"محمد أركون": مثقف كوني تمرّد على السائد والمشتبه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فكره وصفة لتغييب العقل والتراجيديات المبرمجة
كامل الشيرازي من الجزائر: رحل المفكر الجزائري الكبير "محمد أركون" (اسمه الحقيقي محمد عرقون) (1928 - 2010) هذا الفتى الأمازيغي الذي اعتكف في معبد المعرفة على مدار نصف قرن، بيد أنّه تعرض إلى سيل الانتقادات في العالم الإسلامي، بعد ارتضائه توظيف أدوات حديثة في استقراء ونقد التاريخ والفكر الإسلامي متجردا عما ظلّ يعتبرها أوهاما وتخيلات. "إيلاف" تتعرض من خلال الورقة التالية إلى جوانب مهمة في فكر الراحل.
الجزائر: اشتهر أركون الذي اختص بالشؤون الإسلامية، بدفاعه المثالي عن السلام بالنظر إلى إخلاصه وتفانيه من أجل تقارب الشعوب والديانات، وظلّ أستاذ تاريخ الفكر الإسلامي في جامعة السوربون، من المبادرين بالحوار بين الديانات، درس الأدب العربي والحقوق والفلسفة والجغرافيا، ما أكسبه رؤيا متكاملة جعلته يتموقع كمثقف وفيلسوف ومؤرخ إسلامي أنتج عديد المؤلفات المرجعية في مجال الفكر النقدي.
ويجزم عموم النقاد والهائمين بـ"الفكر الأركوني" أنّ قراءة نصوص صاحب نظرية "الأنسنة" هي عملية مُضنية تبعا لتعاطيه زخما هائلا من المصطلحات الدقيقة، وقد تحسّس هو نفسه هذه الحقيقة واصفا عباراته بأنها (تُنفّر الكثير من القراء أو تُثقل عليهم)، ولعلّ كل من تصفح كتب د/أركون، يقف على مدى صعوبة وفهم منظومة الفلسفة العرقونية.
ولعلّ هذا ما يفسّر عدم استيعاب الكثير لدراسات عرقون الموسومة بـ"الإسلاميات التطبيقية"، حيث جنح إلى إعمال المناهج العلمية في التاريخ الإسلامي، ما جعل من خاصموه يعمدون إلى التسويق بأنّ عرقون حوّل القرآن إلى "نص" و"أسطورة"، وهو ادعاء فنّده الراحل بتأكيده على أنّ منتقديه لم يحسنوا الترجمة وأخلطوا بين مصطلح القص (نحن نقص عليك أحسن القصص) ومصطلح أسطورة.
وينقل الباحث اللبناني "سليمان بختي" عن المفكر الجزائري الفقيد قوله أنّه خشية تعاظم تلك الالتباسات، فضّل الهروب من الكتابة بالعربية، إذ يقول:"الناس في هذه اللغة يفهمون القول بغير قصده، ويكتبون أشياء ضد ما تقصده، فيما قصدك أنت تحرير العقول وتحطيم الأغلال". ولا يخفي عرقون في حديثه إلى بختي أنّه تألم ضعفين جراء عدم فهم أفكاره على النحو الصحيح، وجعله ذلك يُصاب بإحباط أوصله إلى حدود اليأس، ما اضطره لاحقا إلى الكتابة بالانجليزية لمخاطبة مسلمي آسيا من هنود ومن لفّ لفّهم.
تغييب العقل في منظومة الفكر الإسلامي
يشدد الراحل في كتابه "إنسانية وإسلام، كفاح واقتراحات''، على أنّ آفة الفكر الإسلامي، في تضافر النسيان مع غياب العقل في الثقافة الإسلامية منذ وفاة العلامة ابن رشد سنة 1198، وما ترتب عن ذلك بنظر عرقون من ترك العقل الإسلامي في حالة غير حيوية، خلافا للغرب المسيحي الذي طوّر من أدوات خطابه العقلاني. ويتصور عرقون أنّ استخدام أدوات الأنثربولوجيا الحديثة وأنثربولوجيا الثقافات والأديان، من شأنه فتح مسارب تحرر العقل وتقوي العقائد بعيدا عن التخبط الحاصل وسط الإيديولوجيات. الذي حذر من فصامية ونسيان يهددان تاريخانية الفكر الإسلامي، مثلما ربط إخفاق العقل الغائب بالتراجيديات المبرمجة.
وفيما يتساءل المفكر الجزائري عن نوع الاتصال بين المجموعات اللسانية والثقافية والعقائدية بعد الذي حصل في الحادي عشر سبتمبر 2001، يلاحظ من خلال تتبعه للسيرورة التاريخية والاجتماعية والسياسية، أنّه رغم كل التحولات الطارئة في الخمسينية الماضية مع انتشار الأفكار الإيديولوجية الوطنية الداعية للكفاح من اجل الحرية السياسية، لم ينفتح العالم الإسلامي على مواطنة ديمقراطية تستثمر الأعمال الكبرى التي أبدعت في مرحلة نيرة ولكنها ظلت منسية بشكل كبير، ما ولّد حضارة إسلامية منكوبة.
الحالة الجزائرية
لم يتردد الراحل عن ربط راهن الوضع في الجزائر وتراكماته بالفكر والفلسفة ، حيث لم يتم منح دعامة بوزن الثقافة، المكانة التي تليق بها في بناء الدولة وترتب على ذلك - بحسبه - إخفاق سياسي ممزوج بخطأ إيديولوجي جرّاء الانحراف عن تاريخ الفكر الإسلامي، ويعلّق عرقون في إحدى محاضراته:"كنت مؤمنا بإيديولوجيا الكفاح حين كنت في جامعة الجزائر منتصف الخمسينيات، إلا أني كنت أريد إرفاق هذه الإيديولوجيا بأسئلة عن بناء الأمة وهو ما لم يحدث وانجر عنه ما انجر".
وعليه، يشخص عرقون مجتمع ما بعد الاستقلال، بإشارته إلى أنّها تعاملت مع التراث بممارسة ميثولوجية إيديولوجية، تضاربت مع البلبلة والعراقيل المعرفية التي أفرزتها مرحلة ما بعد الاستقلال، وزاد الطين بلة النظام التعليمي الذي عزل أجيالا عن المعارف الحديثة. ومن وجهة مقارنة، يستعيد عرقون الصراع بين العقل الديني والعقل الفلسفي، ويتوقف عند محنة ابن رشد وكأنما يسقطها على نفسه، إذ يشير إلى كونه ظلّ منبوذا في وطنه الأصلي، وذهب كثيرون إلى حد تكفيره، بيد أنّه على منوال ابن رشد، حُظي بترحاب في الغرب المسيحي، لأنّ الأخير يمتلك بحسبه أجهزة تلقي النتاج العقلي، ويستهجن عرقون كيف أنّه جرى نبذ ابن رشد رغم عراقته وسمو مكانته كقاض للقضاة، لمجرد انصرافه إلى الفلسفة، بزعم أنها "علما دخيلا"، وما انجرّ عن ذلك من تهميش للرجل.
احتكار السلطة كبّل العلوم الإسلامية
يعتقد الراحل جازما أنّ احتكار السلطة بشقيها الفكري والسياسي كبّل العلوم الإسلامية، وأغلق الآفاق أمام عديد التوجهات، ما أدى إلى تعطيل ديناميكية النقد والتعددية بفعل إيديولوجية الانغلاق. ومن تحليل محتوى خطب المساجد في أوروبا، يلاحظ عرقون إلى أنّ غالبيتها تنطلق من تصور إيديولوجي وليس تصورا نقديا، وهي خلاصة يسميها عرقون "سوسيولوجيا الإخفاق" . وكطرح مغاير، ابتكر عرقون نظرية "الأنسنة" التي تعني رفض أطروحة وجود حضارات مركزية، وتؤمن بشمولية الحضارة الإنسانية، في رواق وظفه المفكر الراحل للمطالبة بإدخال الإسلام في الحداثة أو ما نعته "ضرورة تزويج مفهومي الإسلام والحداثة وإعادة العمل على المفهومين للخروج من الغموض الذي يغذي الجدل العقيم، والوصول إلى ما سماه "تاريخ الزمن الراهن". ما تركه أركون يبدو بمنظار عشاقه، وصفة لراهن عربي وإسلامي يتأبى على التطور ويسرف في إنتاج العراقيل والعوائق، والمشكلة هو ذاك الإصرار الغريب على عدم الإصغاء لمثقف كوني بقي مصرا على جزائريته.
التعليقات
هذا هو الاسلام
القس ورقة بن نوفل -كثير هم من الاسلاميين من علماءوكتاب ومثقفين حاولوا اخراج الفقه الاسلامى من بوتقته المتحجرة والذى اكل عليها الزمن منذو 1400 سنة اى تاريخ كتابة القرأن من قبل القس ورقة فهذه التشريعات والايات والقوانين لاتصلح ليومنا هذا وخاصة ونحن فى القرن 21 وخاصةفيما يخص المرأة سمة قائل يقول ان القرأن صالح لكل زمان ومكان وانه كلام الله وهذا لم نلمسه فى الواقع فالمرأة نصف عقل ونصف دين وهى وقود نار جهنم مكانها البيت لاتخرج منه الا للقبر وان اتيح لها ان تتعلم فشهاداتها تعلق على جدران قبرها الحياتى اى البيت عدا كره الاخر المختلف واذا تجرء احدهم فى تحديثه ومواكبة العصر ينعتوه بكلمات سيئةوالتهديد له بالقتل لذلك لا محمد عبدو ولا ابن رشد ولا المرحوم محمد اركون ولا القادمون بعدهم يستطيعون عمل اى شىء مادام هناك شيوخ الفتاوى المسيطرين على عقل المسلم وليس هناك بارقة امل ووو شكرا
خطأ شائع
أحمد شاهد -نقول كاتب عالمي وليس كونيا لأن الكون يشمل الكرة الأرضية وغيرها من الكواكب الأخرى