ثقافات

جدل الجمالي والفكري والببغائية البحثية في كتاب اللويش

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله الغذامي واحد من أبرز النقاد في السعودية، فحين يرد ذكر النقد الحديث يتبادر الاسم في الذهن توا. فالغذامي منذ أكثر من ربع قرن فرض حضوره الطاغي في المشهد النقدي والثقافي بالسعودية ، ومنذ صدور كتابه النقدي:" الخطيئة والتكفير" في العام 1985 وهو يحتل موقع الصدارة في الساحة النقدية بالسعودية، وليس أدل على ذلك من هذا الكم الوفير من المقالات والدراسات التي كتبت عنه، والحوارات والمقابلات الإعلامية التي أجريت معه، فضلا عن حضوره كمرجع أو مصدر أساسي في معظم الكتب النقدية العربية والدراسات الجامعية التي تتناول الأدب والنقد العربي الحديث.
الغذامي ظاهرة، وهذه الظاهرة استتبعت الكتابة عن منجزها النقدي، وقد صدرت كتب عدة تتناول هذا المنجز بالنقد والقراءة والتحليل، ومن بين هذه الكتب الصادرة أخيرا كتاب محمد بن لافي اللويش :" جدل الجمالي والفكري: قراءة في نظرية الأنساق المضمرة عند الغذامي" ( مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، والنادي الأدبي بحائل- ط1 - 2010)
يهدف الكتاب إلى دراسة (النسق) بوصفه جوهر النقد الثقافي عند الغذامي، والتعرف على خصوصية الرؤية النقدية الثقافية عنده، وقد أراد المؤلف أيضا التأكيد على أن النقد الثقافي عند الغذامي لم يكن طفرة مفاجئة في مسيرته النقدية بل كان" محصلة قادت إليها طبيعة هذه المسيرة التي توسلت ثقافة غربية عميقة وثقافة تراثية متمكنة" .
كان الدكتور الغذامي قد أثار زوابع الأسئلة في الساحة النقدية السعودية والعربية قبيل صدور كتابه :" النقد الثقافي" عن موت النقد الأدبي، وعن تحوله من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي، وبعد صدور الكتاب حدثت مناوشات نقدية عدة بينه وبين بعض دارسي الأدب والنقد الذين رأوا أن ثمة أسبقية قبل كتاب الغذامي لمن كتبوا في الدراسات الثقافية مثل بعض مقالات: جابر عصفور، ومحمد الأسعد، وفخري صالح، ورمضان بسطاويسي، وبعض مقالات الراحل الدكتور عبدالقادر القط، بيد أن الغذامي هو من أصل منهجيا للنقد الثقافي، وكما يشير الدكتور محمد صالح الشنطي في مقدمة الكتاب:" إن الدراسات الثقافية التي نهض بها بعض النقاد العرب من اعتبروا نقادا ثقافيين لا يمكن اعتبارها سبقا في هذا المجال، فلم يعن أحد منهم ببلورة النظرية وتعريب مصطلحاتها وجعلها مطواعة للتطبيق وفق إجراءات منضبطة في سياق متصل قبل الغذامي" .
يتضمن الكتاب- وهو بالأصل بحث جامعي حصل به مؤلفه على درجة الماجستير من جامعة أردنية في العام 2008- أربعة فصول حملت العناوين التالية: مراحل تطور النقد الثقافي، تطور الفكر النقدي عند الغذامي، نظرية النقد الثقافي عند الغذامي، التطبيق الأإجرائي للنقد الثقافي عند الغذامي.

بين المؤلف والدكتور الشنطي

حين يؤلف باحث ما كتابا، يندرج في إطار نقد النقد، من المفترض أن يقدم آراءه هو، واجتهاده هو في منجز الناقد المنقود، أما أن يستعير آراء غيره ويتبناها على أن هذه الآراء هي آراؤه فهذا يصيب الكتاب في مقتل، ويجعله مجرد استنساخ وتكرار لمقولات سابقة، ويبدو أن الباحث مؤلف الكتاب اتخذ هذه الطريقة البحثية العقيمة التي يستند فيها الباحث على آراء وأقوال المشرف على البحث ويسرف في تبنيها وتكرارها، وهو ما حدث في هذا الكتاب بشكل سافر، حيث اقتبس المؤلف نحو (30 ) فقرة ، مكررا الإشارة إلى كتاب الدكتور الشنطي :" النقد الأدبي المعاصر في المملكة العربية السعودية، دار الأندلس، حائل، 2001" في كتاب يقع في 200 صفحة.

في ظل هذا الوعي لن نقر تماما بكلام الدكتور الشنطي المجاني في مقدمة الكتاب وسوف نعتبره نوعا من التقريظ، حيث يقول الشنطي:" إن هذه الدراسة لا تستمد قيمتها من موضوعها فحسب، ولكنها تشهد لصاحبها باستقلالية شخصيته العلمية، وتشهد على قدرته الماثلة في استقرائه للنصوص الحديثة واستخلاصه لما تنطوي عليه من حقائق وما تشمله من معارف تضيف إلى مذخورنا النقدي المعاصر وتمهد السبل أمام الدارسين" فالباحث مؤلف الكتاب لم يفعل ذلك، واكتفى بكولجة (304) فقرة من المصادر والمراجع دون إبداء آرائه المنهجية الخاصة به، ودون إظهار " استقلالية شخصيته العلمية"

الكاتب والمكتوب عنه:
إذا كانت طريقة البحث العلمي في مجال النقد الأدبي تسوغ لي أن أسطو على أفكار من أقوم بدراسة منجزه النقدي، وأن أتبنى استنساخ آراء من يقوم بالإشراف الأكاديمي على بحثي المقدم لنيل درجة علمية ، فهذا أمر غير حسن، يفقدني شخصيتي البحثية، وعقلي المنهجي المنظم، وطريقتي في معالجة النصوص.
أقول هذا وأنا مصدوم لما آل إليه البحث النقدي الأكاديمي من ترهل، وتكرار، واستنساخ بل وسرقات بحثية، فالطريقة المثلى السريعة لعمل بحث جامعي يتم من خلاله نيل شهادة جامعية عليا، هو حشد أكبر كم من المصادر والمراجع، ثم النسخ منها والاقتباس، وإعادة ترتيب ما تم نسخه واقتباسه في فصول وأبواب، حتى الوصول إلى خاتمة البحث، وعرض النتائج المفبركة، والتوصيات المجانية، ثم كتابة مقدمة بالصعوبات التي واجهت الباحث في دراسته وبحثه!!
فوجئت وأنا أعرض لكتاب :" جدل الجمالي والفكري : قراءة في نظرية الأنساق المضمرة عند الغذامي" وكنت أتهيأ لعرضه هنا في إيلاف باعتباره أحد الكتب الجديدة القيمة التي تتناول المنجز النقدي لناقد ملأ الدنيا وشغل الناس وهو الدكتور عبدالله الغذامي، فوجئت بعد التأمل في صفحات الكتاب، أن الكتاب/ البحث دون المستوى، بل إن صفحاته تعاني من وفرة الاقتباسات والاستنساخات والتلخيصات والسرقات أيضا، التي لم تطل باحثين آخرين فحسب، بل طالت - ويا للدهشة - المكتوب عنه أيضا وهو الدكتور عبدالله الغذامي!!
الباحث اللويش باحث شاب، وإذا كان قد بدأ حياته العلمية والبحثية بهذه الطريقة، فهذا أمر غير حسن .. وهذا عمل غير صالح، فما هي سكة البحوث التي تجعله يأخذ من الغذامي فقرات كاملة وينسبها لنفسه؟ وهل مشرفه على البحث أوحى له بهذه الطريقة، وفيما نعلم أن المشرف على البحث من المجتهدبن علما وتأليفا؟
إن الكتاب عبارة عن ببغائية بحثية، ونأمل ألا تكون الكتب القادمة للباحث الشاب بهذه الطريقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الببغائية والثقافة
محمد الشنطي -

فوجئت بعنوان الصديق عبد الله السمطي فكنت أود أن يكون هناك قدر من الاحترام للآخر الإنسان الذي يعلو على كل الرسائل والبحوث . وأولا لست أنا المشرف ثم إن طالب الماجستير هو مشروع باحث لابد من تشجيعه لاإحباطه،ثم إن المقالة اكتفت بعموميات ، فهي ليست قراءة جادة، فلم يكلف الأخ الصديق نفسه عناء العرض والتعليق حتى نقتنع بالأحكام الجاهزة التي أطلقها ، أرجو أن تكون لنا ثقافة جديدة نتعلمها من شباب ميدان التحرير غير ثقافة الشتم والقدح والمجانيات التقليدية التي ورثناها من سفوديات الرافعي رحمه الله محمد الشنطي