الطاحونة والأجنحة الطليقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كل ملك، أمير، رئيس أو زعيم
كل مستبد عربي فوق الأرض
له عصبة سحرة وراقصين
كل ساحر له عصاه
يخرج منها الغلبة
أفاعي تحمل في أنيابها الموت
وإن شاء أخرج لهم العجب؛
وكل راقص له ثوب فضفاض
شفّاف ترى عورته
كلما حرّك بطنه باتجاه الجمهور
على إيقاع أغنية كلماتها سنينا من سير.
أنا مثل الطاحونة أدور وكذلك إخوتي
على الحال نفسها كل عام مثل الطاحونة أدور.
طيبتي، همتي أعلى من قمم الجبال
هكذا قالت عني الأحزاب في القمم
التي هي أحط من زبالة الطرقات
قال اللصوص عني : راهب والشعب مثله عفيف
نقي مثل الثلج وماء السواقي والسدود
مثل نهر عذب صافي
وأنا كالطاحونة أدور لا أبرد
حشرة الحمى تثقب جسر الصباح داخلي
وأنا لا زلت كالطاحونة أدور.
من سنين وهبوا لي زورقا في هذي الصحراء
أوهموني أني السندباد وعجائب الخيال.
هم ركبوا سفن النفط
أشرعتها الشياطين
التي تحصد وفيرا من غلال دون حرث
ودون طلب العون من الله
كبيرة أعينهم، أخذوا ما لا ينتهي
و أنعتوا لي بحمرتها الخوف
لم ترى بعدها عيني الصغيرة
غير النساء على الشاشات يرقصن في أيام الحصاد.
أنا لا زلت كالطاحونة أدور و كذلك إخوتي
نرى ثلج الشتاء، نشعر بالبرد كما العادة
وأنابيب الغاز تدوسها أقدامنا دون أن ندري
يأتي الربيع نفرح للشمس
ولا نشم في البساتين عبير البنفسج
الصيف قادم والخطب مؤجلة إلى ما بعد المد و الجزر.
أنا لا زلت كالطاحونة أدور
تكلموا عن قلمي عن لسانه الوسخ
الذي لا زال جائعا كما أنا و إخوتي
لا زال على حاله لا تغسله المحيطات
يحرق أحيانا أعصابه على ورقه ويحرثها أحيانا
يتغذى من منفاه ومن ذرة الجنون ومن الجراح
ومن الصبح المتعثر في حجر غراب الليل
الذي فقأ عين الصواب.
أنا لا زلت كالطاحونة أدور و كذلك إخوتي
ننصح بعضنا بغضب ، نتكلم عن الفقر الحلال
و عن غنى الحرام الذي بناه أبناء السادة
من ماء أجساد آبائنا ودم الشهداء
يصغي بعضنا لبعض وكأننا نلقي دروس الفن
نرسم كلامنا على الجدران الذي لا يبنيها الكلام
رسوم سنابل القمح والشعير ،
لا نستطيع بيع الكلام مع الجوع
إن كان الكلام أصغر من شعرة
نقتلعها من وسط الرغيف اليابس.
لا زلت كالطاحونة أدور مفكرا
أأدور مع العالم الذي من حولي؟
أو أرحل بعيدا عن عالمي الذي لا يصله الشيطان.
هم لا يأبهون لي و لا لإخوتي
إن أحببنا في إخلاصنا للوطن
فأنا مثلا في عين رجل السياسة الذي سرق الوطن
صرصورا حقيرا ملأ صوته المدى
فكيف له بالقبض على جسمي ليستريح.
وكم مرة أنزل بصره احتقارا
ورآني نملة بصق ما تبقى من فمه
وظن أنه أغرقني.
شرفي نسيم عليل أحسّه الجبان حين رآني
صرت مذنبا ومنزلي ليس فيه
خبز الجوعى في الطريق
مذنب ودون أن أسرق جرس القط.
لا زلت كالطاحونة أدور
فمتى تمنحني الطاحونة أجنحة طليقة ...