منحوتات (الفنان علي الحربي) تجريد الانسان من زيفه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فالفنان أثناء البحث الجمالي تجاه البيئة يستوحى موقفه من مفردات أشكاله ويعبر عن مشاعره نحوها. وهذا النوع من التجريد يهدف إلى إختصار الأشكال وتبسيطها وتحويلها إلى رموز لها دلالتها الرمزية التي تحققت من خلالالغوص في تفاصيل العلاقة الشائكة ما بين الذات المنتجة والمحيط. فالحقيقة الشكلية لديه هي موقف ازاء المحيط ذاته مثلما هي محاولة لايجاد علاقة في التواصل عبر منطق يرفع من قيمة الرمز البنائي والاشاري والولوج للعوالم الداخلية للذات البشرية وتوسيع مفهوم المتخيل الابداعي لخلق المتعه الجمالية والتي تحمل نكهة الدهشة. عبر تجريد الشكل الانساني، وكما يقول الفنان العراقي الرائد قتيبة الشيخ نوري :- (فالفنان يستنجد بالتجريد عندما يصبح الانسان العظيم مسمارا صدئا تافها مسمرا في لوالب التردد اليومي، انه رفض لمكننة الانسان وعودة النبض والتأمل والتفكير والحلم والحرية..).
ان الفنان (الحربي) يحاول جاهدا مراعاة الإمكانات التعبيرية والقيمة التشكيلية للمواد المستخدمة العمل الفني لتجاوز حدود الموجود وخلق اشكالا تعبر بلغة بسيطة ومبتكره عن قيم تستمد ديمومتها من التضاد والتناقض مع الواقع، فهو يختصر الاشكال ويبسطها ليحولها الى مدلولات نحتية ترمز بشكل مباشر وغير مباشر الى هموم الانسان المعاصر وكأنه يؤمن ان الجسد الانساني كتكوين هو افضل ما يجسد معاناة الانسان لذا نراه يستحضره بصور متعددة ويضيف له اجزاء اخرى، فهو اذ ينسق المفردة الواحدة مع الاجزاء الاخرى ليجعلها وسيط بنائي في التركيب النحتي لخدمة الرمز بشكل اساسي لكنه لا يفقدها خصائصها التركيبية الاولية بل تندمج العناصر الجزئية وفق ترتيب مناسب لتاكيد طابع ووحدة المنجز الفني. فكل عمل عنده ان كان منحوته صغيرة او جدارية او نصب في مكان عام يمتاز بانسجامه الخاص لكنه يشترك في المحصلة في منطقة مشتركة مع غيره من الاعمال الاخرى في الامساك بخصوصية الاسلوب الفني للفنان.
ان الفنان (علي الحربي) يحاول ان يحطم مدلول الأشكال الطبيعية ومطابقتها للوظيفة الاستخدامية اليومية ويفككها ويحلل اجزاءها ليختزلها و ليعيد تركيبها و صياغتها في صورة جديدة وذلك بهدف رفع قيمة الشيء العادي المستهلك للمستوى الفني لتنتج لنا اعمالا فنية تتسم بالإبتكار والفرادة والتميز وذلك بالكشف عن
ان الفنان (علي الحربي) يشتغل على بساطة التعبير للوصول الى المعنى الحقيقي للاشياء فهو يبني هياكل اجساد توحي استطالتها على قوة وغنى الأفكار المحمولة مع الاحتفاظ بالهم الجمالي من دون الإغراق في إظهار التفاصيل والاقتصار على حشد الإشارات والإحالات التعبيرية التي تحمل الكثير من الشحنات الوجداني.انما يختزل الاجساد والاشكال بهذا الشكل الذي هو أقرب الى الهيكل العظمي وهذه الهيكلية تكون أقرب الى العدم منه الى الوجود، لكي يؤكد وجودها ويعبر عن معاناتها.
لم يعرف (علي الحربي) خلال وجوده في العراق بهذا الغزارة في الانتاج بل عرف بتنوع نشاطه الثقافي وبوعية المبكر ووقوفه الواضح مع قضايا الانسان ومعاناته، لكن يبدوا ان الاغتراب جعله اكثر تأملا واجتهادا فراح يزرع فضاءات المغتربات بتماثيل وانصاب وجداريات اعتقد جازما انها لو كانت في ساحات العراق وشوارعه لكانت اكثر تعبيرا مع اعترافي ان الفن لا يحدده مكان بعينه.
واختصارا نقول، ان طرح الفنان مبد الحداثة لأنماطاً عدة من الرموز الفنية التي تستوعب الموقف الجمالي وتقترب من الواقع الانساني. تحاول ان تشكل وعي جمالي جديد، يرى أن تحريض الأشياء في ذاتها، حتى لو لم يكن التعامل الرمزي مع الظواهر والأشياء واقعيا، هو أساس القيمة الجمالية في اعماله. وقد يبدو أن هذا المنطلق الجمالي ينسجم وما يذهب إليه شكلوفسكي من أن " الفن هو أحد طرق المعايشة الفنية للموضوع، أما الموضوع فليس بذي أهمية ".
محسن الذهبي ناقد تشكيلي عراقي مقيم في بريطانيا
muhsinaldahabi@googlemail.com
التعليقات
جميل جدا
نور الهدى احمد -جميلة جدا هذه المخلوقات التي ابتكرها النحات .. ولكن ماعنده صورة اجمل من هذه عبلك بود سبنزر هههههه
جميل جدا
نور الهدى احمد -جميلة جدا هذه المخلوقات التي ابتكرها النحات .. ولكن ماعنده صورة اجمل من هذه عبلك بود سبنزر هههههه
مبدع صامت
صالح -الفنان علي الحربي فنان مجتهد ومتنوع وغزير الانتاج،لكنه كسول، واخيرا ظهر للوجود كمبدع صامت، بعيد عن الثرثرةوالمجاملات، مبروك لك ولمخلوقاتك الجميلة التي تنصتب وسط الفضاء في ارض بعيدةهناك.محبة خالصة وانتظار المزيدصالح حسن فارسأمستردام
مبدع صامت
صالح -الفنان علي الحربي فنان مجتهد ومتنوع وغزير الانتاج،لكنه كسول، واخيرا ظهر للوجود كمبدع صامت، بعيد عن الثرثرةوالمجاملات، مبروك لك ولمخلوقاتك الجميلة التي تنصتب وسط الفضاء في ارض بعيدةهناك.محبة خالصة وانتظار المزيدصالح حسن فارسأمستردام
ابداع
د. منال الاحمدي -مقال جميل للاستاذ الناقد محسن الذهبي يسلط الضوء على تجربة ابداعية جمالية لفنان عراقي كنا نعرفه ممثل
ابداع
د. منال الاحمدي -مقال جميل للاستاذ الناقد محسن الذهبي يسلط الضوء على تجربة ابداعية جمالية لفنان عراقي كنا نعرفه ممثل
نكهة الابداع
صباح البحراني -من ثمانينيات القرن المنصرم عرفته مجربا ..فمن كتابة القصة الى الشعر الى التمثيل ...وتجاربه النحتية الاولى ايام الدراسة...هو الان يمتلك كل الادوات التي تؤهله ان يقدم ابداعا بحسه الانساني المرهف
نكهة الابداع
صباح البحراني -من ثمانينيات القرن المنصرم عرفته مجربا ..فمن كتابة القصة الى الشعر الى التمثيل ...وتجاربه النحتية الاولى ايام الدراسة...هو الان يمتلك كل الادوات التي تؤهله ان يقدم ابداعا بحسه الانساني المرهف