الحلقة الثالثة والعشرون: السردوك يضع خطة الانتقام... وكعادته عندما تكون له انشغالات عائلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رواية جديدة لاحمد ابراهيم الفقيه: ابنة بانايوتي
الحلقة الثالثة والعشرون: السردوك يضع خطة الانتقام
وكعادته عندما تكون له انشغالات عائلية، استأذن من شيوخ النجع عائدا الى بيته، حيت التأم شمل عائلته مع ضيفيهم اوسادن وزوجته حول مائدة العشاء، وقد تعافت تانيرت تماما من وعكتها وتناولت بشهية طيبة عشاءها واسهبت اثناء العشاء وبعده، في الحديث عن زوجها وكيف انتزع اهتمامها به منذ بضع سنوات قبل ان تقرر الهروب معه، اذ انه كان محور احاديث القبيلة كفارس بارع في القتال،رات تانيرت في سلوكه تجسيدا وتمثيلا حقيقيا لسلوك الفرسان، اذ هو يعفو احيانا عن خصم تعمد ان يؤذيه، ساعة ان يكون تحت سيطرته، ودائم الفوز بالمكان الاول في المباريات التي يجريها شباب القبيلة كنوع من التدريب مثل المبارزة بالسيف واستخدام الرمح وسباق الهجن، الامر الذي اكسبه محبة واعجاب نساء ورجال القبيلة، لا ينافسهم في محبتهم له، الا الاطفال الذين يهرعون للتحلق حوله عندما يكون عائدا من سفر، لانهم يجدونه وقد جلب لهم الهدايا على استعدداد دائم للعب معهم، زد على ذلك ان له صفة عرف بها في الصحراء، هي قدرته على انشاء علاقة مع الغزلان والظباء، فهي لا تجفل منه، وتبقى تاكل العشب من يديه، كما تفعل الطير التى لا تفر بعيدا عندما يقترب منها، بل تقبل عليه وتحط على كتفيه وتلتقط الحبوب وفتات الخبز من كفيه، الى حد ان بعض الناس اعتبروه ساحرا، بينما تعرف هي ان الامر لا يعود لاي تعاويذ والعاب سحرية وانما الى ما في شخصيته من نبل وشجاعة، وقد حافظ على عهده مع الوعول والظباء والغزلان والطيور، فلا يذهب لاصطيادها و لا يشارك في اكل لحمها، وعندما تقدم اوسادن يطلب يدها متوافقا مع رجل اخر هو يوبا، رفض والدها اوسادن لانه لا ينتمي لسلالة ملكية مثل يوبا الذي نال موافقة والدها، وكانت هي تعرف ان لا فائدة من محاولة اقناع اهلها باختيارها لاوسادن بدلا من يوبا، فلم يكن امامها الا الهروب معه، وقد عرضت عليه الفكرة فحذرها من مشقة المشوار ووعورة الطريق، فالمطر كان يهطل بغزارة عندما قررا الهروب، فاصرت على رايها، واستطاع اوسادن ان يعبر مسافات من البيد تغرقها المياه وتتحول فيها الرمال الى ارض موحلة تسوخ فيها خفاف الابل، الا ان خبرته بالارض وعلاقته الحميمة بالمهري مكنته من ان يقطع تلك المسافات ليلا، واستطاع عندما شعشع نور الفجر ان يبتعد مسافة كبيرة عن النجع، لا يستطيع قطعها فرسان القبيلة بنفس السرعة، وهم الذين لم يكن بامكانهم معرفة هذا الهروب الا في ضحى اليوم التالي، وكان الله كريما معهما عندما وضع امامهما، بعد مسافة من المشي زادت عن ثلاثة ايام، البائع المتجول شلومو، يقضى قيلولته تحت شجرة اثل، فانضما اليه وشاركاه وجبة الغذاء، واشار عليهما عندما عرف قصة هروبهما، بوكالة بانايوتي، " التي نستطيع الاحتماء بها، ووجود عمل نكسب منه رزقا "
كان حديث تانيرت بهذه الفصاحة وهذه اللهجة المحبة الصادقة، مثاراعجاب افراد العائلة اليونانية، رأوا فيه دليلا ساطعا على حقيقة ما يقال عن قوة وحيوية المرأة الطارقية ودورها القيادي الذي تتميز به على الرجل في مجتمعات الجنس الازرق، الى حد ان الرجل في تلك المجتمعات ينسب لامه بدل ابيه، وكانت انجيليكا اكثر افراد العائلة تجاوبا وانفعالا مع ما تقوله تانيرت، بينما بقى اوسادن صامتا، مشغولا بتناول الطعام من تحت لثامه وعيناه تبرقان حبا واعجابا بزوجته، وهو يتابع حديثها عنه، وارادت تانيرت ان تحفزه على الكلام فقالت بشيء من الفضول الممزوج بالاندهاش:
ــ هل حقا تعرف لغة الطير وتستطيع ان تخاطب الغزلان كما يقول عنك اطفال العشيرة؟
فاجابها وهم ينتقلون من طاولة الطعام الصغيرة داخل المطبخ، الى الجلوس في الصالون يشربون شاي النعناع الذي اعدته الام:
ـــ هذا كلام جدير بان يكون مصدره الاطفال، لانه يتفق مع عالم البراءة والدهشة، وحقيقته ان الامر لا يتصل بمعرفة اللغة بقدر ما هو حاسة تنمو مع الانسان منذ طفولته، وربما تكون جبلة فيه وحاسة مولودة معه، بالقدرة على التواصل مع كائنات الارض الاخرى من غير البشر. وبطريقة ما فان هذه الكائنات، بدورها تشعر بهذه الحاسة لديه فتتجاوب معها، وتستجيب لما يريده منها، بمثل ما يكون هو على استعداد لما تطلبه منه، وفي حالتي بدأ هذا التجاوب بالطيور اثناء فترة الطفولة، وعندما كبرت وصرت اجوب البراري، نمت علاقة خاصة بيني وبين الغزلان.
وتدخلت انجيليكا قائلة:
ـــ الغزلان كائنات جميلة، لا ادري كيف يجرؤ الناس على اقتناصها ووقتلها واكلها.
ــ فعلا، كان بدء العلاقة رحلة صيد لاقتناص الغزلان، ولكنني فجأة وجدت ان قطيع الغزلان الذي عثرنا عليه وتهيأنا لاصطياده يقبل نحوي، ورايت غزالة من بين غزالاته تتجه نحوي وكأنها تريد احتضاني، كانت تلك الغزالة كائنا جميلا يختلط في جلدها اللون الذهبي مع اللون الابيض كانها ترتدي وشاحا، فراودني احساس بالاثم لانني كنت ساقتل مثل هذا المخلوق البريء البالغ الجمال. لم اكتف ذلك اليوم بالامتناع عن صيد الغزلان، بل منعت كل من كانوا معي بالقيام بالمهمة التي جئنا من اجلها. ومنذ ذلك اليوم توثقت علاقتي بعالم الغزلان وصرت صديقا لها لا يشارك في اي عمل يسبب لها الاذى.
واضاف وهو يخص زوجته بنظرة حب:
ــ ربما بسبب هذه العلاقة التي جمعت بيني وبين الطيور والغزلان،احببت تانيرت، لان فيها شيئا ينتمي للطيور في انطلاقها وتحليقها ونعومة ورشاقة وحرية الحركة لديها، وبهاء وبراءة هذه الكائنات التي تعاشر السماء، وكذلك فان لعينيها شبها عظيما بعيون غزلان الصحراء.
ثم قالت تانيرت وهي ترسل ضحكة ذات جرس لذيذ، تخاطب انجيليكا وتطلب منها ان تسأل اوسادن بان يغني لها قصيدة الغزل التي صاغ فيها بعض الكلام الذي يقوله الان شعرا وانشده لها في اول موعد غرامي بينهما.
فانضم الاب والام الى انجيليكا يدعوانه الى القاء قصيدته، بينما بادر هو فانكر ان يكون شاعرا، الا انه عندما اشرق قلبه بحب تانيرت وجد نفسه ودون قصد وتصميم، يقول عددا من القصائد، بدءا بهذه القصيدة التي قال انه صاغها بلغة الطوارق، وغناها على وزن الالحان الصحراوية الطارقية واستأذن في ان يقولها اولا بلغتها الاصلية ثم يترجمها لهم، وفاجاتهم تانيرت بان اخرجت من جراب كان معها الة امزاد، وبدأت تعزف على ذلك الوتر الوحيد ذي الصوت الشجي، عزفا يتوافق وينسجم مع الشكل الذي يؤدي به اوسادن كلماته، ووقع اللحن في آذانهم مشابها للغناء الذي يقوله الجمالون وهم يسوقن ابلهم في الصحراء او يوردونها على الماء، المسمى الحداء، وعندما انتهى صفقوا بحماس معبرين عن افتتانهم بغنائه دون معرفتهم بالكلمات التي سرعان ما نقل لهم ترجمة لمعانيها على النحو التالي:
هناك تحت ظل طويل يصنعه كثيب الرمل الذهبي
ساعة الاصيل
جلست انتظر ان يحين موعد لقائي بك
رايت طائر هدهد يزهو بالوانه
وتاج الجمال فوق رأسه
يسبح في الفضاء الازرق فوق راسي
فتفاءلت بطائر الهدهد ذاك
لان جماله ذكرني بجمالك
وجناحاه يخفقان
تماما مثل خفقان قلبي بحبك
وبعيدا فوق الكثيب المقابل
انطلفت غزالة تركض برشاقة وكبرياء
فرأيت في عينيها شيئا من سحر عينيك
ورايت انها استعارت رشاقة ركضها منك
فمتى يهل طيفك الجميل
وأرى ذهب الرمل من حولي
يرقص ترحيبا بالكائن الذهبي الذي يحبه قلبي
21
جلس الرائد السردوك يقود السيارة بجوار البريجاد هيوز،غارقين في صمت استمر لعدة دقائق، كانت السيارة قد غادرت خلالها وكالة بانايوتي، وعبرت الشعبة التي تشكل مدخلا لجنائن العرعار، وصولا الى الطريق الرئيسي الذي يقود الى مزده، دون ان يجرؤ اي منهما على اختراقه، تاثرا وانفعالا عقب تلك الصدمة التي لم يكونا يتوقعانها، الرفض الذي ارسلته اليهما انجيليكا مما يعني ضربة قاضية اطاحت بكل مخططاتهما.
مرق امامهما غراب يطير على انخفاض، كاد يصطدم بزجاج السيارة، فحرك بشكله الاسود رغبة السردوك للكلام، وهو يتطير من شكله:
ـــ رأيت غرابا مثله في الصباح، قبل وصولنا الى الوكالة، فاثار في نفسي احساسا بالتشاؤم، وجعلني متطيرا اتعوذ بالله من بؤس هذا النهار.
فرد عليه البريجادير هيوز، بشيء من المواساة، بحكم انه يعرف حجم الصدمة بالنسبة لزميله، التي كانت اكثر قوة مما حدث له، فهو صاحب الجزء العاجل من الخطة، التي جاء مستعدا لتنفيذها فوجد الطريق مسدودا، بينما هو صاحب الجزء المؤجل من الخطة، الذي قد يكون قابلا للمراجعة واعادة النظر.
ــ ليس هذا هو نهاية الطريق.
ــ وهل هناك حقا طريق؟ انه طريق مسدود منذ البداية، ورفض اليوم لم يكن جديدا فقد سمعته من قبل.
ــ وقد تسمعه مرة ثالثة ورابعة وخامسة، دون ان يكون سببا لليأس، وما اهمية العقل اذن ان لم يكن لاختراع السبل وجلب الحلول للمواقف الصعبة والحالات المستعصية مثل هذه الحالة. فلنعط الموضوع وقتا، ولنعمل فيه تفكيرا وتدبيرا، وحيث هناك ارادة، فهناك دائما طريق، كما يقول المثل الانجليزي.
ــ لا ادري ان كانت امثال الانجليز، تنفع ايها البريجادير في مثل هذه الصحراء.
ــ لا تنس ان الرجل وابنته والعائلة التي تتعامل معها ذات اصول اوروبية، ولن نجد مفاتيح لشخصياتهم هنا، وانما في تراث الضفة الاخرى للبحر.
ــ الا ترى فيما حدث اهانة لك ولي.
ــ ليس بالضرورة اهانه، ولكنه سلوك يخلو من فضيلتي الذوق والمجاملة.
ــ ربما لانه امر يخصنى، اجد فيه اهانة شخصية، تستحق ان انتقم لها.
ــ ممن تريد ان تنتقم؟
ــ وهل هناك غيره؟ بانايوتي.
ــ ولكنك رايت كيف جاء الرجل مرحبا، مبديا استعداده للتفاهم، وقام بما لابد ان يقوم به اي اب في مثل هذا الموقف، بان احال الامر الى ابنته المعنية بالامر.
ــ وهل تصدق ايها البريجادير هيوز، ان هناك ابنة معنية بالامر وحدها، انه مجرد توزيع ادوار، واسلوب للتخلص من الحرج بشيء من الحيلة والخداع.
ــ ارى ان هناك فيما تقوله تصارع قيم وتقاليد بين المفاهيم البدوية، والمفاهيم الاجنبية، لان ما تقوله عن الحيلة يصلح في حالة ما اذا كان بانايوتي بدويا من ليبيا، ويخضع اولاده وبناته لسيطرته، ويأتمرون بامره، لكنه رجل اجنبي، واب مسيحي يوناني، ليس في ثقافته، ولا في ديانته، ان يفرض زوجا على ابنته.
ــ انه يلعب بالتقاليد كما يريد، فحين يناسبه ان يكون بدويا، يستطيع ان يكون، واذا اراد ان يقلب السترة ويرتديها على الوجه الاخر، يفعل ذلك ويظهر بمظهر جديد له لون اوروبي، كانه ارتدى بذلة غير الاولى، بينما هي نفس البذلة ونفس السترة.
ــ ارجوك ان تتمهل قبل التفكير في اية حماقة تندم عليها.
ــ ليكن هو اجنبيا او غير اجنبي، من شمال البحر او من جنوبه، فانا اعرف نفسي، رجل بدوي، لا يقبل ان يداس له طرف، ولا ان تخدشه ذرة اهانة، وساعتبر الموضوع معركة شخصية بيني وبينه، وانا شاكر لما قمت به من معاونة لي حتى الان، ولن احرجك بان تقف معي في اية معركة اخوضها ثأرا لكرامتي.
ــ مازلت انصح بالتريث وعدم الاستعجال والتفكير في حلول اجدى من الانتقام.
رأى صاحبه صامتا فأضاف:
ــ انها تقول كلاما يستحق التفكير، وتعتذر عن عدم الرغبة في الزواج بسبب ما عانته من خيبة في زواجها الاول، فلماذا لا نصدق انها حقا مازالت تعاني غصصا من ذلك الزواج وتحتاج الى وقت حتى تتعافي من هذه الغصص وتنساها، لتكون مهيأة بعد فترة من الزمان للتفكير في الزواج من جديد.
ــ انها في نظري مجرد اعذار.
ــ اعطها وقتا لتختبر ان كانت اعذارا حقيقية او زائفة، اليس هذا ما يقتضيه العقل؟
ــ اتبعنا طريق العقل طويلا، وحان ان نجرب شيئا من الجنون.
اعتبرها بانايوتي دعابة ضحك لها، وانتظر حتى مرت شاحنة في طريقها الى الوكالة، فقال بعد ان اختفى زئير محركها:
ــ اعود فاقول لا تفقد عقلك وانت تتعامل مع هذا الموضوع، ثم لا تفقد صداقتك لبانايوتي، لان هذا هو طريقك لاستعادة الامل في الزواج من ابنته.
ــ ما يحز في نفسي هو ما قمت به من تضحيات، فقد بعت كل ما املك من ابل، وفارقت زوجتي وتنازلت لها عن حق رعاية اولادي، لكي اتفرغ للعروس الجديدة، وها انا عود بلا امل في العروس، وارجع الى بيت جديد بلا عائلة ولا زوجة ولا اولاد، ولا يستقبلني فيه الا الصمت والفراغ.
ــ لن يضيرك ان تجرب حياة العزوبية والتحرر من قيود الزوجية واعباء الاولاد لبعض الوقت، كنوع من الاجازة، وها انت تراني اعيش مثل هذه الحياة وانا في هذا العمر، دون ان اعرف زوجة ولا اولاد، وتجدني امامك لم افقد حاسة من حواسي، واحتفظ بكامل قواي العقلية، فلا تأسف لشيء يمكن ان تحيله الى مصدر راحة وهناء، واموالك لا زالت معك، فانت تستطيع ان تجد ثمنا مناسبا للسيارة والجواد يوازي ما دفعته فيهما.
عاد السردوك الى صمته
وادار نائب الوالي دفة الحديث الى مواضيع اخرى تتصل بعملهما المشترك في شئون المنطقة، استغرق منهما كل ما تبقى من وقت الرحلة وصولا الى محطتهما النهائية.
وفي مزده كان على السردوك ان يتآلف مع روتينه الجديد في حياته خارج المكتب، فهو الان يسكن بيتا بلا عائلة ولا زوجة ولا اطفال، ولم يكن ممكنا ان يتراجع عما انتهت اليه الامور من طلاق لزوجته وتخليه عن رعاية الاولاد القاصرين لها مقابل ما يقدمه لها من نفقة، وكل ما استطاع ان يقوم به من ترتيب هو ان اختا له متقدمة في العمر، لها بيت وعائلة، اقتطعت من وقتها وقتا لا يزيد عن ساعة صباح كل يوم، تأتي لرعاية البيت واعداد وجبة له، يجدها في انتظاره جاهزة عندما ياتي ظهرا لا تحتاج الا لتسخينها، وتحضر معها مرة كل اسبوع امراة تعينها على غسل الملابس والاواني وتنظيف ارضية البيت مقابل اجر، وكان شريكه في صفقة الزواج الذي لم يتحقق من انجيليكا، الفونسو، مازال يباشر الاشراف على تجهيز وكالة الحلفاء، يهيء بالتعاون مع الشركة الرئيسية ما تحتاجه الوكالة من ابنية ومرافق استعدادا لافتتاحها في غضون بضعة اشهر، وكان في اثناء هذه الفترة التحضيرية يسافر الى طرابلس ويمر في طريقه بمزده، فيستضيفه السردوك، لقضاء وقت معه، يستغله في الحديث حول موضوع الاتفاق بينهما ومدى امكانية ان يساعده الفونسو في وضع خطة للمرحلة القادمة.
اعطاه في آخر مرة جاء اليه، فكرة عن الرحلة التي قام بها الى الوكالة، وفشل نائب الوالي، الذي اصطحبه الى هناك، في الوساطة التي قام بها من اجله، ونقل له ما احس به من صدمة وهو يتلقى هذه الاجابة بالرفض، مع انه قدم لها مهرا لم يسبق لرجل في مناطق القبلة ان قدمه لامراة، وكان نائب الوالي هو من حرضه على ان يكون المهر بهذه الفخامة، بل جعل فخامة المهر وقيمته العالية شرطا لدخوله في الوساطة، ومع ذلك عاد الاثنان خائبين، وهو يسأله باعتباره شريكه في الخطة ان ينصحه كيف يواجه الموقف، باعتباره ايضا الزوج السابق للمرأة الذي خبر سلوكها وعرف اسلوب تفكيرها، ليدله على افضل السبل للحصول على موافقتها.
واجه الفونسو الموقف بشيء من الحذر والتحفظ والخوف من ان يكون للسردوك نية الرجوع عما وعده به، واعطاه له، قائلا بانه اوفى بكل التزاماته نحوه، واكمل ما يخصه من الصفقة، وما تبقى فانه لم يعد مسئوليته، وافهمه السردوك ان ما وصل الى ملكه متمثلا في عقد الوكالة والثمن الذي تم دفعه في الحصول على العقد، صار حلالا بلالا له، لا ينازعه احد في ملكيته، ولا يقدر احد على انتزاعه منه، وما فاتحه الان في الموضوع الا باعتباره صديقا،يطلب المشورة من صديقه، ويريده ان يخبره بصدق وامانة وصراحة، عما يراه من فرص في المستقبل ان تعود انجيليكا عن رفضها له، وقبولها به زوجا، وما هو هذا الشيء الذي يمكن ان يدفع بها للعدول عن موقفها الرافض منه، فافهمه الفونسو، ان انجيليكا امراة عنيده، وانه لو طلب من ابيها ان يرغمها على الزواج فلن يستطيع، لانها تربت مستقلة الرأي، قوية الشخصية، ولن ينفع معها اي ضغط، تمارسه العائلة. وبشيء من الاسى سأله السردوك ان كان ذلك يعني ان يستسلم لمصيره ويفقد اي امل في الفوز بها زوجة له، وعندما سكت الفونسو، ولم يرد، اعتبر السردوك ان سكوته هذا ردا يقصد بانه فعلا لا امل له، فانتابته نوبة من الهياج والغضب، ونهض من جلسته في صالون بيته، وصار يتحرك بخطوات متشنجة، عصبية، جئة وذهابا، ويضرب الحائط بقبضة يده، قائلا بانه لن يستسلم لمثل هذا المصير، فهو نوع من البشر لا يقبل بكلمة لا اجابة على ما يطلبه،وسيجد طريقة للفوز بها، ان لم يكن بالرضا فبغيره، عارضا بعض الخطط الانتقامية، التي يريد من الفونسو ان يعطيه رايه عن اكثرها قابلية للنجاح، قائلا ان هذا المهر الثمين الذي عرضه عليها، يستطيع ان يشتري به فتى ضائعا في عمر انجيليكا، كانت قد قبضت عليه شرطة الاداب يعمل قوادا، قضى مدة حكمه في السجن وخرج، يعمل في المدينة وله اصول بدوية في هذه المنطقة، يجيد الحيل التي يخدع بها الفتيات، سيأتي به ليمارس خبرته في الايقاع بانجيليكا وسيجعله في هذه المرة يتزوجها، لا ليكون زوجا حقيقيا لها، ولكنه زوج رمزي صوري، لانه سيترك فراشها له، ولن تستطيع في هذه الحالة الا ان تستجيب له لا كزوجة ولكن كمومس،، يتاجر بها زوجها. الخطة الثانية، ستأتي ايضا بنفس النتيجة " فقد سعى والدها لتزيجها بك، هروبا من فضيحتها مع اخيها، دعنا نتكلم بصراحة، واستطيع انا ايضا ان اجعل والدها يسعها لتزويجها لي، عندما العب بشاب بلطجي من مدمني الدخول في السجن، اطلق سراحه، واعطيه حريته، مقابل ان يتربص بها ويقوم باغتصابها ولا يتركها، الا وهي عارية مفضوحة، ممتهنة، منتهكة العرض والشرف، امام كل اهل الوكالة، فهل يستطيع والدها بعد ذلك الا ان يأتي راكعا طالبا ان اتزوجها تغطية لفضيحته، عندئد ساتزوجها وساعاملها باعتبارها جارية لا زوجة لانها ارادت المهانة لنفسها، الفظها بعد ان اطفيء بها نار الشهوة "
وعاد للجلوس قائلا لصاحبه ان هذا ما جاءه عفو الخاطر، ولكنه سيفكر في مزيد من مثل هذه الخطط الانتقامية " لانها طالما رفضتني وانا اتقدم لها بامانة وشرف، وباكثر الاساليب لطفا، فلتجرب اذن رؤية الوجه الثاني عندما اتقدم للفوز بها ارغاما وغصبا، وباكثر الاساليب مهانة ومذلة لها ولاسرتها، فما رأيك؟"
كان قد واجه بالصمت السؤال الاول عن كيفية ان تعدل انجيليكا عن رفضها، لا عن عجز في وجود الاجابة، ولكن عن رغبة في الا يكون شريكا في ايذاء العائلة التي صاهرها بالمعروف، وانهى المصاهرة بالمعروف، لان لديه ردا، هو الذي صار مرغما الان على الافصاح عنه، بعد ان ادرك ان للسردوك بدائل اكثر سوءا وضررا، فعاد الى الكلام قائلا للسردوك بان ما قاله عن معرفته بطبيعة زوجته السابقة واسلوب تفكيرها قول صحيح، ومن واقع هذه الخبرة، يستطيع ان يقول بانها مرتبطة ارتباطا وثيقا بوالديها، ومستعدة لان تفديهما بحياتها، وقد يكون حبها القوي لهما، سبيلا يستخدمه السردوك للنفاذ اليها والحصول على ما يريده منها. هنا برقت عينا السردوك، وظهرت علامات الاهتمام على وجهه. انتصبت اذناه، وركز بصره في وجه صاحبه، وقد بقى متجمدا في مكانه ينصت بكل جوارحه لما سيقوله الفونسو من شرح للخطة التي يقترحها، وملخصها ان يسعى السردوك لوضع والدها بانايوتي في محنة وكرب، وانه لا سبيل لخروجه من هذه المحنة القاسية التي ستنعكس اثارها بالضرورة على زوجته قلقا وحزنا، الا بان تتقدم ابنته لعونه ومساعدته وانقاذه من ورطته، بالموافقة على زواجها من السردوك، عندها لن تتردد انجيليكا اطلاقا، اذا عرفت حقا ان هذا الزواج وحده ما سوف يضمن الخلاص لوالدها من محنته،بالقبول به زوجا.
التعليقات
LIBYAAMAZIGH
AMAZIGH -Ya Faqihnous sommes libyens avant toutni Arabs ni Grecs ni Phéniciensni Romains ni juifsNous sommes amazighs monsieurelfaqih et nous resteronscomme une épine dans votre gorgeet comme jamaiscar la libye c''est notre patrieamazighdésolé et merci
LIBYAAMAZIGH
AMAZIGH -Ya Faqihnous sommes libyens avant toutni Arabs ni Grecs ni Phéniciensni Romains ni juifsNous sommes amazighs monsieurelfaqih et nous resteronscomme une épine dans votre gorgeet comme jamaiscar la libye c''est notre patrieamazighdésolé et merci