ثقافات

الراحل حميد سكيف: الكاتب السري سيبقى نابضا بأدب الرجل المستحيل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي من الجزائر: رحل الشاعر والروائي والإعلامي الجزائري المغترب "حميد سكيف" قبل ساعات في ألمانيا ووُري الثرى اليوم الخميس بمسقط رأسه، لكنّ هذا الكاتب الذي ظلّ يعتبر نفسه "رجلا مستحيلا" لا يزال ينبض بخفقان أعمال شعرية وروائية متميزة مثل "قصائد الوداع"، "جغرافيا الخطر"، "الأميرة والبهلوان" و"سيدي الرئيس".
على منوال مواطنه "ياسمينة خضرا" واسمه الحقيقي "محمد مولسهول"، ارتضى حميد سكيف عدم استخدام اسمه الأصلي "محمد بن مبخوت" ما جعل النقاد يُطلقون عليه كنية "الكاتب السري" الذي برع في الكتابة الساخرة باللغة الفرنسية وعانى من المتاعب جرّاء ذلك، واشتهر الفقيد في الخارج أكثر من وطنه الأمّ، منذ اتخاذه مدينة هامبورغ الألمانية مُقاما له منذ سنة 1997، إلى غاية انطفاء شمعته عن سن يناهز 60 سنة غداة مرض عضال.
وُلد سكيف بمدينة وهران في 21 آذار/مارس سنة 1951، بدأ الكتابة مبكرا، وظهرت عليه ميولا واضحة إلى الشعر والمسرح، وسرعان ما مارس الصحافة التي ظلّ وفيا لها رغم احترافه الكتابة الروائية والشعرية.
برز الراحل بنصوصه الشعرية في سن الثامنة عشر، وهو ما جعل الشاعر الفرانكو- جزائري الشهير "جان سيناك" ينشر نصوص سكيف ضمن أنطولوجيا الشعر الشبابي الجزائري المكتوب بالفرنسية (1971)، كما كتب سكيف في أسبوعية "الثورة الافريقية" وكذا في يومية "لا ريبوليك" بين أواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ثمّ انضمّ إلى وكالة الأنباء الجزائرية سنة 1975 وبقي فيها إلى غاية مطلع التسعينيات، ليهاجر إلى ألمانيا غداة محاولة اغتياله سنة 1992 وسط هشيم العنف الدموي في الجزائر.
هاجر سكيف إلى ألمانيا سنة 1997، وتوافر له هناك مناخ مناسب سمح له بإصدار دواوينه الشعرية وعدد من الروايات التي فجرت بسخريتها الدامعة صخبا نقديا في القارة العجوز، بالتزامن مع اشتغاله على الترويج للثقافتين الجزائرية والعربية في قلب أوروبا، وافتك تنويهات عديدة بينها الجائزة الألمانية لأدب المنفى (2005) وجائزة أحسن رواية فرنسية (2007)
وفي رثاءها للفقيد، وصفت وزيرة الثقافة الجزائرية "خليدة تومي" سكيف بـ"الشاعر المتجذر في الثقافة الشعبية" و"المعلم المتشبع بالأدب الكلاسيكي"، فضلا عن كونه ظلّ "رمزا مبهرا بالتعابير الادبية المعاصرة" التي عكست في شخصيته انفتاحا ثقافيا عاليا وذوقا أدبيا رفيعا يجعلانه راسخا للأبد في عمق الذاكرة والضمير الانساني.
كما رأت "لويزة آيت حمو" أنّ الجزائر خسرت شاعرا موهوبا للمرة الثانية، بعدما ظلّت محرومة منه لسنوات، مشيرة إلى فرادة إبداع رجل حساس ومؤثر تموقع كممثل الكلمة الجزائرية.
يُشار إلى أنّ جنازة حميد سكيف شُيّعت اليوم وسط حشد مهيب بمقبرة الدار البيضاء بوهران، أين تمّ دفنه إلى جوار والديه احتراما لوصيته الأخيرة.
من كلمات الراحل:"أنا رجل مستحيل، من قدامى حرب منسية، أكتب القصائد لتسليط الضوء على يوم أو صبغ شعر الليل"، كما قال في جملة مؤثرة:"إذا كنت قد غادرت الجزائر، فإنّ الجزائر لم تغادرني البتة".

وبرحيله، ينضم حميد سكيف إلى قافلة أعلام كبار في الجزائر رحلوا عن هذه الدنيا في غضون الأشهر الماضية بوزن: الطاهر وطار، محمد أركون، عبد الرحمان الجيلالي، "عبد الله شريط" و"عبد القادر جغلول"، وكذا "أحمد الأمين" الخبير في الثقافة الشعبية، كما افتقدت الساحة الفنية لأسماء عريقة مثل: عبد القادر قسوم، العربي زكال، توفيق ميميش، الجيلالي عمارنة، كلثوم وغيرهم.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف