ثقافات

هل الأنظمة الطاغية أفرزت مثقفا منكسرا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أجرت إيلاف استفتاء وسط عدد من المثقفين حول دور المثقف... بعضهم يتفق مع ما قاله نزار قباني: "في حارتنا ديك عصبي مجنون يخطب يوما كالحجاج ويمشي زهوا كالمأمون ويصرخ في مئذنة الجامع يا سبحاني يا سبحاني فأنا الدولة والقانون.."، والآخر يعتبره غير مناسب للفترة الحالية حيث الفايسبوك والانترنت يلعب دورا أساسيا.

سلوى اللوباني من القاهرة: في حوار سابق مع الأديب جميل عطية إبراهيم قال "إن أعظم قصة قصيرة لن تخرج تظاهرة ولكنها تتفاعل مع الناس وقد تخرج تظاهرات في الشوارع ربما بعدها بسنوات"، ولكن بعد قيام الثورات الشعبية مؤخرا في بعض البلدان العربية وجهت الإتهامات للمثقف العربي بأنه لم يكن له دور في هذه الثورات وأن كتاباته لم تعد مؤثرة في تغيير المجتمعات! وأيضا قال الراحل نزار قباني في قصيدته الديك "في حارتنا ديك عصبي مجنون يخطب يوما كالحجاج ويمشي زهوا كالمأمون ويصرخ في مئذنة الجامع يا سبحاني يا سبحاني فأنا الدولة والقانون.. في بلدتنا يذهب ديك ويأتي ديك والطغيان هو الطغيان.. يسقط حكم لينيني ويهجم حكم أميركي.. والمسحوق هو الإنسان"، ولكن هناك الكثير من الآراء التي تختلف مع ما قاله قباني في قصيدته فالبلاد العربية مقبلة على مرحلة مختلفة فالأنظمة القادمة تتسم بالديمقراطية ولا وجود لحكم الطغيان. استطلعت إيلاف آراء مجموعة من المثقفين العرب في دور المثقف وتأثير كتاباته على الثورات الشعبية، وإذا كانت رؤية قباني الشعرية في الأنظمة الحاكمة صحيحة أم لا!

إختلفوا على دور المثقف
اتفقت الآراء على أن للكلمة دورا في الثورات ولكنه دور غير مباشر، فالرواية أو القصيدة العربية قالت كلمتها بجرأة ووضوح وساهمت بتشكيل وعي تراكمي، حتى أن الكلمة أو المقال كانت حاضرة من خلال الفيسبوك والتويتر لتنشأ التغييرات وتنطلق من بعدها الثورات. وأن إلغاء دور المثقف في هذه الثورات الشعبية فيه إجحاف كبير للمثقفين، فكثير منهم تعرض للسجن أو القتل أو التكفير أو التعذيب بسبب كتاباتهم، وأيضا فيه إتهام للشباب بأنهم خارج كل شيء حقيقي وجاد، فالمثقف محرض على الثورات ولكن بشكل غير مباشر. أما البعض فيرى أن المثقف ليس بمحرض أو حتى صانع لأي ثورة لأنه جناح منكسر ولا يحسب له الحساب الكبير، وبعضهم مستعد لتغيير نغمة صياحهم في لحظة سقوط الديك الطاغية، لذلك بعض منهم سقط في إمتحان الثورات وعليهم أن يتعلموا كثيرا من شباب الثورات. وهناك آراء ذهبت الى أبعد من ذلك بوصفهم المثقف العربي بأنه جبان وليس لديه الجرأة على قول كلمة لا! وهو أناني ونرجسي يجلس على المقهى ينظر مشروعه الخاص بعيدا عن الحس الإجتماعي، ولم يكن له دور في هذه الثورات إلا بالظهور بتصريح صحافي أو مقابلة تلفزيونية ليشيد بدماء الشهداء! وهذه الثورات هي ثورات الإنترنت التي كان يحاربها بعض المثقفين ويعتبرونه مشروعا غربيا لإلهاء الشباب!!

اتفقوا على نقض مقولة نزار
أما بالنسبة إلى مقولة نزار قباني فالجميع اتفق على رأي واحد أنها لا تناسب الوقت الحالي لأن الثورات السابقة كانت عسكرية وأفرزت طاغية تلو الآخر، أما هذه الثورات فهي شعبية ولم تكن معتمدة على حزب أو زعيم. وفي وقتنا الحالي، هناك وعي مختلف لدى الشعوب فالثوار حملوا زادهم من الفيسبوك والتويتر واليوتوب طلبا للحرية بشكل سلمي وديمقراطي، لذلك من استطاع أن يسقط طاغية يستطيع أن يسقط طاغية آخر. والمهم هو تغيير الأنظمة وليس فقط تغيير الطغاة، لأن هذه الأنظمة هي التي أفرزت الطغاة. وتمنوا لو أن نزار قباني كان حيا ليشهد هذه الثورات الشعبية السلمية، ولو أنه حيّكان حتما سيعيد النظر في مقولته الشعرية لأنها أول ثورة عربية حقيقة.

تركي الحمد: جيل الثورة لم يكن معتمدا على حزب أو زعيم
كاتب وروائي
ثورات اليوم كما شاهدناها في العالم العربي، تونس ومصر وليبيا والحبل على الجرار، تتميز بميزتين غابتا عن الثورات الشعبية الأخرى في تاريخ الإنسان. الميزة الأولى أن من حرك هذه الثورات وأطلق شرارتها وسار في مسيراتها هم في الأغلب الأعم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن الأربعين عاماً، ما يعني أن جيلاً جديداً من العرب لم يعد خاضعاً للمخاوف ذاتهاوالقيم ذاتها التي كانت خاضعة لها الأجيال السابقة قد حمل الراية، فهو جيل ينظر إلى المستقبل، ويُقارن أوضاعه بما هو حادث في العالم أجمع، وتقوده المقارنة إلى الاستنتاج بأنه يستحق أفضل مما هو عليه الحال. الميزة الثانية أن هذا الجيل الجديد، الذي أعاد العرب إلى التاريخ فعلاً وواقعاً، هو جيل استفاد من ثورة الإتصالات والتفنية المعاصرة، فحولها إلى ثورة سياسية واجتماعية، ولم يكن معتمداً في ذلك على حزب رائد أو زعيم كارزمي معين تهتف باسمه الجماهير. لم يعد زعيم الثورة هذه المرة جمال عبدالناصر أو سعد زغلول أو عبدالكريم قاسم، بل إن الزعيم هو الشباب الغاضب، وأمامهم شاشات تويتر وفايسبوك ينظمون من خلالها أنفسهم ومواعيدهم. هل سيأتي طاغية في ذيل آخر، كما يقول نزار رحمه الله؟ هذه المرة لا أظن، فالثورات السابقة كانت إنقلابات عسكرية كان لا بد لها من إفراز الطاغية تلو الطاغية بطبيعتها، ولم تكن ثورات شعبية أو حقيقية، بل هي من اسمت نفسها بالثورات والتحدث باسم الشعب دون تفويض من الشعب الذي كان يُسحق باسم الشعب. هذه المرة الثورات شعبية وحقيقية، وإذا كان الجيل الجديد قادرا على خلع مبارك وبن علي والقذافي، وأسماء أخرى سوف تُضاف، فإنه قادر على قمع الطغيان والطغاة المحتملين متى أطلوا برؤوسهم، فحاجز الخوف قد انتفى، وعالم العرب يعود إلى صنع الحدث من جديد، بل يعود إلى التاريخ من جديد. أما الكلمة ودور المثقف فلا شك أنها موجودة، وحين أتحدث عن المثقف فإني أتحدث عن المثقف صاحب القضية أو صاحب الموقف وإلا فإن المثقفين أنواع. الكلمة هي التي تؤدي إلى الوعي، والشباب الغاضب صاحب ثورات العرب الجديدة، لا بد أن يكون متأثراً بهذا الفكر أو ذاك، وهذا الفكر أو ذاك لا بد أن يكون صادراً عن مفكر. هو تأثير غير مباشر، وليس كمثل الدور المباشر الذي كان يمثله المثقف في الماضي، وخاصة في الثورات الشعبية، كأثر روسو في الثورة الفرنسية، أو بليخانوف في الشيوعية الروسية التي أدارت ثورة أكتوبر الروسية، أو علي شريعتي في الثورة الإيرانية. صحيح أن آمال الشباب وثورة الإتصالات الحديثة هي التي تقف وراء ثورات العرب اليوم، ولكن يبقى للكلمة والمثقف دورهما، حتى وإن كان ذلك بشكل غير مباشر.

إبراهيم نصر الله: الرواية العربية قالت كلمتها بجرأة ووضوح
روائي
قد يميل البعض إلى إلغاء دور المثقف في هذه الثورات! ولكن ذلك فيه الكثير من الإجحاف، والتطاول على هذه الثورات نفسها، فالثقافة العربية عموما، كانت ثقافة البشر على مدى أكثر من ستين عاما، وحين كان التلفزيون والإذاعة والصحيفة للأنظمة، كان المثقفون النافذة الوحيدة لشعوبهم على المستقبل وضد القهر، وليس غريبا أن يُسجنوا ويُقتلوا ويُمنعوا من السفر ومن العمل، وهم يقولون كلمتهم بشجاعة ضد التزوير الرسمي لكل شيء. أما لماذا يغدو هذا الأمر تطاولا على هذه الثورات، فالسبب أنه يفرغ هذه الثورات من جوهرها ويحولها إلى مجموعات لا علاقة لها بالثقافة والفهم العميق واتهام الشباب بأنهم خارج كل شيء جاد وحقيقي، مع أن السنوات الماضية شهدت إقبالا واسعا على الكتب وقراءتها، وبخاصة الرواية العربية التي قالت كلمتها بجرأة ووضوح. وما دامت الأغاني الوطنية والقصائد التي كتبت منذ ثلاثين وأربعين وخمسين عاما موجودة في التظاهرات، فالمثقف موجود، وسيبقى، فهذه الثورات ضد الطغاة لا ضد الجمال والكلمات الصادقة. وإلا سنكون بفرضية الغياب هذه نساوي بين الكلمة التي خانت والكلمة التي استشهدت وشهدت.

جاكلين سلام: منهم من يغير نغمة صياحه بمجرد سقوط الديك الطاغية
شاعرة وكاتبة

المثقف العربي اليوم، منفعل، يشارك في الثورات لكنه ليس صانعها ولا المحرض عليها. إنه جناج منكسر وصوت لا يحسب له الحساب الكبير. المخططات الكبرى تجري وراء الستائر، كما تقول وثائق ويكيليكس "الطاغية العربي المحتل لشعبه من الداخل نجح في استقطاب مثقفين أغراهم بالمنح المادية". هذا النمط من المثقفين لا يختلف في شيء عن ذاك الديك الممتلئ بالنرجسية والغرور، ولا يختلف خطابه عن خطاب الطاغية. وبكل قباحة وسفاهة نجد أمثال هذا المثقف على استعداد لتغيير نغمة "صياحهم" وخطابهم في اللحظة التي يرون فيها أن الطاغية الذي احتواهم آيل للسقوط لا محالة. الشواهد عديدة ومخجلة ولا بد من مساحات للحديث عنهم في فسحة تليق بسقوطهم الدائم. راجعوا كلمات جابر عصفور وإبراهيم الكوني - مثلا. كان هناك إستعمار غربي وحروب عالمية مباشرة ولها غايات واضحة، ولكن الأسلوب الآن تغير، صار الإحتلال واستنزاف طاقات الشعوب والأفراد يأتي تحت شعارات مختلفة، ظاهرها قناع لباطن شرس. "ساحات التحرير" التي أطلقت على عدد من مراكز الثوار في بدايات القرن العشرين سميت ساحات تحرير من الإستعمار الغربي، أما اليوم فساحات التحرير ذاتها صارت مركز إنطلاق الثورات الشعبية الشبابية الجديدة، ولكن للتحرر من المستعمر المستبد الداخلي، من القائد والملك والحاشية
.

فؤاد قنديل: العالم العربي سيتغير بشكل لم يسبق أن حدث ربما منذ ظهور الإسلام
روائي
الأدب بالذات دون كل الأعمال الفنية وغيرها من الإجتهادات والتخصصات هو صاحب المبادرة الأولى والأهم في التحريض على التغيير ورفض الأوضاع السائدة والمتبلدة والمتخلفة سواء في صور مباشرة أو غير مباشرة سواء كان الكلام مدببا مثل قصيدة نزار أو ناعما متواريا مثل عشرات الروايات والأشعار والمسرحيات، وقد حدث هذا في أوروبا سواء في أعمال ديكنز أو تشيكوف أو زولا وبلزاك وديستوفسكي وتولستوي وجوجول بل حدث منذ الأعمال الإغريقية التأسيسية حتى مسرحيات شكسبير وقصص وروايات طه حسين ونجيب محفوظ وكذلك كتابات الأجيال الجديدة.إن البوتقة الإبداعية لدى الأديب تنهل من الحياة والكتب وتلتهم الكثير من صور الواقع المرير ثم تعمل عليه ولو سنوات إلى أن تخرج علينا بنصوص ملهمة ومحرضة لتنتقل إلى وجدان القراء وأرواحهم وتحفر في عقولهم وقلوبهم وتستقر وتترسخ في إنتظار اللحظات المناسبة. لا يمكن لأحد أن ينكر أن ما جرى في تونس له علاقة وثيقة بقصص وروايات وأشعار المبدعين التونسيين على مدى ربع قرن ولا ينكر أحد أن ما قام به الشباب في مصر هو نتاج ما كتبه المبدعون المصريون على مدى عشرات السنين أما مسألة أن الطاغية سيذهب ويأتي بعده طاغية مثله أو أسوأ، فقد كانت مقولة صادقة ونافذة حتى ثورات اليوم لأن العالم غير العالم والوعي غير الوعي ولم تعد الشعوب مستعدة للتهاون في حقوقها مهما كان ظلم الظالم ربما بسبب الجسارة وقوة الإرادة وربما بحكم بشاعة الظلم الذي ترسخ طويلا وربما بسبب الفوارق الهائلة بين الشعب العربي ومعظم شعوب العالم وربما بسبب التكنولوجيا والسماوات المفتوحة وتعذر اختطاف الشعوب فمن السهل أن يحس كل من على الأرض بمن يقاسى. إذن كل الأفكار القديمة جرى تحطيمها وسوف يتغير العالم العربي خلال سنة على الأكثر بشكل لم يسبق أن حدث ربما منذ ظهور الإسلام.

مكاوي سعيد: الثورات نتاج طبيعي لدور الكلمة
ناشر وروائي
أعتقد أن العكس هو الصحيح، فالثورات الشعبية الحادثة الآن والتي تجتاح المنطقة العربية هي نتاج طبيعي لدور الكلمة..فعلى سبيل المثال..الثورة المصرية أججتها المقالات والكتب التي صدرت أو منعت من التداول على مستوى واسع والتي كانت تتناول فساد النظام المالي والسياسي.هذه الكلمات دفعت القنوات الفضائية وبرامج التوك شو الى مناقشة هذه الموضوعات الشائكة _ بتحفظ وأحيانا في محاولة لتجميل هذه الأنظمة وادعاء دمقراطيتها_ وبالتالي انتقل الجدل الى داخل البيوت المصرية وحدث حراك كبير في المجتمع ساعد على نزول المواطن من بيته لمؤازرة الثوار والوقوف بجوارهم متخليا عن حذره ومضحيا بنفسه تقليدا لهؤلاء الشباب الذين حركوا الماء الراكد ما دفع بالثورة إقداما للأمام وازداد سقف المطالب الشعبية بما لم يحلم بنصفه على الأكثر أشد المتفائلين حماسة. وأي ملاحظ أو مراقب لهذه التظاهرات في بداياتها سيجد أن الشباب تغنوا بالأغاني والأشعار الحماسية لأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام وفؤاد حداد واعتمدوا في مطالبهم على بعض ما كان يطالب به الكتاب من الحرية والديمقراطية وتطهير البلاد من فساد رجال الأعمال.

جميلة حسين: كلمة الفيس بوك والتويتر أطلقت الثورات
شاعرة ورئيسة حلقة الحوار الثقافي في لبنان
الكلمة هي صاحبة الدور الأساسي في حركية المجتمع وتقلباته. لا يتحرك مجتمع ما إن لم يملك الكلمات والشعارات التي تلخص معاناته ومطالبه. والمثال الأبرز على ذلك كان ثورة تونس، التي وصل شعارها الى أقاصي الأرض، وهو "إذا الشعب يوماً أراد الحياة" فالشعب التونسي اعتمد قصيدة أبي القاسم الشابي شعار ثورته بعد مرور أعوام طويلة على كتابتها،وكانت عنوان ثورة شباب ومجتمع، لم تكن ثورة مستوردة ولا ثورة بإيعازأميركي كما يدعي البعض. وكما حدث في تونس كذلك في مصر، من أبرز مؤهلات الثورة كان الفايسبوك والمواقع الإجتماعية، التي تقوم على مبدأ الـ Status أي العبارة المناسبة التي يمكن أن تؤثر في الجمهور، فبعضنا يكتب على الفايسبوك أبيات شعر ليؤثر في الحبيب، والبعض الآخر يكتب شعارات أو قصائد ليؤثر في الشعب كله فتنشأ التغيرات وتنطلق الثورات. كتابة جملة statuts ينتظرها الكثيرون، وهذا دليل أن الكلمة هي المؤثرة والداعية الى شيء ما، تعبير ما، موقف ما. أما بخصوص نزار قباني، نحن اليوم في زمن آخر، زمن الإنترنت بامتياز، وهذا يختلف عن زمن نزار.ليس الزمن زمن إنقلابات عسكرية وأفكار طغاة ومستبدين. الثوار هذه المرة حملوا معهم زاد الفيسبوك والتويتر واليوتيب طلبا للحرية بشكل سلمي وديمقراطي. لم يحملوا البندقية، بل حناجرهم الصارخة بالتغيير.الثورة اليوم، التي حدثت في تونس ومصر وتتواصل في عدد كبير من الدول العربية، لم تستند الى شعارات قديمة تعتمد على السلاح والتفجير والفداء والإلغاء والعنف، حتى وإن كان هذا العنف مبررا أحياناً، كنضال الفلسطينيين وردهم على عنف اسرائيل وإجرامها. الإنجاز الكبير، الذي فاجأنا وفاجأ الجميع في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن.... وغيرهم كانت أدواته الكلمة والتظاهر السلمي، ويا ليت نزار قباني كان حياً ليشهد ثورة ينهض فيها المواطن المسحوق الفاقد لعمله وكرامته وحريته، ينتفض ويستقل ويصنع قراره بنفسه، طارداً الطغاة، والأحزاب الحاكمة والمستبدة، والأنظمة الآحادية التي ما لبثت أن جددت لنفسها منذ عقود طويلة، وبعدها تورّث أبناءها. دور المثقف و الشاعر والكاتب التحريض على الثورة وهو أحد صناعها. والأدلة على ذلك كثيرة من محمود درويش الى مارسيل خليفة وكل الكُتاب المنظرين للتغيير، وهم بالتالي في صميم الثورات الشعبية.أما الشباب فكانوا هذه المرة لولب الحركة،المنفذين ميدانيا، المبتكرين لوسائل جديدة وسريعة وذكية عبر الإنترنت، مشحونين برأيي بكم من الكتابات والحركات التي سبقتهم.

موسى حوامدة: هناك مثقفون تعرضوا للتعذيب والاضطهاد والسجن والتكفير
شاعر، ورئيس تحرير القسم الثقافي في جريدة الدستور
كتبت منتقدا عدم إنخراط غالبية المثقفين بالثورة المصرية، لكن ذلك لا يعني أن جزءا شريفا منهم ساهم بشكل مباشر فيها، لكن لا يجوز القول إن المثقف العربي لم يعد له دور في ما يجري في العالم العربي لأن هناك تراكمات ساهم المثقفون خلال العقود الماضية بالتأثير فيها وتبصير الناس بالخلل والظلم والفساد والدكتاتوريات وغياب الحرية، هناك مثقفون تعرضوا
للتعذيب والإضطهاد والسجن والقتل والتكفير وساهموا بشكل فعال في تثوير العقل العربي وتنويره، فلا يجوز اليوم أن نقوم بحملة تهميش للثقافة لأنها العنصر الأساس في أي حراك إجتماعي وحضاري ومن يريد تهميش دور المثقفين يريد تكريس الجهل والأمية والخطاب السياسي الفارغ والجاهل. في كل بلد عربي كان للمثقفين الصوت الأكثر عمقا في التغيير وإن كان البعض ينسب ما يجري للفيسبوك فهي نظرة سطحية لأن الفيسبوك مجرد وسيلة وليس سببا. بإختصار المثقف العربي لم يخذل تطلعات شعبه للحرية وكان سباقا الى التأشير على الإستبداد وسباقا الى الدفع باتجاه النقد والتثوير.

إسلام سمحان: المثقف العربي جبان
شاعر وإعلامي
للأمانة الشارع العربي انتفض وقاد ثورته جهة الإنتصار بعيدا عن أبواق المثقفين خاصة بعد أن تحولت الثقافة الى عمل نخبوي وتنظيري ممل. انتظرنا عقودا كثيرة تحت سطوة الظلم والحكام الطغاة كان الشعب يسطر فيها أقسى حالات الصبر والتحمل وكان المثقف العربي يجلس على المقهى ينظر بمشروعه الخاص الذي أسسه بعيدا عن الحس الإجتماعي أو الهم الجمعي، بل زاد بعضهم الحالة سوءا عند الإختباء تحت عباءة بعض الأنظمة والتطبيل والتزمير لها لنيل بضعة دراهم وبيع ضميره بثمن بخس..اعترف لك أن المثقف العربي جبان ولا يملك جرأة كافية ليقول لا في وجه من قالوا نعم، ولا نستطيع أن ننسب أي فضل لإشتعال تلك الثورات لأي مثقف واولئك الذين يظهرون على الشاشات والفضائيات كوني واثقة تماما بأنهم يعيشون بعيدا عن المشهد أو أرض الواقع ويحملون جنسيات أجنبية، وربما نسي بعضهم تضاريس قريته أو مدينته. هذه ثورة الشعب وثورة الفقراء وثورة الشباب الذي كان بعض المثقفين يتهمونهم بالميوعة والدلع والغنج، هذه ثورة الإنترنت التي كان يحاربها بعض المثقفين ويكيلون التهم بأن هذا " الإنترنت" ما هو إلا مشروع غربي لإلهاء شبابنا. الحق أقول إن السواد الأعظم من مثقفينا غير أصلاء أو ببغاوات ومرجعهم الوحيد الثقافة الشفوية أو ثقافة المقاهي والأندية والتجمعات الصيفية.
ونحن الآن على أعتاب ثورة سادسة أو سابعة في الوطن العربي بعد تونس ومصر وليبيا والبحرين وعُمان والجزائر قولي لي أين هو هذا المثقف ؟؟ أين مكانه بعد أن أخذ زمام المبادرة الشارع الذي كان ينظر اليه هذا المثقف بازدراء ؟؟؟ حتى اللحظة نشهد غيابا لمثقفينا أو لا يظهرون إلا في تصريح صحافي أو مقابلة تلفزيونية ليشيدوا بدماء الشهداء وطبعا لكل قاعدة شواذ ولا أعمم فبعض المثقفين وهم قلة قليلة جدا جدا نزلوا الى الشارع جنبا الى جنب مع الشباب أبطال الثورة والتحرير والتغيير.

طالب الرفاعي: تحرك الشعوب كان أوضح بكثير من أثر الثقافة
روائي وقاص
يبدو لي واضحاً أن العالم العربي، يعيش فترة تاريخية يمكن أن نطلق عليها فترة المنعطف، وأن هذه الفترة التي نعيش أيام تفتحها الأولى، ستؤدي بالضرورة إلى خلق مناخها وفرز عناصر بيئتها. وأن ظلالها ستؤثرفي مختلف أوجه الحياة السياسية والعسكرية والإجتماعية والإقتصادية والفكرية والإبداعية والثقافية والفنية والصحافية والإعلامية وباقي نواحي الحياة. وحيال الواقع القائم، فإن تحرك الشعوب الصادم والمزلزِل كان أوضح بكثير من أثر الثقافة وحضور المثقف، لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال غياب الثقافة والإبداع عمّا جرى. فكما هو معلوم الوعي تراكم كمي غير محسوس، وبالتالي، فإن وعي الشعوب يتشكل عبر المعاناة اليومية أولاً، وعبر الفعل الثقافي والفني ثانياً. فلا أحد يستطيع نكران فعل الرواية والقصة والقصيدة واللوحة التشكيلية والفيلم السينمائي والمسرحية والمسلسل التلفزيوني، في التأثير على عواطف ووجدان المتلقي، وتفاعله معها، وبالتالي شحن هذه العواطف وهذا الوجدان بشحنة من السخط وعدم الرضا، وبما يؤجج نقمة الشعوب، ويدفعها للتعبير عن عدم رضاها، ومواجهة الأنظمة بمختلف صنوف الاحتجاج. لذا فإن المبدع والمثقف موجودان عبر تأثيرهما الفاعل في الوعي الشعبي، حتى لو اختفت صورتهما من المشهد الراهن.
salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شيلني وأشيلك
مهموم -

حين تقوم بمثل هذا المسح البياني للمثقفين المشاركين، ما هي معاييرك لاختيار المثقف؟ وهل تعتقد أنك تعطي صورة حقيقية إذا اخترت من يريد أن يحكي بلسانك، وأحيانا يخالف لسانك قليلا دون أن يخرج عن الطريق القويم؟ أم هي أخوانيات؟ كارثة الثقافة هي الشلليلة المعششة في المؤسسة والسسلطة ومناهضي المؤسسة والسلطة. كم أتمنى أن تتخلصون من هذا، ولكن لا حياة لمن تنادي ولكن قصائد وغير ذلك

رأي مثقف حقيقي
المسراوي -

لقد تنبأ عبد الله العروي بهذ المصير منذ 1981 في كتابه مفهوم الدولة حيث قال بضرورة الشرعية والإجماع و أن الدول التي تعتمد على الجهاز وحده بدون توفرها على ادلوجةـ والادلوجة هي نمط من الافكار والاسس التي تنبني عليها الدولةـ فهي الى الزوال فالدول والكلام له دائما التي تعتمد على القمع دون شرعية تأتي من اجماع مواطنيها فمصيرها أسود.......هكذا تحدث العروي عام 1981 و69 قي الايديولوجيا العربية المعاصرة والدولة منذ زمن وهو يطبل لكن لم يستمع اليه أحد....إذا اردتم رأي مثقف حقيقي فتوجهوا اليه واجروا معه حوارا لينيرنا جميعا

يا ليتها تعم
مواطن عربي مسلم -

بعض دول عربية اسلامية ماعدا السعودية لأنه وكماأعلم أن الاموربالسعودية كلها بالشورى بعد عرض شكاوي واقتراحات وتعليقات وافكار ومتناقضات وسوء فهم ما بين شخصين أوأكثر على ولاة الامر سيكون لها وبعون من الله حلولا كل ضمن تخصصه فمن حيث الدين عن طرق كثيرة منها ائمة المساجد والجمع وعن طرق الجمعيات الاسلامية الخيرية ثم للامارة ومنها للرياض العاصمة ثم المليك اما امور التجارة فمن التجار العاملين المشترين البائعين والمتسوقين ثم للادارات المسئولة ثم للامارة وهكذا باقي أمور التخطيط الهندسية والبلدية والزراعية والسمكية والاسكانية والاقتصادية والتجارية والمال والعقاروالصحية والعلاجية والدوائية والدراسية والتربية التعليمية والادبية والثقافية والرياضية والمسرح و..الخ ولكن وللأسف الشديد قد يحدث اغفال من جهة لا سمح الله ولهذا تحتاج للتذكير فذكر ان الذكرى تنفع المسلمين فدعوتي تذكير العامل باداء عمله على أكمل وجه وبامانة واخلاص وصدق وتفاني وكذلك الموظف والمسئول والطبيب و..الخ كما نذكر ارباب العمل بدفع أجور العامل وكما كان سابقا تدقيق ومراقبة ومتابعة وتصحيح وتعديل وتطوير وتقدم دائما بالليل أكثر منه بالنهار أوتفنيش ليضمن استمرار أداء العمل على أكمل وجه ممكن