ثقافات

النساء يُضربن جنسيًا عن الرجال ويطردن التشدد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد الحمامصي من أبوظبي: أبدع المخرج الروماني رادو ميهاليان في فيلمه "نبع النساء"، الذي عرض ضمن عروض السينما العالمية في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الخامسةمن 13 ـ 22 أكتوبر، في تقديم رؤية فنية جمالية رائقة ورائعة لموضوع حساس للغاية في الشرق العربي والإسلامي، ألا وهو إضراب النساء عن ممارسة الجنس مع أزواجهن، لكون هؤلاء الأزواج غير متعاونين معهن في شؤون الحياة الأسرية، ويلمس خلال ذلك عددًا من الموضوعات، التي لا تقل أهمية في حساسيتها عن الإضراب الجنسي للزوجات، حيث الفقر والجهل والقمع وسطوة الدين واستخدام الرجل للدين وسيلة للحيلولة دون إعطاء المرأة حقوقها، التي كفلها الدين نفسه بوضوح تام قرآنًا وحديثًا نبويًا.

الفيلم ناعم نعومة الجسد الأنثوي، وحاد حدة طغيانه حين يتجلى، وذلك من دون أن تفقد المرأة صلابتها وقوتها وصبرها وجلدها على الشدائد، فهي تحمل صفائح المياه من ذلك البئر البعيد وسط الجبال، وتشق طريقًا ملتويًا وضيقًا أحيانًا ومملوء بالصخور الكبيرة والصغيرة، وتجمع الحطب وتحمله على ظهرها، فيما يجلس الرجال على المقهى لتناول المشروبات والحديث ولعب الورق.

إنها قرية نائية لم يحدد الفيلم موقعها على خارطة الشرق الأوسط، وإن استخدم لغة المغرب العربي، وأزياءه، وتراثه الغنائي وطبيعته، منقطعة عن العالم إلا من أتوبيس يمر مرة يوميًا يؤدي إلى مدينة، تعاني الجهل والفقر والقمع، لا تعليم، لا طبيب،ولا ماء، ولا تلفاز، ولا كهرباء، ولا إعلام، هو فقط الجامع، الذي يتضح حين تلجأ إلى شيخه نساء القرية أنه حاكم.

تقرر ليلي بطلة الفيلم والمتزوجة حديثًا بشاب يبدو أنه تعلم، ويحاول أن يعلّم أطفال القرية، حتى إنه يسوقهم من البيوت، أن تحرّض النساء على الإضراب عن ممارسة الجنس مع أزواجهن، وذلك عقب تعرّض إحدى النساء الحوامل إلى نزيف أثناء عودتها حاملة صفائح الماء على ظهرها.

تعلن ليلى ذلك للنساء في حمام القرية، فيرفضنه متخوفات من ردود أفعال أزواجهن، لكن عجوزًا تناصرها، وتكشف لهن عمّا أصابهن جراء هذه الأوضاع المتردية التي يعشنها ما بين المسؤوليات والواجبات الأسرية وبين جلب المياه وغير ذلك.

وتشير سائلة النسوة: أنت أنجبت 12 مرة، كم ولدًا بقي لك 4، وأنت 13 وأنت 6 وهكذا فنكتشف أن النساء لم يكن تاريخهن في هذا القرية إلا أوعية للحمل والتفريغ، وأن الرجال لا دور لهم إلا ممارسة الجنس والتنطع.

الزوج المستنير لليلي أيضًا شكل نقطة مضيئة في مساندتها، بدءًا من تقبله قرار زوجته ومرورًا بدعمها بتوفير كتب لها للإطلاع، مثل قصص ألف ليلة وليلة، وكتاب الأحاديث النبوية والقرآن الكريم، ورفضه ومقاومته لضغوط الأسرة وأهالي القرية،وأخيرًا كان أول من قام بحمل الصفائح وملئها، وإن تسلل ليلاً لفعل ذلك.

نجاح إضراب النساء عن ممارسة الجنس مع أزواجهن، رغم ويلات الضرب التي عانينها من هؤلاء الأزواج، تبعتها خطوات تصعيدية أخرى، تمثلت في مواجهتهن، والخروج إلى المقهى الذي يجلسون عليه، ورفع لافتة تطالبهم بالقيام بمسؤوليتهم، ثم الخروج إلى سوق المدينة، وتشكيل حلقة غنائية راقصة تفضح تقاعسهم وتدفعهم إلى التخفي.

خلال ذلك كله، نرى لمحاولات الأصولية الإسلامية دخول القرية بالإغراء المادي للرجال، لكن النساء يحبطن تلك المحاولات، وتعلن المرأة العجوز غضبها على ابنها الملتحي، الذي استقدم ذلك الرجل الملتحي أيضًا، ترد له المال الذي أعطاه إياه، مؤكدة أنها لا تقبل مالاً لا تعرف مصدره، وهل هو من حلال أم حرام، ثم تنتهي لتطردهما معًا الابن وزميله، وتقول "اذهبوا وغطوا عيونهم عن ملاحقة النساء قبل أن تطالبوا النساء بتغطية وجوهها"، الأمر الذي أكدعبره المخرج أن فطرة المرأة السليمة تأبى القيد والقمع والحجاب، وأنها تعي واجباتها الإنسانية في الحفاظ على نفسها وأسرتها وعائلتها ووطنها.

عاطفة الحب التي ضفرت هذا العالم، ولعبت دورًا بارزًا في الانتصار للقضية، فقد عاد الحبيب الأول لليلى، والذي يعمل صحافيًا إلى القرية، بحجة إجراء بحث حول الحشرات، لكنه كان عائدًا لحبه القديم، بعدما فقد زوجته، لكن ليلى أظهرت بعدًا يؤكد رفض المرأة للخيانة، وعدم تحمل مسؤولية الحب، حيث رأته ارتبكت، وعاد إلى بيتها في حالة يرثى لها، وسرعان ما أفاقت لتؤكد حبها وإخلاصها لزوجها، هذا الشاب المستنير، بل تبلغ قوتها ذروتها، حين تعترف له أن ثمة علاقة حب جمعتها مع هذا الصحافي في صغرها، هذا الصحافي الذي يرفض دعم قضية ليلى يرضخ حين يرى إصرارها ونساء القرية، وحين ينجحن في ضرب الخديعة، التي دبرت للحيلولة دون وصولهم إلى سوق المدينة وفضح الرجال.

يكتب الصحافي أنه يخاف الدولة ومن انتشار الأمر في القرى، فترسل بمسؤوليها لحل المشكلة ومد خطوط المياه داخل القرية.

لقد قدم الفيلم المرأة بشكل واع ومستنير، فحتى هؤلاء النسوة اللاتي رفضن الإضراب، لم يشاركن في التآمر، وإنما حافظن على الاتزان في التعامل مع الأمر.

وقد كان لقاء النساء بشيخ جامع القرية، والذي يشكل مرجعًا أساسيًا، كاشفًا عن أهمية تعليم المرأة ومعرفة شؤون دينها، فقد ناقشته ليلى، مؤكدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن النساء شقائق الرجال، وتلت له آيات القرآن، التي تؤكد أن الله عز وجل لا يفرّق بين المؤمنين والمؤمنات.

بالطبع الأداء التمثيلي للفنانات اللاتي لعبن دور النساء كان فذًا، حيث تمكن من القبض على مختلف أحاسيس فطرة المرأة في الريف الشرقي، وجاءت لفتاتهن وخطابهن وحوراتهن وطريقة عملهن متسقة تمامًا مع الطبيعة، كما لعبت الكاميرا دورًا بديعًا في التعبير عن الإضراب الجنسي، حرارة الشهوة وهي تكوي الرجل والمرأة معًا، وتجلى ذلك بشكل خاصة بين ليلى وزوجها.

إن العمق الإنساني والسلاسة والبساطة الآسرتين غير المتكلفتين، اللتين صنع بها الفيلم، وطرح قضايا ذات حساسية عالية في مجتمعاتنا الشرقية، تؤكد أن كثيرًا مما نقدم من أفلامنا مجرد زعيق بلا معنى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ليلى والكتب
خوليو -

طالما عملت الناشطة ليلى في الفيلم على تأمين الكتب ومنها كتب الأحاديث فلا ندري كيف تدبرت الأمر مع حديث واضح يقول :التي ترفض طلب زوجها للفراش تغضب عليها الملائكة ، أو الآخر الذي يقول أغلب أهل النار من النساء، كيف بتلك الأحاديث تستطيع إقناع بنات جنسها بالتمرد ؟نرى بتعليق السيد الكاتب ضعفاً نقدياَ، حيث من جهة يقول أن المخرج أراد أن يُظهر فطرة المرأة السليمة في رفضها للحجاب، بينما نرى أن بطلة الفيلم تذهب لتناقش شيخ المسجد وتقول له أن النساء شقائق الرجال وكأنها تريد القول أن الاسلام ساواها في الحقوق مع الرجال، وغضت الطرف عن الآيات التي تقول العكس تماماً، وكأن ليلى تناقش نفسها فتنتقي ماتريد، حيث الشيخ لم يقل كلمة، وكان باستطاعته وبسهولة أن يذكر لها عكس ماتقول ومن نفس المصادر، مما يؤكد حقاً أن المُخرج روماني ويريد أن يطرح شيئ من عنده فقط دون إلمامه بالدين، أما ماورد في المقالة فهو محاولة السيد الكاتب تمرير رأيه وتجميل شيئ لايمكن تجميله مستخدماً بطلة الفيلم التي تفشل طبعاً بإقناع العارفين من المشاهدين .

لرقم واحد
مواطن -

روح اتلهي

خوليو والحقيقة
معتز البغدادي -

يحاول المدعو خوليو صاحب التعليق رقم واحد الانتقاص في كل مناسبة من الدين الاسلامي وهو يحاول ان يظهر نفسه على انه فاهم للدين الاسلامي ولكن من الواضح انه ابعد ما يكون عن ذلك فهو يقتطع اجزاء من القرآن او من الاحاديث لمحاولة تشويه الاسلام ولكن ينسى انه يمكن لأي شخص مغرض ان يقتطع اجزاء من النصوص لمحاولة الانتقاص منها فيمكن مثلاً اقتطاع مقاطع من الاناجيل الكثيرة لتشويه صورة المسيحية (رغم ان الاناجيل الحالية هي اناجيل محرفة ولا علاقة لها بنبي الله عيسى عليه السلام) .

عودة القرف
د. نبيل الناشد -

رغم نداءاتي المستمرة للسيد خوليو بالكف عن مهاجمة الإسلام في كل شاردة وواردة وقيامه بتسميم أفكار القرّاء، إلا أن ذلك لم يزده إلا إصراراً على كشفه عن كرهه للإسلام. أريد أن أنهنّئك بأنك وأمثالك من أتباع المسيحية قد نجحتم في إحداث تغيير في نظرتي التي كانت تتسم بكامل الإنفتاح والثقة بأبناء وطننا من الدين المسيحي.....مبروك عليك إنجازك وأخبرك أنك ستساهم في نشر الكره لأخوتناالمسيحيين بين أبناء وطنهم من المسلمين، المتعصّبين (مثلك) والمنفتحين من أمثالي.

نساء رومانيا اولى
واحد -

حقيقة لم اتحمل قراءة المقال بعد السطر الاول ولكن اتسأل لماذا يهتم هذا الروماني بعمل فلم عن نساء المسلمين ولا يهتم لمحنة بنات بلده المالئات مواخير العالم بعد انهيار النظام الشيوعي في بلده.

خوليو مندس
... -

احذروا من خوليو..انه مندس ويحاول خلق العداء بين المسيحيين والمسلمين.

مسلماً واريد جواب:د.نبيل الناشد
ليس دفاعاً عن خوليو, ولكن مهلاً: -

للسيد الدكتور نبيل الناشد, تحية: نعم السيد خوليوا مهتم بالدراسات الإسلامية, وينقل ما يعتقده من دراسته وإستنتاجاته على مواضيع تخص الإسلام, ولكن مع ذلك, أليس الأجدى ان احاججه وارد عليه بالدليل والبرهان, من أقوال الإمام علي بن أبي طالب (كرًم الله وجهه): القرآن , حمـال أوجه ! .إذا كان تفسير كلام الله (عز وجل) يحتمل أوجهاً كثيرة, (اي مختلفة) وهنالك الكثير من التفاسير والمفسرين ,فما بال تفسير الأحاديث! المنقولة عن الكثير من الرواة , قبل ان نصل في النهاية الى :( قـال رسول الله (ص))؟! فما قاله السيد خوليو لم يخرج عن صحيح الحديث الشريف :عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح). وفي رواية لمسلم: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح). :إذا كان ذكر هذا الحديث الصحيح , في موقف يستدعي موضوع المقال مناقشته بالعقل والمنطق, هجوما على الإسلام ,فما فائدة العقل في السؤال والتفكير؟؟ ويقول الله تعالى (وقد كرمنا بني آدم..) نعم لقد كرم الله بني آدم بالعقل, وإلا , لما كان هناك فرق بين الإنسان والحيوان!.يادكتور نبيل, جريدة إيلاف علمانية , وتطرح مواضيع كثيرة, مثيرة للنقاش وإعمال العقل والتفكير فيها, والذنب هنا ليس ذنب خوليو وتعليقه, بل هو ذنب عقلنا العربي الذي لا يقبل النقد, وخاصة نقد ما هو مقدس , الدول المتقدمة تجاوزت مرحلة وضع المقدس تحت المجهر من عشرات السنين, ونحن لا زلنا نحض على كراهية المختلف معنا, ان لم نحلل دمه, وهذا هو الخطر الأكبر على تقدمنا وحياتناومستقبل أجيالنا .جان فالجان. شكراً

الفيلم صور في المغرب
Aicha Zeddaoui -

الفيلم صور في المغرب واستخدم فيه اللباس التقليدي المغربي والرقص الامازيغي وهدا لباس المراة الامازيغية اثناء الرقص

اثبتوا العكس
مازن البصري -

الى السادة المنتقدين للمعلق خوليو; السيد خوليو قال رايه في الموضوع واذا كان تعليقه لايعجبكم فنرجوا ان تقارعو الرائ بالرائ والحجة بالحجة وان تبتعدوا بالاتيان بالكلام الجاهز خارجين عن الموضوع .... اثبتوا العكس بدون هجوم على شخص المعلق.

الأحاديث غير صحيحة :
أنور محمد -

الأخ خوليو أشار الى ما يكرره السلفيون من آراء و كذلك ما يعتمدون عليه من أدلة . و الأدلة للأسف هي دائما مجموعة الأحاديث الغير صحيحة و التي تعرف بإسم أحاديث الآحاد و يصفها علم أصول الفقه بأنها ظنية لا تفيد علما قاطعا و لا يستنبط منها إيجاب أو تحريم . و بناء على ذلك فإن الأصل في الإسلام هو المساواة بين الرجال و النساء في كافة الحقوق و الواجبات . و أي سلطة عند الرجل على المرأة إنما هي سلطة مستمدة من رضاها و رغبتها كأن تمنع نفسها من حق طلاقه .. و تعطيه الحق المطلق في التزوج عليها كيف شاء .. و تتركه يهجرها أو يضربها إن أحس منها شذوذا . و الصحيح في كل تلك السلطات الممنوحة للرجل أنها مشروطة بموافقة الزوجة . التحية للفلم و للإسلام الذي صان المرأة و كرمها في عز زمن طغيان الذكورة .