.. وكأن الديوان خطة واحدة مدروسة موضوعها العراق بكل تقلباته وأوهامه. فهذا البلد "المحمّل بوباء الآخرين"، "ملحمةٌ" للشعراء و"غبارٌ" لمن يريد أن يستنتج حلا. وقصائد الراوي تستنطق أبطال، أساطير، تواريخ هذا البلد بلغة مجازية تتشابك فيه المعلومات، وتقارير الوكالات، والصور الشعرية، تشابكا تخلصالأساطيرمن رمزيتها فيستحضرها كشهود، بل كأعوان متواطئين؛ فكلكامش يذلّنا بقدر ما يدلّنا، والمطر لم يغسل شيئا...

شاعرية مؤيد الراوي ذهنية وتنطلق من حاسة تشكيلية، تكره الغنائية العاطفية والمرونة الإنشائية. فهي تسترسل بلغتها "الصلبة"، غير آبهة إن تتخشن مفرداتها. ذلك أنّ من هو "في العالم السفلي، لا يبصر غير الظلمات" فمن عين هذه الظلمات المرسومة من "ممالك الوهم" إلى "مملكة راهنة"، أراد الشاعر بناء سيرة الفرد العراقي / سيرة الشاعر نفسه،بطموحاته ولقاءاته، عبر هذا المسير الشعري الطويل، بكائنات ترسم أحداثها / أحداثنا "المثلومة بالزمن الحاضر المنسي". فلم يكن أمام الراوي، إذن، سوى النزول إلى قعر الثيمة؛ إلى ترميم الكلمات، إلى عجنها سطورا تتكسر من صفحة إلى أخرى. فالشعرية التي تبنّاها الراوي منذ أول قصيدة كتبها، أرادها أن "تفتح الضوءَ للمشهد". وها هي على عكس تلك التي تعودتها قريحة صاحب الفنطازيات، لا تضحكنا، وإنما تجعلنا "نحتمي بالأُلفة البعيدة... بانتظار ريح أخرى تنشر لنا القلوع". إنها شعريةسوداء"تشي بما في القلب من أزقة، ومن نباتات سحرية للتذكر".فهذا العراق الذي أنتجَنا بقدر ما أنتجْناه "متشحٌ بالسواد مُغطى بالرماد متسخٌ به"... وها نحن نمسح الدم من الثلج كلما نزل.

ممالك مؤيد الراوي...ليستبكاء على الأطلال، وإنما مجالسة مع أشباح عشنا معها وهي الآن جزءا منّا.

رأيتُ رجلا
يهيمُ بوجههِ في متاهة البراري
حاجباً الشمسَ بكلتا يَديه
عارياً ينتظر الليلَ
يرفعُ رأسهُ عاليًا
فيطلقُ صرخةً موجوعةً
بوجه السماء.

قلتُ له ماذا تفعل
قالَ اعوي،
إنني اعوي
طوالَ الليل
لعلّ قمراً مكتملا يفيقُ
فيرجعني ذئباً
أتآلفُ مع الناس
وأتطابقُ مع دخيلتهم
لنذهبَ سَويّةً إلى حيث
رائحة الدم تفوح.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مبدعٌ يتكيء على ظله
احمد -

حبذا لو تقوم أيّها الجنابي بنشر بعض قصائده التي قلتَ عنها:ذهنية وتنطلقُ من حاسة تشكيلية، تكره الغنائية العاطفية، والمرونة الإنشائية....والتي تسترسلُ بلغتها الصلبة. كان مؤيد ولمّا يزل يكره ضجيج المديح والنشر، عصيّاً على الإبتذال وأكاذيب النقد. واعتكافه النبيل يُعزز مكانته الشعرية. أظنّ أنك تعرفه أفضل من الآخرين. آملين نشر بعض قصائده التي تُرضي ذائقتك الشعرية. احسنتَ في مقولتك .

مبدعٌ يتكيء على ظله
احمد -

حبذا لو تقوم أيّها الجنابي بنشر بعض قصائده التي قلتَ عنها:ذهنية وتنطلقُ من حاسة تشكيلية، تكره الغنائية العاطفية، والمرونة الإنشائية....والتي تسترسلُ بلغتها الصلبة. كان مؤيد ولمّا يزل يكره ضجيج المديح والنشر، عصيّاً على الإبتذال وأكاذيب النقد. واعتكافه النبيل يُعزز مكانته الشعرية. أظنّ أنك تعرفه أفضل من الآخرين. آملين نشر بعض قصائده التي تُرضي ذائقتك الشعرية. احسنتَ في مقولتك .

مبارك للشعر
فاتن الجابري -

مبارك للشعر حين يحتفي بديوان ـ ممالك ـ الدهشة للشاعرالكبير مؤيد الراوي الذي ينسج كلماته من عذب الحرف وعمق المعاني في رقي وتجلي الى سموات الابداع التي يعرف دروبها ويقودنا اليها بقصائد أستشنائية كما شاعرنا الاستثنائي الفذ الجميل ...مبارك مع التوفيق .

مبارك للشعر
فاتن الجابري -

مبارك للشعر حين يحتفي بديوان ـ ممالك ـ الدهشة للشاعرالكبير مؤيد الراوي الذي ينسج كلماته من عذب الحرف وعمق المعاني في رقي وتجلي الى سموات الابداع التي يعرف دروبها ويقودنا اليها بقصائد أستشنائية كما شاعرنا الاستثنائي الفذ الجميل ...مبارك مع التوفيق .

الشعر العربي في حاجة
الملوح -

نعم الشعر العربي في حاجة الى هكذا اصدار الان , مؤيد الرواي قامة شعرية تحتاج المدونة العربية ان يضيف لها من بحثه الجمالي ؛ يا حبذا لو يتم نشر بعض نصوصه هنا } شكرا يا جنابي

الشعر العربي في حاجة
الملوح -

نعم الشعر العربي في حاجة الى هكذا اصدار الان , مؤيد الرواي قامة شعرية تحتاج المدونة العربية ان يضيف لها من بحثه الجمالي ؛ يا حبذا لو يتم نشر بعض نصوصه هنا } شكرا يا جنابي

قصيدة كبيرة
حسين -

القصيدة المعروضة في المقالة تبين مدى كبر قامة الراوي- قريبي وابن عمي وانا لست من العراق. إنها قصيدة رؤيا، رامبوية وأكثر، هذه قصيدة تكفي لأن تشير أن الرواي شاعر كبير.

الحيل كأسلوب أستعراض
لادا -

GERMANY NIEDERSACHSEN HANNOVER Net Speed ISP Domain DIAL DEUTSCHE TELEKOM AG T-DIALIN.NET

الحيل كأسلوب أستعراض
لادا -

GERMANY NIEDERSACHSEN HANNOVER Net Speed ISP Domain DIAL DEUTSCHE TELEKOM AG T-DIALIN.NET

عراقي خالص أنت
فوزي برزنجي -

كل هذه السنييييين في الغربةلم تقض مضجع عراقيتكاصيل أنتواصيلة صرختك الموجوعةأحبك استاذي والله احبكوأحب القمر يكتمل في وجهك الوضاح