عبدالله السفر يكاشف القصيدة الجديدة في السعودية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله السمطي من الرياض: ينتصر الشاعر الناقد عبدالله السفر للقصيدة الجديدة في السعودية، خاصة قصيدة النثر. هو واحد من عرابي هذه القصيدة وأحد أبرز متابعيها وناقديها منذ تفتحها الأولي في ثمانينيات القرن العشرين وتوهجها وخفوتها بعد ذلك في سياق لا يهتم كثيرا بقصيدة النثر مؤثرا التشبع حد الثمالة بغنائية القصيدة وتطريبها، حيث لا تحظى قصيدة النثر والقصيدة الجديدة بوجه عام في السعودية باهتمام نقدي معتبر، وعلى امتداد العقدين الماضيين ظلت القصيدة الجديدة في السعودية في الظل النقدي، اللهم بعض اللفتات واللمعات النقدية المنشورة هنا وهناك، في بعض المجلات الأدبية والملاحق الثقافية للصحف، وبعض الدراسات النقدية خارج الأكاديمية.
بيد أن هذه الكتابة التجريبية في سياق الشعرية العربية السعودية وجدت من أولي العزم من النقاد من يصاهرها ويكاشفها ويقاربها، مثل الناقد الدكتور سعد البازعي، والناقد محمد العباس، وكاتب هذه السطور، والناقد الشاعر محمد الحرز، والناقد عبدالله السفر الذي جمع في كتابه الذي نعرض له هنا مقالاته التي كتبها حول التجربة الشعرية الجديدة في السعودية.
يحمل الكتاب عنوان:" اصطفاء الهواء: القصيدة الجديدة في السعودية" (مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، والنادي الأدبي بحائل، ط1 - 2010) ويتشكل الكتاب من جملة من العناوين تنطوي تحتها تجارب الشعراء محل القراءة، يستهلها المؤلف بمقدمة حول هذه التجارب والقصيدة الجديدة.
فسحة الظل:
في عنوان:" التجربة التسعينية: فسحة الظل وشساعة الهامش " يوجز عبدالله السفر خواص القصيدة النثرية ومعاناتها في المشهد الشعري السعودي:" عاش الشعراء التسعينيون في السعودية الظل مرتين: مرة في مرحلة الثمانينيات ذات الصخب العالي والاضطراب الكبير، وفيها كانت بداية أغلبهم، غير أن بؤرة الضوء كانت موجهة إلى شعراء معينين، يحتفل بهم الإعلام والنقد والجمعيات ومهرجانات الشعر من الماء إلى الماء، والمرة الثانية في التسعينيات نفسها بعد حرب الخليج الثانية ومفاعيلها على الساحة الثقافية حيث الانكسار الذي أصاب هذه الساحة... وتزامن مع هذا الانكسار انطلاق الشرارات الأولى لانفجار المشهد الروائي في السعودية، بمعنى أن الضوء انتقل من شعراء الثمانينات إلى المنخرطين في الكتابة الروائية".
هكذا لم يشأ المشهد الثقافي السعودي أن يحتضن هذه القصيدة التجريبية في فضاء الشعر السعودي، ولم تشأ لها مرحلتا الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين أن تتنفس إعلاميا ونقديا.
مع ذلك فإن التسعينيين كانوا يبنون تجربتهم على مهل في لقاءاتهم شبه الدورية في جلسات أدبية متعددة احتضنها الشاعر أحمد الملا والشاعر أحمد كتوعة، في مدينتي الظهران والرياض يقول المؤلف:
" كان التسعينيون وحدهم والكلمة، وحدهم والأصدقاء، تلك الدائرة الصغيرة يسعى بينها البريد، وتشتعل خطوط الهاتف، وثمة لقاءات خاطفة لكنها عميقة التأثير غائرة التخصيب. من هذه الدائرة: أحمد الملا، إبراهيم الحسين، عبدالله السفر، غسان الخنيزي، أحمد كتوعة، علي العمري، يوسف المحيميد (وبالقرب منهم: حمد الفقيه، عيد الخميسي) كان منزل أحمد الملا في الظهران وشقة أحمد كتوعة في الرياض خيمة ومختبرا، يدلفون إليهما بين وقت وآخر محفوفين بالكتب وبالأفلام الإبداعية وبأشرطة الموسيقى النوعية، وبمسودات النصوص، يقرأون ويتقاطعون ويصوّب بعضهم للآخر. النصوص غير منزهة.. قابلة للتعديل والشطب والإلغاء.. قسوة أحبوها ولم يجفلوا منها".
لم يكن في هذه الدائرة الصغيرة معلم يتدروشون على يديه ويتلقون الأسرار، وهذه المسافة بينهم وبين النقد جعلت التجربة تنضج على مهل، وتحاول طريقها وتختبر نبرة صوتها دون انتظار عائد يمكن أن يفيض به القلم النقدي، وتحولت التجربة إلى مشروع إبداعي مستمر.
كأغلب القراءات التي تسعى للإطلالة على قصيدة النثر وقصيدة الشعراء الجدد بوجه عام، تطل قراءات عبدالله السفر بوجهها الذوقي الانطباعي الماتع حينا شعريا، والنائي حينا آخر عن المنهجية، فهي وإن كانت قراءات متضامنة مع القصيدة إلا أن البعد المنهجي والعمقي الفلسفي الذي يتقصد إلى فلسفة هذه القصيدة وموضعتها ضمن إطارات منهجية تبين لنا خواص هذه القصيدة، وملامحها الفنية والجمالية بشكل محدد فيه من الرصد، والتحليل، والتأويل، والإحصاء، والاشتغال على اللغة أو السيمياء، أو البنية ما يبين لنا كنه هذه القصيدة وهويتها هو ما يغيب عن قراءات الكتاب، ولذا جاءت جل القراءات متقاربة وإن تغيرت الكلمات، وتغيرت المعاني.
وينطوي الكتاب على ست عشرة مقالة عن شعراء كتبوا قصيدة النثر منذ أعمالهم المطبوعة الأولى وهم: إبراهيم الحسين، أحمد الملا، زياد السالم، سعود السويداء، علي العمري، غسان الخنيزي، فوزية أبو خالد، محمد الدميني، محمد عبيد الحربي، أحمد كتوعة، عبدالله ثابت، حمد الفقيه، محمد خضر، وآخرين كتبوا في الشكلين التفعيلي والنثري مثل: عبدالرحمن الشهري، ومحمد حبيبي، وعيد الخميسي. ولم نشعر في قراءات السفر بفارق موضوعي بين قراءاته للنصوص في أي من الشكلين. فلا يسائل عبدالله السفر النصوص عبر منهج ما، وإنما عبر قراءات ذوقية تفترض في النصوص جمالية ما، وتجريبا ما، ومن هنا فإن هذه القراءات جاءت مشبعة بذوق الناقد وثقافته، وماضية مع النصوص في بعدها المضموني، مؤولة لها بشكل يصب في سياقاتها المعنوية، وفي معانيها الأولية البسيطة التي تتبدى من القراءة الأولى لها، كما جاءت حافلة بالطبع بالنصوص الشعرية القصيرة أو المجتزأة للتدليل على بعض الأجواء والمعاني.
ومن هنا فإن التأويل البسيط يوقع الناقد في التداعي النقدي، وهذا من شأنه أن يعكر سلامة الرؤية النقدية، فحماس الناقد وعاطفته الجياشة تجاه النصوص ربما تقدم لنا قراءة تحتويها الغبطة بهذه النصوص، والفرح بمعانيها، لكن ذلك كله لن يقدم لنا بالطبع قراءة منهجية للنصوص، تقف على عتبات أو أغوار تقنياتها الفنية، ورؤاها الجمالية.
وهذا ما نراه في هذه الفقرات النقدية المحتفية بالنصوص في أغلب صفحات الكتاب، يقول المؤلف مثلا عن إبراهيم الحسين:" كل بقعة يطؤها قلم إبراهيم، فهي موطوءة بقلب ديس عليه مرارا وفاض بحيرة ألم لا يكفكفها الحبر إلا أن تسيل وتسيل" وعن أحمد الملا:" أما أحمد فهو عامل المناجم، الصانع، الحداد، الصائغ، يكدح في الدخان والأنين وراء ذهب الكلمات"
وعن علي العمري:" رغبة عالية في التجريب وسوْق الكلام وصوْغه في معابر ومسالك وشعاب، قل الطارق فيها ونشف الزاد، واقتلعت الريح المأوى.. رغبة جارفة تمضي إلى الأبعد".
وتتفاوت مقالات الكتاب طولا وقصرا، ففي حين أفرد لشعراء مثل: إبراهيم الحسين، (ص.ص 19-56) وأحمد الملا (ص.ص 57-91)، وعلي العمري (107-131) صفحات وفيرة من كتابه، نجده يقرأ بعض الأصوات الشعرية الأخرى في ثلاث أو خمس صفحات، وهو الأمر الغالب على قراءات الكتاب التي يبدو أنها تجميع لما نشر بالصفحات الثقافية للكاتب من مقالات، ولهذا فإن أغلب القراءات هي قراءات انطباعية تعريفية تصف النصوص ولا تمتزج بمكنوناتها اللغوية والجمالية.
فهذا القصر لا يسمح للناقد أن يعايش النصوص منهجيا أو يصغي لها فنيا، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يقدمه عبدالله السفر للقراء خاصة وهو أحد المنغمسين في لحم التجربة منذ بواكيرها الأولى.
مع ذلك يبقى للكتاب تعريفه العام ببعض تقاطيع تجربة قصيدة النثر السعودية التي بدا عليها التأثر بالبيئة، والمكان بتفاصيله (علي العمري وفوزية أبو خالد مثلا)، والاهتمام باللغة (كما لدى غسان الخنيزي والدميني وعبيد الحربي) وإشاعة التناص الصوفي خاصة من حالات الحلاج والنفري والبسطامي، والاحتفاء بالمشهدية كما لدى أحمد الملا، والإعلاء من الذات الشاعرة مع الاهتمام باليومي والمألوف.
هي تجربة شعرية حيوية منفتحة على مختلف الآليات الجمالية، وعلى ثقافات كابدها شعراء هذه التجربة، وعلى قيم فنية تستثمر مختلف الفنون القولية والدرامية والبصرية، حاول هذا الكتاب تبيانها، وتقديمها للقراء في ذوق ناقد، وفي قراءات مثلت مرآة أولية لعكس هذه التجربة، وبيان تقاطيعها على سطح عالمها النقدي المصقول.
التعليقات
سعد الوسري شاعر نجد
مهران الرب -اذا كان ثمة فضاء شاهق لقصيدة النثر السعودية ، فثمة هناك شاعر عملاق اسمه سعد الدوسري ، ربما جاء بغير وقته وزمانه ، شاعر فذ وفاتح مدهش لنثرية القصيدة ، للاسف فقد اختفى هذا الشاعر : برأيي هو اب قصيدة النثر والتجديد ليس فقط في السعودية وحسب انما في العالم العربي
شعراء السعودية
حسنن -شعراء السعودية ، قصيدة النثر، أن تكونوا بعيدين ومراقبين فهو الجمال والحسن، قرأت لسعوديين وخرجت بنتيجة أن النصوص مازالت تحمل طابع البدايات، المشكلة لا تقوم في الشعر فقط بل في الغناء والطرب والرسم...في السعودية البيئة غير صالحة للإبداع لذلك على الفنان السعودي أن يرحل في سنوات طفولته الى مكان آخر ولن يكون سعوديا عندها... كما هو الحال مثلا عند عبد الرحمن منيف