أدباء عراقيون يودعون 2011 ويستقبلون 2012 بهواجس إبداعية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الوقفة الاولى كانت بالقرب من الشاعر سلمان داود محمد، الذي لم يجد بدا من ان يسحب (الكيبورد) ويذهب للعزف على حروفه بكلمات شعرية، قال فيها:
(أعتذرrsquo; لأنثاي..
لنخلةٍ مجروحةٍ بنباحِ رصاص...ٍ مشين..
أعتذرrsquo; لأولي الأمر.. الضاحكين بلا سبب..
وللأصحاب المقهورين هناااااااااااااااااااااااااااك..
أعتذرrsquo; لغيمةٍ حبلى بملح الدموع..
وللبياض السجين في المستشفيات..
أعتذرrsquo; لي
لأني دخيل على حياتكِ أيتها المسرّة..
فلا بابا نوئيل في هذي البلاد
ولا
هم
يفرحون..)
اما الشاعر ابراهيم الخياط، فقد طلب مني لحظات يبدد فيها الصخب الذي كان حوله، ثم انتقى ورقة بيضاء وسرعان ما ذهب قلمه يتهادى على مساحتها، وقد نقش فيها ما يأتي:
(بعد الفين وأحد عشر خريفا.. لا املك من وسائل الايضاح سوى همي
بعد الفين وأحد عشر وضوءا.. لا املك من وسائل الاهراق سوى دمي
بعد الفين وأحد عشر قصيدا.. لا املك من وسائل التعبير سوى اسمي
بعد الفين وأحد عشر صليبا.. لا املك من وسائل التعذيب سوى جسمي
بعد الفين وإحدى عشرة صلاة.. لا املك من وسائل الدعاء سوى أمي
بعد الفين وأحد عشر فناء.. لا املك من وسائل البقاء سوى سمي
بعد الفين وأحد عشر حريقا.. لا املك من وسائل التدخين سوى فمي)
فيما اهداني الشاعر حسين علي يونس، مقطعا قال انه اهداه الى سامي نسيم (عازف العود العراقي)، وقد قال فيه:
(هزي اعنابك..
المرة ايتها الحياة
انت وانا نسينا اثار تنفسنا
حياتنا المنتهية
تبعتنا ونحن نغرد نشازا
ماساة ارثك ستصلني
فرحك وحزنك
وحياتك التي ستصير ذكرى
انظر اليك كما انظر الى السنة
حياتي هذه وليست جدولا ادحرجه صوب مقابر المدينة،
من اجل يوم جديد من الياس رحب كالفناء
غصة طنبور هائل الاتساع تتامل قاربك)
اما الشاعرة فليحة حسن فاقترحت ان تكتب لي مقطوعة نثرية، لتعبر عمّا في نفسها، بعد ان امنحها شيئا من الوقت، وما مرت الا ساعات قليلة الا وكانت مقطوعتها بين يديّّ، وفيها كتبت:
( ليس من السهولة بمكان على المبدع أن تنطفئ شمعة من شموع سنينه تحت يافطة "عمر لابد أن يمرّ"، وهو الذي يقيس توالي الأيام ومرورها بما حققه من إنجازات أو هكذا تعود في الأقل،
فأنتَ لا تستطيع أن تقنع شاعراً مثلا بتدوين ما مرّ به من فرح في عام منصرم فيكتب ويشير إلى فرحه هذا وهو لم ينجز في الأقل قصيدة كان يحلم بها فيه، لذا تراه يقول دون أن يقصد أنا سعيد بسنة 2011مثلاً لأنني كتبت أحلى قصائدي فيها، أو يكتفي بقوله - إذا كان الأمر عكس ذلك - كانت هذه السنة (قاحلة) بالنسبة لي، متناسياً كلّ الأحداث التي مرت به والتي قد تكون تخللتها طيات من الأفراح أو أثقلتها دوامات من الأتراح، والحال كذلك مع المبدعين في المجالات الأخرى، إذ إن عمر الإنسان المبدع لديه يقاس بما ينجز، وما يتحقق، بما يعلنه من انتصار أمام ذاته أولاً، وما يشهره للمتلقي كي يزيد إلى زهوه زهواً آخر،فالإبداع أصلاً ومهما اختلفت وتغايرت أشكاله هو حصة المبدع المقتطعة من السعادة، واللذة التي لن يعرف سرها المكنون غيره ما دام بعيداً عن مضان ارتشافها، نعم هي اللذة التي حصر تحصيلها الجاحظ بالمبدعين وأبعدها حتى عن الملوك بكلّ قدراتهم وما ملكوا حين قال رحمه الله ( لو عرف الملوك لذة ما نكتب لقتلونا!)، نعم،الانجاز وحده هو مؤشر العمر لدى المبدع، ومن الطريف أن أسوق كلاماً لأحد الفائزين بجائزة الإبداع لوزارة الثقافة العراقية حين قال ( لديّ ستين كتاباً بعدد سنوات عمري) وكأن فرحه كان كبيراً فقط لأن سنوات ذلك العمر كانت بعدد ما أنجز وألف من كتب، متناسياً أن يغمزه أحدهم قائلاً وكيف ألفتَ كتابكَ الأول حين كنتَ في سنتكَ الأولى مثلاً ؟
هكذا هي أعمارنا ننظر إليها بعدد ما دوّنا من حروف على نوافذ الزمن وما اهرقنا من مداد فوق بياض الصحف، وليس لنا أبداً علاقة بفرح لم يدوّن على شكل قصائد، وحتى في قصائدنا الحزينة فسحة فرح مخبوء نحسّه حين الفراغ من حضورها على مساحة الورقة، ونحسه أيضاً لحظة إشراك الآخر معنا فيها تلقياً،ومن ثم فسنواتنا ما نكتب وما نشفي من أحزاننا به ولا تعنينا أبداً أيام تترى وإن جاءت بحلة جديدة).
فيما طلبت من شاعر الطفل محمد جبار حسن ان يكتب قصيدة للطفل وهو يقف بين عامين وان يقول ما نفسه تعبيرا عن لسان حال طفل عراقي، فكتب قصيدته بعنوان (احلى الايام) جاء فيها:
(دارت عجلات الايام عام راح واقبل عام
ما اجمل ان نستقبله بقصائد حب وسلام
بل نسعى من اجل نجاح وغد وضاء بسام
فنجاح الساعي سلمه لبلوغ جميل الاحلام
ما أروع ان نحيا فرحا عام صفاء، عام وئام
بتآخينا وتصافينا نمضي نترك كل خصام
بل نبني وطنا مزدهرا بالافعال وليس كلام
ولتتفجر لسعادته كل ينابيع الاقلام
كي تكتب قصة عامآت من احلى الاعوام)
اما الفنان فلاح ابراهيم، فقد اراد ان يرمي جسده على خشبة المسرح ومن ثم يحدثني عما يجول في خاطره، لكنه قال وقد شرح صدره وتأمل قليلا:
(ايها العام 2011،اهم ما يميزك، سواء اتفق معي الاخرون ام لم يتفقوا، انني ارى انسحاب الاميركيين من ايامك أمرا واقعا، انسحبوا مع انسحابك الى عام التاريخ، وانه امر.. يشكل لي قضية، وان شكك الاخرون فيها، وان لم يشككوا، فتلك وقائع فيك تذكر ايها العام، اما اخطر ما كان فيك يا عام 2011 ان ليس هناك اهتمام بالفن العراقي والثقافة العراقية، شبعنا اهمالا وكسلا، واسترخينا كثيرا بلا عمل، ايها العام 2011 ان اكثر ما يخيفني في العام الذي سيحل بدلا منك 2012 ان فرحتي بخروج الاميركيين قد يقتلها السسياسيون العراقيون، وما يحزنني اكثر ان عام 2012 سيأتي ويذهب ولم ينتج فيلم عراقي فيه ولم تبن صالة عرض سينمائية، ايها العام 2012.. اتمنى ان يعرض لي فيك فيلم في العراق، ان اشاهد الناس يخرجون من صالات السينما في الساعة العاشرة ليلا، وان تبنى صالات عرض مسرحية وسينمائية تليق بالانسان العراقي، وان نرى ملاعب وحدائق تبتهج بها العيون، ويكفي الحديث عن الامن، ايها العامان استمعا لي، اذا مر عام 2012 ولم تنتج افلام عراقية ولم تقدم مسرحيات تمثل الانسان العراقي واذا ما قدمت مسلسلات درامية.. فقد افكر بالانتحار، وليغفر الله حزني الذي يمطر على ابواب الاعوام).
وكتب الاعلامي والشاعر احمد المظفر:
(سنودّع عاما سرق أعمارنا..
واحتال علينا
بل أجهض بطون البنوك
وأحالها على سيولة
...........................
يا عامنا الجديد
نريدك أن تثأر لبطون الموتى والجائعين !
...........................
ما دام الحرّاس مشغولين بالإسفلت الفارغ..
والسيطرات محض كونكريت
سآخذك الآن إلى تمثال أبي نواس
لأستعير كأسه وأصبّ فيه أحزان العام الذي مضى
لعلّ العالم يسكر!)
وحين طلبت من الروائي حميد الربيعي ان يكتب ما يجول في نفسه وهو بين عامين، ألقى ورقته على طاولة في احدى زوايا اتحاد الادباء ثم كتب:
(تمضي الايام، وانت ايها الوجع تتربع فينا، لا تنوي المفارقة، كأنك جبلت بطين هذه الارض، كما الجرف والحري والعشب الذي يخضر عند الشطآن.. تبزغ دائما، قامت تتطاول على الافراح وتسري شاهقة وسط انفاسنا التي قطعها الالم، تلهث في اتعابنا وفي مفاصلنا، كأنك ولدت من رحم الرتعاليت الى السعف، رحماك ياسيدي الوجع متى تغادرنا، لقد تعبنا من الانين والاهات، هل ان تاريخ العراق المتأرجح بين الاحتراق والنيران ام ان جغرافية الرافدين القلقة، هما من بشراك لتمكث فينا ابدا، لقد غادرنا جلودنا يوم ابتدأ التغيير واتسع الحلم ليلم البشر والنخل في لوحة الصباحات المرتجات في القادم من السنين، وكأن التسع العجاف ما زالت تمتد لتقبض رقابنا في ما تبقى من العمر، وان العجاف ترسم خارطة اخرى لوطن تشظى عبوات وسيارات مفخخة، ثق ايها الوجع، قد خلفتك وراء ظهري يوم دخلت بغداد منذ ثلاث سنوات، لقد خلقت البديل المضاد لك حالما زرعت الامل في داخلي وجعلت المتخيل افقا خلاقا ضد عوالم الالم، ايها الوجع.. في اطلالة العام المقبل ستخسر الكثير، ما دام ثمة عناد يزرع في هذه الارض، عناد اسمه الحياة والمدنية والحضارة).
اما الكاتب فاروق محمد فكتب على ورقتي:
(وانطوت من اعمارنا صفحة، طواها العام 2011، ليفتح بابا الى عام جديد سيفتح صفحة لاعمارنا ثم يطويها، ويسأل السائل: كيف ترى المقبل من الايام ؟ واجيب: ما عدت اتوقع شيئا او أخمن حالة، واعوامنا تأتينا بكل ما لا يخطر على بال وكأننا نواجه احاجي عصية الحل، ليأت العام الجديد كما يأتي بلا امنية او توقع او تصور).
وكتب القاص عبد الكريم حسن مراد:
(لم يبق سوى ايام وندخل عاما جديدا، ونبتعد عن عام سيمضي محملا بهموم ومفاجآت واشياء حلوة واخرى مرة، انظر لاراني فائزا برئاسة نادي القص لكنني اعتزل، وقد ضغطتني ظروف خارجة عن ارادتي، ومرها ان اراني وفي داخلي شرخ وقد أبي، ايها العام 2011 سأسميك عام الرحيل، ليس لوالدي الذي احبه، بل ثمة رحيل اخر، حين يمضي اخر الاميركيين عنا، انه يمضي الى غروب ايام احتلاله، لكنما حزني تكاثر حينما رأيت في السياسة اهلها يتصارعون، واسمع نشازا صوت انفجار اريق به الدم الزكي لاناس طيبين، ايها العام 2012 لم ازل انتظرك لتكون مفعما بسعادات لنا، بحب ينثر ازهاره خيرا، لست بعيدا عنا، فكن طيبا معنا ايها العام المهذب الجميل).