لِمَ هذا الغياب التام للمثقفين العرب عن ربيع أهلهم؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رغم النقلة الكبيرة التي أحدثها ربيع العرب في مجريات أحداث المنطقة، فقد أخفقت حتى الآن في تقديم المشروع السياسي والاقتصادي الواضح الذي يمكن ان يعتبر بديلا لما كان. فهل يمكن اعتبار هذا نتاجا لغياب صوت المثقفين عن أكبر حدث عربي في الوقت الراهن؟
إعداد: صلاح أحمد
في منتصف حزيران (يونيو) الماضي وجّه الشاعر السوري أدونيس رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد تتعلق بمجريات الأحداث في بلاده. وكان طبيعيا، بالنظر الى مكانة هذا الكاتب الرفيعة، أن يتوقع المرء نوع المعركة التقليدية التي يصبح فيها المثقف صوت شعبه المظلوم في معركته ضد الحاكم الظالم.
لكن أدونيس، المقيم في فرنسا، خيّب آمال العديد من السوريين والعرب رغم أن رسالته حوت قدرًا من الانتقادات لنظام الأسد، وفقا لتقرير مطوّل بقلم الصحافي الأميركي روبرت ويرث على صفحات "نيويورك تايمز". فقد "حطّت" هذه الرسالة من قدر الانتفاضة الشعبية التي ظلت تهز بلاده منذ اذار (مارس) الماضي، وأخفقت حتى في الإشارة الى القمع الوحشي الذي مارسه النظام وأسقط خلاله مئات القتلى.
والواقع أنَّ حالة أدونيس ليست حدثا معزولاً وإنما هي انعكاس للهوة العميقة والواسعة في العالم العربي بين أولئك الذين اكتسبوا صفة المثقفين - ومعظمهم "ثوريون راديكاليون" سابقون مثل أدونيس نفسه - من جهة والشباب اليافع الذي فجّر وقاد "ربيع العرب" من دون نجومية أو الحاجة اليها من الجهة الأخرى.
حصاد بلا ثمر
بعد مضي أكثر من عشرة أشهر على انتحار الشاب التونسي محمد بوعزيزي الذي بدأ الأمر برمته، وصل الربيع العربي الى إسقاط ثلاثة طغاة وإجراء أول انتخابات ديمقراطية حرة في تونس نفسها الأسبوع الماضي.
على أن كل هذا التحرك لم يثمر حتى الآن نوع المشروع السياسي والاقتصادي الواضح الذي يمكن ان يعتبر بديلا لما كان. كما انه لم ينجب نوع المثقفين حماة الثورة الذين ظلّ تاريخ العالم يشهد صعودهم بدءًا بالعام 1776. فمنذ ذلك الحين وحتى الآن خرج مفكرون ومنظّرون (من أمثال الانكليزي توماس بين والروسي فلاديمير لينين والصيني ماو تسي تونغ والتشيكي فاتسلاف هافل) ساعدوا في توضيح الرؤية لشعوبهم وصاروا رموزا لتطلعاتها وأحلامها.
غياب النظائر العربية
وربما كان مرد غياب النظائر العربيَّة لهذا الوضع مؤشرًا الى الضغوط التي عاش المثقفون تحتها في العقود الأخيرة. فقد ظلوا عالقين بين قمع الدولة من جهة وقيود التعاليم والتقاليد الدينية الخانقة من الجهة الأخرى. وتم تحييد العديد من هؤلاء إما تحت نفوذ حكوماتهم، أو بفضل البترودولار، أو بإجبارهم على العيش في المنفى حيث يعجزون عن تحسس نبض الشارع في مجتمعاتهم. وحتى أولئك الذين بقوا في بلادهم وانحازوا للثورة لم يكونوا أبدا في مقام الصدارة والقيادة. وأكثر من هذا فقد بدوا غارقين في الدهشة والوجوم إزاء انفجار شعبي لم يتمكنوا من التنبؤ بمجيئه.
وربما كان غياب هذا النوع من القيادة علامة أساسية في هذه الحقبة الجديدة التي سادها الاحساس بأن التيار الثوري الحالي ليس بحاجة حقيقية الى عناصر توحد عناصره أو أسماء برّاقة تقوده وتضفي عليه الأهمية والمصداقية. وهكذا صار دور "المثقف" محصورًا في إصدار المدونات الشخصيَّة على الإنترنت أو تنظيم حركة المتظاهرين في الشوارع.
وفي هذا الصدد يقول سينان انطون، وهو أميركي - عراقي محاضر في جامعة نيويورك وقاص كتب بكثافة عن ربيع العرب: "لا اعتقد أن ثمة داعيًا لمثقفين يتصدّرون هذه الثورات لأنها ليست بحاجة الى أبطال بالمعنى التقليدي المعتاد".
على أن هذا الرأي قد يواجه اختبارًا حقيقياً. فالمنظمون للتحرك الشعبي في سوريا، مثلا، يجاهدون حاليا - سواء داخل سوريا نفسها أو خارجها - لتوحيد الثورة وراء الأهداف المشتركة والتناغم الفكري. وهذا بحد ذاته يستلزم وجود القيادة. ويقول صادق جلال العظم، الفيلسوف السوري والمدافع النشط عن حقوق الإنسان: "لا أحد يريد أن يُتهم بأنه اختطف الثورة. وقد تحول هذا الإحساس الى خوف زائد عن اللزوم بحيث يمكن ان يعرقل مسيرة الثورة نفسها".
موت الحلم
من الممكن، الى حد ما، اعتبار "صمت المثقفين" الحالي ردة فعل متعمدة للخطاب الثوري الأجوف الذي ساد وسط الأجيال العربية السابقة. فقد بدأت الحركة القومية العربية في ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته على يد شباب يحلم بعالم مثالي يلقي فيه بماضيه الاستعماري وتخلفه وقبليته الى سلة مهملات التاريخ. وقد وجد مثقفون، من وزن ميشيل عفلق، إلهامًا لهم في نظريات القرن التاسع عشر الألمانية عن القومية. فاستندوا الى هذه النظريات ليخرجوا بأساس "حزب البعث" كأداة للتحديث والعدالة الاقتصادية في العالم العربي.
لكن الحزب اختُطف في بدايات تكوينه وصُهر الى شعارات على يد ضباط في سوريا والعراق كانت قيادتهم "الثورية" في حقيقة الأمر لا تعدو كونها الاستبدادية والقبلية القديمتين مقنَّعتين في ثوب جديد. وفي مصر أيضا، صارت "الاشتراكية العربية" مجرد مطيّة الى الدكتاتورية والسياسات الخرقاء في الداخل والخارج.
ووصلت القومية العربية أوجها مع قدوم العقيد معمر القذافي الذي كان يرى في نفسه مثقفاً أشبه شيء بالإله العليم. فألّف ونشر خيالاته الخاصة باسم "النظرية الثالثة" وألقمها شعبه المغلوب على أمره. فصار كل شيء في ليبيا "ثوريا" حد أنه عندما انتفض عليه أهل البلاد أخيرا، وجدوا من الصعوبة بمكان التفريق في الاسم بين "المجالس الثورية" التي تمثلهم وتلك التي شيّدها القذافي نفسه وكانوا يسعون إلى إطاحتها.
التعليقات
السقوط الاخير لليسارية والعلمانية
مصطفى العراقي -كشفت ثورات العرب ضمن ما كشفت مقدار النرجسية والانانية التي يحملها مدعوا الثقافة من العلمانيين واليساريين العرب, فاغلبهم لم يقفوا متفرجيم مبهوتين فقط امام شجاعة الشعوب التي وقفت ضد جلاديها بل تحول بعضهم اما الى مطبل للانظمة ومدافع عنها بداعي الاستقرار والممانعة واسرائيل او محرضا" للغرب ضد الثوار بدعوى الخوف من المجهول او سيطرة الاسلام السياسي. لم يستوعب هؤلاء ان الناس قد فاض بها الكيل من الظلم والقهر وانهم لا يريدون بالضرورة بديلا يتلبس الاسلام ويتكلم باسم الله. هؤلاء الثوار والثائرات ثلة اخذت على عاتقها تأمين مستقبل افضل للاجيال القادمة.لم يستوعب العلمانيون وايساريون الذين لا زالوا يروجون لافكار ديناصورية من حقبة السوفيات ان رصيدهم صار صفرا" عند الناس وان طريقتهم في اكل الاكتف والارتزاق المهين عند الحكام لن تغني عنهم.
السقوط الاخير لليسارية والعلمانية
مصطفى العراقي -كشفت ثورات العرب ضمن ما كشفت مقدار النرجسية والانانية التي يحملها مدعوا الثقافة من العلمانيين واليساريين العرب, فاغلبهم لم يقفوا متفرجيم مبهوتين فقط امام شجاعة الشعوب التي وقفت ضد جلاديها بل تحول بعضهم اما الى مطبل للانظمة ومدافع عنها بداعي الاستقرار والممانعة واسرائيل او محرضا" للغرب ضد الثوار بدعوى الخوف من المجهول او سيطرة الاسلام السياسي. لم يستوعب هؤلاء ان الناس قد فاض بها الكيل من الظلم والقهر وانهم لا يريدون بالضرورة بديلا يتلبس الاسلام ويتكلم باسم الله. هؤلاء الثوار والثائرات ثلة اخذت على عاتقها تأمين مستقبل افضل للاجيال القادمة.لم يستوعب العلمانيون وايساريون الذين لا زالوا يروجون لافكار ديناصورية من حقبة السوفيات ان رصيدهم صار صفرا" عند الناس وان طريقتهم في اكل الاكتف والارتزاق المهين عند الحكام لن تغني عنهم.
الشارع هو السبّاق
أبو رامي -قبل مغادرتي العراق سمعت تصريحا من أدارة البنك المركزي العراقي بأن البنك هو الذي يرسم سياسة الشارع الاقتصادية ويتحكم بها كيف يشاء.. لكنني تفاجئت حين تعاملت مع بنوك أوربا وعلمت منهم أنهم يتبرمجون في حركتهم الاقتصادية وفق متلطلبات الشارع أي أن الشارع هو الذي يرسم السياسة الاقتصادية وليس البنك! هذه مقدمة لما اريد الوصول اليه فأقول للاسف الشديد أن دولنا تسير عكس الاتجاه المطلوب ليس أقتصاديا فحسب وأنما سياسيا وتكنولوجيا وأجتماعيا وعدد ولا حرج, وحتى المرجعيات الدينية التي كانت الى وقت قريب شيئا مقدسا لا أحد يجرأ المساس به لكن الشارع سرعان ما تحدى هذا الحاجز مما جعل المرجعيات تلهث وراء الشارع خشية الانفلات والخروج عن طوعه, وسياسيا نرى العضو البرلماني والقادة السياسيين يلهثون أيضا وراء جماهيرهم بدلا من قيادتها, ويتبع ذلك المثقفون الذين ما لبثوا أن وجدوا لهم موقعا في سلطة زائلة ألاّ وهجروا أقلامهم نحو مكاتب فخمة مكيفة ورواتب ومنح كانت عندهم كأحلام العصافير.. هذا يذكرني بعبد الله بن الزبير الذي كان يُلقب بحمامة المسجد (المكي) ولكن ما أن عُرضت عليه المبايعة أميرا للمؤمنين حتى أطبق كتاب الله وقال له: هذا فراق بيني وبينك!!!
الشارع هو السبّاق
أبو رامي -قبل مغادرتي العراق سمعت تصريحا من أدارة البنك المركزي العراقي بأن البنك هو الذي يرسم سياسة الشارع الاقتصادية ويتحكم بها كيف يشاء.. لكنني تفاجئت حين تعاملت مع بنوك أوربا وعلمت منهم أنهم يتبرمجون في حركتهم الاقتصادية وفق متلطلبات الشارع أي أن الشارع هو الذي يرسم السياسة الاقتصادية وليس البنك! هذه مقدمة لما اريد الوصول اليه فأقول للاسف الشديد أن دولنا تسير عكس الاتجاه المطلوب ليس أقتصاديا فحسب وأنما سياسيا وتكنولوجيا وأجتماعيا وعدد ولا حرج, وحتى المرجعيات الدينية التي كانت الى وقت قريب شيئا مقدسا لا أحد يجرأ المساس به لكن الشارع سرعان ما تحدى هذا الحاجز مما جعل المرجعيات تلهث وراء الشارع خشية الانفلات والخروج عن طوعه, وسياسيا نرى العضو البرلماني والقادة السياسيين يلهثون أيضا وراء جماهيرهم بدلا من قيادتها, ويتبع ذلك المثقفون الذين ما لبثوا أن وجدوا لهم موقعا في سلطة زائلة ألاّ وهجروا أقلامهم نحو مكاتب فخمة مكيفة ورواتب ومنح كانت عندهم كأحلام العصافير.. هذا يذكرني بعبد الله بن الزبير الذي كان يُلقب بحمامة المسجد (المكي) ولكن ما أن عُرضت عليه المبايعة أميرا للمؤمنين حتى أطبق كتاب الله وقال له: هذا فراق بيني وبينك!!!
خيبة بني علمان !!
مصطفى العراقي -من الاساطير المتداولة ان المثقف يجب ان يكون علمانيا او ليبراليا ولا يمكن ان يكون ذا توجه ديني. لماذا؟ لا احد يعلم. من وضع تلكم الاطر والقوانين للثقافة؟ لا احد يعلم ايضا"تجد المثقف العلماني او الليبرالي في مقالاته يستحضر الافكار الغربية كمسلمات لا ياتيها الباطل, وسيتنجد لاثبات ثقافته ومقدار ريادته بامثال غربية واساطير يونانية والويل له ان جاء باية او حديث نبوي فسيخرجه المصنفون فورا من خانة الثقافة اللى خانة الاسلاميين الرجعيين!!!
خيبة بني علمان !!
مصطفى العراقي -من الاساطير المتداولة ان المثقف يجب ان يكون علمانيا او ليبراليا ولا يمكن ان يكون ذا توجه ديني. لماذا؟ لا احد يعلم. من وضع تلكم الاطر والقوانين للثقافة؟ لا احد يعلم ايضا"تجد المثقف العلماني او الليبرالي في مقالاته يستحضر الافكار الغربية كمسلمات لا ياتيها الباطل, وسيتنجد لاثبات ثقافته ومقدار ريادته بامثال غربية واساطير يونانية والويل له ان جاء باية او حديث نبوي فسيخرجه المصنفون فورا من خانة الثقافة اللى خانة الاسلاميين الرجعيين!!!